السيدُ عبدالملك الحوثي في خطاب حول آخر التطوُّرات والمستجدَّات: المعركةُ في البحر الأحمر أثبتت أن حاملاتِ الطائرات الأمريكية نظامٌ قديمٌ عفا عليه الزمن

القِطَعُ الحربيةُ الأمريكية في البحر الأحمر، تطارَدُ بالصواريخ والمسيَّرات، وهي في حالة فرار بأقصى سرعة تستطعُها

عملياتُ الإسناد هذا الأسبوع لجبهة اليمن بلغت 12 عملية نُفّذت بـ 20 صاروخًا باليستيًّا ومجنَّحًا وطائرة مسيَّرةً وزورقًا على طول مسرح العمليات البحرية

معركة الأمريكي لإيقاف عمليات الجيش اليمني في البحر لم تكن سهلةً أو بسيطةً، وعدد السفن التي تم استهدافها منذ بدء العمليات بلغت 162 سفينة

نواجهُ في مسألة العمليات إلى البحر الأبيض المتوسط مشكلةَ إسناد أنظمة عربية لصالح العدو، تحاولُ بجدية عجيبة اعتراض صواريخ اليمن وطائراته خدمة للعدو

سيتم الحديثُ عن محاولة توريط الأمريكي للسعوديِّ في المجال الاقتصادي في كلمة بداية العام الهجري الجديد

++++

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أصحابهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

بَقِيَ ثلاثةُ أَيَّـام ويأتي الشهرُ العاشرُ منذ بداية العدوان الإسرائيلي الصهيوني على قطاع غزة، ونحنُ في الأسبوع التاسع والثلاثين، ولمِئتين واثنين وسبعين يوماً، ومع طول الوقت ينحسرُ الاهتمامُ لدى الكثير، ولا سيما في الواقع العربي، ينحسر اهتمامُهم على مستوى المتابعة للأحداث، وعلى مستوى التفاعل في الموقف وفي العمل، وهذه من أخطر نقاط الضعف، التي يحسبُها الأعداءُ لصالحهم في واقع العرب بشكلٍ خاص، وقد تمتد إلى بقية الشعوب في العالم الإسلامي بشكلٍ عام، ولكنها في الحالة العربية هي واضحة وبشكلٍ مؤسف! يتفاعلون مع الأحداث في بدايتها، ولا سيما عندما يتفاجؤون بها، ثم يقِلُّ اهتمامهم، ويضعُفُ تفاعُلُهم، وتنحسرُ اهتماماتهم، وتطغى على ذهنيتهم الشواغلُ الأُخرى، والمستجداتُ الأُخرى، وحتى البسيط منها جِـدًّا يمكن أن يمثّل شاغلاً كَبيراً بالنسبة لهم، وأن يعطوه اهتماماً كَبيراً جِـدًّا على حساب القضايا المهمة والخطيرة والكبيرة، ولكن ما يحصل في فلسطين ليس من الأحداث العادية، التي يُبرّرُ للإنسان أنه اعتاد على سماعها، أَو أصبح متروضاً تجاه ما يحصل فيها، أَو أنه يبرد اهتمامه وتفاعله على مستوى المتابعة، وعلى مستوى العمل والموقف، ما يجري هناك هو جريمةُ إبادة جماعيةٍ لشعبٍ مظلومٍ مسلم، وما يحصل هناك هو مسلسلٌ دمويٌّ إجراميٌّ بشعٌ لا مثيل له ضد شعبٍ مسلم، الإنسانية في فلسطين تُهدر وتستباح، ولم يبق هناك أي اعتبار لدى العدوّ الصهيوني الإسرائيلي، ولا قيمة لأي شيءٍ من الحرمات، ولا من الاعتبارات القانونية أَو غيرها، يتجاوز كُـلّ شيء، في الوقت الذي يطلق على الآخرين من البشر بأنهم هم حيوانات، وأنهم ليسوا بشراً حقيقيين، هو من يتعامل في سلوكه الإجرامي والوحشي بأسوأ حتى من الحيوانات، وبطريقةٍ بشعةٍ إجراميةٍ شنيعةٍ فظيعة.

بلغ إجمالي عدد الشهداء والجرحى والأسرى: ما يزيد على (مِئة وخمسين ألف فلسطيني)، هذا كله في نطاق جغرافي محدود، هو: قطاع غزة ومعه الضفة الغربية، ما يحصل هو بشكلٍ مركز على قطاع غزة، والمجازر المُستمرّة التي هي في خانة جرائم الإبادة الجماعية: أكثر من (ثلاثة آلاف وأربعمِئة مجزرة)، وهذا الأسبوع شهد أكثر من (واحدٍ وعشرين مجزرة)، أسفرت عن: استشهاد وجرح (ألف ومِئة وثلاثين فلسطينياً)، معظمهم من الأطفال والنساء كما هي العادة.

ومن الجرائم الفظيعة، التي تضاف إلى سابقاتها، وهي بالآلاف من الجرائم البشعة، التي يُقْدِم عليها جنود العدو: إقدام جنود العدوّ الإسرائيلي على قتل امرأةٍ فلسطينيةٍ مُسِنَّة، عمرها حوالي خمسة وستين عاماً، في حي الشجاعية، بدهسها بجنازير الدبابات، أمام أنظار أبنائها وأحفادها، هذه واحدة من جرائم بالآلاف من هذا النوع، الذي يتَّصف بالوحشية، ويتَّصف أَيْـضاً بالإجرام الفظيع الشنيع جِـدًّا، والعدوّ الإسرائيلي هو يتفنن في أنواع الجرائم الفظيعة والبشعة، ويتباهى بها.

ومن المؤسف جِـدًّا أن تُقابل مثل هذه الجريمة وغيرها من الجرائم بالتجاهل التام من الأنظمة العربية، التي لا تزال حتى الآن -في أكثرها- تُصَنِّف الإخوة المجاهدين في فلسطين بالإرهاب، وتُصَنِّف حزب الله بالإرهاب، وتُصَنِّف شعبنا اليمنى بالإرهاب؛ أمَّا ما يفعله العدوّ الإسرائيلي مما هو فعلاً إرهاب إجراميٌّ، فلا يدخل في حيز اهتماماتها، ولا في تصنيفاتها، ولا في إطار مواقفها، في هذا الأسبوع، أكّـدت جامعة الدول العربية على أنها مُستمرّةٌ في تصنيف حزب الله بالإرهاب، وبأنه منظمة إرهابية، وفعلاً يعني كان من أقل القليل الذي ينبغي على الأنظمة الرسمية العربية أن تفعله: أن ترفع تلك التصنيفات الجائرة، الظالمة، الباطلة، المسيئة، إلى الإخوة المجاهدين في فلسطين، ولكن -كما قلنا- العدوّ الإسرائيلي الذي يرتكب أبشع وأفظع الجرائم الإرهابية الإجرامية، التي هي إرهاب إجراميٌّ، لا يصنفونه أبداً في قوائم الإرهاب، يراعونه -وحتى في وسائل إعلامهم- يراعونه في أوصافهم التي يطلقونها، والتعبيرات التي يختارونها بعناية، ويحرصون فيها على ألَّا يجرحوا مشاعر الأعداء الصهاينة، إلى هذه الدرجة!

