السيدُ عبدالملك الحوثي في خطاب حول آخر التطوُّرات والمستجدَّات: من أبرز عمليات هذا الأسبوع استهدافُ حاملة الطائرات “آيزنهاور” الأمريكية للمرة الثالثة شمالي البحر الأحمر بالصواريخ ومطاردتها
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أصحابهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
في بداية الكلمةِ نتوجّـهُ بالعزاء والمواساة إلى الشعبَينِ المصري والإندونيسي، وبقية الشعوب، ممن كان لهم ضحايا في موسم الحج في هذا العام؛ نتيجةً للتقصير والإهمال الكبير من جانب النظام السعوديّ، الذي يأخذ الأموال الطائلة، ويبتزُّ حجاج بيت الله الحرام بالأموال الكثيرة، والرسوم المالية الباهظة، تحت عنوان تقديم الخدمات للحُجَّاج، ثم يصل به الإهمال المتعمد، والتقصير الواضح، إلى التسبب بالضحايا بالمئات من حجاج بيت الله الحرام، وكانت الحصة الأوفر من الضحايا من حجاج بيت الله الحرام في هذا الموسم، للشعبين المصري والإندونيسي، فنحن نتوجّـه بالعزاء إلى كُـلّ الشعوب التي كان لها ضحايا.
النظام السعوديّ اتَّجه في اهتمامه بحفلات المجون والخلاعة، التي يسمِّيها بحفلات الترفيه، يوليها الاهتمام الكبير، والعناية الفائقة، في مقابل تراجع واضح في اهتمامه بحجاج بيت الله الحرام، وَأَيْـضاً هو ليس جديراً بأداء هذا الدور كما ينبغي، وتحقيق مقاصده القرآنية والإسلامية، هناك مقاصِدُ عظيمةٌ للحج وللعمرة، ودور عظيم ومهم وأَسَاسي لبيت الله الحرام، لا يمتلك النظام السعوديّ الجدارة للإشراف على هذا الدور، وتفعيله في واقع المسلمين؛ لأَنَّ سقفَه على المستوى السياسي خاضع للإرادَة الأمريكية، ويسعى نحو التودد للعدو الإسرائيلي، واتّجاهه وميله هو بالتودد والتحالف مع الكافرين، وأعداء المسلمين، وهذا شيءٌ واضح؛ ولذلك ينطبق على واقعهم قول الله تعالى: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أولياءهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أكثرهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}[الأنفال: الآية34].
فيما يتعلق بالعنوان الأَسَاسي لكلمتنا، وهو: المستجدات المتعلِّقة بعدوان الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة خلال هذا الأسبوع، مرَّ بنا في هذا الأسبوع عيد الأضحى المبارك، ولسان حال أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بل في مختلف فلسطين، هو ما قاله الشاعر: (عيدٌ بأية حالٍ عدت يا عيد)، الحالة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني نتيجةً لإجرام العدوّ الإسرائيلي، والإبادة الجماعية، والتجويع، والمعاناة الشديدة جِـدًّا، هي تجعلهم يعيشون هذا الجو الذي عبَّر عنه الشاعر، من حَيثُ الظروف التي يعيشونها؛ أمَّا من حَيثُ المعاني العظيمة والمقدَّسة والمباركة والمهمة لعيد الأضحى، كتخليدٍ لذكرى نبي الله إبراهيم ونبي الله إسماعيل “عليهما السلام”، وللدلالات والمعاني الإسلامية والتربوية العظيمة، فهم الأكثر جدارةً، وهم الذين يعيشون حالة الامتداد لتلك المعاني، والتجسيد لها، والتطبيق لها في واقعهم، وهم يجاهدون في سبيل الله، ويصبرون في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويواجهون العدوّ الإسرائيلي، الذي هو عدوٌ لله، وعدوٌ للإنسانية، وهو مرتبطٌ بالشيطان، من أولياء الشيطان، وفي مقدِّمة أولياء الشيطان، فهم من كانوا في واقعهم مجسِّدين ومطبِّقين لتلك المعاني العظيمة، والقيِّمة، والمهمة، المرتبطة بمناسبة عيد الأضحى، وبأكثر من بقية الشعوب والبلدان.
