المسيرة القرآنية شرفٌ في الحاضر وعِـــزٌّ في المستقبل
ق. حسين بن محمد المهدي
إذا كانت الأُمَّــة الإسلامية قد تفرَّقت في الماضي القريب فإن عليها أن تستيقظَ في الحاضر، وتتداركَ الأمر في المستقبل.
فإذا كانت العنصرية الصهيونية قد فرَّقتنا فإن الانضواءَ تحت راية القرآن يجمعُنا والاتّجاه صوب القرآن يوحدنا ويهدينا (إِنَّ هذَا القرآن يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً).
إن ذئابَ الإنسانية قد التهمت الكثيرَ من خيرات المسلمين ونهبت ثرواتهم، ومع ذلك فقد انقضَّت على فلسطين ونحن معشرَ المسلمين في غمرة حتى صِرنا وقودًا لحروب فيما بيننا دُبِّرت بمكر أعدائنا استنزفت الكثير من قدراتنا حتى مجيء المسيرة القرآنية بقيادة زعيم أنصار الله السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- فاستيقظ النائم من سباته وتنبهت المشاعر.
نعم لقد استيقظ المسلمون وتحَرّكت نفوسُهم بعد أن كان حُبُّ الجهاد قد نُزِعَ من قلوبهم وألقي فيها الوهنُ وحبُّ الدنيا الضئيلة، وذلك الانتباه بفضل المسيرة القرآنية التي نادت إلى الجهاد الذي أرشد إليه القرآنُ؛ لما فيه من العز والكرامة والنصر، ووضعت هذه المسيرة شعارَ الجهاد على أكتاف جماعةٍ من المؤمنين الصادقين في إيمانهم وجدهم واجتهادهم؛ فصنعوا الصواريخ المجنَّحة والطائرات المسيَّرة، ولقنوا أذناب الصهيونية من الأمريكان والأُورُوبيين في البحار دروسًا جعلتهم يشعرون بالخيبة والصغار أمام البأس اليماني الإيماني، ففاز أنصارُ الله بشرفِ الدنيا والآخرة أُولئك الذين صدقوا في إيمانهم (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً).
إن أعداءَ الإسلام لم يسمحوا بأن تجتمعَ الأُمَّــة وتعلنَ الجهاد الذي فيه عزتُها وهم قابضون على نواصي شعوب الأُمَّــة الإسلامية، وما كانوا ليسمحوا بأن يتلاقى المسلمون على مائدة الإسلام وقد سطَوا على شعب فلسطين واحتلوه وقتلوا مئات الآلاف من المسلمين ظلمًا وعدوانًا، واحتلوا المسجد الأقصى، ومع ذلك فهم يرَون في اجتماع المسلمين وجهادهم للصهيونية اليهودية انتهاءَ استغلالهم وذهاب استعمارهم، فليس من سبيلٍ للخلاص من هذا الاستعمار الجاثم على الأرض والثروة إلَّا بأن يتلاقى جميعُ المسلمين تحت لواء مسيرة القرآن؛ فهم إن فعلوا واستجابوا لنداء القرآن ونداءِ قائد المسيرة القرآنية وأصاخوا أسماعهم لصوت الحق وهو يناديهم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ* وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جميعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ؛ إذ كُنْتُمْ أعداء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأصبحتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ* وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّـة يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ*وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئك لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
فإذا أذعَنَ المسلمون للقرآن فقد فازوا بخير الدُنيا والآخرة وكانت لهم العزة حاضرًا ومستقبلًا، ولينظروا إلى إخوانهم في فلسطين وقد أُخرجوا من ديارهم وأموالهم وتُركوا يأكلُهم الجوع بلا مأوى يأويهم ولا أرض يستقرون فيها وهم لا يستطيعون مع ذلك فكاكًا، فإن لم تنصروهم فقد نصرهم الله بأنصاره وبحزبه وبالمجاهدين من محور المقاومة –اليمن، لبنان، العراق، إيران، سوريا- وسينتصر الحق وتحل اللعنة على المتخاذلين.
العزةُ لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزيُ والهزيمة للكافرين والمنافقين (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) ولا نامت أعين الجبناء.