عندما نتأمل في مثل تلك الجريمة: امرأة فلسطينية مُسِنَّة، ويقومون بدهسها بجنازير الدبابات وهي على قيد الحياة، أليس هذا شيئاً فضيعاً للغاية؟! لكن كم قد سبقه من جرائم فظيعة شنيعة، في الإعدام للأطفال، في القتل للنساء، في الاستهداف الجماعي لأبناء الشعب الفلسطيني، كُـلّ هذا ليس عند الأنظمة العربية الرسمية؛ مما يستدعيهم حتى لإطلاق توصيف، وتصنيف قد لا يتبعونه بأية خطوات عملية، ولا إجراءات فعلية جادة، هذا يدل على أنهم لا يمتلكون الإرادَة، ولا التوجّـه الجاد، ولا المصداقية أبداً لأن يكون لهم موقف جاد بأي مستوى، بأي مستوى: مستوى سياسي، مستوى اقتصادي… تجاه العدوّ الإسرائيلي وجرائمه ضد الشعب الفلسطيني.

العدوّ الإسرائيلي أَيْـضاً في حربه وعدوانه، التي تستهدف الأطفال بشكلٍ كبيرٍ جِـدًّا، الإحصائيات هناك عمَّا يقارب ستة عشر ألف شهيد من الأطفال، وهذه نسبة كبيرة، وعدد هائل جِـدًّا من الأطفال يقتلهم العدوّ الإسرائيلي، أين هي حقوق الإنسان؟ أين هي حقوق الطفل؟ الأمم المتحدة، وبعض المنظمات، والدول الغربية، كم تتحدث عن عنوان الأطفال في بعض البلدان في سياقات أُخرى: سياقات التوظيف السياسي، والاستغلال للتشويه، بالاستناد إلى دعايات كاذبة، وافتراءات غير صحيحة؛ أمَّا فيما يتعلق بأطفال فلسطين، حَيثُ الحقائق الواضحة الدامغة، والتي يشاهدها كُـلُّ من يشاهد وسائل الإعلام، ويتابع الأحداث في فلسطين، ويشاهد مجريات الإبادة الجماعية، التي يرتكبها العدوّ الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، يرى بوضوح أن من أكثر فئات المجتمع معاناة وتضرراً هم الأطفال، والنسبة الأكبر من الشهداء منهم، هم والنساء، ولكن دون جدوى، ليس هناك أي التفاتة إلى هذا الموضوع، ولا مبالاة.

التجويع أَيْـضاً كوسيلة يستخدمها العدوّ الإسرائيلي من وسائل الإبادة الجماعية، وهي من الظلم، من أشد أنواع الظلم، ومن أكبر الانتهاك لحقوق الإنسان، وأُسلُـوب سيءٌ جِـدًّا، مدانٌ عند البشر قاطبةً في طريقة الاستخدام له ضد الشعوب، ليس هناك ما يبرّره إطلاقاً، مع ذلك العدوّ الإسرائيلي -وبشكلٍ واضحٍ تماماً- يمارس طريقة التجْويع كطريقة للإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، ومنذ أن احتل معبر رفح أغلقه تماماً، استمر في إغلاقه بشكلٍ تام، وتوقفت عملية إدخَال المواد الغذائية ولو بالنسبة الضئيلة جِـدًّا، التي كانت تحصل في المرحلة الماضية، لتتوقف بشكلٍ كامل، والمأساة كبيرة فيما يتعلق بمسألة التجويع، التجويع يهدّد العدوّ الإسرائيلي به حياة ثلاثمِئة ألف طفل فلسطيني هم مُعرَّضون للوفاة، بهذه الطريقة المؤلمة والمؤسفة جِـدًّا، وما يقارب سبعمِئة ألف فلسطيني هم في حالة معاناة كبيرة جِـدًّا، وأصبحت حالتهم حالة تُشكِّل خطورةً على حياتهم؛ نتيجةً لانعدام الغذاء.

أيضاً يستمر العدوّ الإسرائيلي في استهدافه للمخطوفين والأسرى، من خلال التعذيب لهم والتجويع أَيْـضاً، فهو يجمع بين التعذيب بأسوأ الممارسات، والوسائل، والأساليب في التعذيب، بأسوئها إجراميةً ووحشية، وكذلك يستخدم التجويع لهم، ويتباهى بذلك، ويقول: [إنهم لا يستحقون الأكل؛ وإنما يستحقون الإعدام بطلقةٍ في الرأس]، كما يقول أحد المجرمين الصهاينة بهذا التعبير، التعبير العدواني المتوحش.

وأيضاً من الجرائم البشعة والخطيرة التي يستخدمها العدوّ الإسرائيلي: استخدامه في هذا الأسبوع للبعض من المخطوفين الفلسطينيين كدروع بشرية، أثناء توغله في بعض الأحياء في قطاع غزة، فهو يختطفهم، ثم يستخدمهم كدروع بشرية أثناء توغله في تلك الأحياء، وهي وسيلة إجرامية.

فيما يتعلَّقُ بالضفة، اعتداءات العدوّ وعدوانه مُستمرٌّ في اقتحامات الأحياء والمدن، وَأَيْـضاً في التهجير، وكان مما هو ملفت في هذا الأسبوع، وهو: إقرار العدوّ لخمس مغتصبات سكنية جديدة؛ بهَدفِ أن يحوِّل أَو أن يفرض واقعاً في الضفة الغربية، يضيِّق على الفلسطينيين، ويؤثِّر عليهم، حتى فيما يقال عنه بأنه مسار سياسي، ومسار للسلام، والمفاوضات، وكان ضمن اعترافات واتّفاقات سابقة مع السلطة الفلسطينية، العدوّ الإسرائيلي يتجاوز كُـلّ ذلك، ويشطب ويتجاهل كُـلّ ما قد سبق، ويحاول أن يفرض واقعاً متغيِّراً بشكلٍ تام، يحاول أن يفرض فيه حالة الاحتلال والسيطرة بشكلٍ تام.

والأمريكي في كُـلّ ذلك هو مُستمرّ في دعمه وتعاونه، بل مع الحملات الدعائية الانتخابية، والمناظرات التي بدأت بين المرشحين الأمريكيين، مرشحَين للرئاسة، يتنافس -كالعادة- المرشحون للرئاسة في أمريكا، على من هو الأكثر ولاءً للصهيونية، والأكثر دعماً للعدو الإسرائيلي، يبرز هذا العنوان في مقدِّمة العناوين التي يتنافسون فيها، ويحاول كُـلّ منهم أن يقدِّم نفسه أنه الأكثر ولاءً، وإخلاصاً، وجديةً في خدمة الصهيونية، والدعم للعدو الإسرائيلي، وهذا كان واضحًا، حتى أن [بايدن] في مناظرته مع [ترامب] تباهى بحجم ما يقدِّمه من دعم للعدو الإسرائيلي، وقال -وهو يعبِّر عن حاله، وعن حال الحكومة الأمريكية، والمؤسّسات الرسمية في أمريكا- قال: [أنقذنا إسرائيل ونحن أكبر داعمٍ لها في العالم].

