ذاكرة العدوان: 30 يونيو خلال 9 أعوام.. 13 شهيداً وجريحاً في غارات على صعدةَ والضالع
المسيرة – منصور البكالي
تعمَّــدَ العدوانُ السعوديّ الأمريكي في مثل هذا اليوم 30 يونيو حزيران خلال 9 سنوات مضت، استخدامَ حبوب القمح والمساعدات الإنسانية إحداثيات الطيران لقتل المواطنين وتدمير المنشآت التربوية والتعليمية، واستهداف المنازل والبنى التحتية.
أسفرت غارات العدوان عن 4 شهداء و9 جرحى، وتدمير مدرسة وادي ابن جراد التعليمية، ومجمع الحرية التعليمي، ومكتب التربية بصعدة، وتدمير منازل المواطنين وإدارة أمن قعطبة ونادٍ رياضي بالضالع، وحالة من الخوف والهلع في صفوف الأطفال والنساء وموجة نزوح من المناطق المستهدفة.
وفيما يلي أبرز تفاصيل جرائم العدوان في مثل هذا اليوم:
30 يونيو 2015.. 13 شهيداً وجريحاً في استهداف مدرسة بصعدة:
في مثل هذا اليوم 30 يونيو حزيران، من العام 2015م، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي مدرسة وادي ابن جراد التعليمية التي كانت تحوي بداخلها مساعدات إنسانية في منطقة آل كريد بمديرية حيدان بمحافظة صعدة.
أسفرت الغارة عن 4 شهداء و9 جرحى، وتدمير المدرسة وإتلاف المساعدات الإنسانية بين الدمار والخراب، فور وصولها كمساعدة ألمانية، دعي المواطنون لاستلامها، وحالة من الخوف والهلع في صفوف المواطنين، وزيادة في معاناتهم، وحرمان الأطفال من حقهم في التعلم، في محاولة تجهيل متعمدة.
هنا اختلطت دماء وأشلاء المواطنين، بما كان يسمى مساعدات إنسانية لأبناء منطقة آل كريد، قبل أن يتذوقوا طعمَها، بل أذاقهم العدوانُ الموتَ والألم والجراح، في مشهد حوّل المساعدات الإنسانية إلى طعم لتصيد المواطنين، وقتلهم بشكل جماعي.
الشهداء والجرحى كانت أسرهم ومن يعولون في انتظار عودتهم محمَّلين بالغذاء، لكن غارات العدوان حوَّلتهم إلى محمولين فوق النعوش وعلى أسرّة المستشفيات، فما وصل هو خبرهم الحزين كالصاعقة على قلوب أطفالهم ونسائهم ومحبيهم؛ فكان البكاء والحزن واليتم حقيقة المساعدة الألمانية المقدمة إليهم، بديلاً عما قيل عنه مساعدات!
جموع من الطلاب في عمر الزهور بنظرات رعب علت وجوههم يتلفتون يمنة ويسرة وفي كُـلّ اتّجاه، قدموا بعد الغارات لزيارة ما بقي من مدرستهم، تظهر عليهم معالم الحزن العميق، وتذكر أَيَّـام قضوها في تلك الفصول وهم يتلقون العلوم والمعارف، لتكون زيارتهم الأخيرة ووداعهم الأخير لخير مكان كانوا يجتمعون تحت سقفه بزملائهم ومعلميهم، وكلّ ذكرياتهم الحلوة.
كتب ومناهج وزارة التربية والتعليم وما تحتوي عليه من الآيات القرآنية وأرشيف المدرسة وكشوف الطلاب ودرجاتهم في المستويات المختلفة باتت ممزقة بين الركام.. أقسام المدرسة التي كانت تحوي بداخلها طلاباً وطالبات، يتلقون فيها دروس العلم والمعرفة ومهارات القراءة والكتابة، وأَسَاسيات مختلف العلوم، حوَّلتها غارات العدوان إلى كومة من الخراب مختلطة بفتات من القمح والزيت والعدس المقدم كمساعدات لشعب يُقتل ليلَ نهارَ وتدمّـر منازله ومدارسه ومزارعه وكلّ معالم الحياة فيه منذ بدء العدوان.
