السيدُ عبدالملك الحوثي في خطاب حول آخر التطوُّرات والمستجدَّات: ليس لدينا خطوطٌ حمراءُ ومن الآن نفكّرُ في المرحلة الخامسة والسادسة ولدينا خياراتٌ مهمة جداً وحساسة ومؤثرة على الأعداء
احتلال العدو الإسرائيلي لمعبر رفح يعبر عن غطرسة وتكبر وهي تحدٍّ لجمهورية مصر ويشكل تهديداً على أمنها واستقرارها وهو استعراض أيضاً لاستفزاز العرب والمسلمين والاستخفاف بهم
الأمريكي هو الذي شجَّع الإسرائيلي لاحتلال معبر رفح، وهو الذي وشجَّع الإسرائيلي، وهيّأ له الظروف، وهو شريكٌ له في كل جرائمه
العدوان على رفح لن يحققَ للعدو أي انجاز عسكري وهدفُه نكبةٌ الشعب الفلسطيني وإلحاق أبلغ الضرر والمعاناة بالأهالي وبالنازحين
كلما أقدم العدوُّ الإسرائيلي على خطوة إضافية جمد المسلمون وصمتوا وسكتوا أكثرَ وهذا لا يليق بهم، الأمةُ بحاجة إلى أن تتحرَّر من حالة الجمود والقعود
الأنظمة القمعية الموالية للصهيونية في الغرب، استخدموا عنوانَ معاداة السامية؛ بهدف تكميم الأفواه ومصادرة الحريات، وهم يحاولون إخضاع المجتمع في البلدان الغربية بشكل كامل للصهيونية والصهاينة
إذا رغبت أية دولة عربية أن نفعِّلَ تلك الإمكانيات التي في مخازنها بدلاً عن أن تبقى معرَّضةً للصدأ أو تستخدم استخداماً خاطئاً لاستهداف المسلمين هنا أو هناك أو استهداف الشعوب فنحن مستعدون لتفعيل تلك القدرات ضد العدو الإسرائيلي
++++
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إبراهيم وَعَلَى آلِ إبراهيم إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أصحابهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
قال اللهُ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {وَتَرَى كَثيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[المائدة: الآية62]، صَدَقَ اللَّهُ العَلِيُّ العَظِيم.
يدخُلُ الشهرُ الثامنُ، وفي الأسبوع الحادي والثلاثين، ولمِئتين وستةَ عشرَ يوماً، والعدوُّ الإسرائيلي يواصلُ عدوانَه الهمجي على قطاع غزة، ويستمر يوميًّا في ارتكاب مجازر الإبادة الجماعية، يستهدف بها الشعب الفلسطيني الأعزل، ويقتل بها الأطفال والنساء والأهالي، حَيثُ بلغ عدد المجازر: أكثر من (ثلاثة آلاف ومِئة وأربعين مجزرة)، وتظهر يوماً بعد يوم المقابر الجماعية، التي تشهد أَيْـضاً على المستوى الفظيع من الإجرام والتوحش الذي يتصف به العدوّ الإسرائيلي، وبلغ عدد الشهداء والجرحى والمفقودين والأسرى في القطاع والضفة: حسب الإحصائيات غير المكتملة (حوالي مِئة وسبعة وثلاثين ألفاً وخمسمِئة فلسطيني)، والنسبة الأغلب، والنسبة الأكثر من الشهداء والمفقودين هي: من الأطفال والنساء.
واستجد في هذا الأسبوع العدوان الإسرائيلي البري على شرق رفح، حَيثُ الكثير من النازحين في رفح، واحتلاله لمنشأةٍ مدنية، هي: معبر رفح الحدود مع مصر، وهو آخر شريان يدخل عبره القليل جِـدًّا من الغذاء والاحتياجات الإنسانية إلى قطاع غزة، فعندما قام العدوّ باحتلال معبر رفح قام بالاستعراض العسكري، أدخل عدداً كَبيراً من الدبابات، لاقتحام تلك المنشأة المدنية، وقام بعدها باستعراض يُعبِّر عن غطرسته وتكبره، وهذا الاستعراض ليس فقط ضد الشعب الفلسطيني، وإنما هو استعراض أَيْـضاً ضد الشعب المصري، وضد الجيش المصري، والعملية بنفسها هي تَحَـــدٍّ لجمهورية مصر العربية، وتُشَكِّلُ تهديداً على أمنها واستقرارها، كما أنها انتهاك وتجاوز للاتّفاقيات، التي عقدها الكيان سابقًا مع النظام المصري، ذلك الاستعراض الذي هو بغطرسة وتكبر، هو استعراض أَيْـضاً لاستفزاز العرب والمسلمين والاستخفاف بهم.
استهدافُ العدوّ وعدوانُه على رفح، استهدافُه لرفح، عدوانُه على شرقي رفح وعلى المعبر، والتهديد المُستمرّ لبقية رفح، هو عدوانٌ على النازحين، البالغ عددهم في رفح بما يقارب (مليونًا ومئتَي ألف نازح)، عدد كبير جِـدًّا يتكدسون هناك، ولا يجدون أي مأوىً آخر للذهاب إليه، فهو عدوانٌ على النازحين، الذين يستهدفهم باستمرار بالغارات الجوية، وأصبح التهديد لهم في هذه المرحلة أكثر من أية مرحلةٍ مضت، والمسألة في غاية الخطورة، حَيثُ يمكن أن يقدم العدوّ على ارتكاب الكثير من المجازر ضد النازحين في رفح.
العدوُّ الإسرائيلي هو مُستمرٌّ في جرائمه في كُـلّ قطاع غزة، من شمال القطاع إلى جنوبه، وفي كُـلّ أنحاء قطاع غزة هناك عدوان واستهداف مُستمرّ لمجتمع غزة، استهداف للشعب الفلسطيني بكل أشكال الاستهداف، العدوّ الإسرائيلي يسعى إلى استكمال تلك الدوامة الدموية، بالاستهداف الشامل لرفح، كما عمل في بقية القطاع، وإلَّا فجرائمه في الغارات الجوية والاستهداف لرفح لم تتوقف أَيْـضاً، لكنه بهذه العملية البرية يهدف إلى ارتكاب المزيد من المجازر.
