شمس الإسلام تسطعُ على الأرض
ق. حسين بن محمد المهدي
إن راية الإصلاح الإسلامي في النظام والسياسة والعلم والأخلاق تهدي إلى أقوم سبيل، وتنادي بالحق، والعدل، وتحارب الفساد والظلم، وتكفل للإنسان أن يعيش حراً كما خلقه الله، كفلت له حقه في إصلاح الحياة.
لقد كفلت الشريعة للإنسان الحقوق التي يستطيع من خلالها أن يفكر ويتتبع ويستقرئ فيستدل ويستنبط فيعيش حراً عزيزاً مكرماً (قُلِ انْظُرُوا مَاذَاْ فِي السَّماواتِ وَالأرض) (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ، وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ).
لقد استنهضت الشريعة الإسلامية العقول والأفهام وأيقظت الحواس، ونبهت المشاعر (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون).
إن الشريعة أحاطت بشعب الحياة فما من ناحية من نواحيها إلَّا وقد تناولتها بالبيان.
وأوضحت لنا فيه الخير من الشر، والطاهر من الخبيث، والصحيح من الفاسد، تعطينا صورة كاملة لنظام صالح للحياة، وتبين لنا بكل تفصيل ما هي الأمور التي يجب أن نقيمها ونعتمدها فيما يخص الأفراد والجماعات.
إن بيان الشريعة للأحكام المتعلقة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبالقضايا الاقتصادية، والإدارية والتربوية، وحقوق المواطن وواجباته، وما يتعلق بشؤون الحكومة، والعدالة، وحالة السلم والحرب، والعلاقات بالأمم الأجنبية كُـلّ ذلك يجعل الإنسان المسلم والدولة المسلمة قادرة على إصلاح شؤون الحياة.
إن وسائل الإصلاح والتجديد التي تطمح إليها المسيرة القرآنية إذَا التزم الكل على الانضواء تحت لواء القرآن، والتوجّـه بمسيرته نحو الصلاح والإصلاح في كُـلّ أقطار العالم فسيكون تحقيق تلك المقاصد والغايات حليفه النصر؛ لأَنَّ الله وعد به (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ).
إن ما يروج له في بعض الدول من وحي الأهواء، ونوازع الشهوات، وسوء القصد، واعتلال التفكير؛ بهَدفِ صرف الناس إلى الحياة المادية القائمة على الإلحاد والفجور والتحلل مضلة للعقل، مفسدة للمجتمع، قائدة له إلى مهاوي الرذيلة.
فتشييد مراكز اللهو والترفيه يفسد على جماهير الناس مناهج الدين والتدين، ويطفئ نور القلب، ويعمي البصائر، ويميت عناصر الحياة والقوة في الأمم.
فما هكذا يكون الإصلاح والتجديد فاتقوا الله في أنفسكم وأوطانكم، وأعلموا أنكم مسؤولون أمام الله فيما تعملون، وأنه لا مهرب من الحساب، ولا مفر من الجزاء، وستخسرون الدنيا والآخرة، وتظفر المسيرة القرآنية ومن يسعى إلى التمسك بالقرآن وبما جاء به الإسلام من مبادئ العدالة وسعى إلى حفظ كيان الأُمَّــة ونصرها، نصراً لله ورسوله، وإعلاء لكلمته، وجهاداً مِن أجلِ تحقيق تلك الغايات، وتحرير فلسطين من الصهيونية اليهودية دونما أدنى شك.
فما وعد الله به سيتحقّق في الدنيا والآخرة (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يوماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شيئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّـهِ الْغَرُورُ).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).