ازدواجيةُ المعايير في الحقوق الإنسانية سياسةٌ أمريكية فضحتها مجازرُ العدوّ في غزة
علي الخولاني
من يراجع التاريخ منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية سيجدُ أن هناك عناوينَ كثيرةً أخفت أمريكا خلفها وجهَها القبيح، ونواياها الشيطانية، ومشاريعها الهدّامة، كان من أبرز تلك العناوين (حقوق الإنسان، حقوق المرأة، حقوق الطفولة…)، وغيرها الكثير من العناوين البرّاقة.
لكن لو نظرنا إليها من زاوية الواقع العملي لوجدنا أنها تُستخدَمُ -فقط- لخدمة المشاريع الأمريكية التي تسعى أمريكا من خلالها إلى استهدافِ الأُمَّــة الإسلامية لتفتيتها، ونشر الفساد في واقعها، وتجريدها من هُــوِيَّتها الإسلامية وأخلاقها النبيلة.
فمثلاً عنوان (حقوق المرأة)؛ لو نسأل أنفسَنا، ونسأل الواقع العالمي من حولنا: هل تستخدم أمريكا هذا العنوان للدفاع عن المرأة المسلمة من ظلم اليهود لها، واستهدافهم لها، وقتلها وتشريدها؟ هل تستخدم أمريكا هذا العنوان لحماية المرأة المسلمة من أن ترتكب بحقها المجازر الجماعية في أفغانستان، والعراق، وسوريا، واليمن، وفلسطين وغيرها من البلدان الإسلامية التي عاثت فيها أمريكا وأدواتها الفساد؟ هل وهل وهل؟ والإجَابَة بكل تأكيد: (لا).
أمريكا استخدمت وما زالت تستخدم عنوان (حقوق المرأة) للدفع بالمرأة المسلمة إلى التبرج والسفور، والاختلاط والانحلال وإقامة العلاقات المحرّمة والانسلاخ من الأخلاق والقيم الإسلامية التي تحفظ للمرأة المسلمة عفّتها وكرامتها وشرفها، وطهرها وزكاء نفسها، أمريكا تستخدم عنوان (حقوق المرأة) لإفساد المرأة المسلمة، وجعلها عُنصراً فاسداً في المجتمع المسلم؛ لأَنَّ المرأة تعتبر هي العنصرَ الرئيسي في المجتمع؛ باعتبَارها أُمًّا وأختاً وزوجة.
فهي كـ (أُمٍّ) عندما يكون قد تم إفسادُها، كيف يمكن أن تُنجب جيلاً صالحاً يقف في وجه اليهود والنصارى ويسعى لمحاربتهم ومحاربة فسادهم؟ بل على العكس من ذلك، ستُنجب جيلاً فاسداً يتقبل اليهود والنصارى، ويسعى لتبني أفكارهم وثقافتهم في واقع حياته؛ وهذا ما يُريدُه اليهود.
وما كشف زيف عناوينهم الكاذبة وعرّاها أمام العالم أجمع هو ما يجري اليوم في غزة من مجازر جماعية تُرتكب بحق المرأة الفلسطينية، وبحق الطفولة، وبحق الإنسانية ككل، أين هي تلك العناوين التي يتشدّقون بها؟ لماذا لم نعد نسمع حقوق المرأة، وحقوق الطفولة، وحقوق الإنسان؟ لماذا أصبح قتل المحتلّ للمرأة الفلسطينية والطفل الفلسطيني دفاعاً عن النفس وليست مجازر جماعية؟ لماذا لم نعد نراهم يتحَرّكون بعناوينهم تلك أمام ما يحدث من مجازر في قطاع غزة؟ وهناك الكثير من الأسئلة التي يجب علينا كمسلمين أن نلتفتَ إليها وأن نعيها جيِّدًا.
هذه هي أمريكا (الشيطان الأكبر)، وهذه سياساتها التي تقوم على الكيل بمكيالين، ويتم تنفيذها بازدواجية واضحة؛ فكيف للمسلمين أن ينالوا الخير من عدوهم، وأن ينتظروا منه العدل والإنصاف وبين أيديهم القرآن الكريم الذي فيه عزّهم ونصرهم، ورفعتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة، وصدق الله القائل في كتابه الكريم: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} من سورة الأنعام- آية (153) صدق الله العظيم.