الموقفُ الأمريكي يحاولُ أن يخادعَ الرأيَ العام، وأن يقدم صورة مخادعة وزائفة أمام أنظار الرأي العام العالمي، تجاه موقفه مما يفعله العدوّ الإسرائيلي في رفح، ومن تقدمه إلى المعبر، وَأَيْـضاً إلى شرق رفح، الأمريكي يظهر نفسه وأنه يوافق موافقة مشروطة بتقديم خطة -حسب ما يقول- بإجلاء المدنيين والنازحين من رفح، وإلى أين؟ يعني: بإعادتهم إلى نفس المربعات الأُخرى، والأماكن الأُخرى التي استهدفوا فيها أَسَاساً، التي هي مدمّـرة، والتي يستهدفها العدوّ باستمرار كُـلّ يوم، هل إعادتهم إلى خان يونس، إلى شمال القطاع، إلى كُـلّ تلك المناطق التي هي مستهدفة باستمرار، ويقتلون فيها باستمرار، ومدمّـرة بشكلٍ كامل، الأمريكي يُقدِّم هذا العنوان: أن موافقته مبنيةٌ على انتظار خطة لإجلاء المدنيين؛ بينما هو -وبكل تأكيد- هو الذي قدَّم للإسرائيلي الإشارة باحتلال معبر رفح، وصدرت تصريحات من بعض الأمريكيين، تفيد أن عروضاً وخيارات قُدِّمت من الجانب الأمريكي للإسرائيلي، بتنفيذ عمليات معينة في رفح، تشمل أجزاء معينة ومواقع معينة ومنشآت معينة في البداية، كخطوة أولى في هذه المرحلة، وحتى في الليلة التي سبقت عملية الاجتياح، صدرت تصريحات من بعض الأمريكيين تفيد هذا: أنهم قدَّموا خيارات للإسرائيلي، لتنفيذ عمليات يصفونها بالمحدودة، التي تشمل مناطق معينة، ومواقع معينة، ومنشآت معينة، فالأمريكي -بكل وضوح- هو الذي شجَّع الإسرائيلي لاحتلال معبر رفح، وهو يعلم أنه آخر شريان للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ويدخل منه القليل جِـدًّا من المواد الغذائية والإنسانية للشعب الفلسطيني، ومع هذا هو أقدم على هذه الخطوة، وشجَّع الإسرائيلي، وهَيَّأ له الظروف، وهو شريك له في كُـلّ جرائمه، ولا تزال الخطورة أَيْـضاً حَـاليًّا على ما تبقى من رفح، بما يمكن أن يترتب على ذلك من مجازرَ كبيرة، ومآسٍ كبيرة، ومعاناة كبيرة جِـدًّا للشعب الفلسطيني، في قطاع غزة بشكلٍ عام، وفي رفح بنفسها بدايةً؛ ولذلك الموقف الأمريكي هو لمُجَـرّد الخداع وذر الرماد في العيون كما يقولون، هو يسعى إلى الخداع للرأي العام، والهدف أَيْـضاً هو رفع معاناة الشعب الفلسطيني، المزيد من التجويع، المزيد من الحصار، المزيد من المعاناة للشعب الفلسطيني، وإلَّا فهذه الخطوة أتت بعد أن أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس عن موافقتها على الصيغة المقترحة، التي قدَّمها الوسطاء؛ مِن أجلِ العمل على وقف إطلاق النار وإنهاء الحصار، بعد ذلك أقدم العدوّ الإسرائيلي على هذه الخطوة.
الأمريكي يحاول أَيْـضاً في سياق خداعِه للرأي العام، أن يقول: أنه أوقف شحنة من شحنات الأسلحة والقنابل، التي يزوِّد بها العدوّ الإسرائيلي، لعملياته العدوانية، وجرائمه في الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ويحاول كذلك أن يصوِّر نفسه أمام الرأي العام أنه يضغط؛ مِن أجلِ وقف أي خطوات إسرائيلية إضافية، من المعروف عند كُـلّ المتابعين ممن لهم إلمام بالوضع العام، وبطبيعة الدور الأمريكي والنفوذ الأمريكي على الإسرائيلي، أن الأمريكي بمُجَـرّد أن يقرّر وقف العدوان على غزة سيتوقف، والإسرائيلي لن يتقدم بأي خطوة إضافية، بل سيتوقف؛ ولذلك فالمسألة تتطلب فقط توجّـهاً جاداً، وقراراً من جانب الأمريكي بوقف العدوان على رفح، ولن يُقْدِم الإسرائيلي لن يُقْدِم على العدوان على رفح فيما لو اتجه الأمريكي إلى قرار جاد بجدية، ولكن الأمريكي يُقَدِّم هذه الحالة من التظاهر: بأنه لا يريد أن يُقْدِم الإسرائيلي على مثل هذه الخطوة، وأنه يضغط عليه؛ بينما هو زوَّدَه بمخزون ضخم، وأعداد كبيرة، وشحنات كثيرة من القنابل والأسلحة، وبعض الأمريكيين يقولون: أنه قد أصبح لدى العدوّ الإسرائيلي مخزوناً ضخماً من القنابل التي مُنِعَت عنه هذه الشحنة، قد قُدِّمت له قبلها شحنات كثيرة كافية لإبادة الأهالي في رفح، الأهالي والنازحين، فهو يتظاهر؛ بهَدفِ مخادعة الرأي العام؛ ولذلك لا ينبغي لأحد أبداً أن ينخدع بالموقف الأمريكي الذي يهدف إلى تقديم صورة زائفة، الأمريكي له دورٌ أَسَاسيٌّ، وهو شريكٌ فعليٌّ في كُـلّ جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة ضد الشعب الفلسطيني، وله الدور الأَسَاسي في احتلال العدوّ من جديد لمعبر رفح، وقد طرد منه سابقًا، وسيطرد منه لاحقاً إن شاء الله.
العدوان على شرق رفح أثَّر -ومنذ اللحظة الأولى- على ثلاثمِئة ألف نازح في تلك المناطق بنفسها، في شرق رفح، هذا العدد الكبير، فكيف بالبقية؟ ولذلك فهو عدوان على النازحين والمدنيين، والأهالي والسكان في رفح، ولن يحقّق للعدو أي إنجاز عسكري، احتلال المعبر بنفسه (معبر رفح) ليس إنجازاً عسكريًّا؛ لأنه ليس للمجاهدين هناك جبهة، ليس لكتائب القسام جبهة في المعبر نفسه، هم يتفادون إثارة العقد والحساسيات لدى الجانب المصري، وَأَيْـضاً حتى لا يكون هناك أي ذريعة أَو مبرّر للعدو الإسرائيلي؛ ولذلك لم يكن لهم فيه جبهة عسكرية للقتال فيه، ومنع أي تقدمٍ عسكريٍّ إليه، هو منشأة مدنية، والإخوة الفلسطينيين في بقية محاور القتال هم مُستمرّون وثابتون، في شمال القطاع وفي وسط القطاع هم يقاتلون بشكل مُستمرّ، وصامدون، وثابتون، وبنكاية كبيرة بالعدوّ في كُـلّ محاور القتال، كتائب القسام، وسرايا القدس، وكذلك كتائب شهداء الأقصى، والبقية من الفصائل الذين يرابطون هناك ويقاتلون، هم مُستمرّون في صمود وثبات، فالعدوّ الإسرائيلي عندما يتقدم بالعدوان على أجزاء من رفح، أَو يستهدف رفح بشكلٍ عام، هو لن يحقّق إنجازاً عسكريًّا، فلا زال الصمود حتى في شمال القطاع، لا زال ثبات المجاهدين في كُـلّ أنحاء القطاع، ولكنه -كما قلنا- يهدف إلى نكبة الشعب الفلسطيني هناك، إلحاق أبلغ الضرر والمعاناة بالأهالي في رفح، وبالنازحين عندهم في رفح، وكذلك التضييق أكثر على بقية القطاع.