أحد الأهالي بعد رحيل الغارات من سماء المنطقة، وكله غضب يقول: “هذه المساعدات هي طُعم لقتل المواطنين، ووسيلة من وسائل العدوان الخبيثة”، كما هو لسانُ حال مسنة تحمل قليلًا من القمح المقدم على ظهرها وسوء التغذية ظاهرٌ على وجهها وجسدها النحيل جِـدًّا تقول: “جاء لنا القليل من القمح، فجاءت غارات العدوان “نفشين به”؛ [أي فرقت حباته وسط الدمار والتراب]، مستكثرين علينا الاستفادة منه”، متابعة: “الله المستعان، الله يصيبهم، ونحن مرضى وأطفالنا جائعين، ومعاناتنا كبيرة، ما هذا الفعل الذي فعلتموه”.
تظهر المشاهد طفلة في عمر الزهور تحمل من كيس القمح بعضه وهو يثقل جسدها الصغير على مقربة من ساحة المدرسة المستهدفة، وكذا أطفال ونساء وكبار السن يحاولون تجميع ما بقي من القمح من وسط التراب والدمار؛ علهم يسدون به جوع أهاليهم، ومن بقي على قيد الحياة ممن يعولون.
فيما يقول آخر: “عملاء أمريكا وإسرائيل يقدمون لشعبنا الغذاء ويلحقون بعده لقتلنا أثناء التوزيع، أي عالم هذا! أية وحشية هذه! صار هدفهم قتلنا لا مساعدتنا، كيف حولت -الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية- حبات القمح إلى إحداثيات لغارات العدوان، تستطيع من خلالها الوصول إلى تجمعات شعبنا وإبادته في مجازر مروعة وجرائم حرب بحق الإنسانية في اليمن؟”، متابعاً “ولكن هيهات لهم ذلك ولن نتخلى عن قيمنا وديننا وهُــوِيَّتنا وتصدينا للعدوان لو ما بقي يمني، ومهما بغلت التضحيات، ونحن حاضرون لتقديم كُـلّ ما نملك من الأبناء والأموال والسلاح حتى نلحق العدوّ إلى أي مكان هو فيه”.
هدية من ألمانيا:
أكياس قمح محترقة يمسك أطرافها المواطنون، مكتوب عليها عبارة “هدية من ألمانيا”، جعلها العدوان طُعماً لتجميع المواطنين وإبادتهم، بغاراته، علق عليها مواطن وهو بلحيته البيضاء: “يقدمون لنا كيس قمح ليقتلوا منا المئات، فور وصولها وهي لا تزال على ظهر القلاب [الشاحنة]! مساعدات من هذا النوع الماكر لا نريدها، ونطالب من العالم عدم تقديمها، فلسنا شحاتين عند أحد، هذا ردنا على الهدية الألمانية”.
استهداف العدوان لمدرسة وادي ابن جراد والمساعدات الإنسانية التي بداخلها هو استهداف الأمعاء الخاوية، ودك للبنية التحتية، والاحتياجات الضرورية، والجبهة التعليمية بشكل مباشر، وجريمة حرب مكتملة الأركان تستهدف الأعيان المدنية، وتهدف لجمع أكبر عدد ممكن من المواطنين وقتلهم، ووصمة عار في جبين الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية المعنية بتوزيع الغذاء، ودعم التعليم وحقوق الطفولة على حَــدٍّ سواء.
تدمير البنية التحتية للتعليم في اليمن:
وفي سياق متصل بمحافظة صعدة في اليوم ذاته 30 يونيو حزيران، من العام 2015م، شن طيران العدوان السعوديّ الأمريكي عشرات الغارات على مكتب التربية والتعليم ومجمع الحرية التربوي بمديرية حيدان.
أسفرت غارات العدوان عن تدمير مجمع الحرية التربوي، ومكتب التربية والتعليم في المديرية، وحرمان مئات الأطفال والشباب في المديرية من حقهم في الحصول على العلوم والمعارف، واستهداف ممنهج للبنية التحتية والجبهة التعليمية، والأعيان المدنية.
