القبضُ على شبكة الجواسيس الأمريكية “الإسرائيلية”.. خسارةٌ كبيرةٌ للأصول الاستخباراتية الغربية

المسيرة – كامل المعمري:

إعلانُ الأجهزة الأمنية في حكومةِ صنعاءَ القبضَ على شبكة تجسُّسٍ أمريكية إسرائيلية تعملُ في البلاد منذُ عقودٍ لهُ انعكاساتٌ كبيرةٌ على وكالة الاستخبارات المركَزية الأمريكية (CIA) والموساد الإسرائيلي، ويمثل ضربةً قاصمةً لهما.

ربما في هذه الأثناء تجري تحقيقاتٌ داخليةٌ موسَّعةٌ داخل الـCIA والموساد؛ لِفَهْمِ كيفية اكتشاف شبكتهم، وما إذَا كان هناك تسريب أَو ضعف في الإجراءات الأمنية الداخلية، وتقييم الموقف، وهذا إجراء روتيني في أجهزة المخابرات حول العالم.

إذاً، نحن أمام إنجاز أمني استراتيجي، وغير مسبوق للأجهزة الأمنية باليمن ضد العدوّ الأمريكي والصهيوني، حَيثُ ينعكس عليه هذا الإنجاز سلباً من عدة نواحٍ.

 

فقدانُ الأصول الاستخباراتية:

القبضُ على شبكة تجسس يعني أن الـ CIA والموساد قد فقدا أُصُولاً استخباراتيةً قيِّمةً استثمرتا فيها سنواتٍ من التدريب والتجهيز، وَهذا يمثل خسارةً كبيرةً للجهود الاستخباراتية، حَيثُ تعتمد الأجهزة الاستخبارية على شبكات التجسس للحصول على المعلومات الحسَّاسة والقيِّمة التي تؤثر في سياسات الدول وأمنها القومي.

لذلك، فَــإنَّ فقدان شبكة تجسس يعتبر خسارة كبيرة للأجهزة الاستخبارية الأمريكية والإسرائيلية، وتمثل هذه الخسارة خسارة للمعرفة، والتجربة التي اكتسبتها الجهات الاستخبارية في سنوات عديدة من التعامل مع تحديات الأمن والاستخبارات.

علاوة على ذلك، قد يؤدي فقدان شبكة تجسس إلى تقويض الثقة في قدرة الأجهزة الاستخبارية على حماية الأمن القومي؛ مما قد يؤثر على السمعة والمصداقية الدولية لهذه الأجهزة.

 

تغييرُ الاستراتيجيات:

قد تلجأ أمريكا إلى إعادة تقييم استراتيجيتها الاستخباراتية من خلال تغيير الأفراد المشاركين في العمليات الاستخبارية، واستخدام تقنيات جديدة ومحسنة، وتعديل طرق التجسس والتجميع والتحليل؛ لجعلها أقل عُرضةً للكشف.

قد يتطلب هذا التغيير الشامل استثمارَ موارد إضافيةٍ؛ لتطوير قدرات الاستخبارات، وتكوين شبكات تجسسية جديدة، وتطوير تقنيات تجسس متقدمة.

من الواضح أن هذا التغيير لن يكون سهلاً، وقد يواجه العديد من الصعوبات على سبيل المثال، قد يكون من الصعب تعويض فقدان الشبكة التجسسية؛ من حَيثُ الخبرة والمعرفة الاستخبارية التي قدمتها.

كما قد تحتاج الاستراتيجيات والتكتيكات الجديدة إلى وقت للتطوير والتنفيذ؛ مما قد يؤثر على القدرة الفعلية على مواجهة التحديات الاستخبارية الحالية.

بشكل عام، من المرجح أن يواجه الـ CIA والموساد صعوباتٍ في تغيير استراتيجياتهما وتكتيكاتهما في اليمن، وقد تستغرق هذه العملية وقتًا طويلاً.

 

التأثيرُ على العمليات المستقبلية:

قد تتأثرُ العمليات الاستخباراتية المستقبلية للـCIA والموساد في اليمن والمنطقة ككل، حَيثُ سيتعيَّنُ عليهما أن يكونا أكثر حذراً في تجنيد العملاء وتنفيذ العمليات، هذا بالإضافة إلى أن هذا الإنجاز الذي كشفته السلطات الأمنية باليمن سيعرِّضُ أمريكا و”إسرائيل” للإحراج الدولي.

من الناحية الدبلوماسية ستكون له تداعياتٌ على العلاقات الدولية والسياسية للولايات المتحدة و”إسرائيل”، وقد يؤدي هذا الإحراج إلى تدهور العلاقات مع بعض الدول التي تعتبر التجسس على أراضيها أمراً غير مقبول، خُصُوصاً أن صنعاء كشفت أن هذا المخطّط الاستخباراتي الأمريكي والإسرائيلي يجري تنفيذه في دول أُخرى بالمنطقة؛ مما قد يؤثر سلباً على التعاون الاستخباراتي والأمني المشترك مع بعض الدول.

 

الاستفادةُ من خبرات اليمن الاستخباراتية:

كشفُ هذه الشبكة قد يُعَزِّزُ من ثقة المنافسين الدوليين للولايات المتحدة، بقدرتهم على كشف وإحباط عمليات التجسس؛ مما يزيد من التحديات الأمنية، وبالتالي فَــإنَّ دولًا مثل روسيا والصين تحتاج إلى معرفة التقنيات والأساليب التي استخدمتها صنعاء لكشف الشبكة التجسسية، خُصُوصاً أن هذه الدول في حالة عداء مع أمريكا.