الاستنكار من كثير من دول العالم، في بيانات ومواقف السياسية، لم يعد الأمريكي يصغي له، بل والأمريكي لا يصغي حتى للمظاهرات والاحتجاجات الطلابية، التي في الجامعات الأمريكية والتي يقمعها، ويتعامل معها بعنف، ويتجاوز القانون، ويضرب بعرض الحائط بكل القوانين والأنظمة والأعراف التي لديه؛ ولذلك فعلى المسلمين بشكلٍ عام والعرب في المقدِّمة مسؤولية، في اتِّخاذ خطوات عملية إضافية ضد العدوّ الإسرائيلي، عندما يُقْدِم على مثل هذه الخطوة الإجرامية العدوانية، التي يستهدف بها الأهالي في رفح، والنازحين عندهم، ويحتل بها معبر رفح، منشأة مدنية، وشريان يصل من خلاله القليل فقط يعني من الأغذية، والأدوية، والاحتجاجات الأَسَاسية للشعب الفلسطيني، لا ينبغي أن يكون موقف المسلمين بشكلٍ عام والعرب في المقدِّمة موقف المتفرج، ليس هناك خطوات إضافية، مواقف إضافية ضد العدوّ الإسرائيلي، لا بُـدَّ من مساندة الشعب الفلسطيني، واتِّخاذ خطوات عملية إضافية ضد العدوّ الإسرائيلي.
ما حصل هو يعتبر تهديداً لجمهورية مصر العربية، وخطراً عليها، وتجاوز للاتّفاقيات معها؛ ولذلك يفترض أَيْـضاً بجمهورية مصر العربية أن تكون في مقدِّمة هذا التحَرّك العربي، وأن تقود هذا التحَرّك العربي لموقفٍ حازمٍ وقوي للضغط على العدوّ الإسرائيلي؛ لإخلاء المعبر، والانسحاب منه، وإنهاء احتلاله؛ لأنه منشأة مدنية، ولأنه أَيْـضاً من أرض فلسطين المحتلّة، ويفترض أن يتحَرّكوا بخطوات ولديهم خيارات كثيرة: خيارات في الجانب السياسي والدبلوماسي، خيارات في الجانب الاقتصادي… وخيارات متعددة، أو -في الحد الأدنى- أن يحركوا شعوبهم، إذَا كانت الأنظمة لم تعد تجرؤ على أن تتبنى أي موقف، فَلْتُتِح المجالَ لشعوبها، وليجربوا، وسيجدون كيف ستتحَرّك الشعوب بشكل كبير حتى في تلك البلدان التي هي مكبوتة فيها، ومضغوطة، ومغلوبة على أمرها، ستتحَرّك بشكلٍ كبير ونشاطٍ كبير، فليفسحوا المجال للشعوب لتتحَرّك.
مذكرة الاحتجاج المصرية ليست كافيةً، ولن يعيرَها العدوُّ الإسرائيلي أيَّ اهتمام، ولن يعطيَها أي اهتمام، كلما تعاظمت المأساة على الشعب الفلسطيني، يتعاظم معها وزر التخاذل والتفريط والتفرج على المأساة من المتخاذلين، من الأنظمة والشعوب؛ ولذلك المسؤولية كبيرة.
ويظهر للجميع مع الإقدام على مثل هذه الخطوات العدوانية، التي تزيد من معاناة الشعب الفلسطيني، وتزيد أَيْـضاً من مستوى الإجرام الإسرائيلي، تلك العدوانية، وذلك الإجرام والخلفية التي وراءها؛ لأن هناك خلفية لهذا المستوى من الإجرام والتوحش، الذي نرى عليه العدوّ الإسرائيلي، هناك خلفية، حقد، وعداء شديد للعرب والمسلمين بشكلٍ عام، احتقار للإنسانية، استباحة كاملة، هم الذين حكى الله عنهم أنهم قالوا: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}[آل عمران: من الآية75]، يستبيحون غيرهم، يستبيحون الدماء، والأعراض، والأموال… وكل شيء، وفي نفس الوقت حقد، يعيشون حالة الحقد التي يتربون عليها منذ الطفولة، يتربى عليها الطفل منهم وينشأ عليها، وتترسخ عنده كحالة نفسية، وعقدة نفسية، وعقيدة، وثقافة، وفكر، يتحَرّك على أَسَاسها، فهو يحمل العداء للمسلمين، والعرب في المقدِّمة، يحمله لهم كعقيدة وثقافة وفكر، ويحمله أَيْـضاً كعقدة نفسية شديدة جِـدًّا، {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}[آل عمران: من الآية119]، كما قال الله عنهم في القرآن الكريم، واحتقار، هم يوصِّفون غيرهم بأنهم ليسوا من البشر، ويقدِّمون لأنفسهم صورة مختلفة عن بقية البشر.
ومضافٌ إلى ذلك الدعم الذي يحظى به العدوّ الإسرائيلي من صهاينة الغرب، صهاينة الغرب أَيْـضاً مع حقدهم وأطماعهم، مثلما نرى عليه الموقف الأمريكي في المقدِّمة، والموقف البريطاني كذلك، وهكذا دول أُخرى وأنظمة من الأنظمة الأُورُوبية، اجتمع عندهم أَيْـضاً حقد، وطمع كبير جِـدًّا، وكذلك عقيدة الصهيونية، المعتقد الصهيوني القائم على أَسَاس اعتقاد أن اليهود هم شعب الله المختار، وأنه يجب دعمهم وتمكينهم من احتلال فلسطين، وأكثر من فلسطين، يعني: ما يأملونه أَيْـضاً من الحدود التي كانوا قد رسموها لأنفسهم في المقدِّمة، وأن دعمهم سببٌ لنزول البركات، وأنه يجب تعظيمهم، وتقديسهم، ودعمهم، ومساندتهم؛ مِن أجلِ المجيء الثاني للمسيح، ولخلاص العالم كما في معتقدهم، فهم يحملون هذا المعتقد، يعني: لديهم منطلق مبني على خلفية وعاطفة دينية ومعتقد ديني، باسم أنه من الدين يعني يدينون به، وفي نفس الوقت لديهم طمع كبير جِـدًّا كان ولا يزال، وعلى مدى قرون من الزمن، ومُستمرّ، في المنطقة العربية، في الاحتلال لها، لموقعها الجغرافي، ونهب ثرواتها الطبيعية، وإبادة شعوبها، واستغلال من يمكن استغلاله منهم، ولديهم حقد على المسلمين كمسلمين، حقدٌ واضح ومؤكّـد، يُعبِّرون عنه في كتبهم، في ثقافاتهم، ويرسمون بناءً عليه ما يرسمونه من مؤامرات ضد هذه الأُمَّــة في مخطّطاتهم، ومؤامراتهم، وغير ذلك، فكل هذا، ما عليه العدوّ الإسرائيلي من عدوانية، وإجرام، وحقد، وأطماع، وما يحظى به من دعم غربي كذلك، بتلك الخلفية من الأحقاد، والأطماع، والمعتقدات الصهيونية، وموقف بقية العالم، الذي قد يصل في الحد الأعلى إلى إصدار بيانات، أَو قرارات، أَو التعبير عن الانتقاد أَو الاحتجاج، لكن ما يتعلق بما يجدينا كعرب وكمسلمين، ما يمكن أن يدفع الخطر عنَّا، لا يفيدنا ما يصدر من هنا أَو من هناك من مُجَـرّد بيان استنكار، أَو بيان إدانة شيئاً، لن يجدي عنا شيئاً، لن يدفع عننا الخطر، الأمريكي في النهاية تجاهل تصريحات من هنا أَو هناك، أَو بيانات استنكار من هنا أَو هناك، ما يتطلبه واقعنا هو أمرٌ آخر، كُـلّ هذه الأحداث، كُـلّ هذه الحالة، هذه الوقائع والشواهد، تدل بشكلٍ قاطع على أهميّة إحياء الروحية الإيمانية الجهادية الواعية في أوساط الأُمَّــة.
