الشعار.. من مَـــرَّان إلى أمريكا
دينا الرميمة
على ذات الغفلة التي وقعت فيها الأُمَّــة المحمدية تحت تأثير الإسلام الوهَّـابي، الذي حرف معالم وقيم الإسلام المحمدي الأصيل، وَجعله مُجَـرّد طقوس للصلاة والصيام، بعيدًا عن كُـلّ ما يرتقي بالأمة لتكون ذات حصانة ضد مخطّطات أعدائها، لتكون كما أراداها الله ورسوله خير أُمَّـة أخرجت للناس، وقسم الأُمَّــة إلى طوائف وَمذاهب فرقتها وجعلتها تعيش وضعًا مأساويًّا؛ تمهيداً لتنفيذ مخطّطات أعدائها الطامعين فيها، وعلى رأسهم أمريكا وَالصهيونية الذين تحَرّكوا بكامل ثقلهم سياسيًّا وعسكريًّا وإعلامياً وثقافياً؛ لتدجين أدمغة أبنائها وطمس هُــوِيَّتهم واحتلال أرضهم ومقدساتهم، والسيطرة التامة على حريتهم واستقلالهم.
وتحت عنوان الإرهاب تحَرّكت أمريكا لتنفيذ مخطّطاتها التدميرية وتشويه الإسلام!
ومع أن الشواهد تملأ مسمع الدنيا وبصرها أن الإرهاب ليس إلا صنعية أمريكية، تأكّـد ذلك من خلال تصديها لكل من يحاول محاربته، إلا أنها استطاعت اختراق بعض أبناء الأُمَّــة ممن سارعوا بالولاء لها وللصهيونية، وتحَرّكوا لجر بقية أبناء الأُمَّــة ليكونوا على شاكلتهم، مع معاداتهم لكل من يرفض أن يحذو حذوهم، ولعل هذا هو أسوأ ما وقعت فيه الأُمَّــة من التبعية والولاء لأعدائها؛ خشية أن تصيبها دائرتهم.
وفي أقاصي شمال صعدة كان السيد حسين بدر الدين الحوثي، يتابع عن كثب الأحداث وواقع الأُمَّــة، ويسقطها على آيات القرآن الكريم التي هجرها الناس، وهي الفاضحة لخطط أعداء الله ورسوله على الأُمَّــة، والتي تحرم التولي لهم، ومن رؤية قرآنية قدم للأُمَّـة مشروعاً قرآنياً جديراً أن ينجي الأُمَّــة من دائرة اليهود والنصارى، ويجعلها في منأى من الوقوع تحت إثم التولي لهم، ومن هذه الآيات اشتق شعار البراءة من اليهود وأمريكا كسلاح معبر عن حجم السخط عليها، ومن شأنه تدمير مخطّطاتها القذرة التي تهدّد الأُمَّــة.
لكن ما إن وصلت تلك الكلمات إلى مسمع السفير الأمريكي آنذاك في اليمن حتى علم مدى خطورة هذه الكلمات على مصالح بلده، وأمر السلطة آنذاك أن تسكت هذا الصوت قبل أن يصبح منهجاً لكل أبناء الأُمَّــة وخطراً يعيد أمريكا إلى نقطة الصفر، ومن فورها السلطة لبت أوامره، وهي الطائعة لكل ما يقوله والتي لا تمرر أي قرار يمني إلا بعد مواقفته، بمعنى أنها جعلت من اليمن تابعة لأمريكا وتحت هيمنتها، وهذا ما أدركه السيد حسين وغفل عنه اليمنيون.
حينها أرسلت السلطة الرسل للسيد حسين تأمره بالتوقف عن ترديد هذا الشعار، تحت ذريعة أن عليها ضغوط من أمريكا، ولم يكن رد السيد إلا رد من يرى أنها المسؤولية أمام الله بأنه «إذا كانت عليكم ضغوطات من أمريكا فنحن علينا ضغوطات من الله وإن لم ننصر دين الله بكلمة فبماذا سننصره؟».
وعلى إثر هذا الرد توجّـهت السلطة بكامل ثقلها العسكري لمحاربة السيد حسين وأتباعه؛ فواجهوها بكل إيمان، رغم ضآلة ما يملكونه من السلاح العسكري، لكنهم وبثقل إيمَـانهم هزموها، فلجأت إلى القبائل لأقناع السيد حسين بالصلح، وبهذا تمكّنوا من قتل السيد حسين والكثير من أهله وأتباعه، وبذلك ظنت أمريكا والسلطة أنهم قد وأدوا الخطر الذي كاد أن يعيق مشاريعهم.
لكنهم ما علموا أنها بداية النهاية لأمريكا التي على الرغم مما مارسته من حرب تشويه على أتباع السيد حسين، إلى جانب الاعتقالات والحروب إلا أن الوعيَ الذي تركه فيهم الشعارُ والمشروعُ القرآني كان أكبرَ من كيدها وبطشها، أخرجها تجر أذيال خيبتها من اليمن، لتأتي بأيد أُخرى تنوب عنها لمحاربة المشروع القرآني علها تعود إلى سابق عهدها على رأس اليمنيين، لكنها لم تكن إلا هزيمة أُخرى لحقت بأمريكا وجعلت من اليمن أقوى.
هزمتها مجدّدًا في البحر ضمن معركة الفتح الموعود، التي دخلتها اليمن نصرة لغزة، وباتت صرخات الحناجر، التي خشيتها أمريكا يوماً ما صرخات للمعابر والصواريخ والمسيّرات، التي كسرت هيبة أمريكا وتكنولوجيتها، وَحطمت كيدها على الأُمَّــة.
وبالنظر إلى ما يعيشه العالم اليوم من أحداث؛ نتيجة حرب غزة، التي خلقت وعياً لدى الشعوب حول خطر الصهيونية على العالم، فخرجوا غاضبين عليها وعلى دولهم الداعمة لها، مردّدين شعارات ضد الصهيونية وَأفعالها، يتأكّـد لنا أن تلك الكلمات التي تتردّد في كُـلّ العالم وعلى رأسه أمريكا ما هي إلا وعد السيد حسين لأتباعه «أصرخوا وستجدون من يصرخ معكم في اليمن ومناطق أُخرى».
إذن هي الصرخة تؤتي ثمارها، وتنتصر، ليس فقط للأُمَّـة إنما للبشرية جمعاء، وإن كانت بكلمات أُخرى، لكنها تحمل نفس المعنى والهدف.