الجامعات الأمريكيّة.. ثورةُ الضمير الحي
زينب إبراهيم الديلمي
بين عواصف الزمن المُتسارعة بأحداثها التي تغربلُ الأممَ وتُمحّص المواقف وتكشف خبايا مَـا هو آتٍ، هَـا هي تنفُضُ غُبارَ الضمائر التي تستنكر إجرام وإبادة الصّهاينة بحق أهلنا في غزة، وشحذت هممَ الاستشعار بالأوجاع الغزاويّة التي لم تندمل منذُ نيّف ومئتي يومٍ.
ثورةٌ جامعيّة تضامنيّة أشعلتها الجامعات الأمريكيّة وتتبعها عشرات الجامعات الأُورُوبيّة واليابانيّة ضدّ آلة التوحّش الصّهيوني وتعنّت الاستكبار الأمريكي الذي يحاول إخماد شرارة هذه الثورة باستخدام أساليب القمع والاعتقالات، كيف لا وهو ذاته يمد يد العون في الشراكة المُطلقة مع اللّوبي اليهودي لارتكاب المزيد من المجازر والإبادة الجماعيّة؟!
ثورةٌ جامعيّة استنهضت روح اليقظة للضّمير المتوقد شواظاً ونفيراً تجاه ما يحصل، ومن منطلق الإنسانيّة التي انحسرت بشكلٍ تام لدى دول “لا سمح الله” التي لم تخرج للتو أية مظاهرة، ولم تتفوَّه حتى بكلمة مُناصرة لغزة؛ خوفاً من أن تنال غضب أنظمتها عليها والخروج عن طاعتهم حَــدَّ تصوّرها السّرابي، عدا اليمن التي منّ الله عليها بقائدٍ قرآني يُوجّه شعبه كُـلَّ خميسٍ استنفاريٍّ للاستمرار بالخروج المليونيّ كُـلَّ جُمُعةٍ سبعينيّةٍ؛ وفاءً للعهد اليماني بشَدِّ عضد المُناصَرة لفلسطين وغزة حتى آخر رمق.
ثورةٌ جامعيّة برهنت قطعاً أنّ فلسطين هي مقياس كُـلّ ضميرٍ إنساني، وإن كان مُشعلوها لا ينتمون إلى ديار الإسلام وليسوا بمسلمين، فهم أشرف من مُسلمٍ تخاذل، وتهرَّب، وتنصّل عن مسؤوليّته وواجبه تجاه قضيّته.
هي رسائلُ متعددةٌ مفادُها أنّ العربَ أَلِفوا مشاهدَ الإجرام فَتَلِفوا، وخافوا من عقوبات الصّهاينة والأمريكان بدلاً عن الخوف من عقوبات الله العزيز الجبار، مفادها أنّ قضيّةَ الاستبدال الإلهي تجلّت في تلك المظاهرات التي أقلقت أنظمة الكفر وجامعة الدول العبريّة، مفادها أنّ الدنيا لا تزال بخير طالما أنّ هناك ضمائرَ غاضبة ومستنفرة تطالب بوقف العدوان على غزة..
وصدق الله العليّ الأعلى في قوله الكريم: (إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا، وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).