الخميسَ خِطابٌ والجمعةَ تلبيةٌ لنداء المُخَاطِـب
كوثر العزي
الخميسَ اليمنُ ليس كبقية الشعوب؛ فالخميسَ يُرتقَبُ للخطاب، المعادي قبلَ الموالي يتأهَّبُ له، كيف لا والفعلُ يسبقُ القول، والتحذيراتُ تلتحقُ بها العواقب؟! وقتٌ كالسيف لا تساهُلَ فيه ولا تغاضيَ عن مآسيه، لتشفى صدورٌ وتغتاظُ نفوس، لتلعنَ وتُستحقر جموعُ العربان في تلك الساعات القلائل التي يلقى فيها الخطاب، لتُلعَنَ حينها على لسان فلسطين، خصمان أحدهما الحق والآخر الباطل، جميعُهم منتظرون لسماعِ القول السديد للسيد القائد، بترقُّب مكتظ بالخوف، وآخر مرتقب ممتلئ بالعزة والعنفوان، هذا هو حالُ البشرية منذ ولادة السابع من أُكتوبر.
ليظهرَ حينها سيدُ الأحرار، قائدُ الأنصار، يدُ فلسطين الطولى باترًا يدَ المعتدين، ملبِّيَ النداء، وقاهرَ الأعداء، بعز وصمود وثبات القضية يتكلم، تصديقاً بوعدِ الله بأن النصرَ حليفُ جُنْدِه، يخاطبُهم خطابَ النصر، وبوعي وإدراك قوله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} يشد على أيادي من يقفُ مع القضية الفلسطينية قلباً وقالباً، ويشيد بتلك الجبهات المحورية؛ ولأن التاريخ يعيد المشهد، وبأن لكل فرعون نهاية، يخاطب اللوبي الصهيوني بأن الأنفاسَ الأخيرةَ بدأت تصارعهم، يهمسُ بهمس السخرية بأن الزمنَ تخلَّى عنهم وبدأ كِبْرُهم وغُــرُوْرُهم ينصهر، وبأن قواتِهم العظماء تنهيها صواريخ يمنية الصنع وتبيدها دولةٌ كانوا من زمن يخططون لإبادتها.
والجمعة، يجتمعُ الأحرارُ في الساحات التي من خلالها يترجم غضبَ الشعب وعنفوانه بأنه هنا ما يزال مناصِرًا قابضًا على الزناد، متأهِّباً لمراحل التصعيد القادمة، متشوِّقاً للقاء والالتحاق بصفوف المسيرةِ الجهادية، بأن يشاركَ الشعبَ الفلسطيني ولو بجزء بسيط من مرارة ما يعيشه ذلك الشعب المظلوم.
تُتلَى في يوم الخميس آياتُ النفير تُبَثُّ على وسائل الإعلام الوطنية وغيرها، لتُترجَمَ يوم الجمعة بحشود مليونية مَدَدَ النظر، تلبِّي من حمل على عاتقه نصرةَ المظلوم ومعادَاةَ الظالم، من واقع المسؤولية يقفُ دون غيره مناصِرًا رغم الحصار الذي طالما طال وتمكّن من شعبه، متناسياً سنواتِ الحرب العجاف التي جعلت من المواطنين والمنشآت الحكومية أهدافاً للتحالف السعوديّ بالقيادة الأمريكية.
هنا اليمن يا زمنَ الهرولة للوراء، هنا الأوس والخزرج، هنا يمنُ المدد والعطاء، هنالك في الساحات رجالُ الرجال التواقون للجهاد العاشقون للشهادة، هنا مَن ينتظرون إشارةً؛ لكي يهبُّوا هبةَ رجل واحد ليقتلعُوا الجذورَ السامة من أعماق الأراضي الطاهرة؛ فو اللهِ لم نخف قَطُّ المعركةَ المباشرةَ بين اليمن وأمريكا، اليوم نقولُها بفخر يعانق السحاب: بلغنا نصابَ ما كنا نسعى له، وجعلنا أمريكا في بحارنا وما بعد بعد بحارنا ذليلةً تغرقُ دون نجاة، لا أحد يجرؤ على نصرتها؛ خوفًا على اقتصادهم وسلامتهم في المنطقة.
من تحت الراية العلوية تُزمْجِرُ حناجرُ الأحرار ليُسقِطَ ما بقي من رذاذ الكيان المؤقَّت على رداءِ النهضة الفلسطينية الحتمية، لتخرَّ “إسرائيل” منصاعةً تئِنُّ فتشفي أنينَها بقصفِ وقتل الأبرياء، ليبدأ الدورُ اليماني بأخذِ الثأرِ الشاملِ دون مراعاة مشاعرِ الأعراب الكاذبة.