العدوّ الإسرائيلي يواصل عدوانه الوحشي، الهمجي، الإجرامي، على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة للشهر التاسع، وللأسبوع السابع والثلاثين، ولمائتين وثمانية وخمسين يوماً، وبلغت المجازر: أكثر من (ثلاثة آلاف وثلاثمِئة وستين مجزرة)، ومجازر هذا الأسبوع وفي أَيَّـام عيد الأضحى المبارك: أكثر من (عشرين مجزرة)، إضافة إلى ما يعانيه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من حصارٍ شديدٍ جِـدًّا، وتجويعٍ متعمد، كوسيلة من وسائل الإبادة التي يمارسها العدوّ الإسرائيلي، ولا سيما في شمال القطاع، في كُـلّ القطاع هناك معاناة كبيرة، هناك تجويع، وفي شمال القطاع أكثر، حَيثُ لا تتوفر الوجبات اليومية من الطعام، والبعض من الأسر يتوفر لها في اليوم ونصف اليوم وجبة واحدة، والبعض حالات أقسى وأصعب، وهناك حالات وفيات، لا سِـيَّـما بالنسبة للأطفال.
الأمريكي الذي كان قد قدَّم على طريق الخداع للرأي العام، ومحاولة التظاهر أنه مهتم بالوضع الإنساني في قطاع غزة، وقام بإنشاء رصيف عائم بحري، ليجعل منه في الواقع والحقيقة قاعدة أمريكية من قواعد الاحتلال؛ للمساهمة في الاحتلال لفلسطين، والمساهمة لدعم العدوّ الإسرائيلي، ولكن حسب الأُسلُـوب الأمريكي، والطريقة الأمريكية في تقديم ما يفعله مما هو عدواني وإجرامي تحت عناوين أُخرى، فيسمي الاحتلال بالتحرير، ويسمي القتل والإبادة بالمساعدات… وهكذا هو يقلب العناوين بشكلٍ كامل؛ فذلك الرصيف الذي كان الأمريكي جعله وسيلة فقط لأهداف تخصه، ولتضليل الرأي العام، نقله في ذروة المجاعة والمعاناة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، نقله من جديد إلى أسدود، وهكذا ليس هناك أي دور لذلك الرصيف في إيصال المساعدات للشعب الفلسطيني، وتلبية احتياجاته الضرورية للحياة.
أيضاً هناك معاناة مُستمرّة بالنسبة للجرحى، ومعاناتهم متفاقمة، الخدمات الطبية دمّـرت في قطاع غزة، ومع الحصار تنفد كُـلّ الاحتياجات والمستلزمات الطبية والأدوية، وهناك حالات كثيرة بحاجة إلى السفر للخارج بالآلاف، وبقاؤها في ظل ذلك الوضع، الذي لا وجود فيه للخدمات الطبية اللازمة في القطاع، معناه: أن يتسبب ذلك في استشهاد الكثير من تلك الحالات.
وهناك أَيْـضاً معاناة كبيرة جِـدًّا للأسرى والمخطوفين الفلسطينيين في سجون العدوّ الإسرائيلي، الذين يتعامل معهم بالتعذيب، والاضطهاد، والحرمان من الرعاية الطبية، إضافة إلى التجويع لهم، وجاء الحديث في مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض وسائل الإعلام عن اعتماد العدوّ الإسرائيلي على نظام غذائي يهدف من خلاله إلى تجويع الأسرى، بالاقتصار على تقديم ثلاث ملاعق من الأرز غير الناضج لكلٍّ منهم، وهناك حديث أَيْـضاً عن الحقن بالإكراه لمواد مجهولة، الحقن للأسرى والمخطوفين بالإكراه بمواد مجهولة، تظهر بعدها آثار ضارة على أجسادهم.
المعاناة أَيْـضاً في الضفة الغربية، من الاقتحامات المُستمرّة للمدن، والقتل، والاختطاف، والتدمير للمنازل، والتجريف للشوارع، وفي هذا السياق أَيْـضاً انتشرت صور توثِّق قيام العدوّ الإسرائيلي بسحل جثمان أحد الشهداء بواسطة جرافة، في جريمة بشعة للغاية.
أيضاً يستمر العدوّ الصهيوني في الاقتحامات للمسجد الأقصى، والاستهانة بالمقدسات، ومن الواضح تركيزهم على الاستهداف للمقدَّسات، دمّـروا أغلب وأكثر المساجد في قطاع غزة، مزَّقوا المصاحف، وَأَيْـضاً في الضفة الغربية هناك حوادث متعددة من الاقتحامات للمساجد، والتدنيس لها، والإساءة للمصاحف.
