عُذرًا يا غزة فليس للعرب عزة
وفاء الكبسي
في غزة هاشم المدمّـرة من لم يمت بالقصف الإسرائيلي المتواصل ليل نهار مات جوعًا، فمخالب الجوع تنهش أجساد الصغار والكبار، وهو نوع من الموت البطيء الذي لا يمكن لأي أحد أن يتحمله، ناهيكم عن شعور العجز الذي ينتاب ربّ الأسرة وهو يرى أطفاله يتضورون جوعًا وهو لا يملك من أمرهم شيئاً؛ بسَببِ قلة الغذاء، حتى أصبح الشبع ترفاً والبقاء على قيد الحياة غاية بحد ذاتها لدى معظم العائلات.
عذرًا أطفال غزة، خوت البطون وجفت الأثداء، وزاد الحزن والأسى وسالت الدماء، والعرب لم تحَرّكهم دموعكم ولا صرخاتكم؛ لأَنَّهم مشغولون باللهوِ والطرب، ويكسوهم العجز والهوان والتعب!!
عذرًا أطفال غزة؛ لأَنَّكم ولدتم في أُمَّـة لا ترى ولا تسمع ولا تعقل، ولا حول ولا قوة لها لإدخَال المساعدات لكم من معبر رفح، بينما لهم الحول والقوة بمد العدوّ بآلاف مؤلفة من أطنان السلاح والبضائع عبر جسر بري يمتد من دبي إلى جدة وإلى الأردن!
عذرًا يا غزة فليس للعرب عزة ولا كرامة؛ لأَنَّها أهدرت عن بكرة أبيها وهم يراقبون شلال دمائكم وهو يراق بغزارة وأشلائكم الممزقة، وأجسادكم النحيلة التي تموت جوعًا على يد أنجس مخلوقات الله!
عذرًا غزة فلا حماة للحرمين بل سفاحين يلبسون من أشلائكم المنصهرة عباءات العار والتصهين، عذرًا لخذلان العرب وموتهم السحيق المخزي، فقد أصبحت مشاهد الدماء والدمار والأشلاء المتناثرة فوق الركام أَو تحته وصور موتكم جوعاً أمراً مألوفاً، لم تحيِ ضمائرهم الميتة!
فمشاهد موت أطفال غزة جوعًا لا تنتهي، فكل يوم حكاية مؤلمة تشيب لها الأبدان وتتفطر لها القلوب، حَيثُ كشفت واقع العرب المتردي وشيعت جثمان العروبة إلى مثواه الأخير، إلا يمن العروبة والجهاد التي لم ولن تتخلى عن نصرة الشعب الفلسطيني ومقاومته بكل ما أوتيت من قوة بحراً وجوًّا في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس، كذلك محور المقاومة الذي وقف داعمًا للمقاومة الفلسطينية الباسلة، وما زال القادم أعظم فلن تمنعنا الحدود الجغرافية من الدفاع عن غزة بفضل الله ثم بفضل القيادة العظيمة المتمثلة بالسيد القائد عبدالملك الحوثي يحفظه الله، فالعمليات العسكرية لن تتوقف حتى رفع المعاناة عنكم ووقف العدوان، فكم يعز علينا سماع صراخكم ونداءاتكم وآهات أطفالكم ومشاهد موتكم وموت أطفالكم جوعًا، فلن نقف مكتوفي الأيدي وسترون منا ما يشفي صدوركم بإذن الله، فصبرًا صبرًا فلستم وحدكم، فَــإنَّنا معكم قدماً وقدما حتى النصر ووقف معاناتكم والثأر لكم.