أول ذلك في أول الجملة الملفتة هي قوله: [أنقذنا إسرائيل]، وهذا يبيّن لكل العالم -وهو متطابق تماماً مع الوقائع والأحداث- يبيّن مدى الدور الأمريكي بالنسبة للعدو الإسرائيلي، الدور الأمريكي هو شريكٌ أَسَاسيٌّ، وهو مسهمٌ أَسَاسيٌّ في بقاء العدوّ الإسرائيلي في إجرامه، وفي احتلاله، وفي عدوانه؛ ولذلك الأمريكي هو شريكٌ بكل ما تعنيه الكلمة مع العدوّ الإسرائيلي، شريك ليس من الآن فحسب، ومما قبل، على مدى العقود الماضية والأمريكي يقدِّم نفسه الداعم الأكبر، ويقدِّم نفسه الحامي للعدو الإسرائيلي بكل ما تعنيه الكلمة، وأشكال الدعم الأمريكي تتجاوز ما يقدِّمه بشكل مباشر من: سلاح، وأموال… وغير ذلك، إلى ما يفرضه في بلدان المنطقة، وما يعمله مع الأنظمة والحكومات لصالح العدوّ الإسرائيلي، هو يعمل الأشياء الكثيرة جِـدًّا لصالح العدوّ الإسرائيلي، مع الأنظمة والحكومات، وفي بقية البلدان العربية والإسلامية.

يقول: [أنقذنا إسرائيل]، ويقول: [ونحن أكبر داعم لها في العالم]، وهذا في مقام الافتخار بالنسبة له، يتباهى بذلك، أكبر داعمٍ لها في ماذا؟! في تلك الجرائم البشعة: في قتل الأطفال والنساء، في الإبادة الجماعية للمجتمع البشري الفلسطيني… وهكذا، في كُـلّ ما ترتكبه إسرائيل من جرائم فظيعة وبشعة، هم أكبر داعم، وأكبر شريك.

هذا أَيْـضاً يُبيِّن فاعلية وجدوائية وتأثير (عملية (طوفان الأقصى)، ومدى تأثيرها على العدوّ الإسرائيلي، قول [بايدن] بأنهم أنقذوا إسرائيل، وفعلاً كانت حالة الإرباك والفشل والرعب لدى العدوّ الإسرائيلي أثناء تنفيذ (عملية (طوفان الأقصى) المباركة، المسددة، كان واضحًا، كانت حالة رهيبة جِـدًّا وقع العدوّ الإسرائيلي فيها، حالة إرباك تام، ورعب شامل، وفشل وإخفاق كبير، وهزت العدوّ الإسرائيلي هزةً غير مسبوقة، فبادر الأمريكي هو وتصدَّر الموقف تماماً، وظهر كما لو كان هو من يدير المعركة بشكلٍ كامل؛ فالبعض من الأنظمة العربية، وأُسلُـوبها، وطريقتها، وسياستها الإعلامية، التي تقلل من أهميّة، وقيمة، وجدوائية (عملية (طوفان الأقصى)، عليها أن تسمع لمثل هذا الاعتراف؛ لأنه اعتراف بمدى فاعلية وتأثير (عملية (طوفان الأقصى)، التي يرى الأمريكي أنه إنما بادر لينقذ العدوّ الإسرائيلي؛ بينما كان في حالة هزيمة كبرى، وفعلاً آثار تلك العملية المهمة والمباركة (عملية (طوفان الأقصى) آثار ممتدة لن يستطيع العدوُّ الإسرائيلي التخلُّصَ منها أبداً، مهما ارتكب من الجرائم والفظائع.

فيما يتعلق أَيْـضاً بتلك المناظرة، تبادل فيها كُـلّ منهما الشتائم، والاتّهامات، والتوصيف بالإجرام والجريمة، وهذا هو التوصيف الواقعي، كُـلٌّ منهما يصفُ الآخر بالإجرام، وكلاهما أصاب في هذه النقطة، كُـلٌّ منهما مجرم، وينتمي للاتّجاه الصهيوني الإجرامي، الذي يتَّجه بالمجتمع البشري نحو الخسارة، ونحو الهلاك، ونحو الانحطاط، ونحو الضياع.

أيضاً فيما يتعلِّق بالدعم الأمريكي للعدو الإسرائيلي، وصل الانحدار بالأمريكي في محاولته للتغطية على الإجرام الصهيوني، إلى اعتماد قانون يمنع المؤسّسات الأمريكية -ومنها: الخارجية- من تقديم إحصاءات الشهداء والجرحى في غزة، لاحظوا، أين هي الشفافية؟! أين هي الحُريَّة الإعلامية؟! أين تلك العناوين التي يحشدونها ويستخدمونها للضغط على بلداننا فقط فيما يخدم سياساتهم وتوجّـهاتهم؛ أمَّا من جهتهم فهم وصلوا إلى هذه الدرجة: يحاولون أن يكون هناك لديهم تعتيم إعلامي؛ حتى لا يسمعَ الشعب الأمريكي الحقائق عن حجم الإجرام الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، فيمنعون باسم القانون تقديم أية إحصائيات عن أعداد الشهداء، وأعداد الجرحى من أبناء الشعب الفلسطيني؛ فهم يحاولون أن يخفوا الجرائم الفظيعة التي هم شركاءُ فيها.

فيما يتعلَّقُ بالحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية والأُورُوبية، فمن الملاحظ أنَّه ضمن المحاربة له، أصبح محارباً فيما يتعلق بالتغطية الإعلامية، لم يعد يحظى بتغطية إعلامية، لا من وسائل الإعلام العربية، وفي بقية الدول الإسلامية، ولا في نفس تلك البلدان، وسائل الإعلام في أمريكا، في أُورُوبا… في بعض البلدان الأُخرى، مثل: أستراليا، أصبحت تتجاهل تلك الأنشطة وذلك الحراك الطلابي في الجامعات، وتعتمد أُسلُـوب التعتيم الإعلامي، والتجاهل له، وهي سياسة استخدمت لمحاربة ذلك التحَرّك، وما يُعبِّر عنه، وما يدل عليه، وكذلك حتى على مستوى بعض وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت في تلك البلدان تفرض قيوداً على نشر المحتوى المساند للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني.

أيضاً يستخدمون أُسلُـوب الإجراءات التأديبية في بعض الجامعات، إجراءات هي ظالمة، ليس المقام مقام تأديب، كيف تكون الإجراءات القاسية والظالمة تأديباً في موقف خرج فيه أُولئك الطلاب ليعلنوا عن موقف إنساني! فهل من التأديب أن يعاقبوا على ذلك، أَو أنَّ من ينبغي تأديبه هو من يعاقبهم لموقفهم الإنساني؟! وهذا حصل في بعض الجامعات الأسترالية، وكذلك في بعض الدول الأُورُوبية، يستخدمون هذا الأُسلُـوب، بل إلى درجة أن يحاكموهم، في بعض الدول الأُورُوبية اتَّجهوا لمحاكمة بعض الطلاب الذين يخرجون في تظاهرات مساندة للشعب الفلسطيني.