هناك أَيْـضاً في تجمعات الصهاينة، وفي اقتحاماتهم لباحات المسجد الأقصى، إساءَات إلى رسول الله محمد “صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وكل ما يعبِّر عن عدائهم للإسلام والمسلمين، أية وسيلة، أية طريقة، أي تعبير هم يستخدمونه؛ لكي يعبِّروا عن عدائهم الشديد للإسلام والمسلمين، من ضمن ذلك الفيديو الذي يظهر جنوداً إسرائيليين يقيمون حفلة شواء ورقص داخل مسجد معبر رفح، على الحدود المصرية، هو في هذا السياق: الاستهزاء بالإسلام، بمقدساته، تدنيس لمقدساته، المجاهرة الواضحة بالعداء للإسلام، ولمقدساته، ولرموزه، فأين هي الحميَّة الإسلامية الإيمانية لدى المسلمين؟! أين هو الشعور بالمسؤولية؟! متى يتحَرّك الكثير من الصامتين، ولا سيما ممن لديهم انتماء ديني، علماء دين، شخصيات متدينة؟! أين هو صوتهم؟! أين هي مواقفهم؟! أين هو تحَرّكهم؟!
مع كُـلّ ذلك، الأمريكي مُستمرّ في الدعم المفتوح للعدو الإسرائيلي، الجسر الجوي مُستمرّ في إيصال المؤن العسكرية، القنابل، مختلف أنواع السلاح الذي يقدِّمه الأمريكي لقتل أبناء الشعب الفلسطيني، لقتل الأطفال، ولقتل النساء، ولتدمير المنازل… وغير ذلك، هناك أَيْـضاً حديث عن صفقة جديدة أمريكية، تشمل خمسين مقاتلة (F-15)، دعماً للعدو الإسرائيلي لمواصلة ما يعمله من إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني.
وكذلك فيما يتعلق بالدول الداعمة من الدول الغربية، التي لها دور بارز في دعم العدوّ الإسرائيلي، مثل ما هو الحال بالنسبة لألمانيا، التي قرّر برلمانها الاستمرار في تقديم الأسلحة للعدو الإسرائيلي لقتل أطفال فلسطين، كما هو الحال أَيْـضاً في صربيا، التي تفتخر أنها تقدِّم شحنات أسلحة للعدو الإسرائيلي لقتل أبناء الشعب الفلسطيني.
فيما يتعلق بصمود المجاهدين في قطاع غزة، فنجد أنَّه بالرغم من مرور كُـلّ هذا الوقت، نحن في الشهر التاسع، والعدوان مُستمرّ، وفي تصعيد على أعلى مستوى، بأقصى ما يستطيعُه العدوُّ الإسرائيلي، ويتمكّن منه، مع ذلك هناك صمود وثبات للأخوة المجاهدين في قطاع غزة، من كتائب القسام، وسرايا القدس، ومن معهم من الفصائل التي ترابط، وتجاهد، وتقاتل في قطاع غزة.
العمليات النوعية في رفح مُستمرّة، وخسائر العدوّ الإسرائيلي في قواته على المستوى البشري (قتلى وجرحى) تتزايد في وتيرة متصاعدة، وهذا مؤثِّر ومقلق للعدو الإسرائيلي، في الوقت الذي يريد فيه أن يصل إلى نتيجة حسم المعركة لصالحه، والقضاء على الإخوة المجاهدين في قطاع غزة، وأن يخرج بصورة نصرٍ حاسم، هو يتكبَّد الخسائر الكبيرة من قتلى وجرحى في صفوف قواته، وَإذَا قورنت المدة الزمنية، وما تكبده فيها من خسائر في هذه الأيّام، بما يماثلها من الأشهر الماضية، نجد أنَّ هناك تزايد في خسائر العدوّ، ومعنى ذلك: أداء أعلى في أداء المجاهدين، ونجاح أكبر، وتوفيق إلهي أكبر، وفعلاً يتحقّق في واقع الإخوة المجاهدين في قطاع غزة مصاديق قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: الآية7].
ثبات الإخوة المجاهدين في قطاع غزة، بالرغم من الحصار الشديد جِـدًّا والتدمير الشامل، وطريقة العدوان الإسرائيلي التي يسعى من خلالها إلى تدمير كُـلّ شيء، وجرف كُـلّ شيء، جرف وتدمير الأحياء بأكملها، ومع ذلك هم ثابتون، مع ما يقوم به العدوّ الإسرائيلي، وما يسانده فيه الأمريكي، ويسانده فيه البريطاني، ذلك الثبات أمام ذلك المستوى من العدوان والإجرام، وما يمتلكه العدوّ من إمْكَانات هائلة، وما يعيشه المجاهدون من ظروف صعبة، ذلك الثبات هو من التثبيت الذي منَّ الله به، {وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: من الآية7].