الأمة بحاجة إلى أن تكون في مستوى الردع لأعدائها، أن تكون فيما هي عليه من قوة، من جهوزية، من فاعلية، في التحَرّك لمواجهة الأعداء، وفي دفع الخطر عن نفسها، أن تكون بالشكل المطلوب، هذا هو الذي يفيد؛ أمَّا حالة الجمود والتخاذل، في مقابل ما لدى العدوّ من دافع حقد، من أطماع، من معتقدات خطيرة، معتقدات شيطانية، باطلة، يبنى عليها مواقف ظالمة، وطغيان، وإجرام، واحتلال، فلا يفيد الأُمَّــة إلَّا أن يكون لديها تحَرّك جاد، عندما يصبح واقع العدوّ أنه لا يصغي لا إلى نداءات الشعوب، ولا يبالي بحجم ما يحصل من جرائم وإبادة جماعية وغير ذلك، نجد أهميّة أن تمتلك الأُمَّــة قوة الردع، ولا بُـدَّ من إحياء روح الجهاد والعزة في الأُمَّــة.
ولذلك يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم، مخاطباً لنبيه “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، الذي هو الأسوة والقُدوة للأُمَّـة: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا}[النساء: الآية84]، فنجد هنا في قوله: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا}، أن الاستجابة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والتحَرّك في سبيله وفق توجيهاته، وفق تعليماته، هو الذي سيثمر هذه النتيجة، برعاية الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بمعونته، بنصره وتأييده: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا}، ونجد كيف يخاطب الله عباده المؤمنين قائلاً: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ}[التوبة: الآية14].
فالأمة بحاجة إلى أن تتحرّر من حالة الجمود والقعود، التي أثَّرت على الكثير من شعوبها، وعلى الكثير من أبنائها، وأن تتحَرّك هذا التحَرّك الواعي، عندما نقول الروحية الجهادية الواعية، هي التي تُشَخِّص العدوّ تشخيصاً صحيحاً وفق القرآن الكريم، ووفق الواقع الواضح، الله شَخَّص لنا في القرآن الكريم من هو العدوّ الأشد عداءً وحقداً لنا كمسلمين: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ}[المائدة: من الآية82]، اليهود ومن يدور في فلكهم، {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}، هم أعداء لأمتنا، يتآمرون عليها، يستهدفونها، يتجهون بكل ما يتَّجه له العدوّ، ولا سيما إذَا كان عدواً مجرماً، مفلساً على المستوى الأخلاقي والإنساني، حاقداً، طامعاً، مستكبراً، ظالماً، مفسداً، مرتبطاً بالشيطان، فهو يُشكِّل خطورة بالغة على الأُمَّــة؛ فلذلك فالتجاهل لا يمثل حلاً لأبناء الأُمَّــة، لا بُـدَّ من التحَرّك الواعي، التحَرّك بشكلٍ صحيح، والتربية الإيمانية الجهادية الواعية هي التي ترتقي بالأمة لتكون في حالة جهوزية، لمواجهة الأخطار، وترتقي بالأمة إلى مستوى مواجهة التحديات، وعندما تكون استراتيجية ثابتة، ورؤية صحيحة تتحَرّك على أَسَاسها الأُمَّــة، ستغير واقع الأُمَّــة؛ لأن اتّجاه البعض وتوقعهم أن بالإمْكَان أن يحصلوا على المساندة والحماية من هنا أَو هناك هو وهمٌ، وهمٌ وسراب، ولن يفيدهم شيئاً.
ومن العجيب أن بعض الأنظمة والبعض من الحكام حتى في هذه المرحلة، وحتى مع ما يحصل الآن في غزة، لا يزالون يفاوضون أمريكا في الحصول على اتّفاقيات معها، على أَسَاس أن يحصلوا على حمايتها، أن يدخلوا في اتّفاقيات حماية، وكذلك اهتمام من الجانب الأمريكي، والتزام بحمايتهم، اتّفاقيات أمنية وعسكرية لحمايتهم، لو أراد الإسرائيلي أن يفعل بهم أي شيء لن يكون الأمريكي في مشكلة مع الإسرائيلي، بل على العكس، سيهيئ له ما يريد، وسيستفيد من مدى نفوذه وتأثيره، وتغلغله في أوساط مؤسّسات أية دولة هنا أَو هناك، أَو أية أنظمة هنا أَو هناك، بما يخدم الإسرائيلي، وهو عادةً يفتح له المجال ليحصل على ما يريد من معلومات، ليمارس ما يريد من أنشطة تجسسية، من اختراق، من إيجاد نفوذ وتأثير يخدمه فالأمريكي دائماً يحسب حساب مصلحة الإسرائيلي ليس للعرب عنده أية قيمة على الإطلاق، لأي عربي ولا لأي مسلم أي اعتبار عند الأمريكيين، عند الصهاينة الذين يحكمون أمريكا، ويسيطرون على أمريكا، ويتخذون القرارات في أمريكا، فالأمة بحاجة إلى أن تتحَرّك، وأن تحييَ الجانب الإيماني والجهادي الواقعي، فالأحداث ليست مُجَـرّد أحداث طارئة، تظهر وتنتهي، العدوُّ يتحَرّكُ ضمن رؤية، ضمن استراتيجية، ضمن مشروع عمل طويل، ولديه أهداف كثيرة، ويسعى إلى تحقيقها؛ فلذلك فالأمة في المقابل لا بُـدَّ أن تتحَرّك وفق رؤية ثابتة، استراتيجية صحيحة تفيدها وتنفعها.