أمام كُـلّ ذلك العدوان الظالم الغاشم، والذي طال، ونحن على مشارف الشهر العاشر، لا يزال الإخوة المجاهدون في قطاع غزة في كتائب القسام، وسرايا القدس، وبقية الفصائل الفلسطينية المجاهدة، مُستمرّون بكل فاعلية وتأثير وصمود في التصدي للعدو الإسرائيلي في جميع محاور القتال، وينفِّذون العمليات المتنوعة:

  • من كمائنَ نوعية وفتَّاكة تُنكِّل بالعدوّ الإسرائيلي، وتلحق به الخسائر المباشرة.
  • وأيضاً من الاستهداف لآليات العدوّ الإسرائيلي بالعشرات.
  • وكذلك الاستمرار في استخدام مدفعية الهاون.
  • والاستمرار في دكِّ المغتصبات الفلسطينية -التي يطلق عليها بالمستوطنات- التي يحتلها العدوّ الإسرائيلي، الدك لها أَيْـضاً بِالزَّخَّات الصاروخية، بل بشكلٍ ملفت في هذه الآونة الأخيرة، وهذا شيءٌ عظيم، وشيءٌ مهمٌّ جِـدًّا.

العدوّ الإسرائيلي كان يراهن مع طول الوقت أن يصنع متغيرات كثيرة في واقع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وفي مقدِّمتها: أن ينهي المقاومة بشكلٍ كامل، أن يفكك كتائب القسام، وبقية التشكيلات المجاهدة المحسوبة على بقية الفصائل الفلسطينية، وأن يتخلَّصَ منها، وأن يواصلَ احتلالَه وسيطرتَه باستقرار تام، بدون أية عمليات تستهدفه.

عملياتُ الإخوة المجاهدين في قطاع غزة كانت فاعلة، ومؤثرة على العدوّ، ومرهقة للعدو، ومنكِّلة للعدو، وألحقت به خيبة الأمل بكل ما تعنيه الكلمة. في هذا الأسبوع:

  • قصف المجاهدون تجمعات العدوّ في نقاط تمركزه في محور الشهداء، حَيثُ تم قتل وجرح عدد من الجنود الصهاينة، كذلك في رفح، ومحور فيلاديلفيا، ومحيط قطاع غزة.
  • ومن الملفت والمهم في هذا الأسبوع ومستجداته: أنَّ المقاومة في قطاع غزة بَثَّت فيديو لاستمرار عملية التصنيع العسكري، خلال فترة العدوان الصهيوني، وهذا دليلٌ إضافي مهم على قدرة المقاومة على الصمود والتَّكَيُّف مع ظروف المعركة، وهذا -فعلاً- إنجاز مهم، له أهميته الكبيرة.
  • وفي عملية نوعية للمقاومة الفلسطينية، استخدمت فيها صاروخ طائرة (F-16) لم ينفجر، فاستخدمت ذلك الصاروخ لتفخيخ منزل، وتفجيره في قوةٍ عسكريةٍ صهيونية، موقعةً عدداً من القتلى والجرحى، وتحت عنوان: (بضاعتُكم رُدَّت إليكم)، هذا التنوع وهذا الإبداع في الاستهداف لجنود العدوّ، والتنكيل بهم، هو يبرهن على فاعلية وأداء المقاومة الفلسطينية المتميز، وعلى تماسكها وثباتها، وهذا شيءٌ مهمٌ جِـدًّا.
  • أيضاً في عمليةٍ فدائية وثَّقها الإعلام الحربي، باغت اثنان من المجاهدين دبابةً صهيونية، ليضعا عليها بأيديهما عبواتِ العمل الفداء الناسفة، وتفجيرها، والانسحاب بسلام، وهذا كَثيراً ما تكرّر في عمليات الإخوة المجاهدين في قطاع غزة، وهو -كذلك- عمل فدائي، وجرأة، وشجاعة عظيمة في مثل هذا النوع من العمليات المؤثِّرة على العدوّ.

العدوُّ أعلن الانتقالَ لما أسماها المرحلة الثالثة، وهو هروبٌ إلى الأمام، وحرقٌ للمراحل دون إنجاز، واستمرار للفشل الذي يطارد العدوّ الصهيوني، ومراوحةٌ للمكان، وهو هكذا: يقفز من منطقة إلى أُخرى في قطاع غزة، بدون أية نتيجةٍ فعلية، يُعلِن السيطرة على منطقة معيَّنة، ويعلن تفكيك كتائب المقاومة فيها، ثم لا يلبث أن يعود من جديد إلى نفس المنطقة ليتلقى ضربات أعنف من الضربات التي تلقاها سابقًا، ويجبر على الانسحاب، ثم هكذا يتَّجه إلى منطقة أُخرى، في دوامة من الفشل والإخفاق الواضح.

فيما يتعلَّق بجبهات الإسناد:

عملياتُ حزب الله مُستمرّةٌ -كذلك- بفاعليتها، وتأثيرها الكبير على العدوّ، والوضع الحالي بالنسبة للعدو الصهيوني في شمال فلسطين، وفي مواجهة الجبهة اللبنانية، هو وضع سيء جِـدًّا بكل ما تعنيه الكلمة، حَيثُ الدمار، والخراب، والخسائر في أكثر من (مِئة وثلاثين) مغتصبة سكنية في شمال فلسطين، ومعها عشرات المواقع والقواعد العسكرية، وكذلك هروب لعشرات الآلاف من المغتصبين المحتلّين الصهاينة، الذين يطلق عليهم بالمستوطنين، وهناك شلل وتوقف شبه تام للنشاط الاقتصادي، في منطقة الجليل، وفي شمال فلسطين بمحاذاة الجبهة اللبنانية.

وعملياتُ حزب الله في تصاعُدٍ كمي ونوعي، ولا جدوى، ولا قيمة، ولا تأثير الحرب النفسية التي اشترك فيها الأمريكي مع الإسرائيلي، وبعض الأنظمة الخليجية، في محاولة الإرجاف على حزب الله، حزب الله هو في صموده وثباته أوعى، وكذلك أكثر ثباتاً من أن يتأثر بمثل ذلك، وهو جاهزٌ -أصلاً- لكل الاحتمالات.

فيما يتعلَّق بالجبهة العراقية: نفَّذت المقاومة العراقية عمليةً ضد هدفٍ حيويٍّ في أُمِّ الرشراش داخل فلسطين المحتلّة، وهناك المسار العظيم والمهم في العمليات المشتركة، ما بين الجيش اليمني والمقاومة الإسلامية في العراق، حَيثُ تم الإعلان عن تنفيذ ثلاث عمليات ضد أهداف حيوية في ميناء حيفا، وضد سفن خرقت حظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلّة.

فيما يتعلَّق بجبهة يمن الإيمان والحكمة والجهاد: فالإحصائيةُ لعمليات الإسناد المنفَّذة في هذا الأسبوع فقط، في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس، وفي إطار المرحلة الرابعة من التصعيد، بلغت -بعون الله تعالى- اثنا عشر عملية، نفِّذت بعدد (عشرين صاروخاً بالِسْتِيّاً ومجنحاً، وطائرةً مسيَّرة، وزورقاً حربياً)، وذلك على طول مسرح العمليات، بدءاً من البحر الأحمر، مُرورًا بالبحر العربي، والمحيط الهندي، ووُصُـولاً إلى البحر الأبيض المتوسط، تم خلال هذه العمليات استهداف عدد (ست سفن)، وبهذا يصل إجمالي عدد السفن المستهدفة منذ بداية عمليات الإسناد وإلى اليوم: (مِئة واثنين وستين سفينة)، وهذا عدد كبير ومؤثِّر، تأثيراته كبيرة جِـدًّا عن الأعداء، سفينة تابعة أَو مرتبطة بالعدوّ الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني، وسفناً تابعةً لشركات كسرت قرار حظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلّة.