العدوّ وصل إلى حالة إلى أن لجأ إلى تعليقات تكتيكية للعمليات في بعض الأيّام؛ نتيجةً للضربات المنكِّلة بجنوده، هناك أَيْـضاً استهداف مكثّـف من قبل الإخوة المجاهدين لدبابات العدوّ، وجرافات، وآلياته، هناك أَيْـضاً تفعيل لحقول الألغام، والمفخخات، وتنكيل بالعدوّ من خلالها، هناك استمرار في الرشقات الصاروخية إلى المغتصبات، التي يطلق عليها العدوّ مستوطنات، كُـلّ هذه الفاعلية مُستمرّة في أداء الإخوة المجاهدين في قطاع غزة، مع صمود الشعب الفلسطيني، والحاضنة الفلسطينية، التي يحاول العدوّ الإسرائيلي أن يبتزها؛ نتيجةً للجوع والمعاناة، هو يجوِّع ثم يحاول أن يبتز الشعب الفلسطيني، ويحاول أن يفرض متغيرات في إدارة الوضع في غزة، من خلال التجويع، ثم الاستغلال للتجويع، ومحاولة الابتزاز من خلاله، لكنه فشل أمام وعي وبصيرة وثبات وصمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
لهذا الصمود العظيم للإخوة المجاهدين في قطاع غزة تأثيره الكبير على العدوّ، فالعدوّ يعترف على لسان قادة منه، وضباط منه، من الجيش الإسرائيلي، وفي وسائله الإعلامية، يعترف بالفشل، يعترف بخيبة الأمل، بالإخفاق، يستخدم بعض القادة منهم يستخدمون مصطلح [مراوحة المكان]، أنَّ الحالة التي هم فيها هي تلك الحالة: [مراوحة المكان]، دون إحراز نتيجة لصالحهم.
البعض من جنود العدوّ يرفضون العودة للقتال في قطاع غزة، ونسبة كبيرة من الضباط يتحدثون عن نيَّتهم ترك الخدمة العسكرية، يعني: هناك هروب، في مقابل أنَّ الخسائر الكبيرة للعدو الإسرائيلي في صفوف قواته، من قتلى وجرحى، ومن مرضى نفسانيين، ومختلين عقلياً، وهم بالآلاف المؤلفة، وهو بحاجة إلى أن يعوِّضهم بتجنيد إضافي، تجنيد جديد، فالبعض أَيْـضاً لا يزالون يتحدثون عن نيَّتهم ترك الخدمة العسكرية، وهناك تهرُّب بشكل كبير من التجنيد، وأصبحت مشكلة التجنيد مشكلة تمثل معضلة بالنسبة للعدو الإسرائيلي، خسائر من جهة، وحاجة ملحة إلى التجنيد أكثر من أي وقتٍ مضى، ولكن ليس هناك إقبالٌ ولا رغبةٌ في التجنيد، وهناك تهرُّبٌ كبير؛ فهناك ثمرةٌ عظيمةٌ لصمود الإخوة المجاهدين في قطاع غزة، وصمود الشعب الفلسطيني، والعدوّ الإسرائيلي هو يتحدث عن أزمة وجودية، وعن عدم اطمئنان إلى المستقبل، الحالة حالة خطيرة على العدوّ، وهي ثمرة لصمود الشعب الفلسطيني ومجاهديه.
فيما يتعلق بالمواقف الدولية، هناك ترقبٌ لقرارات محكمتَي العدل الدولية والجنائية الدولية، مع أننا لا نعلِّق الآمال عليهما، ولكن أي موقف ولو كان بسيطاً يتضمن إدانة للعدو الإسرائيلي، يمثل مشكلةً عنده؛ لأنه متعوِّد أن يبقى بدون إدانة، أن يبقى خارج الضغوط، خارج الانتقاد، أن يكون في موقع يحظى فيه بالغطاء الأمريكي والغربي الكامل؛ وبالتالي يبقى الوضع دائماً لصالحه من دون أي إزعاج، حتى بتوجيه انتقادات، أَو قرارات، أَو مواقف، مع أنه لا يعطي لأي قرارات أي قيمة، لا من مجلس الأمن، ولا من أمم متحدة، ولا من محاكم دولية… ولا غير ذلك، ولكن هذا يزعجه، ويؤثِّر عليه.