التربية الإيمانية الجهادية أَيْـضاً تحافظ على إنسانية الإنسان، وتحيي ضميره، وتحيي فيه الشعور بالمسؤولية، وتعالج الروح المتدنية، الحالة المتدنية الهابطة، التي يعاني منها الكثير من الناس: عندما يشاهدون مثل هذه المآسي التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، عندما يشاهدون مظلومية الشعب الفلسطيني التي لا مثيل لها، عندما يشاهدون الجرائم الإسرائيلية الفظيعة جِـدًّا، ثم لا يتأثرون بذلك، ولا يتفاعلون، ولا يتحَرّكون، ولا يستشعرون أية مسؤولية بفعل أي شيء، هذه الحالة حالة خطيرة جِـدًّا، الإنسان فيها يخسر إنسانيته، قيمته الإنسانية، ضميره الإنساني، قيمه الإنسانية، أخلاقه، مشاعره الإنسانية؛ ولذلك أتى التحذير في القرآن الكريم من الطبع على القلوب، الطبع على القلوب حالة خطيرة جِـدًّا؛ لأن الإنسان يخسر خسارتَينِ رهيبتَين:
- الأولى:مشاعره الإنسانية.
- والثانية:وعيه الإنساني، يصبح إنساناً متبلد الإحساس، وإنساناً لا يفقه، ولا يفهم، ولا يعي.
التربية الإيمانية الجهادية تضبط المواقف بالمعيار الحق؛ لأن البعض من الناس يتحدثون بحديث، أَو بلغة المصالح، يعني: أنَّ المهم أن يتوفر لهم مصالحهم المادية، وليحدث ما يحدث، وينسون أنه في الأخير حتى المصالح المادية يمكن أن يخسروها، يمكن أن يخسروا كُـلّ شيء، يمكن أن يصل إليهم الدور في يومٍ من الأيّام، يصل إليهم الدور وهم في وضعية سيئة جِـدًّا، ليسوا مهيئين لا نفسياً، ولا ذهنياً، ولا في الواقع، ولا على مستوى العمل، ليكونوا في مستوى الموقف الفاعل، الذي يقيهم الخطر، ويدفع عنهم الشر.
بينما التربية الإيمانية هي التي ترتقي بالناس، إلى أن يواجهوا الأحداث وهم في جهوزية ذهنية، ونفسية، وعملية، وواقعية، بما يفيدهم ويقيهم الخطر.
ومن الواضح كيف يسعى الصهاينة على مستوى العالم، وفي المجتمع الغربي بنفسه، يسعون إلى تدمير القيم الإنسانية، وتفريغ الإنسان منها، يحاولون أن يحوِّلوا الإنسان إلى حيوان مثل سائر الحيوانات تماماً، لا يستشعر أنَّ له ميزة كإنسان بين بقية الحيوانات، بل وصل الحال ببعضهم إلى أن يتحول في حياته، ونمط حياته في أُورُوبا، إلى حياة الكلب، ينبح كالكلب، يحاول أن يتلبَّس بملابس معينة، تقدِّم له شخصيته وكأنه كلب… إلى غير ذلك، والبعض بحيوانات أُخرى: كالقرود أَو غيرها، هناك عمل مقصود، هناك خطة من جانب الصهاينة لتدمير القيم الإنسانية، وتفريغ الإنسان من المحتوى الإنساني، والأخلاقي، والقيمي؛ حتى يتحوَّل إلى مُجَـرّد حيوان يستغلونه كما يشاءون ويريدون؛ ولذلك على الجميع أن يتحَرّك للتحرّر من ذلك النفوذ الصهيوني، المهدّد للإنسانية في إنسانيتها، وحياتها، وقيمها، وسلامها، وأمنها.
وفي هذا السياق نحن نشيد بالحراك الطلابي المطالب بوقف العدوان على غزة؛ لأنه صوتٌ إنساني، يعبِّر عن القيم الإنسانية الفطرية، كما أنه فضح صهاينة الغرب، صهاينة أمريكا، وصهاينة أُورُوبا، الذين كانوا يتحدثون عن القيم الليبرالية، يتحدثون عن الحُريَّة، عن الحقوق… عن غير ذلك، وضاعت كُـلّ تلك العناوين في تعاملهم وقمعهم للاحتجاجات الطلابية.
توسعت دائرة الاحتجاجات الطلابية، وشملت جامعات في بلدان كثيرة، في: أمريكا، وكندا، والمكسيك، وألمانيا، وفرنسا، وسويسرا، وبلجيكا، وهولندا، وإيرلندا، واسكتلندا، وأستراليا، واليابان، والبرازيل، دولاً كثيرة، كنا نتمنى أن يكون لدينا قائمة أَيْـضاً عن البلدان، العربية التي خرجت فيها أَيْـضاً احتجاجات طلابية مناصرة للشعب الفلسطيني، بحيث نستطيع أن نتحدث بقائمة كهذه، فنقول ونحكي دولاً عربية كثيرة، لكن للأسف الطلاب والشعوب مكبَّلون في كثيرٍ من البلدان العربية حتى عن مستوى هذا الموقف.
المظاهرات الشعبيّة أَيْـضاً كانت في عددٍ من البلدان، ومنها: بريطانيا، وفرنسا، والنمسا، وألمانيا، والسويد، والدنمارك، وأمريكا، وفي ماليزيا، وأستراليا، واليابان، يعني: هناك صحوةٌ شعبيّة تتنامى، وتظهر هذه الأصوات والاحتجاجات في كثيرٍ من البلدان؛ ولذلك لا يليق بالمسلمين في العالم الإسلامي أن يكونوا صامتين، وساكتين، وجامدين، وكلما أقدم العدوّ الإسرائيلي على خطوة إضافية؛ جمدوا أكثر، وصمتوا أكثر، وسكتوا أكثر، كلما مضى الوقت والمأساة تزداد في واقع الشعب الفلسطيني، والعدوّ الإسرائيلي مُستمرّ في جرائم الإبادة الجماعية، وهم يسكتون، لا يليقُ بهم هذا أبداً.
التظاهرات الطلابية أقلقت الصهاينة، وهم عبَّروا عن قلقهم في كثيرٍ من تصريحاتهم، ولاسيما أنها في الوسط النخبوي الطلابي، هذا كان مقلقاً لهم، يعني: له مدلول مهم، نظراً للدور الذي عادةً ما يكون لمخرجات الجامعات في المجتمعات الغربية.
اتجهت الأنظمةُ القمعية، الموالية للصهيونية في الغرب، إلى استهداف الاحتجاجات الطلابية بعنف وقسوة، واعتقالات بإهانة وإذلال، وضرب مبرح، وإطلاق حملات إعلامية مسيئة، وتصريحات من المسؤولين في تلك البلدان مسيئة إلى الطلاب، وبلغ عدد المعتقلين من طلاب ومدرِّسي الجامعات الأمريكية إلى الآن: أكثر من (ألفين وستمِئة شخص) طالب وطالبة ومدرِّس، وهم مُستمرّون يوميًّا في محاولات فض أي احتجاج، أي تجمع طلابي للاحتجاج.
واستخدموا عنوان (معادات السامية)؛ بهَدفِ تكميم الأفواه، ومصادرة الحريات، يعني: يكفي أن يقول شخص ما من الطلاب، أَو أي تجمع يحصل هناك، ينادي بوقف قتل الأطفال في غزة، فتعتبر هذه -كما يقولون- مُعَادَاةً للسامية، ويتخذون على أَسَاس ذلك إجراءات متنوعة:
- منها: فض الاعتصامات، والاعتقالات، والفصل للبعض من الطلاب، وطردهم من الجامعات.
