رئيسي.. خسارةُ الأُمَّــة الإسلامية
علي الدرواني
على أَثَرِ الحادِثِ القاسي الذي تعرضت له مروحيةُ الرئيس السيد إبراهيم رئيسي ورفاقه، أعلنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية خبرَ رحيله المؤلم، وتابع الجميع حالة الألم الذي عَمَّ الشارع الإيراني الذي ظلّ طوال الساعات الماضية منذ تداول خبر الهُبُوط الصعب للطائرة، في حالة من الدعاء والتضرع إلى الله –سبحانه- بسلامة الرئيس ورفاقه، في المساجد والحسينيات والشوارع، انتهت بصدمة لم تكن سهلة أبدًا على هذا الشعب الكريم.
جاء هذا الحادث ليكشف عن محبة عظيمة حازها القائد الشجاع في عموم الشارع الإيراني؛ فقد كانت أرواحهم ودموعهم تسابق فرق الإنقاذ التي اتّخذت طرقًا برية وعرة مشيًا على الأقدام وسقط غابات جبلية، بعد فشل الوسائل الجوية في كشف أَو تتبع مكان سقوط الطائرة؛ نتيجة ظروف جوية قاسية وطقس ماطر، وانعدام الرؤية.
مكانة إيران الإقليمية والدولية أَيْـضاً انعكست على مستوى المتابعة الدقيقة لتفاصيل الإنقاذ وعرض المساعدة وإرسال الطواقم ووسائل البحث والاستكشاف من قبل عدد من الدول، مع حالة الترقب والقلق التي أعربت عنها البيانات الرسمية في أغلب دول المنطقة والعالم.
السيد إبراهيم رئيسي كان بحق شخصية لها حضورها الملفت في عدد من المحافل الدولية والإقليمية، وكان له العديد من الإنجازات التي تحدث عنها الشعب الإيراني، على المستوى المحلي، وكذلك على مستوى علاقات إيران بدول وشعوب المنطقة، والتي أخذت في التنامي والتطور، سواء مع دول الجوار، أَو مع الدول ذات الشراكات الاقتصادية والتنموية والسياسية والاستراتيجية.
إن حضور هذا القائد الشجاع في المحافل الدولية، لا سِـيَّـما تلك المتعلّقة بالقضية الفلسطينية، تجعله أشجعَ قائد، وأكثرَهم صراحةً ووضوحًا وقوة، في تبنِّي الدفاع عن الشعب الفلسطيني، من بين كُـلّ نظرائه الذين استمعنا إليهم، سواء في قمة الرياض المشتركة بين الجامعة العربية والمنظمة الإسلامية، أَو في الأمم المتحدة.
لقد كانت جهودُه واضحةً في الحرص على النهوض بالأمة الإسلامية، وتقليص الفجوات في ما بينها، وإشاعة أجواء الوئام، وتوحيد القرار الإسلامي، وخطت الجمهورية الإسلامية في فترة رئاسته خطوات كبيرة، في إصلاح العلاقات وجذب الخصوم، وطمأنة بعض المتردّدين، والأمثلة في هذا الجانب أكثر وضوحًا من غيرها.
وقد كان رفيقُ رحلته الأخيرة، الدكتور أمير عبدالله يان، أَيْـضاً، وهو الذي يرأس الدبلوماسية الإيرانية للرئيس الراحل السيد إبراهيم رئيسي، مثالًا للنشاط والحركة التي لم تتوقف، وهو يتنقل بين العواصم مع بدء (طوفان الأقصى)، مؤكّـداً على موقف الجمهورية الإسلامية في دعم الشعب الفلسطيني، وباحثًا عن توحيد وجهات النظر مع كُـلّ دول المنطقة، العربية والإسلامية، فتنقل بين بغداد والرياض والدوحة ودمشق ومسقط وبيروت، وغيرها، وانتقل إلى موسكو وبكين؛ لحشد الدعم للقضية الفلسطينية ومقاومة فلسطين وشعبها.
إن كُـلّ ما قام به الرئيس السيد إبراهيم رئيسي طوال فترة رئاسته الممتدة بين 3 من آب/أغسطُس 2021 إلى يومنا هذا 20 من مايو 2024، كلها تقول إنه لم يمثل خسارة للجمهورية الإسلامية في إيران، كرئيس ثامن، فقط، بل كان خسارة للأُمَّـة الإسلامية جمعاء، ولا نملك إلا أن نشاطر الشعب الإيراني كُـلّ مشاعر الحزن والألم لهذا الفقد القاسي، وهذه الخسارة الكبيرة. رحم الله السيد رئيسي، والدكتور عبدالله يان ورفاقهما، وأنزل الله سكينته على السيد الإمام علي الخامنئي وقيادات الشعب الإيراني في الحكومة وكلّ مؤسّسات الجمهورية الإسلامية.