بشائرُ هامَّــة في المرحلة القادمة
محمد علي الحريشي
اللهُ -سبحانه- بشَّر عبادَه المؤمنين بالجنة، وهو –تعالى- بشر الكفار والعصاة والمجرمين بنار جهنم، قال الله سبحانه وتعالى، في القرآن الكريم مخاطباً نبيه محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-: «فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ»؛ أي بشر المشركين بعذاب جهنم.
السيد القائد عبدالملك الحوثي -سلام الله عليه- تناول في خطابه الأسبوعي الخميس الماضي بشارة خَاصَّة أرسلها للعدو الصهيوني، عليه أن ينتظرها في الأيّام والأسابيع القادمة في البحار القريبة والبعيدة منه.
العدوّ الصهيوني يعي مصاديق خطابات السيد عبدالملك الحوثي، فهم يعرفون مدى جديتها وتنفيذها إلى أفعال، حسب معرفتهم بمواقفه الصادقة من يوم اندلاع عملية (طوفان الأقصى) في السابع من أُكتوبر 2023م، يعرف العدوّ الصهيوني أن اليمن يشن حرباً اقتصادية موازية للحرب العسكرية التي تشنها المقاومة الفلسطينية ومعهم قوى محور المقاومة ضد العدوّ المحتلّ، لا تقل أهمية عن الحرب العسكرية، وأن تلك الحرب التي فرضها اليمن تسير وفق مخطّطات عسكرية مقسمة على مراحل تصعيدية حسب مقتضيات المعركة العسكرية التي تقودها أمريكا وكيانها المؤقت ضد الشعب الفلسطيني وضد أحرار الأُمَّــة العربية والإسلامية في قوى محور المقاومة.
دخول اليمن معركة (طوفان الأقصى) قرار اتخذه اليمن لا رجعة عنه ولن تحول دونه أية موانع مهما بلغت من قوة ومن طاغوت، استراتيجية اليمن في دخوله عملية (طوفان الأقصى) قسمت إلى مراحل عسكرية متدرجة وفق مخطّطات عسكرية تراعي قواعد الاشتباك؛ لأَنَّ اليمن ومعه تحالف قوى محور المقاومة يعرفون أن المعركة ضد أمريكا و”إسرائيل” هي معركة مصيرية وفاصلة، أعد العدوّ عدتها ومعهم أنظمة الخيانة والانبطاح الأعرابية، الصهيونية العالمية والماسونية والنظام الدولي الرأس مالي الغربي، الذي جثم على العالم لعدة عقود، كلهم يقفون خلف تلك المعركة ليكسبوا من وراءها نصراً يحقّقون به استكمال الهيمنة والسيطرة على العالم، ويحقّقون من وراءه ترجيح كفتهم في الصراع مع القوى الدولية الصاعدة مثل روسيا والصين ومحور المقاومة.
دخل اليمن المعركة على مراحل وكلّ مرحلة تواكب ما لدى العدوّ من مخطّطات وتكتيكات عسكرية؛ فكانت المرحلة الأولى ميدانها البحر الأحمر وباب المندب، وتم إعلان فرض ثاني حصار اقتصادي تتعرض له دولة الاحتلال، الحصار الأول فرضته اليمن والجيش المصري في حرب العاشر من رمضان عام 1973 بين مصر و”إسرائيل”.
تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ عام 2015 الذي شن العدوان على اليمن من أهم أسبابه ودوافعه هو تأمين دولة الاحتلال من أية تهديدات تطالها من باب المندب والبحر الأحمر، لكن تحالف العدوان انتهى بالفشل والهزيمة، خرج اليمن منتصراً، يمتلك الجيش القوي ويمتلك ناصية التصنيع العسكري الحديث، لم يكن في حسبان العدوّ الأمريكي والصهيوني أن يدخل اليمن كقوة عسكرية في ميدان البحر الأحمر وباب المندب؛ لأَنَّهم قد ملأوا البحر بمختلف الأساطيل والبوارج البحرية والمدمّـرات والفرقاطات من مختلف الدول الغربية؛ لذلك كانت حساباتهم مستبعِدةً دخولَ اليمن في معركة (طوفان الأقصى)، وقلب الطاولة وفرض الحصار الاقتصادي على العدوّ، وقام بقصف ميناء أم الرشراش الفلسطيني المحتلّ بالطيران المسيّر والصواريخ المجنحة والباليستية، تناول الإعلام المعادي الذي تشبع بالغرور والعنجهية والسخرية والتجاهل من دخول اليمن معركة (طوفان الأقصى)، بعدها توالت المرحلة الثانية ثم المرحلة الثالثة من التصعيد التي وصل نطاق النيران فيها إلى نقاط بعيدة في المحيط الهندي، تحقّقت أهداف الحرب الاقتصادية على الكيان الصهيوني وداعميه، وتضرر الاقتصاد وتعطلت الحياة الاقتصادية، كان لليمن الدور الكبير في فرض واقع الحرب الاقتصادية على العدوّ الصهيوني.
وقوف الشعب اليمني مع قيادته بالمسيرات الجماهيرية المليونية الحاشدة في المدن ومراكز المحافظات والمديريات بشكل أسبوعي ودخول الشعب في أكبر عملية تحشيد تعبوي عسكري أفشل المخطّطات الأمريكية والصهيونية التي سلطت سهامها على اليمن؛ بهَدفِ تحييده في معركة (طوفان الأقصى)، التلاحم القوي بين الشعب اليمني والقائد السيد عبدالملك الحوثي -سلام الله عليه- أفشل عدد من المخطّطات الأمريكية التي كانت تهدف إلى فتح الجبهات الداخلية للمناوشة وتشتيت جهود القوات المسلحة عن مواجهتها فرض عملية الحصار، وزعزعة الأمن الداخلي ونشر الفوضى وذلك بكشف خلية مخابرات “القوة 400” الذين تم إلقاء القبض عليهم من قبل قوات الأمن، كُـلّ تلك النجاحات شجعت على الدخول في المرحلة الرابعة من التصعيد بتدشين قصف سفن تجارية صهيونية في البحر الأبيض المتوسط.
بشّر السيد عبدالملك الحوثي “إسرائيل” ببشارات يمنية قادمة سَتحول حياتهم إلى جحيم وذلك بتشديد الخناق الاقتصادي على بقية الموانئ التجارية الصهيونية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وقصف العمق الصهيوني بصواريخ ذكية تصيب أهدافها بدقة متناهية يصعب على أحدث الدفاعات الأمريكية والصهيونية اعتراضها، هذه هي البشارات اليمنية للعدو المجرم التي يجب على العدوّ والعالم أجمع أن يأخذوها بمأخذ الجد.
العالم أجمع يدرك صعوبة الأوضاع التي تمر بها دولة الاحتلال، خَاصَّة بعد دخول اليمن المرحلة الرابعة من التصعيد، وبعد صدور حكم محكمة الجنايات الدولية بوقف العدوان الأمريكي الصهيوني على غزة، وبعد إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة قرار الاعتراف بدولة فلسطين.
تلك العوامل وصمود المقاومة الفلسطينية وتصاعد العمليات العسكرية لقوى محور المقاومة ضد العدوّ الصهيوني كلها مؤشرات تدل على دخول الكيان الصهيوني في نفق مظلم وهزيمة مذلة سَتعجل بزواله ونهاية احتلاله لفلسطين.
وما نشاهده من حركة احتجاجات طلابية في الجامعات الأمريكية، وتغير مواقف كثير من الدول الأُورُوبية لصالح الشعب الفلسطيني، وتزايد السخط العالمي على هول المجازر الصهيونية في أطفال ونساء غزة، كلها مؤشرات تدل على المستقبل المجهول الذي ينتظر العدوّ الصهيوني في الفترات القادمة.