ولهذه العمليات تأثيرها الكبير جِـدًّا، هي -بعون الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”- نجاحٌ وانتصار، واستمرارها بزخم، وتأثير، وفاعلية، هو انتصار وتأييدٌ من الله بكل ما تعنيه الكلمة، الأمريكي بذل كُـلّ جهده لإيقاف هذه العمليات، أَو الحد منها، أَو التقليل من تأثيرها وفاعليتها، ولكنه فشل، وعجز؛ ولذلك هناك انبهار واعتراف بمدى فاعلية وتأثير هذه العمليات من الجانب الأمريكي:

الكثيرُ من الخبراء والضباط الأمريكيين، وليس فقط على مستوى وسائل الإعلام، فيما يقوله صحفيون، أَو إخباريون؛ إنما من الجهات المعنية بنفسها، خبراء وضباط اعترفوا بصعوبة المعركة، وعبَّروا عن ذلك بالقول: [إنه نوعٌ من التهديد العسكري الصعب للغاية، الذي يصعب السيطرة عليه]، لم تكن معركة الأمريكي ومساعيه لإيقاف عمليات الجيش اليمني، في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، والبحر العربي، لم تكن عمليةً سهلة، ولم تكن عمليةً بسيطة، يتخلَّص من مشكلتها بسرعة، كما هو معتاد أن يحسم معركةً هنا أَو هناك، أَو أن يوقف هذا الطرف أَو ذاك بما يمارسه من تهديد، أَو عمليات، أَو عقوبات… أَو أي إجراءات، هم لاحظوا هذا الثبات لجيشنا اليمني، ولشعبنا العزيز، وَأَيْـضاً التطوير المُستمرّ للقدرات، بحيثُ إن القدرات هذه تتجاوز -بفضل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وبتأييده- التقنيات التي يحاول الأعداء أن يعتمدوا عليها للحد من تأثير الضربات الصاروخية، والمسيَّرة، والزوارق البحرية؛ ولذلك هم اعترفوا بتطور القدرات اليمنية، واندهشوا من شدة ودقة الضربات الأخيرة، وأنَّ القوات المسلحة اليمنية تطوِّر نفسها بشكلٍ مُستمرّ، وتستفيد من كُـلّ شيء، وتُقيِّم عملياتها، وهذا من التعبيرات التي يعبِّرون هم بها، في تقييمهم لأداء قواتنا المسلحة.

في الوسط الأمريكي أَيْـضاً، باتوا يعترفون بأنَّ المعركة مع شعبنا كشفت عجز وضعف حاملات الطائرات الأمريكية، رغم سمعتها التاريخية، حَيثُ كانوا يعتبرونها من العجائب الحربية، هكذا كان صيتها، وسمعتها، وتأثيرها، وهيبتها، وكانت أمريكا تستخدمها -أيضاً- لإرهاب بقية الدول، وإخافة بقية الدول والشعوب؛ فهم أمام الضربات التي اتَّجهت لتستهدفها، وأصابتها، وأجبرتها على الهروب، من جانب قواتنا المسلحة، أصبحوا ينظرون إليها هم نظرةً مختلفة، في الوسط الأمريكي نفسه، ورغم تكلفتها الباهظة جِـدًّا؛ لأنها مكلفة للغاية، اعترفوا بأنها واجهت تحديات كبيرة من تقنيات الصواريخ لدى بلدنا، وأنَّ المعركة في البحر الأحمر أثبتت أنَّ حاملات الطائرات نظامٌ قديمٌ عفا عليه الزمن، ولا يستحق التكلفة، هذا إنجاز كبير ونصر عظيم لقواتنا المسلحة، ويبيّن مدى التأثير العظيم للضربات التي توجّـهها وتستهدف بها حاملات الطائرات، وبقية القطع الحربية البحرية الأمريكية في البحر الأحمر، وفي خليج عدن، والبحر العربي، هكذا أصبحوا يقولون عمَّا كانوا يفتخرون به، يفتخرون بأنه -كما قلنا- من العجائب الحربية، وينظرون إليه نظرة انبهار، وإكبار، ويعلِّقون عليه الأمل في إخافتهم للآخرين.

كانت بعض الأنظمة والحكومات تنهزم نفسياً، وتتغير قراراتها ومواقفها، بمُجَـرّد أن تتجه إحدى حاملات الطائرات الأمريكية إلى بحرٍ قريبٍ منها، أَو أن تقترب من مياهها الإقليمية، ترتعد فرائص المسؤولين في ذلك البلد أَو ذاك، تتغير مواقفهم، اتّجاهاتهم، يقدِّمون التنازلات؛ لكنهم فقدوا كُـلّ هذا أمام شعبنا العزيز، بلدنا على المستوى الرسمي والشعبي في موقفه الإيماني الجهادي الثابت، وهذه مسألة مهمة، وتستحق تسليط الضوء عليها، والتأمل؛ لأنها من نِعَمِ الله الكبرى، ومن مظاهر تأييده العظيم، ومن الانتصارات المهمة التاريخية بحق، لكن لمن يتأمل، لمن يتفهم، لمن يقدِّر قيمة مثل هذه الانتصارات والإنجازات العظيمة والمهمة، التي ينبغي أن نتوجّـه إلى الله بالشكر له عليها. هم يقولون هكذا هم: [حاملات الطائرات أصبحت -بالنسبة لهم بعد تلك الضربات، وتأثيراتها عليهم- أصبحت نظاماً قديماً، عفا عليه الزمن، ولا يستحق التكلفة].

في أحد التقارير أَيْـضاً لإحدى الصحف الأمريكية، يقول: [أثبت الحوثيون أنهم قادرون على إبعاد البحرية الأمريكية بأكملها]؛ لأن هذا هو الحال بالنسبة للأمريكي في البحر الأحمر، تهرب قطعه البحرية الحربية، تهرب هروباً، وتطارد بالصواريخ والمسيَّرات، وهي في حالة فرار بأقصى سرعةٍ تستطيعُها، فاستخدموا هذا التعبير هم (الأمريكيون)، فيقولون هكذا: [أثبت الحوثيون أنهم قادرون على إبعاد البحرية الأمريكية بأكملها، وجود الصواريخ المضادة للسفن تحت سيطرة الحوثيين، كان أكثر من كافٍ لإبقاء الجزء الأكبر من البحرية الأمريكية بعيداً]، يذهبون هناك بعيدًا، لم يعودوا يجرؤون على الاقتراب، يخافون، هم يدركون فاعلية تلك الضربات ومدى تأثيرها.

قالوا أَيْـضاً في تقارير أُخرى: [تواجه السفن الحربية الأمريكية منذ أشهر تهديدات خطيرة وغير مسبوقة بكل ما تعنيه الكلمة]، هكذا أصبحوا ينظرون لتأثيرات وفاعلية العمليات اليمنية، يعبِّرون عنها بهذا التعبير، ويقولون هم: [بكل ما تعنيه الكلمة، وكانت هذه التجربة بمثابة درس ثمين للبحرية الأمريكية]، الأمريكي بدأ يعيد النظر في إمْكَاناته، في تكتيكاته، في طريقة محاربته ومواجهته لهذا المستوى من التهديد والخطر؛ ولهذا المستوى من التكتيك، الذي كان متفاجئاً به من جانب القوات المسلحة في بلدنا.

