استخباراتُ (طوفان الأقصى)

عباس الزيدي

أولاً- مما لا شك فيه أن المقاومة في غزة قدمت نموذجاً يحتذى به في إدارة المعركة وهو أُسطوري بكل ما تعني الكلمة على كافة المستويات من الاستحضارات إلى الحرب النفسية، وقد وجد العدوّ الصهيو أمريكي صعوبة بالغة في تحقيق أي من أهدافه التي أعلنها رغم ما يمتلك هذا العدوّ (الصهيوأمريكي الغربي) وداعموه من قدرات وإمْكَانيات وموارد بشرية وتسليحية مرعبة وتقنية متطورة ومالية وإعلامية، وَحصل ذلك في مساحة صغيرة جِـدًّا وسقف زمني كبير تجاوز الثمانية أشهر، وما زال العدوّ يجر أذيال الخيبة والهزيمة المدوية ويتجرع السم وانكسرت هيبته بفضل الله وَالصمود الأُسطوري والشجاعة الفائقة والصبر لأبناء المقاومة.

ثانياً- بعد أن سلطنا الضوء على أسباب الفشل والهزيمة الاستخبارية لمعسكر الأعداء سنحاول هنا قدر الإمْكَان ذكر أهم مميزات الجهد الاستخباري لأبطال المقاومة في غزة ومنها:

1- عصرت المقاومة خلاصة تجاربها وأعدت تكتيكًا استخباريًّا خاصًّا يجب أن يُدرَّسَ في أركان الحرب العالمية.

2- تعاملت استخبارات المقاومة بكل مهنية وحرفية وكانت مرنة وغير أنانية، استوعبت كُـلّ المعلومات وحولتها إلى حقائق.

3- أغلقت كُـلّ الفجوات التي تذهب بها بعيدًا وتجرفها نحو المغالطات ووضعت لقادتها أفضلَ الخطط والخيارات.

4- استخلصت كُـلَّ الدروس، وعِبَرَ وتجارِبَ المقاومة طيلة مسيرتها المشرقة في مواجهة العدوّ الغاصب.

5- أخرجت مواضيعَ الاستخبارات وبلورتها على أَسَاس المعلومات الدقيقة وتوخت الحرص لكل تقديراتها اليومية وَالدورية والفصلية.

6- بذلت جُهداً منقطع النظير في تأهيل وتطوير كوادرها الاستخباراية مهنيًّا وَأكاديميًّا وحسب التخصصات ومتطلبات الاستخبارات.

7- في كُـلّ عمل هناك نسبة خطأ لذلك أعادت النظر في أخطائها وتجاوزتها ولم تكرّرها.

8- طورت ما يسمى بمعالجة المعلومات وأصبح لها طريقة مثلى في فهم هذا المجال.

9- اعتمدت على الحقائق الموضوعية وابتعدت عن التكهنات وتعاملت بواقعية.

10- كرست نماذج جديدة لتصنيف وتدقيق المعلومات ومصادرها.

11- اعتمدت التحليل الوافي والكامل عن مغزى المعلومات من كافة الجوانب.

12- استشرفت من خلال ذلك كافة طرق عمل العدوّ المحتملة وأبلغت صناع القرار والقادة بذلك.

13- لم تتهرب من مسؤوليتها وشاركت القيادة بمجمل قراراتها.

14- حدّدت مجالات العمل والصلاحيات وأغلقت كافة فجوات التوقعات الخاطئة وشجعت على الاجتهاد والمبادرة وعملت بروح الفريق الواحد.

15- تمكّنت من معرفة قدرات العدوّ بكل تفاصيلها من نظام قواته وانتشارها ونشاطاته واستعداده القتالي.

16- استشرفت ردود فعل العدوّ وأعدت الخطط اللازمة والتكتيكات المناسبة.

17- وفق طبيعة الأرض والمساحة الضيقة والطرق المحدودة تمكّنت من معرفة حجم وزخم اندفاع قوات العدوّ وطرق إمدَاده وانسحابه وتكتيكاته ونجحت بالتشويش عليه بالقدر الذي أصابته بالعمى الاستخباري.

18- لم يُغْرِها الكَمُّ المعلوماتي فكانت كالطير تلتقطُ المعلومة الجيدة.

19- قدمت الجوهر من الاستنتاجات الصحيحة بما ينسجم مع خطط وتكتيكات الدفاع المقدس.

20- اقتربت دقتها إلى 100 %؛ لأَنَّها تعرف المعلومات وعبرت عنها بلغة الاستخبارات كحقائق أَو شبه حقائق وَأَيْـضاً ميزت ما بين الافتراضات والاحتمالات والتكهنات والتمنيات فكانت واقعية ونافذة البصيرة.

22- سهلت مهمة القائد في نشر وتهيئة قواته حسب مبدأ الاقتصاد بالقوة.

23- كانت خبيرة بعدوها وردود فعله واعتماده على الحرب الخاطفة وتلاشي عقيدته القتالية مع فقدانه للردع.

24- تكهنت بمعظم التطورات المحتملة والخيارات المتوفرة للعدو بما فيها التدمير والمجازر وقدرت أخطار المعركة على مختلف أنواعها والتغيرات التي تطرأ وهي لم تتفاجأ بما حصل.

25- ساهمت إلى حَــدٍّ كبير في تعبئة أبنائها لمواجهة التهديد وكل الاحتمالات بما ينسجم مع نظريتها الأمنية بالقدر الذي فشل في اختراقها رغم أساليبه الماكرة.

26- صاغت تقريرها الشامل بمجمل عناصر التهديد والتحديات عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا وإعلامياً واجتماعياً، ولا أبالغ أنها وضعت النتائج لما بعد سنة أَو يزيد على المواجهة وأيقنت بنصرها المبين.

27- نجحت بمستوى مذهل وفريد في تضليل وخداع العدوّ وعمليات التمويه واستدراج قواته.

ثالثاً- نحن هنا نتحدث عن قدرات لمقاومة في ميدان محدود وساحة صغيرة المسافة، عالية القدر برجالها، قبالة أجهزة استخبارية عتيدة مثل أمان والشين بيت والموساد وَCIA وأجهزة استخبارية متخصصة جوية وبحرية وإلكترونية… إلخ.

رابعاً- معركة الأشباح التي لا تزال تدور رحاها كيف واجهت وانتصرت على آلة الحرب العملاقة واعترضت الاستخبارات وكافحت التجسس ذي التقنية العالية.

من هنا ولد الطوفان من رحم المقاومة؛ لأَنَّ الأخيرة قرار.

نصرُنا قادم، موقفُنا ثابت، قرارُنا مقاومة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com