كيف تستعيدُ الأُمَّــة العربية والإسلامية قوتها وعزتها؟
ق. حسين بن محمد المهدي
إن أكبر خطر أصاب العرب والمسلمين عبادتهم للأهواء، وتعدي الحدود وانتهاك الحرمات، والتهرب من أداء الواجبات والحقوق، وإصرار الزعماء على طاعة عدوهم والانحراف بالسفينة التي تقلهم بكل ما فيها من رصيد حضاري ومحصول فكري، وإنتاج علمي وفلسفي.
إن السفينة التي يقودها زعماء العرب لم تغرق أبدًا لقلة المدارس والجامعات وفقدان التعليم العالي أَو من قلة المال؛ فأرضهم مليئة بالثروات، وهناك مئات الآلاف من الدكاترة والعلماء، بل؛ لأَنَّ الضعف والوهن أصابهم، وتوهم أن الصهيونيةَ قادرةٌ على العبور بهم أفقدهم الرشد والرؤية الصحيحة وكأنهم في حيرة يتخبطون.
إن القضية الكبرى أن تسير سفينة العروبة إلى بَرِ الأمان وشاطئ النجاة، ولكن؛ لأَنَّ ربانها من الزعماء والساسة أُصيبوا باليأس وسوء الظن بالله وبالفطرة الإسلامية والإنسانية القادرة على إخراجهم من الحيرة والضعف لم يدركهم الرشد حتى هذه اللحظة، والشاهد على ذلك، ما يحصل في قمة العرب٣٣ في البحرين.
إن الإسلام جعل مبادئه وأحكامه وقيمه وأخلاقه على أَسَاس مصلحة المجتمع كله في جميع أجناسه وطوائفه، فإذا حرفت هذه القواعد لمصلحة الزعماء مثلاً نالت هذه الطبقة مصلحة وقتية ودخل النقص على المحكومين، ومن ثم على المصلحة العامة، مصلحة المجتمع الإسلامي كله.
إن مبادئ الإسلام وقواعده وأحكامه أبدية لا يجوز تحريفها والتلاعب في تطبيقها، هذا إذَا أراد المسلمون العزة والنفع والغلبة.
وقد أخذ الله على العلماء المواثيق بعدم الكتمان والتحريف، فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئك يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ).
لقد جاء الإسلام فأعلن مبدأ وحدانية الربوبية، ووحدة الجنس البشري، ووحدة الأُمَّــة الإسلامية، قال تعالى: (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّـة واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ).
فالوحدة الإسلامية هي الحل، فلو أن الزعماء استجابوا لقوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جميعاً وَلا تَفَرَّقُوا) وقوله سبحانه: (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ).
فما الذي يمنعهم من أن يعلنوا في مؤتمرهم الوحدة الاندماجية أَو الفدرالية أَو الكونفدرالية.
فتوحد الجيوش العربية تحت قيادة واحدة يجعلها قادرة على حماية أي قطر يعتدى عليه، ولو كان ذلك موجوداً لما اعتدت الصهيونية اليهودية على أرض فلسطين وعاثت في الأرض فساداً.
إنهم لو انضووا تحت لواء القرآن لكانت لهم العزة والنصر، والمسيرة القرآنية قادرة على العبور بهم إلى بر الأمان بقيادة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- إنهم لا يريدون خليفة هاشمياً قرشياً، لقد نقضوا عروة الإسلام الأولى كما أخبر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: “لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الْإسلام عُرْوَةً عُرْوَةً، فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا، وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ، وَآخِرُهُنَّ الصَّلَاةُ”.
فهل من سبيل إلى العودة إلى مبادئ الإسلام وأحكام الدين الحنيف؟
هذا زمن الجد، وزمن كشف الحقائق، فخذوا بالنصيحة قبل فوات الأوان، ولا تكونوا كمن قال الله فيهم: (وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ).
فسارعوا إلى الوحدة وإلى نصرة فلسطين تنصروا وتؤجروا.
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).