المرحلة الرابعة تعمِّـقُ جراحات التجارة “الإسرائيلية”.. نزيفٌ اقتصادي صهيوني مُستمر
المسيرة: عباس القاعدي
يتلقَّى اقتصادُ الكيان الصهيوني سلسلةً من الضربات الموجعة؛ ما يرسُمُ لوحةً قاتمةً لواقع ومستقبل هذا الاقتصاد، حَيثُ تتصاعدُ خسائرُ الكيان الاقتصادية يوماً بعد آخر؛ جراء العمليات العسكرية التي تنفذها القواتُ المسلحة اليمنية، ضد الملاحة الصهيونية، بدءًا من البحر الأحمر وخليج عدن ومُرورًا بالمحيط الهندي، وُصُـولاً إلى البحر الأبيض المتوسط، الذي فجَّرَ مفاجَأَةً سياسية وعسكرية كبرى، وَأَضَـافَ معادلة جديدة، في نطاق الحصار المطبق على الملاحة الإسرائيلية، والذي يفرض أزمة اقتصادية جديدة في زيادة الأسعار التي تشهدها الأسواق الإسرائيلية، تزامناً مع استمرار الحصار اليمني المفروض على الملاحة الإسرائيلية.
حصارٌ مطبق:
فيما يتعلق بالتأثيرات الاقتصادية على الكيان الصهيوني بعد إعلان القوات المسلحة اليمنية دخول المرحلة الرابعة من التصعيد والوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، يقول الخبير الاقتصادي رشيد الحداد: “للعمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة، تأثيرات كبيرة جِـدًّا، على اقتصاد العدوّ الإسرائيلي والذي يعتبر في الأَسَاس منهارًا، وبهذا تكون اليمن قد وضعت يدها على كافة الممرات البحرية التي يستخدمها الكيان الصهيوني، في عمليات النقل البحري للصادرات والواردات، وقد تدفع الكيان الصهيوني بشكل قسري للهروب نحو السلام، خَاصَّة أن معدل الصادرات والواردات التي كانت تمر عبر البحرين الأحمر والأبيض المتوسط هي بنسبة 98 %، منها نحو 35 % كانت تمر عبر البحر الأحمر، هذه النسبة من الصادرات والواردات التي كانت تمر عبر البحر الأحمر معظمها سلاسل غذائية ودوائية وقليل من الخام، اليوم باتساع نطاق العمليات تكون القوات المسلحة اليمنية قد هدّدت إمدَادات النفط الخام أَو النفط القادم من الدول الأُورُوبية والآسيوية”.
ويضف الحداد أن “عمليات القوات المسلحة في البحر الأبيض المتوسط، سوف تسهم في إغلاق الممرات والموانئ، بشكل كلي، ويكون هناك حصار كبير مطبق، خَاصَّة أن الكيان الصهيوني يستغرق في اليوم الوحد 220 ألف برميل من النفط، كانت هذه الكميات قبلَ العمليات البحرية تَصل إلى ميناء عسقلان أَو ميناء أسدود، وبعد العمليات أوقف الاحتلال أيَّ استيراد عبر الميناءَين”.
ولأن التجارة البحرية تعد العمود الفقري لحركة الاستيراد والتصدير للكيان الصهيوني، ومكوّنًا أَسَاسيًّا لاقتصاده؛ ونظراً لمرور 98 % منها عبر البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، يؤكّـد الحداد أن “العمليات اليمنيةَ لها تأثيرات اقتصادية كبيرة، وتفرض حصارًا مطبقًا وكليًّا على موانئ الاحتلال التجارية في البحر الأبيض المتوسط، وهي خمسة موانئ منها اثنان معطلان بشكل كامل، وميناء إيلات (أم الرشراش)، الذي قد تم إغلاقُه منذ بدء (طوفان الأقصى)، وهو المنفذ الوحيد إلى البحر الأحمر، وكذلك ميناءا حيفا وأسدود، وهما مهمان للعدو، ويقعان في المتوسط ومعظم، واردات العدوّ الإسرائيلي تصل عبر هذين الميناءَين؛ بمعنى أن السفن التجارية التي كانت تتهرَّبُ من عمليات البحر الأحمر، وتتجه إلى البحر الأبيض المتوسط، الذي يمثل العنصرَ الموحَّدَ لمركز تاريخ العالم، بالنسبة لثلاثة أرباع الكرة الأرضية”.