أحدُ المسؤولين الأمريكيين في مؤتمرٍ صحفي، اعترف بقوة وصَلابة موقف الشعب اليمني، وثباته المبدئي، وقوة الدافع الذي ينطلق منه، وهذه كلها هي التوصيفات المهمة، هذه هي ثمرةٌ للانتماء الإيماني، والتربية الإيمانية، والمواقف المبدئية، التي تستند إلى الإيمان، عندما يقولون: [قوة وصلابة]، هذا هو الذي ينبغي، هو الذي يليق، هو الذي يشرِّف، هو الذي يجب أن يكون عليه شعبنا العزيز، والحمدُ لله هو عليه بتوفيقٍ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، عبارة: [وقوة الدافع الذي ينطلق منه]، هو ذلك الدافع الإيماني، الذي لا مثيل له أبداً.

ورداً على سؤال المذيع في مؤتمرٍ له هذا الأسبوع، يقول: [على الرغم من الجهود الأمريكية، يواصل الحوثيون مهاجمة السفن، والآن يبدو أنهم يحقّقون نجاحاً أكبر]، هكذا يقول، يعني: في الوقت الذي كان الأمريكي يقول في بداية عدوانه على بلدنا، بأنه سيمنع استمرار عمليات قواتنا المسلحة في الصاروخية والبحرية والمسيَّرة، اتضح الحال أنَّ الأمر اختلف تماماً، وتحقّق ما قلناه في البداية: أنَّ العدوّ الأمريكي بعدوانه -ومن حَيثُ لا يريد، وعلى رُغم أنفه- سيسهم في تطوير قدراتنا العسكرية، وهذا الذي هو حصل، فهم يقولون، وهذا مسؤول أمريكي يقول: [والآن يبدو أنهم يحقّقون نجاحاً أكبر]، وهو يتحدث عن اليمن، [لماذا لا تنجح هذه الجهود؟] يتساءل هو: لماذا لا تنجح جهود أمريكا، [وهل تعتقد أنَّ الولايات المتحدة بحاجة إلى استراتيجية جديدة لردع ذلك؟]، عندما سألوه هذا السؤال، من ضمن ما أجاب به، قال: [هناك حماسةٍ دينية، غرسها الحوثيون في هذا الجهد، لقد غرسوا هذا النوع من الحماس الديني، وعندما تفعل ذلك؛ يصبح ردعُ وثني هذا الأمر أكثرَ صعوبة]، لاحظوا الثمرةَ المهمة جِـدًّا للانطلاقة الإيمانية الجهادية لشعبنا العزيز، ولقواته المسلحة، انطلاقة مميزة، فيها هذه الجدية، هذا التفاعل، هذه المصداقية مع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، هذا الثبات، الذي ينبهر به العدوّ، ويندهش له العدوّ، ولها هذا التأثير الكبير على العدوّ برعايةٍ من الله، ومعونةٍ من الله، من مصاديق إنجاز الوعد الإلهي، الذي وعد الله به عباده المؤمنين حينما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: الآية7]، هذا من النصر الإلهي، ومن تثبيت الأقدام، فهو يعترف ويُعبِّر بهذا التعبير.

التقاريرُ الأمريكية اعترفت بأن العملياتِ اليمنية في تصاعد، في مرحلةٍ معينة أطلقوا حملة إعلامية ليقولوا بأنها تراجعت، وقلنا لهم بكل وضوح، وبكل صدق: الذي تراجع هو حركة السفن الأمريكية والبريطانية، وكاد أن ينعدم تحَرّك السفن الإسرائيلية، إن لم يكن انعدم أصلاً، فهذا الذي هو تراجع، التراجع من جانبهم، وليس من جانبنا في عملياتنا أبداً، والآن يعترفون وفشلت تلك الحملة تماماً التي أطلقوها، فهم يقولون: إنَّ العمليات اليمنية في تصاعد، وتطورٍ مُستمرّ، وبنجاحٍ ملحوظ وملموس، وهذه نعمة، نجاح ونصر، هذه هي من المفردات التي هي صادقة في إطلاقها على عملياتنا ضد الأمريكيين، وغيرهم ممن اتَّجهوا لحماية العدوّ الإسرائيلي وإسناده، فهذه نعمة كبيرة جِـدًّا.

أيضاً موقع من المواقع الأمريكية يقول: [المعركة الحالية في البحر الأحمر، وخليج عدن، بين الحوثيين، والأسطول البحري السطحي، هي المعركة الأكثر استدامةً ونشاطاً التي شهدتها الخدمة البحرية منذ الحرب العالمية الثانية، وهذه أَيْـضاً هي المرة الأولى على الإطلاق التي يتم فيها استخدام الصواريخ البَالِسْتِيَّة المضادة للسفن في القتال]، فهم انبهروا من الاستمرارية، الاستمرارية مسألة مهمة جِـدًّا، الاستمرارية في العمليات بتصاعد وتصعيد، بنجاح وتطوير، هذا هو الذي أدهشهم، وأقلقهم، وأخافهم؛ ولذلك عندما يقارنون هم مع كُـلّ الأحداث، منذ الحرب العالمية الثانية، يرون أنَّ ما يجري الآن في البحر الأحمر هو متميز بهذه الميزة: هو الأكثر استدامةً، الأكثر فاعليةً، الأكثر تأثيراً عليهم، وشهد استخدام أسلحة لم يسبق أن استُخدمت لاستهداف أهداف في البحر على الإطلاق، حتى في الحرب العالمية الثانية، مثلما هو الحال بالنسبة لاستخدام الصواريخ البَالِسْتِيَّة لاستهداف سفن في البحر، وإصابتها بدقة، وهذا نجاحٌ عظيم، ونجاحٌ مهم نحمد الله ونشكره عليه.

الأمريكي يحاول أن يفعل ما يمكنه أن يفعله: يقصف، في هذا الأسبوع كان عدد الغارات (تسعَ عشرةَ غارة)، الغارات المعادية من جانب الأمريكي والبريطاني في عدوانهما المساند للعدو الإسرائيلي، (تسعَ عشرةَ غارة) في الحديدة، وتعز، وحجّـة.

يسعى الأمريكي أَيْـضاً -مع غاراته التي ينفِّذها- وبكل جهد لتوريط الآخرين، هذه مسألة مهمة بالنسبة للأمريكي، هو يحاول أن يسعى لتوريط الآخرين ليقاتلوا بدلاً عنه، أَو ليدخلوا في المشكلة معه.

من ضمن ما يسعى له، مع ما أصبح يعانيه تجاه حاملات طائراته، اتَّجه لمحاولة توريط الآخرين، ويستمر في هذا المسعى؛ لإقناعهم بفتح المجال له لتنفيذ غارات معادية تستهدف بلدنا انطلاقاً من بلدانهم، وهو يحاول في بلدان عربية، بلدان مسلمة، وبلدان مجاورة لبلدنا، أَو في إطار المنطقة.

