الحجُّ توحيدٌ لله وتعظيمٌ وخُلُقٌ كريم
ق. حسين بن محمد المهدي
إن الحج إلى بيت الله وأداء مناسكه يعتبر تعظيماً له واعتصاماً به.
فمن أطاع الله حماه، ومن اعتصم به نجاه، ومن توكل عليه كفاه.
فقوة اليقين من صحة الدين، والحاج لا يظلم نفسه، وقد أتى؛ مِن أجلِ حط الذنوب عنها.
فمن ظلم نفسَه كان لغيره أظلم
ومن هدم دينه كان لمجده أهدم
إذا أتم المسلم طوافه بالبيت العتيق معظماً له صعد إلى جبل الصفا، استقبل القبلة ورفع يديه بحمد الله كما فعل النبي -صلى الله عليه وآله- تاليًا قول الحق سبحانه وتعالى: (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّـهِ) فوحد الله وكبره، وقال لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كُـلّ شيء قدير.
لقد أُثر عن النبي -صلى الله عليه وآله- أنه قال: (لا إله إلَّا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده).
وبدأ رسول الله -صلى الله عليه وآله- بالتكبير ثلاثاً، يظهر منه جليًّا أنه لا يكبر في نفس المؤمن شيء في هذا الوجود ما دام كلمة (الله أكبر) هي الأكبر من كُـلّ شيء
فقدرة الله وعظمته ورحمته وفضله وإحسانه أكبر مما يتصوره الإنسان.
إذا علم الإنسان أن الله أكبر من كُـلّ شيء فَــإنَّ إفضاله وإحسانه وخيره ورحمته أكبر من كُـلّ شيء.
فإذا قال المؤمن (الله أكبر) فقد كبَّر الله.
وإذا قال (لا إله إلَّا الله) فقد وحّد الله.
والبين من دعاء النبي -صلى الله عليه وآله- على الصفا هو أن توحيد الله والثناء عليه والإخلاص له من لازم صحة العبادة.
لقد علمنا من دعاء النبي -صلى الله عليه وآله- من هذه العبادة هو إظهار توحيده وتكبيره وبيان المحبة لله؛ فهو الذي نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، فلا إله معبود بحق يستحق العبادة والثناء إلَّا الله؛ فهو الرازق، المعطي، المانع، الرافع، الخافض، المعز، المذل، الذي بيده ملكوت كُـلّ شيء.
إن من يتقرب إلى الله بالدعاء ويخلص له في عبادته يجد الإجَابَة ويحصد السعادة، وسيجد من يؤذي المؤمنين عقابه.
فكيف بمن يستمرئ ذلك ويصر عليه، ويظن أن الله ليس برقيب عليه، ومن العجيب أن يقع بين المسلمين من المهاترات والمناقضات ما لا يكون بينهم وبين الطامعين في إضعافهم.
إن المضعفين لشوكة المسلمين، المذلين لكبريائهم يرغبون في بث الفرقة والاختلاف بين المسلمين، ويحبون إفسادهم واستئصال شافتهم.
وكم نحن حريصون على سمعة رؤساء الأُمَّــة وأمراءها وملوكها بل يسوؤنا أن يصبحوا محل الاستهزاء من قبل عدوهم المشترك “إسرائيل”.
إن ساسة الأُمَّــة وأفرادها وعلماءَها ليسوا بحاجة إلى الاختلاف واسترضاء العدوّ والبحث عن تهم لبعضهم، إن هذا الأمر خطير له ما بعده، فلا بدّ من أن يلتمس المسلمون العلاج لهذا الداء قبل أن يحل بالجميع غضب الله، فالكبرياء لله، وعلى الباغي تدور الدوائر، وليغتنم المؤمنون وحجاج بيت الله الحرام هذه الأيّام الطيبة فيدعوا الله.
إن السعي بين الصفا والمروة فيه تعظيم لله سبحانه وتعالى (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّـهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَو اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ).
فالتوحيد والتكبير من شعائر الصلاة والحج، وهن الباقيات الصالحات، والإخلاص بالدعاء في كشف الضر وإصلاح النفس فيه خير الدنيا والآخرة، فقد كشف الله الضر عن هاجر وولدها إسماعيل بعد أن فجر لهما نبع ماء زمزم، بعد أن كاد العطش أن يودي بهما، فكيف بدعوة المظلوم وهي لا ترد.
إن الخضوع والعبادة لله وحده والطاعة له والتحلي بالصبر والذكر لله والتعظيم له ما تطمئن إليه القلوب وتزكو به النفوس، ويتضاعف به الأجر، ويرضى به الحق، ويغفر به الذنب.
فالمسارعة بالدعاء بالنصر للشعب الفلسطيني وتوحيد كلمة المسلمين والعزيمة على رد الظلم يتحقّق به النصر والفلاح والنجاح.
(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)، العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء.