المقاومة الفلسطينية تُعيدُ العدوَّ إلى نقطة الصفر: أَسْــــرُ جنود صهاينة وقصفُ تل أبيب
المسيرة: خاص:
صدمت المقاومةُ الفلسطينيةُ جيشَ العدوّ الإسرائيلي، السبت، بضربةٍ نوعيةٍ استثنائيةٍ تمكّنت فيها من أسر عدد من الجنود الصهاينة في كمينٍ مركَّب؛ الأمرُ الذي أعاد العدوَّ إلى نقطة الصفر التي يحاول منذ ثمانية أشهر تجاوُزَها من خلال عملية الاجتياح التي وضع لها أهدافًا رئيسيةً تتمثل في استعادة أسرى السابع من أُكتوبر، والقضاء على المقاومة، حَيثُ برهنت عملية الكمين أن هذه الأهدافَ ليست مستحيلةَ التحقّق فحسب، بل إنها أصبحت عناوينَ للمزيد من الهزائم والصفعات المُذِلَّة التي تكرِّسُ حتميةَ هزيمة جيش الاحتلال وتثبيت معادلات النصر والتحرير التي أرستها المقاومةُ في اليوم الأول من المعركة الأخيرة.
العمليةُ المركَّبة التي أعلنها الناطقُ باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، أبو عبيدة، بعد منتصف ليل السبت -الأحد، نُفِّذت شماليَّ قطاع غزة؛ وهو ما يمثّلُ صفعةً مستقلةً لجيش العدوّ الذي كان قبل أشهر قد اعتبر أنه تخلص من المقاومة فيها، وحتى عندما عاد إليها لاحقًا زعم أنه يعمل فقط على ضمان “عدم قدرة حماس على إعادة بناء قدراتها” لكن هذه العملية، وغيرها من العمليات النوعية التي شهدتها جبهة شمال القطاع خلال الأسابيع الماضية أكّـدت بكل وضوح أن قدرات المقاومة لم تتأثر أصلًا حتى يعادَ بناؤها، وأن جيش العدوّ يبني حساباتِ “إنجازاته” العسكرية على حجم تدميره للمنازل والمنشآت الخدمية وقتلِهِ للمدنيين لا أكثر.
وبحسب “أبو عبيدة” فقد تم خلالَ العملية المركَّبة استدراجُ قوة صهيونية إلى أحد الأنفاق، ثم مهاجمتُها وتفجيرُ النفق، وإيقاعُ أفرادها بين قتيل وجريح وأسير، مع الاستيلاء على عتادها والانسحاب بسلام.
وقد وزَّع الإعلامُ العسكري لكتائب القسام لقطاتٍ لقيام مجاهدي المقاومة بسحب أحد الجنود الصهاينة الأسرى، كما وزع صورًا للعتاد العسكري الذي تم اغتنامه.
العملية مثَّلت ضربَةً قد تكون هي الأكبر معنويًّا واستراتيجيًّا لجيش العدوّ منذ السابع من أُكتوبر؛ فالعدوّ الصهيوني بنى اجتياحه لغزة والإبادة الجماعية التي يمارسها منذ ثمانية أشهر على أهداف رئيسية معلَنة تتلخص في: تحرير الأسرى، والتخلص من المقاومة، وبالتالي فَـــإنَّ تمكُّنَ المقاومة من أسر المزيد من الجنود الصهاينة يُمَثِّلُ نسفًا تامًّا لهذَين الهدفَينِ، وتأكيدًا على أن مسارَ المعركة يمضي منذُ البداية عكس الخطط “الإسرائيلية” وَأَيْـضاً الأمريكية، وبالشكل الذي يجعلُ المعركةَ بأكملها ورطةً حقيقيةً لـ “تل أبيب” ولنتنياهو الذي يواجِهُ بالفعل سخطًا متزايدًا من المستوطنين؛ بسَببِ فشله في استعادة الأسرى.