- ومنها: الضرب المبرِّح.
- وكذلك التشويه، والحملات الدعائية، والتحريض ضد أُولئك الطلاب.
هكذا يحصل، فهم يستخدمون هذا العنوان في المجتمعات الغربية بهذا الهدف: لتكميم الأفواه، وفي محاولة أن يخضعوا المجتمع في البلدان الغربية بشكلٍ كامل، أن يخضعوه خضوعاً تاماً للصهيونية والصهاينة، إفراط رهيب جِـدًّا، يسمحون حتى بالإساءة إلى الله، يسمحون بالسب والشتم لرسله وأنبيائه، وحتى السب للمسيح “عَلَيْهِ السَّلَام”، هم يسمحون في أمريكا وفي أُورُوبا بالإساءة إلى المسيح “عَلَيْهِ السَّلَام”، ولكن ممنوع أن تنتقد -مُجَـرّد انتقاد- أن تنتقد اليهود، أَو أن تنتقد إسرائيل، أو -وليس فقط إلى مستوى الانتقاد- أن تطالب بوقف قتل الأطفال في غزة، فهذا عندهم يصنِّفونه ضمن معادات السامية، فالهتاف بوقف جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني مُعَادَاة للسامية، هكذا أصبح عندهم.
أملنا أن تستمر وتتوسع تلك الاحتجاجات، ومن المهم أن تحظى بالمساندة، وفي المقدِّمة المساندة السياسية والإعلامية والتشجيع، يعني: من جهتنا في العالم الإسلامي، الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، الجهات التي لديها موقف، وتشعر بالمسؤولية، وتتحَرّك لمساندة الشعب الفلسطيني، عليها أن تساند الاحتجاجات الطلابية في أمريكا وأُورُوبا، وَأَيْـضاً في كندا، وفي استراليا… وفي مختلف البلدان، أن يكون هناك مساندةٌ في مواقع التواصل الاجتماعي، كذلك الجاليات -مع أنها تعاني- أن يكون لها نشاط مساهم على المستوى الإعلامي نفسه في مواقع التواصل الاجتماعي، في الوسائل الإعلامية المتاحة والمتنوعة، وكذلك على المستوى السياسي، أن يكون هناك بيانات، مواقف، تصريحات مساندة، هذا شيءٌ مهم، وَأَيْـضاً أن يكون هناك هجوم إعلامي ضد الأُسلُـوب القمعي المصادر للحقوق من قبل الأنظمة القمعية الموالية للصهيونية في أمريكا والغرب، هذا شيءٌ مهمٌ جِـدًّا.
كلما استمر العدوّ الإسرائيلي في عدوانه الهمجي، أَو أضاف خطوةً جديدة، فعلينا مسؤولية كمسلمين، على المجتمع البشري؛ بالاعتبار الإنساني، وعلى المسلمين كمسؤولية أَيْـضاً إنسانية، وأخلاقية، ودينية، أن يتحَرّكوا في المقابل أكثر، وأن تتسع دائرة التحَرّك، يجب أن يكون هناك شيءٌ يستجد من جانب الأُمَّــة الإسلامية، على الأنظمة أن تخجل من سكوتها، من تخاذلها، كلما أقدم العدوّ الإسرائيلي على جرائم إضافية، وطال أمد العدوان، واتَّخذ خطوات جديدة، عليها أن تخجل مما هي فيه من حالة التخاذل، والسكوت، والتفرج، وأن تتخذ مواقف إضافية؛ ولهذا نشيد بما أعلنت عنه تركيا فيما يتعلق بإجراءاتها في الحد من تصدير، أَو من علاقاتها التجارية مع العدوّ الإسرائيلي، هذه خطوة نأمل -إن شاء الله- أن تصل إلى مستوى كامل في قطع العلاقات التجارية من جانب تركيا مع العدوّ الإسرائيلي، وأن تقتديَ بها أَيْـضاً بعض الدول العربية الأُخرى، التي تصدِّر بضائع إلى العدوّ الإسرائيلي، أَو تستقبل كذلك بضائع، ولها علاقاتٌ اقتصادية وتجارية مع العدوّ الإسرائيلي.
كما نأمل -أيضاً- أن يكون هناك نشاطٌ واسع، وحملات تثقيفية وتوعوية وإعلامية بالدفع لتوسيع دائرة المقاطعة: المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، والشركات الداعمة لإسرائيل، هذه مسألة مهمة، عادةً ما نرى في وسائل الإعلام مستوى لا بأس به من التأثير على بعض كبريات الشركات المعروفة بأنها تدعم العدوّ الإسرائيلي، أصبحت تشكو من الخسائر، مع أنَّ مستوى المقاطعة لا يزال محدوداً، فهذا المجال مجال مهمٌّ، ومؤثرٌ على الأعداء، ومتاح حتى في البلدان التي تعاني فيها الشعوب من الكبت، من المنع لها عن التحَرّك على مستوى مظاهرات أَو مسيرات، تستطيع أن تعوِّض ذلك بتفعيل ما يتعلق بالمقاطعة بشكل أكبر وأقوى، وهذا جانبٌ أَسَاسٌ؛ لأن هناك مسؤوليةً أمام الله، وهناك ما يمكن للكثير من الناس أن يساهموا به في نصرة الشعب الفلسطيني؛ فعندما لا يساهم الإنسان بأي شيء، حتى بما هو متاحٌ وممكن؛ فهو مذنب، يتحمل وزراً عظيماً، ومقصر تجاه ما عليه فيه مسؤولية أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
فيما يتعلق بجبهات المساندة:
حزبُ الله مكثِّـفٌ لعملياته، وعندما صرَّح ما يسمى بوزير الدفاع الإسرائيلي، بإطلاق تهديدات معينة ضد حزب الله، وتحذيرات، كانت العمليات في نفس ذلك اليوم عمليات قوية، وبعد ذلك، وستستمر، حزب الله يتَّجه إلى التصعيد كلما صعَّد العدوّ الإسرائيلي.
في جبهة اليمن، يمن الجهاد، يمن الفاتحين، العمليات مُستمرّة في الاستهداف للسفن الأمريكية، والإسرائيلية، والبريطانية، والمرتبطة بالعدوّ الإسرائيلي، وقد بلغت السفن المستهدَفة إلى: (مِئة واثنتي عشرةً سفينة)، وكانت العمليات خلال هذا الأسبوع بـ (عشرة صواريخ بَالِسْتِيَّة، ومجنحة، وطائرة مسيَّرة)، وعدد العمليات خلال شهر شوال: (خمسٌ وعشرون عملية)، نُفِّذت بـ (واحدٍ وسبعين صاروخاً بَالِسْتِيًّا، ومجنَّحاً، وطائرة مسيَّرة).
في هذا الأسبوع -في بدايته- تم الإعلان عن المرحلة الرابعة من التصعيد، تحدثنا عنها في الكلمة الماضية، في يوم الخميس، وفي يوم الجمعة، أصدرت القوات المسلحة بيانها أَيْـضاً، والمرحلة الرابعة؛ لأن قبلها ثلاث مراحل:
- في المرحلة الأولى:كانت عمليات القصف التي تستهدف العدوّ الإسرائيلي بالصواريخ المجنَّحة والبَالِسْتِيَّة إلى جنوب فلسطين المحتلّة، ولسفنه المبحرة في البحر الأحمر.
- لحق بها كذلك استهداف في المرحلة الثانية:الاستهداف لأي سفينة تتجه إلى موانئ العدوّ عبر البحر الأحمر، ولو كانت لدول أُخرى، هذه كانت المرحلة الثانية، طالما أن حمولتها للعدو الإسرائيلي، وتتجه إلى الموانئ عبر البحر الأحمر، لحق بها كذلك استهداف السفن الأمريكية والبريطانية، بعد العدوان الأمريكي والبريطاني على بلدنا، إسناداً منهم للعدو الإسرائيلي، وإصراراً على مواصلة الحصار والإجرام والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
- المرحلة الثالثة:كانت توسيع دائرة الاستهداف ومسرح العمليات إلى المحيط الهندي.
- المرحلة الرابعة:تحدث عنها بيان القوات المسلحة بوضوح، وتشمل السفن المخترقة لقرار حظر الملاحة الإسرائيلية في أي مكانٍ تطاله أيدينا، ومع العدوان الإسرائيلي على رفح، تشمل أي سفن لأي شركة لها علاقة بالإمدَاد، أَو نقل بضائع للعدو الإسرائيلي، وإلى أية جهة ستتجه، يعني: ليست المسألة مشروطة بأنه إذَا كانت ستتجهُ إلى ميناء من موانئ فلسطين المحتلّة، محملة ببضائع للعدو الإسرائيلي، طالما وتلك الشركة ترسل سفناً للموانئ في فلسطين المحتلّة، لصالح العدوّ الإسرائيلي، فستتخذ ضدها هذه الإجراءات في أي مكان -كذلك- تطاله أيدينا، وسواءً عند الاستهداف لها كانت تنقل بضائع في تلك اللحظة للعدو الإسرائيلي، أَو لا، إذَا كانت من بعد صدور قرار الحظر، قد نقلت في أي حمولة، فإنها ستكون هدفاً في أي مكان تطاله أيدينا، وإلى أي ميناء من الموانئ في فلسطين المحتلّة، إذَا كانت تلك السفينة نقلت إلى موانئ عبر البحر الأبيض المتوسط، فهي ستكون هدفاً، في أي مكان تطاله أيدينا، المهم عندما تكون أثناء الظفر بها في حالة تطالها إمْكَاناتنا وقدراتنا، لن نتردّد أبداً في الاستهداف لها.
نحن نسعى باستمرار إلى تطوير قدراتنا العسكرية، وعندما نتخذ القرار بمرحلة معينة، معناه: أنها توفرت لنا الإمْكَانيات التي يمكن أن نستفيد منها لتنفيذ ذلك القرار، إلى ذلك المستوى، وهكذا نحضِّر فيما بعد ذلك لتوسيع دائرة العمل، وتوفير الزخم اللازم بذلك المستوى، ونحضِّر ما بعد ذلك لما هو في إطار مدى أوسع، ومدى أكبر، يعني: من الآن نحن نفكِّر أَيْـضاً في المرحلة الخامسة، ونفكِّر أَيْـضاً في المرحلة السادسة، ولدينا خيارات مهمة جِـدًّا وحسَّاسة ومؤثرة على الأعداء، وليس هناك بالنسبة لنا أي خطوط حمراء يمكن أن تعيقنا أبداً، يهمنا فقط أمرين:
- الأول:هو الضوابط الشرعية الأخلاقية، نحن نلتزم بها في أعمالنا وعملياتنا.
- والثاني:هو مستوى الإمْكَانات والقدرات.
ولذلك نحن نسعى فيما يتعلق بتطوير القدرات، وتوفير الإمْكَانات، إلى أن نحقّق -إن شاء الله- أهدافاً كبيرة.
مظلومية الشعب الفلسطيني مظلومية كبيرة جِـدًّا، ومعاناة الشعب الفلسطيني معاناة عظيمة، وهناك مسؤولية إنسانية، وأخلاقية، ودينية، والعدوّ الإسرائيلي هو عدوٌّ للأُمَّـة بكلها، ويشكِّلُ خطورةً وتهديداً للأمن والسلم على المستوى العالمي، والدور الأمريكي معه هو دورٌ عدواني، وحشيٌّ وإجرامي، ومتغطرس، ومتكبر، ولا يعطي لأي قيم، أَو قوانين، أَو مواثيق، أي اعتبار أبداً؛ ولذلك العدوّ لا يعرف إلَّا لغة التخاطب بالقوة، التعامل بالقوة، الردع، الأُمَّــةُ بحاجة إلى أن تهتم بقوة الردع؛ ولذلك نحن نسعى إلى تطوير قدراتنا، منذ الآن نحن نفكر أَيْـضاً في تطوير القدرات، ونسعى، نفكر ونسعى عمليًّا للمرحلة الخامسة، سقفنا في المرحلة الرابعة سيقوى إن شاء الله، وسيحظى -إن شاء الله- بالزخم تدريجيًّا، وننتقل ما بعد ذلك إلى المرحلة الخامسة، ولدينا -كما قلت- خيارات استراتيجية حسَّاسة مهمة ومؤثرة على العدوّ، وإن شاء الله -بمعونة الله وتأييده- نصل إليها.
ليس هناك حسابات سياسية تؤثِّر علينا في مستوى موقفنا، بحمد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” ننطلق من منطلق ديني، وإيماني، وأخلاقي، وقيمي، وقرآني؛ لذلك لسنا ممن يخضع تحت عنوان المصلحة لمؤثرات الترغيب أَو الترهيب، كم عُرِضت علينا من الإغراءات، وكم وجِّهت إلينا من التهديدات، لكننا لن نكترث لها أبداً، ونحن نبني على الاستعداد لكل الاحتمالات.
ولذلك في ظل واقعنا هذا، الذي هو واقع تحرّر بحمد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، تحرّر ساعدنا على أن نتخذ الموقف اللائق، الذي ينبغي، لو اتَّجهت كُـلّ دولة عربية وإسلامية لتتبنَّى موقفاً بما يليق بها، بحجم المسؤولية، وتعاونت فيما بينها؛ لما حصل الذي يحصل أبداً، لتغيَّر الواقع بكله.
ولذلك نحن نقول في إطار هذا الواقع، وفي مقابل عدم تفعيل قدرات الدول العربية لما تمتلكه من إمْكَانات ضخمة، إمْكَانات متنوعة: إذَا رغبت أي دولة عربية أن نفعِّل تلك الإمْكَانيات التي في مخازنها، بدلاً من أن تبقى معرَّضة للصدأ، أَو تستخدم استخداماً خاطئاً، لاستهداف المسلمين هنا أَو هناك، أَو استهداف الشعوب، فنحن مستعدون لتفعيل تلك القدرات ضد العدوّ الإسرائيلي.
