المجتمعُ العربي.. وطاعونُ الترندات
زينب إبراهيم الديلمي
“عقدة التقليد الأعمى” حالةٌ نفسيّة تفردت بها مجتمعات يفترض بها أنّ تكون خير أُمَّـة أُخرجت للنّاس، وتبقى على أتمّ الجهوزيّة في اليقظة والوعي والتحصين من أية اختراقاتٍ شيطانيّة تأتي من أعداء الله والدين، عقدةٌ ابتليت بها أُمَّـة العرب التي ماتت غيرتها وحميّتها، واتجهت نحو التتبع في فضاءات الترندات التافهة، ربما يصل الحال إلى أن تتشاجر فيما بينها ويطغى عليها غليل الحسد؛ لإتقان ترندٍ ما عمل على إشعال مواقع التواصل، وألهى النّاس عن أولويّات الالتفاتة إلى قضاياهم الكبرى.
الترند الهندي.. فلك العرب الذي يسبح في غمراته ليلاً ونهاراً، ولا تكاد الآذان تخلو بسماع كلماته الصّاخبة ورنينه النّشاز، الذي أصبح طاعوناً خبيثاً يضرب جذور التخلّي عن مظلوميّة غزة التي من المفترض أن تكون ترنداً تحيي الغضب الشعبي العربي، ويستشعرون مسؤوليّة الدماء المسالة منذ ٧ أشهر، ومسؤوليّة كُـلّ دقيقة وثانيّة تزهق أرواح الشهداء.
والسؤال هنا: هل حقاً هذه أُمَّـة الإسلام التي أصبح همها الأول والأخير الركض وراء التفاهات التي تحط رحالها من قبل الغرب الكافر؟
هل هذه أُمَّـة القرآن التي اتخذت الترندات قضيتها ومنهجها بدلاً من قضيّة المظلومين في أصقاع الأرض، ومنهج القرآن العظيم الذي هو حبلهم المتين وطوق نجاتهم من الأخطار؟
هل هذه العروبة التي تُملي على منتسبيها أن يتجرّدوا من ثياب الهُــوِيَّة الإنسانيّة واستبدالها بوصمة التنصّل واللامبالاة؟
هل أصبح طاعون الترندات يُلازمهم فور توافد أي ترندٍ سخيف عبر نفاية تيك توك، الملاذ الذي يلجأ إليه الآلاف من السُّذَّج والتافهين والسطحيين، ومن لا يعنيهم دماء أطفال ونساء وشيوخ غزة ورفح وكل شبرٍ فلسطيني!!
إضافة إلى مبدأ المقاطعة للبضائع الأمريكيّة والإسرائيليّة التي اتخذوها أَيْـضاً ترندَ مؤقتاً يمتصّون غضب الأحرار لبرهة، ثم الإقبال إليها وشراءها وكأنّ المسألة مسألة تخدير مؤقت.
وخلاصة القول: إنّ الرياح الغربيّة التي تحمل في جعبتها مآل الضياع واشتهت سفن المجتمع العربي استقبالها بكل حفاوة، إنما هو السّقوط في وحل الخوض مع الخائضين أينما حلّوا وترحلوا، وهم بحق أُمَّـة ضحكت من جهلها الأمم!