قطعُ الإمدَادات:
ووفق الحداد فَــإنَّ “البحر المتوسط يعتبر أحد المصادر المهمة جِـدًّا لمدادات النفط التي تمر عبره والقادمة من كزاخستان وأذربيجان ودول أُخرى، وللأسف هي تمر بنسبة 60 % منها عبر موانئ تابعة لتركيا، وهذه الإمدَادات أصبحت تحت رحمة القوات المسلحة اليمنية، التي فرضت معادلة عسكرية جديدة في البحر الأبيض المتوسط، وبالإضافة إلى المعالة العسكرية التي فرضتها في المحيط الهندي ضمن المرحلة الثالثة، وكان لها أثرٌ كبيرٌ على الكيان الصهيوني؛ ولهذا فَــإنَّ عمليات القوات المسلحة في البحر المتوسط تعني عملية حصار وإطباق كلي على العدوّ، وتكون لها آثار كارثية على اقتصاد الكيان الصهيوني،
خُصُوصاً إذَا تبع المرحلةَ الرابعة مرحلةُ خامسة، فَــإنَّ التصعيدَ سيكون كبيرًا، وهذا ما أكّـد علية متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع، أنه في حال ما أقدم الكيان على اقتحام رفح، فَــإنَّه سوف يتم الإطباقُ بشكل كلي، ومعاقبة كُـلّ الشركات التجارية الملاحية الدولية، ومعاقبة أية سفينة تابعة لأية شركة دولية، تحاول اختراقَ الحظر اليمني؛ بمعنى ستكون هناك عقوباتٌ على السفن في نطاق العمليات اليمنية التي أصبح كبيرًا، من البحرَين الأحمر والعربي وخليج عدن والمحيط الهندي، ووُصُـولاً إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، وهذا يؤكّـد أن اقتصادَ الكيان وصادراته ووارداته، وكذلك المنشآت الاقتصادية الكبيرة النفطية التابعة له، والتي تعد مقومًا أَسَاسيًّا في الاقتصاد الإسرائيلي، أصبح تحت رحمة صواريخ ومسيَّرات القوات المسلحة اليمنية”.
ويرى اقتصاديون أن “وصول العمليات اليمنية إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، يؤكّـد أن اقتصاد الكيان أصبح تحت سيطرة اليمن، الذي سوف يتحكم في اقتصاد العالم، عما قريب، ويصبح بوابة العبور بسلام، للاقتصاد العالمي من الشرق إلى الغرب”.
ولذلك فَــإنَّ القوات المسلحة اليمنية ستكون لها ردةُ فعل تجاه بعض الشركات الدولية التي تعمل مع شركات عربية، وأعلنت عن فتحِ خَطَّيْ خطوط إمدَاد من الاتّحاد الأُورُوبي إلى مصر، ومن مصر وُصُـولاً إلى الكيان الإسرائيلي، وكذلك ستكون هناك ربما ردة فعل، ضد كُـلّ من يتعاون مع الكيان الإسرائيلي من الشركات الأجنبية أَو العربية، وفقَ المعادلة العسكرية والاقتصادية، التي تُفرَضُ ضد الكيان الإسرائيلي في البحر المتوسط، والتي تتسعُ بشكل كلي مع عمليات القوات المسلحة والحصار المفروض على كيان العدوّ الإسرائيلي في البحر الأحمر.
واقعٌ جديد:
وبشأن فرضِ الحصار المطبق والكلي على الكيان الصهيوني في البحر الأبيض المتوسط، يؤكّـد الحداد، أن “عمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأبيض المتوسط، تعني إطباقَ الحصار على اقتصاد الكيان الصهيوني التي تترتب عليها خسائرُ أكبر مما سبق؛ كونها توفّر مجالاً واسعاً في القدرة على الإضرار باقتصاد الكيان الصهيوني، من خلال منع الصادرات إلى الكيان الصهيوني وإغلاق ميناءَي حيفا وأسدود”، مؤكّـداً أن “العمليات اليمنية في المتوسط ستكون لها تأثيرات اقتصادية مباشرة وطويلة على الكيان الصهيوني، وستمتد تداعياتها مع استمرار العمليات إلى دول أُورُوبا التي تدعم الكيان، وتفرض واقعًا جديدًا بين أُورُوبا والاحتلال، وتشكل ضربة أخيرةً لاقتصاد الكيان الذي يحتضر في الحظة الأخيرة، وكذلك تؤدي إلى قطع الطريق البديل الذي اتخذته الملاحة الإسرائيلية منذ تصاعد عمليات البحر الأحمر، وبهذا تكون القوات المسلحة قد أطبقت الحصارَ وأوقفت كافة الصادرات والواردات للكيان؛ الأمر الذي يعمِّق الأزمة الاقتصادية”.
وحول المرحلة الرابعة من التصعيد والتي ستمتدُّ إلى البحر الأبيض المتوسط، الذي يقع على بُعد حوالي 1770 كيلومتراً من أقرب منطقة في اليمن، يقول الخبير الاقتصادي، رشيد الحداد: “إن المرحلة الرابعة التي أعلنت عنها القيادة في صنعاء، وتوسيع نطاق استهداف السفن الإسرائيلية إلى المتوسط، تشكل ضربةً شديدة التأثير على اقتصاد الكيان الإسرائيلي، وتغلق شرقَ العالم أمام “إسرائيل”، وتؤدي إلى خنق العدوّ الإسرائيلي عن الحصول على احتياجاته للعديد من السلع الاستهلاكية والمستلزمات اللازمة لمصانعه، وتعتبر مكمِّلةً لمرحلة الإقفال التام عبر المحيط الهندي أمام السفن الإسرائيلية والسفن المتوجّـهة إلى موانئ الاحتلال.