الموقفُ الذي سيغيِّـرُ العالَـم
توفيق عثمان الشرعبي
قرارُ اليمنِ -قيادةً وشعباً وجيشاً- الداعمُ للقضية الفلسطينية والمسانِدُ للشعب الفلسطيني في قطاع غزةَ لم يكن جزافاً، بل واجبٌ دينيٌّ وأخلاقيٌّ وإنسانيٌّ؛ ولهذا ومهما كانت تكاليفُه باهظةً إلا أن نتائجَه ستفضي إلى تحوُّلاتٍ كبرى في المنطقة والعالم.. وكلما تصاعدت مراحلُ هذا القرار الاستراتيجي والتاريخي بحراً وجواً وبراً كلما أبهظ تكاليف العدوّ الإسرائيلي ومن يقف خلفه..
فالموقفُ اليمني قضى على مشاريع الاستسلام لـ “إسرائيل”، وَمشاريع الاعتراف بها.. كما قضى على مشاريع التطبيع ومخطّطات تصفية القضية الفلسطينية.. وَبَدَّدَ حُلمَ الصلح الدائم مع “إسرائيل”.. وأطاح بمخطّط حدودها على أَسَاس التوسع والاغتصاب الجديد.. وأكّـد لـ “إسرائيل” أن الدعمَ الأمريكي والغربي لن يستطيعَ أن يحميَها من الدم والنار العربي.. وهَـا هو في مرحلته الرابعة يفقد “إسرائيل” معنوياتِها ويُدخِلُ داعميها -وفي مقدمتهم أمريكا وبريطانيا- في حيرة مهلكة.
الموقفُ اليمني عزّز لدى الشعوب والقوى الثورية والجيوش العربية أن “إسرائيل” لن تخرُجَ من الأراضي المحتلّة إلَّا بالقوة لعدم جدوى المبارزات السياسية والأسلحة الديبلوماسية في حَـلِّ القضية الفلسطينية.. معيداً الأمل من جديد لدى العرب في استرداد الحق العربي المستباح.
إضافة إلى أنه مَثَّلَ منطلقاً لكل الدول العربية لإعادة النظر في سياساتها، والعمل على وَحدة الموقف والعمل؛ مِن أجلِ تواري الخلافات أيًّا كانت أُصُولُها أَو دلالاتُها..؛ لأَنَّهم لا يواجهون “إسرائيل” ولكن أمريكا بكل حقدها ومقتِها وبغيها.. وأكبر حلف للتعصُّب والكراهية في التاريخ المعاصر.
الموقفُ اليمني أكّـد للجميع أهميّةَ وضرورةَ وَحدة الصف ووَحدة الهدف ووَحدة العمل.. مثبتاً أن بأيدي العرب أسلحةً مهمةً لردع إمبراطوريات الطغيان.. فكان هذا الموقف بمثابة البداية الحقَّة للأمل والعمل العربي لانتزاع النصر واسترداد الحق.
الموقفُ اليمني جرَّدَ العدوَّ الصهيو أمريكي الغربي من غطائه الإعلامي.. فاضحاً أمريكا وأنها أكثرُ صهيونية من “إسرائيل” ومن الصهيونية نفسها، وأن حمايتَها لبقاء “إسرائيل” إنما هو مُجَـرّدُ خَطٍّ من مخطّط أمريكي للسيطرة على العالم وإخضاعه لنفوذها.. وكاشفاً حجمَ الكراهية والحقد الذي تُكِنُّه الشعوبُ العالمية الحرة للسياسات الأمريكية.. ومؤكّـداً أنها لن تفلتَ من العقاب والإدانة بحق كُـلّ جرائمها.
والأهمُّ أن الموقفَ اليمني قَدَّمَ درساً للقوى الكبرى الداعمة لـ “إسرائيل” وأن عليهم أن يدركوا أن أي دعم لـ “إسرائيل” سيجابَهُ بعمل عسكري مضاد.. وأنه لا مكانَ للانهزامية أَو الذل في أوساط الشعوب الحرة التي تفضل الكرامة على حياة المذلة.
وهو موقفٌ بكل تأكيد سيجعلُ الأنظمةَ المتخاذِلةَ على مستوى العالم تُعيدُ النظرَ في مواقفها، وتحدّدُ سياستَها وعملَها بوضوح على أَسَاس ما يرتكبُه الكيان الصهيوني من جرائم حرب وإبادة بحق الشعب الفلسطيني.
8 أشهر والموقفُ اليمني يمثل شُحنةً رهيبةً من العزة، وطاقة مكثّـفة من التصميم، وغذاءً يقتات به الأحرار، ووقوداً للإصرار الضاري للانتقام من مجرمي الحرب والإبادة.
وقبل كُـلِّ ذلك فقد استعادَ هذا القرارُ اليمني الشُّجاعُ لليمن حقوقَ السيادة على مياهه الإقليمية.. وهو مُستمرٌّ في معركتِهِ الوجوديةِ لإنهاء مسيرة الطغيان والاستعمار والغطرسة الأمريكية.