مستقبلُ الوَحدة اليمنية في ظل الأحداث والمتغيرات الدولية
محمد صالح حاتم
يوم 22 مايو 1990م، علامة فارقة في تاريخ اليمن الحديث، وتاريخ الأُمَّــة العربية بشكل عام، والذي تمثل في إعلان إعادة الوحدة اليمنية، إلى شكلها الطبيعي.
اليوم.. ونحن نحتفل بالذكرى الرابعة والثلاثين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية، والتي تعد مفخرة لنا نحن اليمانيين؛ لأَنَّنا استطعنا إعادة الوحدة، بل والحفاظ عليها، رغم المؤامرات التي سعت لإفشالها في حينه، أَو فيما بعد..
ولا زالت الوحدة حتى اليوم، تواجه المخاطر والتهديدات الخارجية، والمصالح الشخصية الضيقة الداخلية، والتي تسعى لتمزيق الوطن من جديد.
فاليمن على مر التاريخ لم يكن له مكانته، وقوته، واستقراره إلا في ظل الوحدة.. فالحضارة اليمنية سبأ أَو معين أَو قتبان أَو حضرموت وغيرها، كانت في ظل دولة واحدة..
بعد 34 عاماً من إعادة الوحدة، وفي ظل العدوان والحصار منذ تسعة أعوام، تواجه بلادنا تحديات كبيرة، ومنها مستقبل الوحدة واستمرارها..
خُصُوصاً في ظل احتلال جزء من أرض اليمن من قبل السعوديّة والإمارات، اللتَين تسيطران وتتحكمان في المحافظات الشرقية والجنوبية، وأجزاء من تعز.. وتقومان بنهب ثرواتها.
وهو بمكانة تقسيم أَو خيار صعب.. إما أن تقبل بشروطنا أَو التقسيم والتمزيق للوطن هو الخيار الأخير، والذي تسعى له دول تحالف العدوان، وعلى رأسها بريطانيا والإمارات..
وبشكل واضح ومعلن، وممثل في المشروع البريطاني القديم المتجدد، ما يسمى «الجنوب العربي»، والذي تدعمه الإمارات، وينفذه ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي..
إن الخطر الأكبر على الوحدة اليمنية يأتي من طول أمد اللاسلم واللاحرب.. وزرع الثقافات التشطيرية، عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتنفيذ الأجندة الخارجية تدريجيًّا..
وكلها منبعها ومصدرها بريطانيا، عبر أياديها وأذنابها القدامى والجدد، التي زرعتهم في جسد الجمهورية اليمنية.
دعاة التشطير هدفهم تمزيق اليمن لإبقاء باب المندب وميناء عدن تحت سيطرتهم، ونهب ثروات المحافظات الجنوبية، والاعتراف بـ “إسرائيل” والمرحب به من قبل المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، والمسكوت عنه من قبل بقية أعضاء المجلس الرئاسي المدعوم سعوديًّا، فكل فصيل يتبع أجندةَ وسياسةَ داعميه.
لكن.. هذا الهدف بات من المستحيلات، بعد الأحداث والمتغيرات الأخيرة، في المنطقة.. وبعد معركة (طوفان الأقصى)، التي أفشلت مشاريع تم التخطيط لها منذ عقود.
فما يدعو للتفاؤل، وبأن الوحدة اليمنية في أمان وأن لا خطر عليها، هو معركة (طوفان الأقصى) ومشاركة القوات المسلحة اليمنية في الدفاع عن أبناء غزة، وإغلاق باب المندب أمام السفن الإسرائيلية أَو السفن المتجهة نحو الموانئ الفلسطينية المحتلّة.
وهذا ما يجعل العالم يعيد التفكير أكثر من مرة في أن بقاء الوحدة اليمنية ضرورة؛ بهَدفِ الاستقرار السياسي في اليمن، والمرتبط بالاستقرار في المنطقة العربية بشكل عام.
فليس من مصلحة أمريكا ولا بريطانيا تقسيم اليمن، بعد التطورات الأخيرة، وامتلاك القوات المسلحة اليمنية في صنعاء القدرة للسيطرة على باب المندب والبحر الأحمر، وما هو أبعد من ذلك.
وهذا يتطلب العمل على إحلال السلام في اليمن، وخروج كُـلّ القوات العسكرية الأجنبية من الأراضي اليمنية، وإعلان حكومة يمنية واحدة ونظام حكم واحد يسيطر على كُـلّ التراب اليمني، ودعمها دوليًّا وعالميًّا.. وهذا هو الخيار الوحيد أمام دول العالم.