أُخوَّةُ الإيمان والاعتصامُ بالقرآن
ق. حسين بن محمد المهدي
مما لا ريبَ فيه أنه من لازمِ أُخوَّة الإيمان والاعتصام بالقرآن التعاوُنُ والتراحم والتناصح والتآلف “فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يُسْلِمُه” وقد جاء في القرآن الحكيم: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئك سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
إن من مقتضى ولاية المؤمنين بعضَهم ببعض هو التناصُحُ والتناصر والتصالح؛ ففي سورة الحجرات يقول الحق سبحانه: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) وفي سورة الأنفال (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
إن ولاية المؤمنين تربط المسلمين بعضهم ببعض؛ فالقرآن مصرح بوجوب نصرة عامة المسلمين ببعضهم، فإذا حصل اعتداء على إقليم إسلامي اعتبر ذلك الاعتداء على المسلمين جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها؛ فكيف وقد احتلت الصهيونية فلسطين والأقصى الشريف فالنصرة هنا واجبة، والتثاقل عنها نفاق لا يجوز السكوت عليه.
إن دأب المنافقين هو التذبذب والمخادعة في المواقف كما أخبر القرآن عن ذلك (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإذَا قامُوا إلى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قليلًا، مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إلى هؤُلاءِ وَلا إلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً).
حياد المنافقين في المعركة الدائرة بين أهل الكفر وأهل الإيمان واضح.
إن منع إذلال المسلمين من أهم الواجبات على الدول الإسلامية وأن تسعى إلى نصرة المستضعفين في فلسطين، فلا يصح، ولا يجوز أن يوالى من أخرج المسلمين من ديارهم كالتطبيع..، بل الواجب هو القتال والنصرة (وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً).
إن من ظاهَرَ على إخراج المسلمين من ديارهم وتعاوَنَ مع الصهيونية فقد خرج عن مقتضى أوامر الله ونواهيه.
وكم نرى من الكفار من يتخذ أرض المسلمين مغنماً وقاعدة تكون مسترداً لجيوشهم ينقض منها على المسلمين، فتكون أرض الإسلام طعمة للنيران، ووبالاً على الإسلام والمسلمين.
إن من البلاء الذي أُصيب به بعض الساسة من الملوك والرؤساء والأمراء أن أعطوا الثقة في رسم سياسة بلدانهم لغير المسلمين فكأنهم أسلموا زمام بلدانهم للصهيونية والإلحاد.
وكأنهم لم يصيخوا أسماعهم لقول العزيز الحكيم: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أكبر قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ، ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإذَا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ).
فقد آن الوقتُ لهؤلاء أن يعيدوا حساباتهم وأن يتصالحوا مع الله ومع إخوانهم، وأن يوقفوا نيران حروبهم على إخوتهم ويوجهوا السهام تجاه الصهيونية التي تحتل أرض فلسطين قبل فوات الأوان.
لقد أفزع المؤمنين نبأُ هبوط الطائرة التي تقل الرئيس الإيراني وبعض الوزراء الإيرانيين اضطرارياً، نسأل الله أن يحفظهم بحفظه وأن يمتعهم بالصحة والعافية، فهم للإسلام نصر، وللمسلمين عون، وللأُمَّـة الإسلامية ذخر، فلهم القدح المعلى، واليد الطولى في نصرة الإسلام والمسلمين وقضية فلسطين خَاصَّة، جعلها الله في حسناتهم.