ولذلك نحن في هذا المقام ننصح الجميع، كُـلّ الدول العربية، وكل الدول الإسلامية، بأن يحذروا من أن يتورَّطوا مع الأمريكي، في فتح المجال له لاستخدام بلدانهم لتنفيذ أعمال عدائية ضد بلدنا، عليهم أن يدركوا أنَّ الأمريكي في ذلك هو يحاول توريطهم بكل ما تعنيه الكلمة، وأن يدخلهم في المشكلة معه، ومن العار على أي نظامٍ عربيٍّ أَو مسلم في أي بلد، أن يفتح المجال للأمريكي في ظل معركة هي مواجهة مع العدوّ الإسرائيلي؛ لأن حقيقة المعركة التي نخوضها كيمنيين، هي معركة ضد العدوّ الإسرائيلي، نُصرةً منَّا للشعب الفلسطيني، وهي مرتبطة بهذه المسألة ارتباطاً واضحًا وَبَيِّناً وبكل صدق؛ ولذلك أي بلد عربي، أي نظام عربي، أي نظام في أي بلدٍ ينتمي للإسلام، يقف مع الأمريكي في إطار إسناد الأمريكي للعدو الإسرائيلي، فهو يقف مع العدوّ الإسرائيلي بشكلٍ مباشر، وَإذَا أراد نظامٌ ما أن يورِّط نفسه هكذا ورطة، في موقفٍ مخزٍ، موقفٍ سيء، موقفٍ ظالم، موقفٍ عدواني، ليقدم خدمةً للعدو الإسرائيلي، بالرغم مما يفعله العدوّ الإسرائيلي في قطاع غزة، فذلك خيانة للإسلام، خيانةٌ لله، ارتداد عن نهج الحق، تنكرٌ لمبادئ الإسلام، عداءٌ للأُمَّـة الإسلامية، وخيانةٌ للمسلمين جميعاً، ومن حق شعبنا في مثل هكذا حالة أن يتخذ أي إجراء ضروري للرد على ذلك، فنحن ننصح بالحذر من المساعي الشيطانية للأمريكي. الأمريكي وجهته هي وجهة الشيطان، وأُسلُـوبه شيطانيٌّ؛ {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أصحاب السَّعِيرِ}[فاطر: من الآية6]، يسعى لتوريط الآخرين فيما فيه الشر عليهم، وليس فيه أي خيرٍ لهم، وهو خطرٌ عليهم، وعاقبته سيئةٌ عليهم في الدنيا، وعقوبته أَيْـضاً في الآخرة هي جهنم، العذاب الشديد، السعير.

هو أَيْـضاً يسعى لتوريط السعوديّ في العدوان في المجال الاقتصادي، والتصعيد في المجال الاقتصادي، بما فيه الإضرار بشعبنا اليمني العزيز، وهذه النقطة سنتحدث عنها أكثر -إن شاء الله- في كلمة بداية العام الهجري الجديد القادم.

أيضاً من ضمن ما دفع الأمريكي، دفع إليه النظام السعوديّ، هو: ما قام به من ممارسة بشعة وسيئة، في محاولته عرقلة عودة بقية الحجاج اليمنيين إلى صنعاء، بالرغم من المساعي التي تُبذل على مدى هذه الأيّام لإقناع السعوديّ بأن يفتح المجال لطائرة يمنية تذهب لنقل من تبقى من الحجاج وإعادتهم إلى صنعاء، تعنت السعوديّ المُستمرّ في هذه النقطة هو في ذلك السياق: سياق التودد لإسرائيل، تقديم خدمةٍ للعدو الإسرائيلي طاعةً للأمريكي؛ لأن الأمريكي يسعى دائماً إلى أن يحوِّل الأنظمة العربية إلى أنظمة تخدم العدوّ الإسرائيلي، وتجعل من خدمة العدوّ الإسرائيلي المهمة الأَسَاسية لها، قبل شعوبها، وقبل قضايا أمتها، وقبل أي شيء، بل بما فيه محاربة، محاربة لشعوب هذه الأُمَّــة، وبلدان هذه الأُمَّــة، وتنكر وخيانة بكل ما تعنيه الكلمة، ولذلك كلما تعنَّت السعوديّ في هذه النقطة؛ فهو يسيء إلى نفسه، ويفضح نفسه بنفسه؛ ولذلك عواقبه السيئة عليه.

فيما يتعلق بالأنشطة الشعبيّة: هي مُستمرّة، وبحمد الله كانت المسيرات التي استأنفها شعبنا العزيز ما بعد العيد، في الأسبوع الماضي، كانت واسعة وكثيرة، وشملت مختلف المحافظات الحُرَّة والمديريات، وكانت بعدد (مِئتين وثلاثٍ وثلاثين مسيرةً ومظاهرة):

  • كان في الحديدة منها رغم الحرارة الشديدة -وهذا محسوبٌ لإخوتنا وأحبائنا وأعزائنا في محافظة الحديدة- خرجوا في (ستٍّ وعشرين ساحة).
  • وكذلك في محافظة الجوف، محافظة الجوف والتي تشهد حرارة شديدة، وجواً ساخناً جِـدًّا، خرج الأهالي هناك في (ستَّ عشرةَ ساحةً) خروجاً مشرِّفاً، وهذا محسوبٌ لهم.

ذلك الخروج لأحبائنا وأعزائنا أبناء محافظة الجوف، بالرغم من تلك الحرارة، هو حجّـة على غيرهم، على الذين قد يتقاعسون ويؤثِرون البقاء في منازلهم دون الخروج في مثل هذا الخروج المهم، الذي هو جزءٌ من الجهاد في سبيل الله تعالى.

  • في بقية المحافظات، حتى في كثير من المديريات الريفية، التي يعاني الناس فيها من وعورة الطرق، وصعوبة التنقل، يخرجون ويحضرون بكل تفاعل، بكل جِدٍّ، يظهر ذلك بشكلٍ واضح في هتافاتهم، وفي ملامحهم، ترى الجِدِّيَّة، والمصداقية، والتفاعل، والاهتمام، والإيمان، والوفاء، والقيم، والثبات، وهذه نعمةٌ كبير.

لذلك من المهم أن تستمر هذه الأنشطة الشعبيّة.

الأمريكي يصيحُ من استمرار العمليات العسكرية في البحر، والتي امتدت إلى ما هو أبعد: إلى المحيط الهندي، إلى البحر الأبيض المتوسط، مع أننا نواجه مشكلة كبيرة من الإسناد الذي تقوم به أنظمة عربية لصالح العدوّ الإسرائيلي، في مسألة العمليات إلى البحر الأبيض المتوسط، تتجه بعض الأنظمة، وبعض الجيوش العربية بجديَّة عجيبة، واهتمام كبير جِـدًّا، لتحاول أن تقدِّم هي خدمةً للعدو الإسرائيلي، باعتراض الصواريخ أَو الطائرات المسيَّرة؛ كي لا تصلَ لاستهداف العدوّ الإسرائيلي، وهذا شيء مؤسف، ومحزن جِـدًّا، الله المستعان! الله المستعان، أن يتحول دور بعض الجيوش العربية، وبعض الأنظمة العربية، إلى دور المحامي والمدافع عن العدوّ الإسرائيلي، خزي كبير! وهذا له عواقبه وتبعاته؛ لأن الله رقيبٌ على جميع عباده، والإسهام في القتل للشعب الفلسطيني، والظلم للشعب الفلسطيني، عن طريق دعم العدوّ الإسرائيلي ومساندته، جريمة رهيبة جِـدًّا، عندما يتحمل أي نظام، أي جيش، أي أشخاص يتحَرّكون في ذلك، مثل هذا الوزر، هو وزر يخلِّدهم في نار جهنم، يسبب لهم سخط الله وعقوباته في الدنيا وفي الآخرة؛ لأن مظلومية الشعب الفلسطيني مظلومية رهيبة جِـدًّا.