هذه التجارب قد تكون قَيّمةً لهذه الدول في تعزيز قدرتها على مكافحة النشاطات الاستخباراتية الأمريكية والتصدي لأية تهديدات أمنية تنبعث منها.

وباعتقادي أن تقديمَ صنعاء للخبرات والتجارب التي اكتسبتها في كشف الخلايا الاستخباراتية قد يساهم في تطوير قدرات الدول الأُخرى في هذا المجال؛ مما يجعلها أكثرَ فعالية في مكافحة النشاطات الاستخباراتية الخارجية خُصُوصاً الأمريكية.

وإجمالاً، فَــإنَّ تبادُلَ الخبرات والتجارب في مجال مكافحة التجسس بين صنعاءَ ودولٍ مثل روسيا والصين، سيعمل على تعزيز التعاون الدولي في هذا الصدد؛ مما يقوِّي جهودَ مكافحة التجسس على المستوى الدولي؛ بحيث يمكن للدول العمل معاً على تعزيز الأمن القومي، وحماية سيادتها من التهديدات الخارجية، وخَاصَّة تلك التي تأتي من قبل العدوّ الأمريكي.

 

تعزيزُ الاستقرار الداخلي: 

نجاحُ حكومة صنعاء في القبض على شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية من الناحية الأمنية والسياسية يعزز قدرة الحكومة على حماية سيادتها وأمنها الوطني من التدخلات الخارجية، ويبرز قدرة الأجهزة الأمنية على التعامل مع التهديدات الخطيرة التي تهدّد البلاد.

أَيْـضاً هذا الإنجاز غير المسبوق يعزز الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية؛ مما يمكن أن يسهم في تعزيز الاستقرار الداخلي، وتقوية الدعم الشعبي للحكومة، كما أن القبض على شبكة تجسس بهذا الحجم، يظهر قدرة صنعاء على مقاومة النفوذ الأجنبي، ويمكن أن يكون لهذا الإنجاز تأثيرٌ ردعيٌّ على الشبكات التجسسية الأُخرى، أَو الدول التي تفكر في القيام بأنشطة تجسسية داخل اليمن؛ مما يقلل من محاولات التجسس المستقبلية.

يرسل هذا النجاحُ رسالةً قويةً إلى الأعداء والخصوم بأن الحكومةَ اليمنية لديها القدرةُ على اكتشاف وإحباط الأنشطة التجسسية والتخريبية المعقدة؛ مما يعزِّزُ صورةَ الحكومة ككيان قوي ومتماسك؛ الأمر الذي من شأنه زيادةُ الدعم للحكومة من قبل مختلف الفئات داخل البلاد، سواءٌ أكانوا سياسيين، أَو اقتصاديين أَو مواطنين عاديين؛ مما يعزز الوحدة الوطنية.

إن هذا الإنجازَ الأمنيَّ الاستراتيجي يرفعُ كفاءةَ أجهزة المخابرات المحلية، ويعزز الثقةَ والكفاءة في قدرة حكومة صنعاء على التصدي للتهديدات الأمنية والتجسس الأجنبي في المستقبل، ويمكن أن يحدُثَ ذلك من خلال عدة آليات.

 

تعزيزُ الكفاءة التقنية:

قد يشجِّعُ النجاحُ في كشف الشبكة التجسسية الأمريكية الإسرائيلية الحكومة على تحديث وتطوير تقنيات الاستخبارات المحلية؛ مما يزيد من قدرتها على اكتشاف ومواجهة الأنشطة التجسُّسية المشابهة في المستقبل.

ويمكن أن يشجع هذا النجاح الحكومة على تعزيز التعاون مع الدول الأُخرى في مجال مكافحة التجسس والإرهاب؛ مما يعزز من تبادل المعلومات والخبرات ويعزز الكفاءة الاستخباراتية المحلية.

هذا الإنجاز سيدفع الحكومة إلى تعزيز برامج التدريب والتأهيل لأجهزتها الأمنية؛ مما يجعلها أكثر استعداداً وفعالية في التعامل مع التحديات الأمنية، ويمكن أن يساهم هذا النجاح في زيادة الوعي الأمني لدى المواطنين والمؤسّسات؛ مما يجعلهم أكثر تنبُّهًا للأنشطة غير الشرعية ويساعدهم في الإبلاغ عنها.

قد يعزِّزُ هذا النجاح قدرةَ أجهزة المخابرات المحلية على تحليل المعلومات الاستخباراتية بشكل أفضل؛ مما يزيد من فعالية اتِّخاذ القرارات الأمنية.

إن قدرة اليمن على تحقيق إنجاز أمني كبير في وقت تتواصل فيه المعارك البحرية مع الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي تُبرِزُ مقدرتَها على إدارة الصراع على عدة جبهات بكفاءة عالية وتعقيد الوضع الأمني للولايات المتحدة و”إسرائيل” في المنطقة، حَيثُ يبرز الثغرات في عملياتهم الاستخباراتية، وبالتالي يمنح هذا الإنجاز لليمن ميزةً في المعارك البحرية، من خلال فَهمٍ أعمقَ لتحَرُّكات واستراتيجيات العدوّ؛ مما يعزِّزُ من فعالية عملياتها البحرية ضد الولايات المتحدة و”إسرائيل”.

* صحفيٌّ متخصِّصٌ في الشؤون العسكرية

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com