في هذا السياق أَيْـضاً نحن نشيد بموقف الدول العربية التي لم توافق للأمريكي على استخدام أراضيها في الاستهداف لبلدنا، الأمريكي حاول أن يمارس الضغط على بعض البلدان العربية؛ نظراً لوضعه الصعب في البحر، ليعوِّض عن ذلك استخدام أراضي دول عربية في العدوان على بلدنا، ودول إفريقية كذلك، فالبعض من البلدان العربية رفضت ذلك، ولم توافق للأمريكي على استخدام أراضيها لاستهداف بلدنا، نحن نشيد بهذا الموقف، ونتمنى من جانب الدول العربية أن تكون أكثر تحرّراً.
نحن أشرنا في الكلمة الماضية إلى التحرّر الذي تشهده الكثير من البلدان الأفريقية، الدول العربية بالأولى، لماذا تبقى خاضعة وخانعة للأمريكي؟! بل لماذا تتجه بعض البلدان العربية، بعض الحكومات والأنظمة والحكام، إلى أن يكونوا أكثرَ خنوعاً وخضوعاً للأمريكيين، وهروباً ليحتموا بهم؟! هذه عقدة شعور بالضعف كبيرة جِـدًّا.
من يرى نفسه أنه لا يستطيع أن يحمي نفسه إلَّا بالأمريكي، وأنه لن يطمئن أمام أي تهديد إلَّا بالاحتماء بالأمريكي، هذا شعور بالعاجز، بالضعف، بعض البلدان قد تتصور نفسها أنها بلدان قوية، ومتمكّنة، فليس عندها فكرة صحيحة، ونظرة صحيحة في كيف تكون في مستوى الحماية لنفسها:
- من خلالانتهاج سياسات صحيحة في محيطها العربي والإسلامي، بدلاً من السياسات العدوانية والسلبية.
- ومن خلالبناء قدراتها في ظل علاقة إيجابية مع الأُمَّــة الإسلامية، على المستوى الاقتصادي وغيره، هذا الذي يفيد أبناء أمتنا، بدلاً عن الارتهان أكثر والخضوع أكثر للأمريكي.
فيما يتعلق بالأنشطة الشعبيّة هي ممتازة، ونشطة، وكثيرة بحمد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، المسيرات والمظاهرات في الأسبوع الماضي بزخم أكبر من الأسبوع الذي قبله، وكان هذا مهماً مع إعلان المرحلة الرابعة من التصعيد، وقد بلغ الرقم الإجمالي لعدد المظاهرات والمسيرات إلى: (أربعة آلاف ومائتين وخمسين) مسيرة ومظاهرة.
أمَّا الفعاليات، والوقفات الشعبيّة، والوقفات الطلابية، والندوات، والأُمسيات، فهي: بأكثر من (ثلاثمِئة ألف) فعالية، ووقفة، وأمسية، وندوة.
في التأهيل العسكري، بلغ عدد المتدربين في التعبئة إلى: (مِئتين وستة وتسعين ألفاً)، يعني: يكاد أن يصل إلى قرابة (ثلاثمِئة ألف متدرب)، وهذا إنجازٌ جيِّــدٌ، وإن شاء الله يستمر الإقبال بشكل كبير حتى يصل إلى عدد كبير.
أيضاً هناك فيما يتعلق بالتعبئة في الجانب العسكري أنشطة متنوعة وكثيرة، بالمئات، من: مناورات، وعروض عسكرية، ومسير عسكري.
والاستمرار في الخروج المليوني الأسبوعي، حَيثُ أصبح ضمنَ الجدول الأسبوعي للملايين من أبناء شعبنا العزيز، وهذا شيءٌ عظيم، وشيءٌ مهم، وتجربة مهمة، يعني: الإنسان عندما يُدخِلُ ضمن اهتماماته الأسبوعية، كم لدى الإنسان من أعمال في أسبوعه؟ هو يذهب إلى السوق، هو يذهب لممارسة أعمال لكسب معيشته، أعمال ضمن مسؤولياته، في يومٍ من هذا الأسبوع يخرج في خروج مليوني، ضمن جدوله الأسبوعي، هذا الخروج خروج مهم جِـدًّا؛ لأنه -كما قلنا- جزء من الجهاد في سبيل الله، الإنسان إذَا انطلق من منطلق نيَّة الاستجابة لله، واتِّخاذ الموقف الذي يرضي الله، فهذا جزءٌ من جهاده.
ثم هو أَيْـضاً له أهميّة كبيرة جِـدًّا في ظل الموقف المكتمل لشعبنا، تكتمل حلقة المواقف: من عمليات عسكرية بحرية، من عمليات استهداف العدوّ إلى الأراضي الفلسطينية، من عمليات تبرع، ومقاطعة أَيْـضاً للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، وتبرع لصالح الشعب الفلسطيني… وهكذا بقية الأعمال والأنشطة، فالإنسان عندما يكون ضمن جدوله الأسبوعي: أن يخرج في رأس الأسبوع في يوم الجمعة، الذي له بركته، وفيه فريضة الجمعة، التي هي الصلاة الوسطى، ولها فضلها العظيم، في يومٍ مبارك، يومٍ عظيمٍ في الإسلام، يوم تضاعف فيه الأعمال، ضمن جدولك الأسبوعي تخرج في هذا اليوم خروجاً مشرِّفاً يرضي الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يغيظ الأعداء، يغيظ الكافرين، ويقهر المنافقين، هذا شيءٌ مهم جِـدًّا، أصبح ضمن جدول الأعمال والاهتمامات، هذا من التوفيق ومن الشرف، وهو أَيْـضاً مما يسهم في الارتقاء العملي، الإنسان إذَا استجاب لله في مستوى معين؛ يحظى أَيْـضاً بتوفيق ليستجيب في ما هو أكبر… وهكذا.
هو أَيْـضاً مما يسهم في الارتقاء العملي، وفي الموقف، هو جزءٌ من الجهاد، أجره عظيم، كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ}[التوبة: من الآية120].
كلما اتَّجه العدوّ إلى التصعيد؛ ينبغي أن نتَّجه إلى التصعيد أكثر، على كُـلّ المستويات والأنشطة، لا أن يقابل ذلك بتراجع في الأنشطة، أَو الاهتمامات؛ ولذلك فمعَ تصعيدِ العدوّ فيما يتعلق بمعبر رفح، وشرق رفح، والتهديد المتوقع على بقية رفح، يجب أن يكون التحَرّك على كُـلّ المستويات أكثر.
وفي هذا السياق أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج يوم الغد -إن شاء الله- خروجاً مليونياً في العاصمة صنعاء، وفي بقية المحافظات والمديريات، في الساحات المعتمدة، ليقولوا للشعب الفلسطيني في غزة، وفي كُـلّ فلسطين، ولأهالي رفح، وللنازحين في رفح: (لستم وحدكم، ومعكم حتى النصر).
نَسْألُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُعَجِّلَ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِي وَمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَاء بِالفَرَجِ وَالنَّصر، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصرِهِ، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصرِهِ، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.