المؤمنون والمؤمنات بعضُهم أولياءُ بعض
دُرة الأشقص
عِندما أمرنا اللهُ بِتَولي أوليائه، من الرُّسل وبعدهم آل البيت، عُترة الرسول؛ فهو لم يكُن ليُفرق بين الناس، لِقولهِ تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ).
كذلِك الناس مِنهم من فضّله الله ومنهم من رفعهُ اللهُ درجة، هي كلمةٌ قائِلُها: “وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ” فمنهُم من آمن بِولاية الأئِمة من آل البيت، ومنهم من كفر بِتوليهم، ونسي بأن توليهم أمرٌ من الله سُبحانه وتعالى لقوله: [إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ].
إن لم نتولَّ الذين آمنوا والمُقيمين للصلاة والذين آتوا الزكاة وهم راكعون والمقصود به الإمامُ (علي) “كرم اللهُ وجهه” فمن سنتولى؟ هل نتولى أئِمةِ الكُفر، أم نتولى السّكارى، ومُدمِني المُحرمات، هل يجبُ علينا أن نتولى من لا يُقيمون حقاً ولا يُزهقونَ باطِلاً ولا يُنصِفون الناس من أنفسهم، الذين يرتِكبون الفواحش، ويُشيدون ممالِكهم على أشلاء الأبرياء؟
أم نتولى أولياء الله المؤمنين، القانتِين، الخاشعين، الذين يأمرون بالمعروف، وينهون عنِ المُنكر، الذين يحزنون لأمرِ الأُمَّــة، ويُؤثرون الناس على أنفسهِم.
نتولى حِزب الشيطان أم الحِزب الغالب الذي قال الله عنهم: (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ).
اللهُ عندما أمرنا بِتوليهم هو أمرنا بالعِصمة، والالتفاف حول القرآن الكريم، والعمل به.
أمرُ الولاية هو أمر بِتآخي المُسلمين وتكاتُفهم، وتعاوُنِهم.
لم يدعُ لِلفُرقة، والتشرذم، والتقسيم والتفكُك الذي يؤدي لِضياعِ المُسلمين وضعف شوكتهم، وَانهزامهم أمام أعدائهم، وجعلهم لُقمة سائغة لِليهُود والنصارى ومن والاهم.
عِندما أمرنا بتوليهم لم يقصُد به تمييزاً بين الناس ولا عُنصرية لقولِه تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أكرمكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) فالفرق بين الناس عند الله هو بِالتقوى فقط لا بِالألقاب ولا بِالنسب، وهو امتحانٌ لنا ولِلناسِ كافة.
الوُلاية هي [غربلة الخبيث من الطيب] الله جل عُلاه لا يُريدُ لِلناس إلا الخير ولا يدلهُم إلا على الخير مُنذُ إرسال الرُسُل إلى أن جعل لنا مِن أنفسنا رسولاً ومن ثم جعلَ لنا والياً وهو وصيه وابن عمه وبابُ مدينةَ عِلمِه الإمامُ الأغر، (علي بن أبي طالب).
الولاية هي ابتلاءٌ من الله لِلمُسلمين؛ ليَرى من يُفلح ومن يجني على نفسه بِالخسران والبوار.
مثلما ابتلى اللهُ الأمم من قبلنا والشعوب، جعل لنا خيارين لا ثالِثَ لهُما، وهما: انتهاج نهجِ آل الرسول وتوليهم أَو الانحراف عن طريقهم والتمسُك بآل الفسق والظُلم والفُجُور والطُّغيان، أولياء الطاغوت أمريكا و”إسرائيل”، وأتباعهم.