ومما يزيد من قوة الضربة التي تلقاها العدوّ في العملية المركَّبة، ما تحدثت عنه تقاريرُ بخصوص هُــوِيَّة الجنود الصهاينة الأسرى، حَيثُ تشير المعلومات إلى أن هناك احتمالاتٍ بأن القوةَ التي تم استدراجُها هي من قواتِ النُّخبة المتخصِّصة في عمليات البحث عن الأسرى، بحسب ما تشيرُ أنواعُ أسلحتهم التي عرضتها كتائبُ القسام، حَيثُ أوضح محلِّلون أن تلك التجهيزاتِ ليست التجهيزاتِ المعتادةَ لعناصر جيش الاحتلال.
وبرغم أن جيشَ العدوّ حاول إنكارَ وقوع العملية، فَــإنَّ اللقطاتِ التي بثتها كتائبُ القسام كانت قد استبقت هذا الإنكار، وأكّـدت أن العمليةَ موثَّقة وأن المزيدَ من التفاصيل قد تُنشَرُ خلال الفترة القادمة؛ وهو ما سيُمَثِّلُ صفعةً جديدةً وقتَها للعدو واستراتيجيته الإعلامية؛ الأمر الذي يؤكّـد أن المقاومةَ ليست فقط متماسكةً عسكريًّا بشكل مدهش، بل وتدير أَيْـضاً الحرب النفسية باحترافية عالية.
ولم يكد العدوُّ يستفيقُ من صفعةِ العملية المركَّبة حتى فوجئ برشقةٍ صاروخيةٍ كبيرةٍ أطلقتها كتائبُ القسام باتّجاه “تل أبيب” ومناطقَ وسط الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وقد وثَّقت عدساتُ المستوطنين الصهاينة وصولَ عدد من هذه الصواريخ إلى أهدافها، وأقرَّ جيش العدوّ بوصول 8 صواريخ على الأقل إلى “تل أبيب”، وقالت “نجمةُ داوود” للإسعاف إنها تم تسجيل إصابات.
وبحسب وسائل إعلام العدوّ فَــإنَّ هذه المرة الأولى منذ 4 أشهر التي تتعرض فيها “تل أبيب” للقصف من غزة؛ وهو ما يوجه نفس الصفعة التي تلقاها جيش العدوّ في العملية المركبة، والمتمثلة في العودة إلى نقطة الصفر، والاصطدام بالفشل الذريع والفاضح في تحقيق هدف القضاء على المقاومة وقدراتها العسكرية.
وبين الرشقة الصاروخية والعملية المركبة، لم تتوقف المقاومة عن التنكيل بجيش العدوّ على مختلف محاور القتال، بما في ذلك محور جباليا شماليَّ قطاع غزة، حَيثُ أعلنت كتائب القسام عن “استهداف 5 دبابات صهيونية وجرافتين عسكريتين وناقلة جند بقذائف (الياسين 105) وَ(تاندوم) وعبوات (شواظ) وَ(العمل الفدائي) في منطقة بلوك 2 وشارع الداخلية بمخيم جباليا شمال القطاع” كما أعلنت عن “تفجير دبابة صهيونية من نوع (ميركفاه) بعبوة (شواظ) في محيط مسجد الأنصار شرق معسكر جباليا” واستهداف دبابة أُخرى من نوع “مركفاه 4” بقذيفة “الياسين 105” في مشروع بيت لاهيا شمالي القطاع أَيْـضاً.
كل هذه العمليات النوعية لا تُسْقِطُ فحسب صورة الانتصار المزيَّفة التي لم ينجح العدوّ حتى في تكريسها كما يرغب طيلة الأشهر الماضية، بل تكرِّسُ واقع الهزيمة الواضحة التي يعيشها جيش العدوّ، كما تكرِّسُ حتمية تحقّق انتصار المقاومة والشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وهو الرعبُ الوجودي الأكبر الذي يبدو بوضوح أن العدوّ الصهيوني لم يستطع منذ السابع من أُكتوبر أن يخفِّفَ حتى من وطأته أَو حضوره في واجهة المشهد برغم الإبادة الجماعية والتجويع والتدمير الشامل.