تجلِّياتُ مفاعيل الصرخة في الواقع المعاش (٢-٢)
سند الصيادي
ليس بخفي أن الشعارَ انطلق في مرحلة حرجة كان يعيشها اليمن والعالم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م، وبقدر ما كان مهمًّا لليمنيين في معالجة أزماتهم الداخلية فقد كانت المضامين التي يصدرها الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، تتجاوز حدود اليمن في ندائها وحرصها ومخاوفها.
لقد حاول السيد حسين بدر الدين الحوثي، بمنهجية القرآن وبهذا الشعار أن يجمع الفرقاء حول القضية المحورية للأُمَّـة فلسطين، كما أراد تنبيهَ الأُمَّــة بالمخطَّطات الأمريكية والاستعداد لمواجهتها، لم يكن مُجَـرّد شعار مرحلي بتأثير اللحظة التي انطلق فيها، بل بقراءة سابقة ولاحقة متأنية وَبعيدة المدى، وبقدر ما فطن إلى المشروع الأمريكي والصهيوني وَمراميه الخبيثة فقد استشعر حاجة الأُمَّــة إلى التحَرّك في مشروع يعالج وضعيتها وبنيتها لتكون في مستوى مواجهة التحديات المحيطة بها، وهذا ما حدث على مستوى التحذيرات؛ إذ شهدت المنطقة العربية أحداثاً وَموجة تحولات كبرى أليمة ومؤسفة بفعل السياسات الأمريكية، ولا تزال وتيرتها الآن شاهدًا على صدق التنبؤات.
ونحن نقف على تجليات ظهرت في الواقع المعاش راهناً للصرخة، نشير إلى أنه كان ثمن هذه الصحوة التي تأخرت بفعل الحروب مكلفاً لليمن برمتها، خُصُوصاً بعد العدوان الخارجي المباشر الذي لفت انتباه العامة إلى عظمة المشروع وخطورته على الأعداء، غير أن جرعات الوعي والعزيمة التي تشربها اليمنيون من هذه المنهجية التي راوا فيها استعادة لحضورهم التاريخي ساهمت في ثباتهم أمام الموجة رغم حرب السنوات التسع، وعلى خلاف كُـلّ العمل العكسي الممول والمجند له كُـلّ الإمْكَانات فقد خسر العملاء شعبهم، وفشلت أمريكا في حمايتهم، ووأد هذه الصرخة، التي امتدت وتعاظمت وتجذرت ووصلت أصداؤها إلى مسامع الدنيا بكلها، وَكان من مخرجاتها هذه اللوحة المميزة والمتكاملة التي يظهر بها الشعب اليمني في مساندة الشعب الفلسطيني بموقف مميز وَمتكامل.
“اصرخوا وستجدون من يصرخُ معكم في أماكن أخرى”، قبل ٢٣ عاماً قالها القائد الشهيد حسين بدر الدين، أمام العشرات من رجاله في مدرسة ريفية بصعدة، وجيش النظام يحيط به من كُـلّ جانب، ولا أفق يدعو للتفاؤل، كان يعلم أنه نجح في تشخيص المرض، وَتبقى لاحقًا أن تعزز الأحداث والانحدار الأمريكي والتوحش الصهيوني هذه القناعة في قلوب وعقول العامة والخَاصَّة، وبأن اتّجاه الأُمَّــة إلى معادَاة عدوِّها الفعلي سيجعلها تدرك الحلول، وَأهميّة الخطوات والمواقف والمشاريع الصحيحة.