خساراتٌ في سبيل إبقاء “إسرائيل”
دينا الرميمة
على مدى ثمانية أشهر من عمر الطوفان الفلسطيني ثمة خسارات كبرى تتكبدها أمريكا الغارقة مع الكيان الصهيوني في مستنقع الحرب على غزة؛ نتيجة دعمها الكبير له وَشراكتها معه في الإبادة الجماعية التي يرتكبها في غزة، تحت ذريعة حماية اليهود وَ”إسرائيل” كما صرح بذلك جو بايدن وهو الذي دائماً شعاره “إسرائيل وجدت لتبقى”!!
ولعل جميعنا يعلم سر الاستماتة في بقاء “إسرائيل” من قبل الزعماء الأمريكان والغرب الذين أوجدوها وصنعوا منها وطناً للصهاينة على أنقاض دولة عربية، لتبقى خنجرهم المسموم وَالمسلط في قلب الأرض العربية وعلى رقاب أبنائها لضمان تنفيذ مشاريعهم الاحتلالية والتدميرية للعرب وأرضهم.
ولذلك تراهم يتباهون بحجم ما يقدمه كُـلّ زعيم من دعم لها منذ النكبة التي أحيا الفلسطينيون ذكراها السادسة والسبعين قبل أَيَّـام، وهنا ربما من الغلط أننا لا نزال نسميها نكبة كون هذا المسمى يبعث في النفس الهزيمة والغصة والانكسار بل الأحرى اليوم أن نسميها فرصة لتوحيد الصفوف وَتكثيف الدعم لإحياء أمل مهجري «48» الذين لم تبل أحلامهم بحق العودة ولم تفنى كما ظنها الصهاينة إنما ورثها فلسطينيو النكبة لأبنائهم مع وصايا مفادها بأن فلسطين من البحر إلى النهر عربية، وأن حيفا وعكا والناصرة القدس بشرقها وغربها عربية الهوى وفلسطينية الهُــوِيَّة، وما زالوا يحملون هذا الأمل بعد أن قال بعض الصهاينة عليها وعنهم “الكبار يموتون والصغار ينسون” لكنهم لم ينسوا.
لذا فواجبنا اليوم تحقيق هذا الأمل ونحن نرى أن العودة أمر ربما بات قريباً، لا سيَّما وأن ما يحدث حَـاليًّا في غزة أراد الصهاينة من ورائه تكرار ما حدث في 48 من تهجير واستيطان، لكنهم فشلوا في ذلك وصاروا هم المنكوبين في أحلامهم وحربهم، التي كلفتهم الكثير من الخسائر بالتلازم مع أمريكا التي إذَا ما أتينا لنحسب خسارتها منذ السابع من أُكتوبر فسنرى حجم ثقلها الكبير عليها، بداية من الخسارة الاقتصادية نتيجة دعمها لـ “إسرائيل” بالمال والسلاح منذ لحظة الحرب الأولى وَحتى الصفقة الأخيرة بقنابل الموت الذكية، وَالتي تقدر بمليار دولار التي منحتها لـ “إسرائيل” قبل أَيَّـام، وكانت شريكة في التخطيط للحرب بداية من اقتحام غزة بشمالها ووسطها وما يحدث من اقتحام لرفح حَـاليًّا.
أضف إلى تلوث يديها في المذابح التي يرتكبها الصهاينة في غزة وَإراقة دم أكثر من 35 ألف شهيد وتدمير غزة وتحويلها إلى أرض محروقة وإعطائهم الغطاء الدبلوماسي لحرب التجويع التي يمارسونها في غزة، إلى جانب الدعم السياسي بسلاح الفيتو الذي يغتال أي قرار ينهي الحرب، وهذا ما جعلها تخسر سمعتها كدولة راعية للديمقراطية وحقوق الإنسان، وباتت حتى في نظر شعبها دولة يسيرها اللوبي الصهيوني ودولته القائمة على ذروة ما يمثله المعنى الحقيقي للظلم والخارجة عن كُـلّ القيم الإنسانية، خَاصَّة وقد بات المتظاهرون يتعرضون للقمع والاعتقال في مظاهراتهم الداعمة لغزة تحت عذر معادَاة السامية وَباتت الاستقالات تتوالى في حكومتها آخرها استقالة مساعدة كبير موظفي وزارة الداخلية الأمريكية ليلى جرينبيرغ كول؛ احتجاجاً على الدعم الأمريكي لـ “إسرائيل”.
وهي أول مسؤولة سياسية يهودية عينها بايدن تستقيل من منصبها، واتهمت بايدن باستخدام اليهود لتبرير السياسة الأمريكية في الصراع!!
وأخيرًا خسارة أمريكا مسمى دولة عظمى بعد فشلها في حرب البحر أمام اليمن التي تخوضها دفاعاً عن اقتصاد “إسرائيل” وفشل ترسانتها العسكرية من أنظمة دفاعها وفرقاطانها الذائعة الصيت في التصدي للصواريخ والمسيّرات اليمنية التي ما زالت في مراحلها الأولى من التصنيع وَالتطوير المُستمرّ، كلما كابرت أمريكا في الاستمرار بالبقاء كحارس للصهاينة في البحر كما صرح بذلك السيد القائد في خطابه قبل الأخير.
وكما طغت الصناعات العسكرية اليمنية على هيبتها سابقًا في حربها مع اليمن، ستطغى اليوم على ما تبقى منها إسناداً لغزة، حَيثُ لا خطوط حمراء أمام نصرتها.