فالاستمرار كما هو في العمليات العسكرية، ينبغي أن يكون أَيْـضاً على المستوى الشعبي في الأنشطة الشعبيّة، بنشاط، بهمة، باستمرارية مبنية على أَسَاس الدافع الإيماني، بمعرفة بقيمة هذا الجهد، بقيمة وعظمة هذا العمل.

الإنسان مع طول الفترة –ونحن على مشارف الشهر العاشر منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة- الإنسان يفترض فيه أن يلاحظ نقطتين مهمتين:

  • الأولى: ينبغي أن يحرص على أن يزداد وعياً، وفهماً، وبصيرةً تجاه العدوّ الإسرائيلي، وتجاه طبيعة الصراع مع العدوّ الإسرائيلي، ومن خلفه: الأمريكي… وغيره من الدول الغربية التي تقف معه:

لأن من أكثر ما تعانيه أمتنا على مستوى الشعوب، وعلى مستوى الأنظمة الرسمية: ضعف كبير جِـدًّا في الوعي تجاه الأعداء، وتجاه طبيعة الصراع مع العدوّ الإسرائيلي، مع اليهود، مع الصهيونية العالمية، ومن ينضوي تحت رايتها.

الناس بحاجة إلى الوعي، بحاجة إلى تفاصيل كثيرة لمعرفتها، بحاجة إلى الاستفادة من الوعي القرآني، من البصائر القرآنية، من هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وما يلحق بذلك من الشواهد، والمصاديق من الحقائق التاريخية، ومن الوقائع، التي كتب عنها الكثير من الناس، لكن غُيِّبت -للأسف الكبير- من المناهج الدراسية، ولاسيما في البلدان العربية، وغُيِّبت -كذلك- من الاهتمام الإعلامي في البلدان العربية، ونتيجةً لذلك: هناك غفلة كبيرة جِـدًّا، هناك نقص كبير في المعلومات وفي الوعي عن طبيعة هذا الصراع، عمَّا يفعله الأعداء، وحجم ما يتحَرّكون فيه، وكيف ينشطون في كُـلّ مجال، ماذا فعلوا، وماذا يفعلون على المستوى الإعلامي، على مستوى بقية المجالات.

عندما نلاحظ -مثلاً- في اعترافات الخلية الأمريكية، الذي اعترفوا به ما هو إلَّا جزءٌ يسيرٌ مما قد فعله الأمريكي، ويسعى لفعله في بلدنا، هناك ما هو أكثر بكثير مما اعترفوا به، وهناك على المستوى العام الشيء الكثير جِـدًّا، في تحَرّك الأمريكيين والإسرائيليين وأذرع الصهيونية العالمية، الذين يتحَرّكون تحت راية اليهود لاستهداف المسلمين قبل غيرهم، والاستهداف لبقية المجتمعات البشرية، هذا الموضوع يحتاج إلى كثيرٍ من الوعي، وترتبط به كثيرٌ من التفاصيل، كثيرٌ من المعلومات، ينبغي على الجانب الإعلامي، على الجانب الثقافي، على الجانب السياسي، أن يلحظ ذلك، وأن يتحَرّك بشكل منظَّم ومدروس، وأن يقدِّم الحقائق والوقائع والشواهد للناس؛ ليعرفوا، وبناءً على ذلك يمكن للإنسان أن يقيس مستوى وعيه: من خلال القرآن الكريم، من خلال الوقائع والأحداث، والمعلومات التفصيلية المرتبطة بمختلف المجالات، وهل هو يزداد وعياً؟ هل استفاد من كُـلّ هذه المرحلة، من هذه المعركة الساخنة، أن يزدادَ في وعيه؟

  • ثم أَيْـضاً ما يتعلق بجانب آخر: بجانب المسؤولية، بجانب العمل، بجانب الموقف، الإسهام الفعلي والعملي:

ينبغي على الإنسان الذي يؤمن بالله، ويؤمن باليوم الآخر، ويدرك ما تعنيه المسؤولية أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وما سيحاسبه الله عليه يوم القيامة، وفي المقدِّمة: ما يتعلق بالمواقف، المواقف، الدين مواقف، المسألة مهمة جِـدًّا، أن يسعى الإنسان لأن يزداد في إسهامه، أن يكون إسهامه أكثر وأكثر وأكثر، في عطائه، في موقفه، أن يواصل المشوار دون تلكؤ، ولا تردّد، ولا فتور، ولا ملل، ولا تراجع، هذه مسألة مهمة، أن يحرص الإنسان على أن يرفع مستوى إسهامه وجهاده في سبيل الله، تحَرّك؛ باعتبَار هذا من جهادك في سبيل الله، تتقرب بذلك إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتعي قيمة مثل هذا العمل العظيم في القربة إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتذكَّر وعودَ الله، فلا ينخفض اهتمامك، ولا تفاعلك.

الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يقول عن عباده المؤمنين الصادقين: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[آل عمران: من الآية146]، ما بالك أنَّ البعض من الناس لم يصبه شيءٌ بعد، لم يصل إلى درجة أن يصيبه شيء، المسألة أن يخرج على رأس الأسبوع فيما هو أشبه بنزهة، وتغيير جو، وأجواء مريحة، ومشجِّعة، وحماسية، وتفاعلية، ورائعة، ومريحة، ولكن يمكن أن يؤثِّر الشيطان على البعض في أن يثبطهم حتى عن مثل ذلك، ويكون في هذا أجر عظيم لو خرج الإنسان، فيثبطه عن ذلك.

الله يقول: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[التوبة: 120-121]، هذا الترغيب العظيم من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، أليس حافزاً عظيماً، ومشجعاً كَبيراً، ودافعاً مهماً ليخرج الإنسان، ليسهم، ليحرص على أن يسهم أكثر، وأن يواصل في إسهامه، وفي اهتمامه؟! بلى؛ أي إنسان مؤمن سيتفاعل مع ذلك حتماً، مع هذا الترغيب من الله بالأجر العظيم: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[التوبة: من الآية121]؛ ولذلك ينبغي أن يستمر الخروج الأسبوعي المليوني، ألَّا تطرأ حالة الفتور، ولا حالة الملل، لتؤثِّر على البعض من الناس في مستوى التفاعل، وإدراك أهميّة الاستمرار، وأهميّة الثبات، وقيمة ذلك على المستوى الإيماني، وعلى مستوى القيم والأخلاق.

ولذلك فإنني في هذا المقام أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج المليوني يوم الغد الجمعة، إن شاء الله تعالى، في العاصمة صنعاء في ميدان السبعين، وفي مختلف المحافظات، وبقية المديريات، خروجاً -كما قلنا- يُعبِّر عن الإيمان، عن الثبات، عن الوفاء، خروجاً تقرُّباً إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وجهاداً في سبيله، وابتغاء مرضاته.

أَسْألُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصرِ لِلشَّعبِ الفِلَسْطِينِي المَظْلُوم، وَلِمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَاء، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِهِ، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com