الإجرامُ الصهيوني.. أحداثٌ متصاعدة ومآلاتٌ خطيرة
عبدالجبار الغراب
تتسارعُ مجملُ الأحداث الجارية وتتصاعد حِدَّتُها في المنطقة عُمُـومًا؛ جراء استمرار الحرب الإجرامية الوحشية، التي يشنها كيان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ولثمانية أشهر متتالية، في إخراجها لكل السيناريوهات الممكنة وبكافة الخيارات اللازمة التي تمتلكها جبهات الإسناد الداعمة للقضية الفلسطينية، والتي قد تتدحرج فيها الأمور إلى نطاقات واسعة لم يكن يرجو حدوثها الأمريكان طالما واستمر جيش الكيان بارتكابه للمجازر الوحشية بحق سكان قطاع غزة ومنطقة رفح بالتحديد، والتي تؤوي أكثر من مليون ونصف مليون نازح فلسطيني هجّرهم الاحتلال من مناطقَ عدة في شمال ووسط وجنوب القطاع، وعدم التزامه بقرار محكمة العدل الدولية بإيقافه للعمليات العسكرية في رفح، فكان لفظاعة المجزرة المروعة التي ارتكبها الكيان في مخيم المواصي برفح، الذي يؤوي النازحين وبصورة وحشية، تم إحراق كُـلّ المخيم واستشهاد العشرات أغلبهم من الأطفال والنساء وإصابة المئات من الجرحى، لتتصاعد شدة الإدانات من قبل كُـلّ المؤسّسات الدولية، وتلك الإدانة التي وجهها مسؤول السياسة الخارجية بالاتّحاد الأُورُوبي وطلبه لـ “إسرائيل” بتنفيذ قرار المحكمة الدولية، لتتطور مستويات ردود الأفعال ومن عدة مسارات مختلفة، وتنكشف معها خبايا هي في الأصل واضحة، فلا كان للرصيف البحري الذي أنشأته أمريكا قبالة ساحل غزة فعاليته لإدخَال المساعدات إلى القطاع، والذي تم إعلان افتتاحه يوم سيطرة الصهاينة على معبر رفح، لتؤكّـد كُـلّ الدلائل الكاملة صوابية التوقعات، ومنها ما صرح وتكلم به السيد القائد عبدالملك الحوثي، أن الأمريكان غرضهم إنشاء قاعدة عسكرية بدواعٍ إنسانية، كشفتها الأحداث وبينتها يوم سيطر الصهاينة على معبر رفح، ليتضح التنسيق التام بين الصهاينة والأمريكان على احتلال معبر رفح واستبدال كُـلّ المعابر بالرصيف البحري، وهذا ما تم فشله وعجزه بعدم تلبية هذا الرصيف لإدخَال المساعدات لسكان القطاع.
الاستهدافُ الممنهجُ الذي يأخذ طابعَ الانتقام المتعمد، والاستمرار على نهجه الدائم في ارتكابه كُلَّ أنواع وأبشع المجازر، وضربه لكل القرارات الدولية بعرض الحائط، وعدم تجاوبه واستخدامه للأساليب والمراوغات لكل ما قدمه الوسطاء من حلول وخلاصات ونتائج، والذي تم قبولُه مؤخراً من جانب فصائل المقاومة الفلسطينية، قد تفضي إلى اتّفاق بين الخصوم، تهرب منه الكيان وأفشل بذلك المفاوضات، وإصراره الواضح لممارسة المزيد من الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، رغم كُـلّ التحذيرات الدولية والمصرية بوجه الخصوص كبلد جوار من مغبة الإقدام العسكري لاجتياح مدينة رفح، وأكاذيبهم المتفقين بها مع الأمريكان بعملية محدودة وغير واسعة لمنطقة رفح، التي نزح إليها أكثر من مليون ونصف مليون من السكان، كُـلّ هذه لها مآلاتها الكبرى لتوسع دائرة الصراع وانتقاله لمواجهات طالما تهرب منها الأمريكان، وهذا ما أوضحته وكشفته مجدّدًا الأساليب والمغالطات الأمريكية في استخدامها للضغوطات على الكيان الإسرائيلي من خلال إجراءاتها الكاذبة في تجميدها لصفقات أسلحة للصهاينة إذَا ما أقدم على عملية عسكرية في رفح، لتنكشف وبسرعة أكاذيب الأمريكان المُستمرّة في موافقة الكونغرس بالسماح بوصول المساعدات العسكرية لجيش الاحتلال الصهيوني.
الأحداثُ المتصاعدة في المنطقة والتي أقدم عليها الاحتلال الإسرائيلي بارتكابه للمجزرة الوحشية بمدينة رفح، واستهدافه المباشر لمخيم النازحين مخلفًا عشرات الشهداء، أغلبهم من الأطفال والنساء ومئات الجرحى، تداعياتُها الخطيرة، فقد أظهرت وبشكلٍ سريعٍ مدى جهوزية الأفعال اليمنية في استهدافها لعدد من السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر والمحيط الهندي ومدمّـرتين أمريكيتين؛ رَدًّا على استمرار مجازر كيان الاحتلال الوحشية والجبانة، وبها أعطت العمليات اليمنية أبعادها التأكيدية لقدراتها القادمة لإحداث عمليات تصعيدية أكبر قد تتجاوز المعقول.
القيادة اليمنية قد حذّرت أنه لا خطوط حمراء في ذلك، وقد يكون للإعلان عن الجولة الخامسة وقتَها للدخول إذَا ما استدعت الأمور وتصاعدت حدة العدوان الإسرائيلي في ارتكابه للمزيد من المجازر بحق السكان بقطاع غزة، أَو أن مسارات المفاوضات والمناقشات الحالية في باريس قد تأخذ قبولها لاتّفاق يقبله الفلسطينيون ويوقف بموجبه الكيان الحرب.
المآلات كثيرة والتي أسفرت عنها الأحداث الأخيرة لتتوتر العلاقات المصرية والإسرائيلية، خُصُوصاً بعد احتلال الكيان لمعبر رفح الفلسطيني، والذي يعتبر تجاوزًا صريحًا لمعاهدة السلام الموقعة مع الجانب المصري عام 1979 وملحقها الأمني عام 2005 والذي لا يسمح بأي تواجد صهيوني مهما كان بمعبر رفح، مُرورًا بسيطرة الكيان على محور فيلادليفا، وهذا ما سيخلق تداعياته القادمة لتصاعد حدة الخلاقات بين الجانبين، ما لم يكون للنظرة المصرية بقائها للمحافظة على دورها كوسيط لخلق وحل الكثير من المعضلات، وللأيام القليلة القادمة كشفها للكثير، فالقوة ولا سواها هي الفاصلة لإركاع الصهاينة والأمريكان، ولكم من أهل الإيمان والحكمة عبرة يا أولي الألباب.