هنا الخراب والدمار في مختلف جهات ومناحي المجمع التربوي ومكتب التربية، وفي المقابل أطفال وشباب بقوا في منازلهم، ولم يُبقِ لهم العدوان جهةً يذهبون للتعلم فيها.
أحد المواطنين من بين الدمار يقول: “هذه أفعال الجبناء، أفعال خائن الحرمين، وحلفائه أمريكا وإسرائيل، ونسأل من الله الانتقام، وكلّ هذا لا يخيف فينا شعرة، لو نتقطع أَو تحول إلى ذرات، فلن نركع للعدوان، ونحن صامدون إلى آخر قطرة من دمائنا، وكلّ أبنائنا وأحفادنا على هذه المسيرة، حتى تقوم الساعة”.
تدمير مدرسة وادي ابن جراد في آل كريد، ومجمع الحرية التربوي، ومكتب التربية والتعليم في حيدان، خلال يوم واحد، جريمة من آلاف جرائم العدوان السعوديّ الأمريكي المستهدف للجبهة التعليمية، ونموذج واحد لاستراتيجية القتل المصحوب بالتدمير الممنهج للتعليم في اليمن، خلال 9 أعوام، وصورة كشفت حقيقة استخدام الأمم المتحدة للمدارس تحت ذريعة مخازن لتوزيع المساعدات الإنسانية، وكيف شاركت في استهداف الجبهة التعليمية وتعطيلها وتدمير مبانيها، وقتل آلاف المواطنين اليمنيين وسفك دمائهم تحت أسقفها، وبجوارها، وكيف كانت المنظمات الأممية أدَاةً من أدوات العدوان، ووسيلةً من وسائل وصوله إلى عمق مختلف المدن والمناطق والقرى، في الكثير من المديريات والمحافظات اليمنية وجمع المعلومات الاستخباراتية منها.
30 يونيو 2015.. عشراتُ الغارات تستهدفُ منازل المواطنين ونادياً رياضياً وإدارة أمن في الضالع:
وفي مثل هذا اليوم 30 يونيو حزيران، من العام 2015م، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي منازل المواطنين، ونادي الشباب الرياضي، وإدارة أمن قعطبة بعشرات الغارات في محافظة الضالع.
أسفرت غارات العدوان عن تدمير إدارة الأمن ومنزل بجوارها، وملحقات وصالات النادي الرياضي، وتضرر ممتلكات ومنازل المواطنين المجاورة، وحالة من الخوف والهلع في نفوس الأطفال والنساء وموجة نزوح جماعية من المنطقة.
كلاب الحراسة والأشباح هي من بقيت تسكن المكان وتعبر عن انزعَـاجها من هول الدمار والحفر العملاقة في عمقها وسعة قطرها المليء بشظايا الصواريخ والقنابل المدمّـرة وشديدة الانفجار.
هنا حقيبة مدرسية وكتب وأقلام لطالب في المستويات الأولى على ما بقي من ألواح خشبية لغرفة نوم، وسط ركام المنزل وأعمدته المدمّـرة، وأسقفه المهدمة، وأدوات منزلية متنوعة مع خزان المياه، وأبواب ونوافذ وشبابيك منزل شرد أهله منه عند أول غارة على النادي المجاور لهم.
ما تظهره المشاهد الإعلامية وتعبر عنه كتابات الأقلام نزر بسيط، وقطرة من بحر جرائم العدوان وتبعاتها في أرض الواقع وعلى نفسية وأحوال المتضررين من أبناء الشعب اليمني.
استهداف منازل المواطنين والنادي الرياضي وإدارة أمن قعطبة في محافظة الضالع، أعيان مدنية يجرِّمُ القانون الدولي العام والقوانين الإنسانية استهدافها في زمن الحروب، وجريمة حرب مكتملة الأركان من آلاف الجرائم المماثلة بحق الشعب اليمني في مختلف المحافظات والمناطق الحرة، على مدى 9 أعوام متتالية، وملف على طاولة محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية، لمحاكمة مجرمي الحرب من قيادات دول العدوان، وحق مشروع ومكفول وباقٍ للشعب اليمني لن يسقط بتقادم الأيّام والسنين.