هل يستمرُّون في طغيانهم؟!
عبدالرحمن مراد
لم تفقهِ السعوديّةُ -ولا أظُنُّها تفقَهُ- أن عدوانَها العسكري أَو الثقافي أَو الاقتصادي بلاءٌ عليها مِن الله شديد، وهي في محكِّ بلاءِ النعمة، وقد أوكل اللهُ مهمةَ عقابها على أهل اليمن، وكذلك الطُّغاة في كُـلّ حقب التاريخ يستصغرون الأشياء، ويعمهون فيمدهم اللهُ في طغيانهم حتى يبلغوا أسبابَ الهلاك فيهلكون، وقد تعاظمت وتكاثرت من حولهم الأسباب التي توجب الهلاك، منها منازعةُ اللهَ كبرياءَه وسلطانَه والمجاهرةَ بالعصيان والفسوق في قتل أهل اليمن وتدمير مقومات حياتهم، وفي الفساد الأخلاقي والقيمي، وفي فسادِ المتعقدات التي صدَّرها قرنُ الشيطان من نجد إلى كُـلّ بقعة من بقاع الأرض فكانت سببًا في هلاك الحرث والنسل وإشاعة الفساد في الأرض؛ فاللهُ من سننه أن لا يُهلِكُ القرى إلا إذَا كان أهل القرى ظالمين؛ فهو يربأ بنفسه –سبحانَه- أن يهلك القرى وأهلها مصلحون؛ لذلك من بلاء الله أن ظهر السديس مؤيِّدًا لما يقوم به قادته من قتل وتشريد لليمن وللعرب والمسلمين أجمعين وكان مؤيدًا حالة الانصهار في أحضان أعداء الأُمَّــة دون اكتراث، في حين ظهر عادل الكلباني في إعلانات هيئةِ الترفيه السعوديّة كمبرِّر ومحلِّل لكل حالات الانفلات الأخلاقي والمروق من الدين فإذا كان أهلها -وهم من أبرز الرموز التي يعوَّل عليها الإصلاح- يظهرون على هذا النحو من الفساد والانحراف فما عسى حكامُ البلاد أن يكونوا؟؟ أليس ذلك نذيرَ هلاك يريد الله تحقيقه وفق سننه وقوانينه التي فطر الله الكون عليها وبثَّ بعضَ أسرارها في كتابه الكريم؟
اليوم تصر مملكة الشر بتوجيه من واشنطن على تدمير الإنسان في كُـلّ اليمن، ويصرون على القتل والتدمير من خلال الغارات التي ما تفتأ تمارسُ غواية القتل؛ فقد كانت تصوراتهم وغرور القوة تقول لهم بقدرتهم على احتلال اليمن في ظرف ساعات قليلة، وهي تصريحات قالها ناطق التحالف المسمى العسيري بداية العدوان، وقد باتت اليوم مادة للسخرية والتفاكُه في مقايل أهل اليمن وفي شبكة التواصل الاجتماعي ليس من أهل اليمن بل من غيرهم، وفي ذلك آية لقوم يعقلون.
لم تعد صنعاء تخافُ الغارات ولا صعدة ولا كُـلّ مدن اليمن، فقد اعتادوها، وهم اليوم يملكون زمام المبادرة، ويدمون مقلة الأسد، أَو من كان يظن في نفسه أسدًا في عرينه؛ فالرياض وجدة وكل مدن المملكة تحت مرمى النيران اليمنية، وقد تغيرت المعادلة بشكل لم تتوقعه الدول الصناعية الكبرى فما بالك بدولة مملكة الشر التي لم تقرأ القرآن ولم تتدبر آياته، ففيه من العظات والعبر ما يجعل القوم يعقلون أَو يفقهون لكنهم قوم لا يعقلون ولا يفقهون.
ألم يعلم قادة مملكة الشر أن اليمن لم يلن جانبها في بداية العدوان وهي في أدنى مراتب الضعف، فكيف يلين جانبها وهي تشعر اليوم -بعد كُـلّ هذه السنوات من العدوانِ– بالقوة وبالتحكم بمفاصل اللحظة والسيطرة على مقاليد المستقبل؛ فالنار التي أحرقت أرضها حَوَّلتها إلى قوة صُلبة لا تلين، ولم يعد بمقدور العدوان ولا الدول الكبرى السيطرة على المارد الذي خرج من قمقم المذلة إلى فضاء العزة والكرامة.
قبل سنوات قال الرئيس الشهيد صالح الصماد في خطاب له مخاطباً العدوان: ليس لدينا ما نخسره، لم يبق لنا في اليمن سوى الكرامة، ومن المستحيل التفريط فيها، والمبدأ الذي نحن عليه هيهات منا الذلة، وكرامتنا من الله الشهادة.. لكن قادة دول التحالف وعلى رأسهم السعوديّة لم يفقهوا ما قاله الصماد، وقد كان واضحًا معهم وناصحًا أمينًا، وها هو الواقع اليوم يقول لهم ذات الكلام لكن بصورة قاهرة وموجعة، ولعل الدول التي تشارك السعوديّة عدوانها على اليمن لم يصبها من الوجع إلا النزرُ القليلُ، أما السعوديّة التي تقود العدوان فيصلها الوجع كله.
وقد أقترب الموعدُ وحصحص الحق؛ ففي خطاب قائد الثورة كلمات واضحات وهي ترسل بين الفينة والأُخرى كفلاشات متلفزة تنذر المملكة من مغبة ما يتم نسجُه عبر العملاء في حكومة الغدر والخيانة التي تسمى الشرعية بعد إجراءاتها الأخيرة التي تستهدف عموم اليمن وتحاول أن تدفع بصنعاء إلى خيارات الدفاع عن الوجود والحياة.
موضوع تدمير الحياة من خلال منظومة الإجراءات التي تسعى إلى إحكام الخنق الاقتصادي لن يبقيَ صنعاء مكتوفة اليد فهي ستكون بين خيارَي الموت جوعًا أَو الموت على جبهات الكرامة؛ ولعل الأيّام قد قالت لأمريكا ولـ “إسرائيل” ومن بعدهما السعوديّة والإمارات ومن ثم المرتزِقة أن الذلة مبدأ مرفوض جملة وتفصيلا؛ ولذلك ليس من الحكمة أن تقدم حكومة المرتزِقة على تلك الخطوات التي تحاول أن تخدم أعداء اليمن ولا تحقّق مصلحة قريبة أَو بعيدة لها، فالإنسان اليمني أصبح متضررًا سواءٌ أكان تحت سيطرة المرتزِقة أَو تحت سيطرة حكومة صنعاء، وفي ظني أن المرتزِقة يدقون آخرَ مسمار في نعشهم دون وعي أَو إدراك لما يقومون به من خطوات.
اليمن لم يعد كما كان قبل العدوان ولعل رسالة قائد الثورة قد وصلت إلى قادة العدوان: “لا تصبوا الزيت على النار” ففيها بلاغ لمن ألقى السمع أَو كان بصيرًا ومن الغباء الاستمرار في طغيان العمهِ.
ولله الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ وهو أحكم الحاكمين.