هناك استمرار للتظاهرات والاعتصامات الطلابية في أمريكا، وبريطانيا، وأُورُوبا… وبعض البلدان والدول، وهناك استمرار في القمع لها، لا سِـيَّـما في أمريكا وبريطانيا، استهداف مُستمرّ للطلاب والمدرِّسين، وفض للاعتصامات، وتجويع للطلاب، ومنع لوصول الغذاء إليهم، وضغوط متنوعة عليهم.
الذي هو خارج الحسابات هو: مواقف الكثير من الدول الإسلامية والعربية وللأسف الشديد، يعني: ليس هناك ما يمكن أن تقوله عنهم فيما يتعلق بالمساندة للشعب الفلسطيني، ليس هناك شيء، ليس هناك لا تظاهرات، ولا مواقف، ولا قرارات، ولا تعاون، ولا أي شكل من أشكال المساندة للشعب الفلسطيني، البعض عندهم اهتمام فيما يتعلق بالجانب الإعلامي إلى حَــدّ ما، البعض عندهم اهتمام فيما يتعلق بالنشاط الدبلوماسي، لكن البعض ليس هناك ما يمكن أن تقوله عنهم، ولا أي موقف، ولا أي تحَرّك، وهذا شيء مؤسف جِـدًّا، وذنب، ذنبٌ بكل ما تعنيه الكلمة، تفريط يحاسبون عليه أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
أمَّا فيما يتعلق بجبهات الإسناد: فتصعيد حزب الله في جبهة الإسناد اللبنانية هو تصعيد قوي، والعدوّ الإسرائيلي فيما يتعلق بجبهة لبنان هو في مأزق بكل ما تعنيه الكلمة؛ لأن تأثير عمليات حزب الله تأثير قوي ومؤثِّر على العدوّ على مستوى واقعه العام، وعلى مستوى شمال فلسطين، فالعدوّ الإسرائيلي إن تغاضى عمَّا يحدث؛ فهو واقعٌ مؤلمٌ جِـدًّا له، ومؤثرٌ تأثيراً حقيقيًّا عليه، وإن ذهب إلى حرب شاملة؛ فهو يخافُ من العواقب الكبيرة لذلك؛ فهو في حالة مأزق، والأمريكي يحاول أن يخفِّفَ عنه مأزِقَه ذلك، ويرسلَ مندوبيه إلى لبنان؛ بهَدفِ الضغط الدبلوماسي، ولكن دون جدوى، فلا الضغوط السياسية، ولا المساعي الدبلوماسية يمكن أن تؤثر على موقف حزب الله، أَو أن تضعف من موقف حزب الله.
العدوّ الإسرائيلي هو يعترف بمدى التأثير الكبير لعمليات حزب الله، يتحدث عن ذلك قادةٌ منه، وفي وسائله الإعلامية، أفزعهم أَيْـضاً مقاطع الفيديو التي بثها حزب الله، وتتضمن مسحاً دقيقاً لمناطق واسعة من شمال فلسطين، ومجمعات التصنيع العسكري الإسرائيلي، وقواعد عسكرية، وأهداف حيوية متنوعة، هي ضمن بنك أهداف حزب الله، فيما لو تورَّط العدوّ الإسرائيلي في حرب شاملة، والاختراق، التمكّن من الاختراق وإجراء هذا المسح، هو مقلقٌ للعدو الإسرائيلي، وهو يعرف ماذا يعني ذلك.
فيما يتعلق بجبهة الإسناد العراقية، فالمقاومة الإسلامية في العراق أعلنت عن استهداف أهداف حسَّاسة للعدو الإسرائيلي بعدة عمليات، ومنها: ميناء حيفا.
فيما يتعلق بجبهة الإسناد في يمن الإيمان والحكمة والجهاد، في المرحلة الرابعة من التصعيد، فقد حرص شعبنا العزيز، وحرصت قواتنا المسلحة على أن تستمر في عمليات الإسناد، ومجيء العيد لم يكن يعني أن يتوقف العمل، ولا أن تتعطل وتتوقف العمليات؛ ولذلك كان هناك عمليات في يوم عيد الأضحى، عدة عمليات مهمة.
على مستوى الأسبوع: كان هناك عشر عمليات نُفِّذت بـ ستة وعشرين صاروخاً باليستياً، ومجنَّحاً، ومسيّرة، وزورقٍ حربي، استهدفت ثمان سفن؛ ولذلك يبلغُ العددُ الإجمالي للسفن المستهدفة المرتبطة بالعدوّ الإسرائيلي وبالأمريكي والبريطاني (مِئةً وثلاثًا وخمسينَ سفينة)، عدد كبير، ومؤثِّر على الأعداء.
