ثمرةُ المشروع القرآني في التربية الإدارية

عدنان عبد الله الجنيد

الحمد لله القائل: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) النجم الآية 5.

قدِّم السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (12) درساً متعلقة بإدارة شؤون الأُمَّــة في الإسلام، وفق هدي الله سبحانه وتعالى، وتوجيهاته وتعليماته، وذلك بالاستفادة من عهد الإمام علي -عليه السلام- لمالك الأشتر حين ولَّاه مصر؛ وذلك؛ باعتبَار ذلك العهد وثيقة مهمة قدَّمت المهام، والمسؤوليات، والضوابط، والمعايير لإدارة شؤون الأُمَّــة في كُـلّ مواقع المسؤولية، وكلّ وظائف الدولة التي يكون الإنسان فيها مسؤولاً أَو موظفاً في الدولة ومسؤولاً عن أي مجالٍ من المجالات، أَو أي مستوى من المستويات، ولقد أثمرت التربية الإدارية كما أثمرت الدورات الصيفية، ولما لها من أهميّة في تأصيل مفهوم الصراع مع العدوّ الصهيوني الذي يسعى إلى إفساد الكادر الإداري في مؤسّسات الدولة، وقد أثمر المشروع القرآني في بناء وإعداد الكادر الإداري وفق معايير وتعليمات إلهية نوجز بعض منها:

 

1- رؤية قرآنية تعبِّر عن منهج الله الحق:

تضمنت وثيقة عهد الإمام علي -عليه السلام- لمالك الأشتر رؤية قرآنية تعبِّر عن منهج الله الحق فيما يتعلق بإقامة القسط، وكلّ ما يتعلق بالسياسات، والتوجيهات، والضوابط، والمعايير التي ينبغي أن يلتزم بها الإنسان في أي موقع من مواقع المسؤولية، وأية وظيفة من الوظائف في الدولة، وبالتالي فَــإنَّ الجميع بحاجةٍ إلى معرفة هذه الرؤية القرآنية، لا سِـيَّـما وأن الإمام علي -عليه السلام- الذي قال عنه رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله: (عليٌّ مع القرآن، والقرآن مع عليّ)، قد قدَّم من خلال القرآن الكريم، وهدي الله سبحانه وتعالى، محتوى هذه الوثيقة المهمة.

 

2- تقوى الله سبحانه وتعالى:

إن الالتزام بالتقوى له أهميّة كبيرة جِـدًّا في أن يمنحنا الله النور، والبصيرة، والفهم الصحيح، وهذا له أهميّة كبيرة في السلوك، وفي التصرف في العمل، حَيثُ تأتي ثمرة ذلك إلى الواقع العملي، فتكون التصرفات والقرارات مبنية على رؤية صحيحة، وفهم صحيح.

3- ترسيخ العبودية لله سبحانه وتعالى:

إن المنطلق الأَسَاس لأداء المسؤولية في الدولة، والحكومة، هو منطلق العبودية لله “سبحانه وتعالى”، فالعلاقة مع الله “سبحانه وتعالى” هي من أول وأهم ما ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار في أداء المسؤولية، يقول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في الإسلام، في منهج الإسلام، وفي تربية الإسلام، يرسِّخ الإسلام لدينا النظرة إلى المنصب، إلى المسؤولية العامة، إلى الموقع الذي نكون فيه في موقع مسؤولية لإدارة شؤون الناس، في أي مستوى من المستويات، أنه وظيفة عبودية، عليك فيها التزامات إيمانية، تؤدِّي فيها ما تؤديه كقربة إلى الله سبحانه وتعالى، وكعمل صالح، عليك فيه التزامات بضوابط معينة، بمعايير معينة، وأن تكون أَيْـضاً ملتزماً فيما يتعلق بالحلال والحرام… وغير ذلك.

وهذا مهم على المستوى النفسي والتربوي، على المستوى النفسي والتربوي، أنَّ الإنسان في موقع المسؤولية مهما كان منصبه: رئيساً، أَو ملكاً، أَو وزيراً، أَو مديراً… أَو في أي موقع من مواقع المسؤولية، في أي مستوى من مستويات المسؤولية، يجب أن يرسِّخ في نفسه على الدوام أنه عبد، عبدٌ لله سبحانه وتعالى، عليه أن يخضع لله، أن يطيع الله، أن يلتزم بأمر الله سبحانه وتعالى.

 

5- السيطرة على النفس:

تعد السيطرة على النفس من أهم ما يؤخذ بعين الاعتبار في أداء المسؤولية؛ ذلك؛ لأَنَّ كَثيراً من الأخطاء، والتصرفات السيئة، والممارسات الخاطئة والظالمة يكون منبعها في معظم الأحيان هو هوى وشهوات ورغبات النفس.

ففي موقع المسؤولية من أهم الأشياء: أن يسعى الإنسان للسيطرة على رغبات نفسه، على شهوات نفسه؛ حتى لا تؤثر عليه في عمله، فيتجه بدافع هوى النفس، ورغبات النفس، وشهوات النفس للعمل وفق هوى نفسه، لتلبية رغباته الشخصية، وليس لمصلحة العمل، وليس لأداء المسؤولية بشكلٍ صحيح.

 

6- الناسُ هم ميدانُ المسؤولية:

إن ميدان المسؤولية هم الناس، ولذلك يجب أن يدرك الإنسان جيِّدًا أن مسؤوليته تتعلق بالناس، لا سِـيَّـما وأن المسؤولية في الدولة، والحكومة، وفي أي منصب من المناصب هي مسؤولية تجاه الناس، يقول السيد القائد: الإنسان عندما يتحَرّك إلى موقع المسؤولية، فليدرك جيِّدًا أنَّ مسؤوليته تتعلق بالناس، المسؤولية في الدولة، المسؤولية في الحكومة، في أي منصب من المناصب، في أي موقع من مواقع المسؤولية، هي مسؤولية تجاه الناس، وميدان المسؤولية هم الناس.

وقد أثمرت هذه التربية في بناء الدولة اليمنية الحديثة، ومراحل التغيرات الجذرية أولها إغلاق باب المندب وإعادة البحر الأحمر إلى الحضن العربي في نصرة الشعب الفلسطيني وُصُـولاً إلى المرحلة الرابعة من التصعيد؛ لأَنَّ الركيزة الأَسَاسية للتغييرات الجذرية هو القضاء على الهيمنة لدول قوى الاستكبار العالمي أولاً وتحرير الثروات المنهوبة وتصحيح السياسات المالية وسيادة الأمن والاستقرار.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com