الحروبُ الأشدُّ فتكاً في قبضة الوعي اليمني
سند الصيادي
بعدَ سماعي لاعترافات الخلية وَطُرُقِ الاستهداف المتعدِّدةِ لليمن وصلت إلى قناعةٍ أن أوضحَ وأسهلَ حربٍ معلَنةٍ تُشَنُّ علينا ويمكن مواجهتُها بشكل مباشر، هي الحربُ العسكريةُ والتي ليست إلَّا آخرَ الحروب التي يضطرُّ إليها العدوّ كخيار أخير، أَو كرصاصةِ رحمة توجَّـهُ إلى صدر المواطن والوطن المنهك وَالمثخَن بضربات بقية الحروب التدميرية الأُخرى ذات الطابع البيني التي استهدفت كُـلَّ مقوماته للمواجهة.
لعلَّ أبرزَ ما تعلمناه أَو ما عزَّزَ لدينا القناعاتِ من هذه الاعترافات حقيقةٌ عامةٌ شاملةٌ فحواها أَلَّا تثقَ بالعدوّ ولا نصائحه وَخدماته، وأَلَّا تنبهرَ برصيده الحضاري وخبراته وتسعى حتى بدوافع المسؤولية الوطنية الساذجة إلى الاستعانة به لاستنساخها في بلدك؛ لأَنَّ هذا المسعى يمثل مدخلًا خطيرًا ليعبثَ بأرضك وَأهلها؛ فحتمًا لن يساعدَك لتنهضَ وَلن يقدم لك تجربته، بل يستغلُّ انبهارَك وجهلَك ليقضيَ على كُـلّ مقدَّراتك ومقوِّمات وَآمالِ نهضتك.
هذه الشبكةُ من الجواسيس كانت تسرحُ وتمرحُ تحت ذلك الواقع المنبهِر والمطمَئِنِّ للخارج بأريحية تامة، وَقبل أن تمارس خيانتَها بكل وضوح في استقطاب ضِعاف الدين والوطنية كان لديها مساحةٌ لتجميل الخيانة والشعور بالأمان، تارةً تقدم نفسها كمنسِّق للدعم، وَتارة تقدم نفسَها كمستشار في إطار أسماءٍ فضفاضةٍ من وكالات ومنظمات أمريكية ودولية مختصة.
مع تبجيلنا الكبير للأجهزة الأمنية بما حقّقته من إنجازٍ استراتيجي غيرِ مسبوق؛ فَــإنَّ الأمر لا يتعلق فقط بالقُدرة البشرية والفنية التي أَدَّت لهذا الإنجاز، وإنما كان حصيلةً لحالة الوعي الرأسية والأُفقية التي باتت عليها اليمنُ -شعبًا وقيادةً ومؤسّساتً-، هذا الإنجازُ وما سبقه ثمرةٌ من ثمار المنهجية القرآنية التي بات عليها الذهنيةُ اليمنية -شعبًا ومؤسّسات- وثمرة التشخيص الصحيح وَالسليم للعدو وَتسميته وتحديده.
لقد أعاد هذا الوعيُ المتنامي بناءَ المفاهيم والقناعاتِ والسرديات حول المنهجيات المعتمدة لدى العدوّ في المواجهة، وَالأدوار المشبوهة لسفاراته ووكالاته ومنظماته، وقاد هذا الوعيُ إلى ملاحقتِه وضبطه.
اليومَ لا بيئةَ سياسيةً ولا اجتماعيةً ولا أمنيةً أَو عسكريةً حاضنةً لهذه المشاريع ولا لمكوناتها من أفراد وجماعات، بعد أن فقد عيونَه وأُصُولَه الاستخباراتية، وانكشفت طُرُقُهُ الذكيةُ التي أنفَقَ عليها المليارات، ومهما كانت الأساليبُ والتقنياتُ التي سيلجأُ إليها العدوُّ مستقبلًا؛ فَــإنَّ الوعيَ اليمنيَّ الإيمَـانيَّ المتراكِمَ بالتجارِبِ لها بالمرصاد.