رابعةُ التصعيد اليمانية.. ومصداقيةُ شعار الصرخة القرآنية
عبدالجبار الغراب
بترديده لشعار الصرخة القرآنية في وجه الطغاة والمستكبرين ولأول مرة وبشكلها العلني في مرانَ بمحافظة صعدة بمدرسة الإمام الهادي قبل أكثر من 22 عاماً انطلق الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- من خلالها في امتلاكه للهداية الربانية نحو كُـلّ ما يحقّق للشعب اليمني وللأمتين العربية والإسلامية أحلامهم وطموحاتهم على كافة الأصعدة والمستويات المختلفة، فجعل من أبواب التنوير الصحيح وفق مناهج وتعاليم الإسلام وبثقافة القرآن الكريم منطلقها الثابت والهام للسير نحو ترشيد المجتمعات، واضعاً بذلك مسالك وطرق عديدة لاتساع وانتشار هذه المفاهيم الصحيحة كالملازم الدينية وإلقاء المحاضرات وإنشاء المراكز الصيفية والصرخة بوجه قوى الاستكبار العالمي ومقاطعة البضائع والمنتجات الأمريكية والصهيونية، ومن المسار الديني والبناء التصحيحي نجحت كُـلّ المساعي الإيمانية الصادقة في إيجادها لمختلف الطاقات الممكنة لمواجهة كافة المخاطر والتحديات لقوى الشر والضلال الأمريكية، وبحروب ست شنها النظام السابق كأدَاة لتنفيذ الأجندة الاستكبارية على محافظة صعدة ورجالها الإيمانيين، وفشلهم في إخماد الصحوة التنويرية، التي أسسها الشهيد القائد لترتفع مصداقية الأقوال الإيمانية لشعار الصرخة القرآنية في وجه قوى الشر والاستكبار بأفعالها الواقعية والمشاهدة والمتصاعدة، وما للأحداث الجارية حَـاليًّا في قطاع غزة إلَّا إقرارها بمصداقية الشعار الموت لأمريكا ولـ “إسرائيل” والمساندة الكاملة من اليمنيين بالسلاح الفعال والمواقف الجماهيرية الداعمة المناصرة.
القرار التاريخي والاستثنائي وَغير المسبوق في تاريخ البشرية بإعلان اليمنيين مساندتهم العسكرية للفلسطينيين وبأفعالهم العسكرية الواقعية والتي أعطت ثمارها العظيمة في تكبديها للكيان الخسائر الفادحة، فارضين عليه الحصار ولجولات عسكرية تصعيدية عديدة بحسب تطورات الأوضاع الميدانية، وحتى بإنشاء الأمريكان لتحالف الازدهار لغرض حماية سفن وبواخر الكيان وترويجه للأكاذيب وخلقه للشائعات وتزويره للحقائق بتصويره للموقف اليمني بعدم ارتباطه وإسناده للفلسطينيين، إلا أنه كان للثبات اليمني على موقفه المساند لفلسطين استمراره التأثيري وبلوغه للذروة في تصاعد لعملياته العسكرية، ليتورط الأمريكان والإنجليز ويقعون في فخ الاستهداف اليمني المشروع رداً على عدوانهم، وبمعارك طاحنة وكبيرة في البحار والمحيطات أحرج بها اليمنيون أعظم قوى عالمية، ليزداد اعترافهم بصعوبة المواجهة بحرياً مع اليمنيين وأنهم لم يواجهوا مثلها منذ الحرب العالمية الثانية، ويصطدمون بالمفاجآت والتطورات والإمْكَانيات التسليحية الهائلة وبنوعية السلاح الصاروخي، والذي اعتبروه ماركة يمنية الصناعة والأول في الاستخدام لاستهداف السفن والبوارج والمدمّـرات الحربية، وُصُـولاً لإقرارها الصريح أنه بإيقاف الحرب في غزة سيتوقف اليمنيون عسكريًّا في البحر الأحمر والعربي، وهذا ما يدلل لفشل كُـلّ مساعيهم العدوانية في تصويرهم مواقف اليمن المساندة لفلسطين أنها لمصالح استثمار للحصول على شعبيّة أَو لمصالح وأغراض سياسية، وهو ما أكّـد عليه اليمنيون منذ البداية أنه بمُجَـرّد إيقاف الحرب على غزة ورفع الحصار ستتوقف العمليات العسكرية اليمنية في استهدافها لسفن الكيان الإسرائيلي.
تماشت القوات اليمنية في موقفها التصاعدي بحسب تطورات الأوضاع وما تتطلبه المرحلة من إخراجها للأوراق وبثلاثة مراحل كانت بدايتها بقصف الكيان الإسرائيلي في الأراضي المحتلّة بالصواريخ والطائرات المسيّرة واستهداف سفنه في البحرين الأحمر والعربي ومن أية دولة كانت متوجّـهة إلى موانئه وُصُـولاً إلى المحيط الهندي، صعوداً إلى إعلان المرحلة الرابعة من توسيع اليمنيين لدائرة الاستهداف للشركات والسفن المخترقة لقرار حظر الملاحة الإسرائيلية التي لها علاقة مع الكيان وتكون وجهتها لأي ميناء في الأراضي المحتلّة؛ أي حتى موانئه في البحر الأبيض المتوسط أَو لها ارتباط معه فهي معرضة للاستهداف في كُـلِّ بقعة تطالها أيادي القوات اليمنية معززة في ذلك لفرضها لمعادلات قوية وجديدة، وارتفاعها لزخم نوعيتها في الاستهداف والموثقة لأكثر من (163) من العمليات النوعية التي نفذتها القوات المسلحة ضد الكيان والقطع الحربية للأمريكان والإنجليز وبوارجهم ومدمّـراتهم والتي وصلت إلى (112) سفينة، لتغادر أغلب القطع العسكرية البحرية الأُورُوبية البحار لصعوبة مواجهتهم للتفوق العسكري البحري اليمني المتصاعد والمتنامي.
فالاستراتيجيات الموضوعة والخيارات العسكرية اليمنية الجاهزة كثيرة والقادمة أكبر فتكًا وإيلامًا، فأعطت الجولة الرابعة مضامينها القوية في صناعتها للإرباك للعدو وتعزيزها لموقف المقاومة الفلسطينية التفاوضي، ونوعيتها الأولى في الاستخدام لجيش دولة وغير المسبوقة حدوثها في تاريخ الصراعات العالمية وعلى مدى قرون، والتي لم يسبق لأية قوة أن فرضت قرارها وبهذا الشكل القوي في امتلاكها لإمْكَانياتها العسكرية، في منعها لكل ما يرتبط بالكيان من سفن تابعة أَو مرتبطة أَو مملوكة تعبر وتمر إلى موانئه من كُـلّ الممرات والبحار والمحيطات، فارضين عليه الإغلاق التام، ملحقين به كارثة كبرى اقتصاديًّا لم يسبق أن تعرض لها منذ نشأته المشؤومة، التي بانت ملامح زواله ظاهرة وقريبة بإذن الله.