خيانةُ التطبيع السعوديّ مع “إسرائيل” والحماية الأمريكية: بين السياسة الفاشلة والارتهان
عبدالحكيم عامر
تثيرُ تكهنات تطبيع العلاقات بين السعوديّة و”إسرائيل” وتوقيع اتّفاق أمني مع أمريكا جدلًا واسعًا في الوقت الحاضر، فمن المهم أن نفهمَ أن أي تطبيع سعوديّ إسرائيلي سيكون له تأثير كبيرٌ على القضية الفلسطينية، وتعاون مع العدوّ الإسرائيلي في جرائمهم في كُـلّ مجازر الإبادة الجماعية التي شهدتها غزة خلال الثمانية أشهر الماضية، حَيثُ تعرض القطاع لهجمات إسرائيلية عنيفة أسفرت عن مقتل الآلاف من الفلسطينيين وتدمير البنية التحتية.
فعلى ما يبدو أن المملكة السعوديّة لا تبدي أي قلق في مسألة التطبيع، بل تمضي بإصرار في مسار “التطبيع” متجاهلة جرائم الإبادة التي يرتكبها الكيان المحتلّ بحق الأطفال والنساء في فلسطين الشقيقة بشكل يومي.
وإذا تمت هذه الخطوة من قِبل السعوديّة، فَــإنَّها ستواجه انتقادات حادة؛ لأَنَّها تعتبر أنها تعلن شراكتها الأَسَاسية مع العدوّ الإسرائيلي وتدعمه في جرائمه في غزة وغيرها من الأراضي الفلسطينية المحتلّة.
إن الدخولَ في تطبيع مع العدوّ الإسرائيلي للحصول على الحماية الأمريكية هو توجّـه خاطئٌ وسياسةٌ فاشلة.
فتاريخيًّا، فشلت الأنظمة التي اعتمدت على الحماية الأمريكية في تحقيق الاستقرار وحماية شعوبها من التحديات الداخلية والخارجية.
إن السعي وراء الحماية الأمريكية من جيران أَو شعوب الدول العربية يعتبر توجّـهاً خاطئًا وغير مُجْدٍ، فتكون هذه الأنظمة غير قادرة على تغيير سياساتها العدائية والمتعارضة مع محيطها، فحُسن الجوار والتعامل بالقيم الإسلامية والعربية هو ما يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة، وليس التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي والاعتماد على الحماية الأمريكية.
فمن يقرّر الارتهان للأمريكي والدخول في صفقات تطبيع مع العدوّ الإسرائيلي، فَــإنَّه يعترف بأنه يتبع سياساتٍ خاطئةً ومشوبة بالابتزاز والاستغلال والتلاعب، لا يهم الأمريكي مصلحةَ البلدان العربية، بل مصلحته مع الكيان الإسرائيلي، من يرتهن للأمريكي يجد نفسه مستعبدًا ومستغلًا في مشاكل ومواقف سيئة تضر بمصالحه وأمنه.
ولم يعد هناك مبرّر لأي نظام عربي أَو إسلامي بأن يقيم علاقة مع كيان محتلّ لأرض فلسطين، لا يستحق السلام معه، ولا القبول به، في المنطقة، وكلّ الشعوب ترفضه وستقتلع من يسير في فلكه بعد أن ارتكب أشَدَّ مجازر العصر بحق أبناء فلسطين وبعد أن حاصر غزة ومنع عنها الغذاء.
أحداثُ غزة وما يُرتكَبُ بحق أهلها تعرّي كيان الاحتلال تعرية كاملة، بأنه كيان همجي نازي يؤمن بالدموية، ولا يؤمن بالسلام، وأن كُـلّ ما يدَّعيه عن إقامة السلام مع دول الجوار هو مُجَـرّد خداع للوصول إلى داخل هذه الدول واستغلال الأوضاع السياسية، وتهيئة الرأي العام للتوافق مع مصالحه.