في حضرة المحور الإسلامي.. هزيمةٌ مدويةٌ للأقطاب المعادية
أحمد عبدالله الرازحي
منذُ هيمنة النظام الأمريكي في مطلع القرن العشرين، سعى بكل جهد لتشريع الهيمنة وأمركة العالم بكل قدراته وفي كُـلّ الدول، خُصُوصاً في منطقتنا قارة آسيا؛ لأهميتها الجيوسياسية وَالمليئة بالمورد الطبيعي والبشري؛ وكونها المنطقة الأكثر انتشاراً للإسلام والمسلمين.
أمريكا زرعت الأنظمة العميلة ودعمتها؛ كونهم اليد الأولى على شعوبهم، وصنعت الحركات الإرهابية بمسميات مختلفة وجعلها ذريعةً لاحتلال الشعوب احتلالاً مباشرًا.
انتقلت للحداثة وابتكار الاحتلال غير المباشر الأكثر تأثيراً والأقل كلفةً؛ فتعددت أذرع وأدوات هذا الاحتلال، منها الحرب الناعمة التي تتفرع منها الحرب الثقافية والأدبية والفكرية والأخلاقية، ثم الحرب الباردة صناعة الأسلحة المتطورة والأكثر تأثيراً والتسابق لامتلاك أكبر قدر من المواد المدمّـرة للبشر، المتفجرة أو السامة، ونشر الأوبئة ومخاطر كثيرة كلها خدمة لمشروعها الأمريكي الاستعماري لاحتلال الإنسان من الفكر إلى احتلال الأرض ونهب الثروات.
وبقيادة اللوبي الصهيوني أسَّس النظام الأمريكي والبريطاني ما تسمى بـ “إسرائيل” على أرض فلسطين العربية والإسلامية في 1948م دعمتهُ بكل إمْكَانياتها العسكرية والمعنوية وشرعنته كنظام على أرض فلسطين العربية وبفضل ولاء الأنظمة العربية لهذا اللوبي الصهيوني اعترف بهذا الكيان المحتلّ كدولة تتحكم وتدوس رؤساءَ وملوكَ الأنظمة العربية.
بل ومن قمة الظلم وضياع الحقوق أن الشعب الفلسطيني اليوم يقاوم للبقاء والحفاظ على وجود شعبه وأرضه المحتلّة، وأصبح عالميًّا الاعتراف بفلسطين كدولة، إنه إنجاز كبير للنظام العالمي المتغطرس، والقائم على دماء أبناء الشعوب الأصليين وزرع البديل المحتلّ لهم فأصبح الاعتراف بوجود وطن وأرض فلسطين فضلاً ومِنَّةً على أبناء الشعب الفلسطيني، وهذا أكبر دليل إلى أين وصلت الهيمنة الأمريكية البريطانية بالشعوب والبلدان بمختلف أقطارها.
يرى الصهاينة المُحركون للنظام الأمريكي والبريطاني أنهم في خطر بقيام بعض الأقطاب كروسيا والصين ولكنها في الواقع لم تمثل خطرًا على الصهاينة، كما مثلت إيران خطرًا على اللوبي الصهيوني والأنظمة العميلة التي ثبتت المشروع الأمريكي البريطاني الإسرائيلي في الدول والشعوب.
وعندما نعود للواقع قليلًا نجد فعلاً أن القطب الروسي والصيني لن يكونا بديلاً جيِّدًا للأمريكي؛ فَصراعهم مع الأمريكي صراع مصالح وسيطرة وسطو على البشرية والتحكم بها وبمستقبلها، لهذا فالغلبة للأقوى بينهم فالافتقار لقيم العدل والخير في هذه الأقطاب؛ ما جعلهم في صراع مُستمرّ حتى وإن انتصر أحدُهما.
بريطانيا ركَّزت على زراعة كيان محتلّ “إسرائيل” هدفهُ أن يُسير الأنظمة العربية والإسلامية ورعته أمريكا ليبسط مشروع الأمركة في منطقتنا ونهب ثرواتها واستعباد شعوبها وإذلالها؛ لأَنَّها تنظر إلى أن الإسلام يُشكل خطرًا وجودياً على الصهيونية العالمية إن سنحت لأحد شعوب المسلمين باختيار شخصية إسلامية قوية تقاوم وتواجه المشروع الأمريكي، خسرت الأنظمة المنبطحة بشعوبها المغلوبة على أمرها أن تكون هذا الشعب، وكان للثورة الإيرانية بانتصارها في عام 1979م شرف اختيار شخصية جديدة على الطريق الإسلامية مملوءة بالإرادَة والقوة للعمل في سبيل التحرّر من الهيمنة الأمريكية وكان هذا القائد الإمام الخميني.
فرض المحور الإسلامي الجديد ولو كان في بداياتهِ ولكن أمريكا تنظر لهذه الحقيقة بالقدر الذي يشكل على مشروعها خطرًا، انتصر وساند فلسطين وإلى اليوم في دعم ومساندة فلسطين في مواجهة الكيان المحتلّ الإسرائيلي والذي هو أمريكا في المنطقة الإسلامية.
تتنحى الأنظمة الخليجية بشعوبها وملوكها عن فلسطين وبذلك تتخلى عن الإسلام كمحور إسلامي قوي يجب أن يسود ويحكم بالعدل والخير للبشر، وخسرت شرف الإسلام والحرية والاستقلال وبقيت خادمةً مطيعةً للمشروع الأمريكي وفي حماية “إسرائيل”.
في المقابل اليمن بقيادة السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي، يُعلن بكل قوة أنهُ سيكون صاحب الدور الفاعل والمؤثر في هذا المحور الإسلامي الذي يقاتل ويناضل بمبدأٍ ثابتٍ هو مواجهة المشروع الأمريكي البريطاني في المنطقة وفي بقية الشعوب المستضعفة وأن فلسطين هي الجوهر الحقيقي لأصحاب هذا المحور الإسلامي، اليمن بالقائد الشُّجاع الذي حرك الشعب اليمني واستطاع انتشال اليمن من مستنقع اليمن وتخليصهِ من العملاء إلى بلد ذات قوة عسكرية ودولة قرار سيادي لا يقبل المساومة في مصيرهِ وفي مصير فلسطين.
يشهد هذا المحور الإسلامي القوي تطوراً وتضامناً؛ فالشعوب الأصيلة لا تخلو من الأحرار ففي لبنان وفي العراق وسوريا هُناك الأحرار يشكلون قوةً إلى قوة اليمن وإيران ليشكّلوا محوراً جديداً وقوياً يشهد التوسع والانتصار يوماً بعد يوم، وعلى النقيض يشهدُ مشروعُ أمركة العالم والمنطقة العربية والإسلامية هزيمةً وأفولًا ساعةً بعد ساعة!
المحور الإسلامي رغم حداثتهِ على الساحة العالمية سينتصر بقدر القوة التي تدفعهُ للقتال بشراسة وبكل إرادَة وشغف لتحرير فلسطين المقدسة والتحرّر من الهيمنة الأمريكية التي تتلاشى لأَنَّها ليست حضارة الإنسان إنما حضارة الوحوش وحيونة الإنسان وسلب حقوقهِ ونهب ثرواته.
ويبقى النصر المؤكّـد والحتمي هو للمحور الإسلامي بالقيم والأخلاقيات المُقدسة التي تسمو بالناس جميعاً وتسهم في بناء مجتمعات يسودها العدل والقيم والخير للبشرية جمعاء، وإن غدًا لناظرهِ قريب، وقريبٌ جِـدًّا.