ومن أبرز العمليات في هذا الأسبوع: عملية الاستهداف لحاملة الطائرات الأمريكية [آيزنهاور]، للمرة الثالثة في شمال البحر الأحمر، استهداف بالصواريخ، ومطاردة، هي تهرب بعد الاستهداف لها، منذ بداية الضرب لها تتجهُ للهروب، واستمرت المطاردة والقصف، وهذا عمل مهمٌّ، وعمل مؤثر، وعمل جريء.
من أبرز المستجدات أَيْـضاً في العمليات، هو: غرقُ السفينة توتور [TUTOR]، بعد عملية نوعية نفذتها القوات البحرية، وهي عملية مهمة، ونوعية، وتمكُّنُ الإخوة المنتسبين للقوات البحرية من الصعود إلى السفينة، ومن تنفيذ عمليتهم في تفخيخها وتفجيرها، بعد إصابتها أولاً بزورق حربي، ثم الصعود إليها وتفجيرها، وهناك سفينة أُخرى أَيْـضاً موشكة على الغرق في خليج عدن.
تأثيرُ العمليات البحرية تأثير كبير على الأمريكي، على الإسرائيلي، على البريطاني، ومتصاعد، وأصبح العجزُ الأمريكي، والفشل الأمريكي والبريطاني في منع العمليات البحرية واضحًا، ومعترَفًا به في الأوساط الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، وتأثيره على الوضع الاقتصادي متزايد، يعني: إلى مستوى أنَّ مصدِّري الملابس والإلكترونيات إلى أمريكا، بدأوا باستخدام الشحن الجوي المكلَّف، والبطيء، المتأخر، الذي لا يمكن فيه نقل كميات كبيرة، وكلفته أكبر بكثير، لكن هذا يعود إلى يأسهم من الاعتماد على البحر، وعلى التصدير والشحن عبر السفن. في المقابل كان هناك غارات خلال هذا الأسبوع، (أربعٌ وعشرون غارةً أمريكية وبريطانية)، ولكن -الحمد لله- ليس لها تأثير.
في الاعتراف الأمريكي بمدى تأثير العمليات القتالية، من جهة القوات الصاروخية، والبحرية، والمسيَّرة، أجرت وكالة أمريكية مقابلة مع قادة وخبراء بالبحرية الأمريكية، نقلت عنهم القول: [تواجه البحرية الأمريكية في اليمن أعنف قتالٍ لها منذ الحرب العالمية الثانية]، هذا هو حجم ما يجري في البحر الأحمر، والبحر العربي، والبحار، وُصُـولاً إلى المحيط الهندي، الأمريكي في مأزق حقيقي، وفي فشل ذريع، وفي عجز عن منع هذه العمليات، ونقلت عن أحد الضباط قوله: [لا أعتقد أنَّ الناس يفهمون حقاً مدى خطورة ما نقوم به، ومدى تعرض السفن للتهديد]، فهم يعترفون، تحدث بعضهم بالقول يعني يعترفون بضراوة المعركة، بتطور القدرات اليمنية، أنها تتطور باستمرار، وهذا -فعلاً- هو ما يحدث، التطوير للأسلحة والقدرات القتالية هو عملٌ مُستمرّ، العدوّ يدركه، ويتجاوز ما لديه من إمْكَانيات وتقنيات في الإعاقة والاعتراض، أَو في الاستهداف للعمليات، والسعي لمنعها، هذا فيما يتعلق بالعمليات العسكرية.
فيما يتعلق بالأنشطة الشعبيّة: يواصل شعبنا اليمني المسلم العزيز كَثيراً من الأنشطة الشعبيّة، وسيواصل أيضاً -بإذن الله- خروجه المليوني من الأسبوع القادم إن شاء الله تعالى.
نكتفي بهذا المقدار، ونترك الكثير من التفاصيل لوسائل الإعلام، التي هي جبهةٌ مهمَّةٌ جِـدًّا، وتُقدِّمُ -بحسب الوقت المتسع لديها- الكثير والكثير من التفاصيل.
نَسْألُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُعَجِّلَ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِي العَزِيز وَمُجَاهِدِيه الأَعِزاء بِالنَّصرِ وَالفَرَجِ، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصرِهِ، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.