في انتخابات جرت في “ذروة الأمن والنزاهة والتنافس الجاد”.. “مسعود بزشكيان” رئيساً لإيران: دلالاتُ عودة التيار الإصلاحي وتأثيراتها السياسية

المسيرة| متابعة خَاصَّة

اختار الناخبون الإيرانيون في الجَولةِ الثانية للانتخابات الرئاسية المبكرة، الجمعة، المرشَّحَ الإصلاحي “مسعود بزشكيان” رئيسًا جديدًا لـ إيران، خَلَفًا للرئيس الشهيد السيد “إبراهيم رئيسي”، ليكون بذلك الرئيس التاسع للبلاد، وبفوزه، يعود الإصلاحيون إلى السلطة مرة أُخرى بعد نحو عقدين من الزمن منذ نهاية ولاية الرئيس الإيراني الأسبق “محمد خاتمي” عام 2005م، وعليه اعتبر مراقبون أن عودة الإصلاحيين إلى الحكم في إيران، لها دلالاتها وتأثيراتها داخلياً وخارجياً؛ بسَببِ توجّـهاتهم المختلفة عن منافسهم السياسي المحافظ على الصعيدين.

وحسب إعلان الداخلية الإيرانية، صباح السبت، فقد فاز “مسعود بزشكيان” بعد الحصول على 16 مليونًا و384 ألفاً و403 أصوات؛ أي نحو 54 % من الأصوات التي بلغت 30 مليوناً و530 ألفاً و157 ناخباً شاركوا في الانتخابات من أصل 61 مليوناً وأكثر من 400 ألف ناخب.

في المقابل، حصل المرشح المحافظ “سعيد جليلي” على 13 مليوناً و538 ألفاً و179 صوتاً. وزادت أصوات “بزشكيان” في الجولة الثانية نحو ستة ملايين صوت عن الجولة الأولى التي عُقدت في 28 يونيو الفائت، فيما زادت أصوات منافسه نحو أربعة ملايين صوت.

وفي رسالة قصيرة على منصة “إكس”، خاطب الرئيس الإيراني المنتخب “مسعود بزشكيان” الشعب الإيراني قائلاً: إن “الانتخابات انتهت وهذا بداية العمل معاً”، مضيفاً: “أمدّ إليكم يدي وأقسم بشرفي بأنني لن أترككم وحدكم، فلا تتركوني وحيداً”، وقال: إن “الطريق الصعب أمامنا لن يكون سالكاً إلا بالتعاون والتعاضد والثقة”.

من جهته، أكّـد وزير الداخلية الإيرانية، “أحمد وحيدي”، في مؤتمر صحافي بعد الإعلان عن النتائج، أن الانتخابات جرت في “ذروة الأمن والنزاهة والتنافس الجاد”، قائلاً: إن “المنافسة ستتحول إلى الصداقة والتعاون لأجل ازدهار البلاد”، ومضيفاً: “دخلنا مرحلة جديدة”.

 

السيد الخامنئي يوصي الرئيس المنتخَب بتوظيف كُـلّ الإمْكَانيات لأجلِ تقدم البلاد:

في السياق، شدّد قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد “علي الخامنئي” على أنه من المناسب أن يتحول التنافس إلى صداقات وأن يبذل الجميع جهده؛ مِن أجلِ ازدهار إيران”.

في رسالة شكر لجميع المرشحين والناشطين في العملية الانتخابات، السبت، هنأ السيد علي الخامنئي الشعب والرئيس المنتخب وكل الناشطين بنجاح الانتخابات، وخَاصَّة الشباب المتحمس في المراكز الانتخابية للمرشحين.

وأوصى الرئيس المنتخب بالتطلع إلى المستقبل المشرق ومواصلة طريق الشهيد رئيسي وتوظيف كُـلّ إمْكَانيات البلاد ولا سيما الشباب الثوري والمخلص؛ مِن أجلِ رفاه الشعب وتقدم البلاد ورفعتها.

وقال السيد الخامنئي: “بفضل الله العزيز الرحيم، تمكّن الشعب الإيراني العظيم بإرادته وتوفيقه من تنظيم مشهد الانتخابات الرئاسية في فترة قانونية قصيرة بعد مأساة الخسارة الكبيرة بفقدان الرئيس الشهيد، وإجراء انتخابات حرة وشفافة في يومَي جمعة متتاليين واختيار رئيس البلاد بأغلبية الأصوات من بين عدة مرشحين للرئاسة”.

وَأَضَـافَ، “لقد أَدَّى المشرفون على الانتخابات المحترمون واجباتهم بالسرعة اللازمة والثقة الكاملة، والشعب العزيز حضر إلى الساحة الانتخابية بشعور بالمسؤولية وسطّر مشهدًا حماسيًّا في صناديق الاقتراع على مرحلتَينِ بأكثرَ من 55 مليون صوتٍ”.

 

جليلي يهنئ بزشكيان: من واجبي مساعدة الحكومة الجديدة لتجاوز مشاكل البلاد

بدوره؛ أكّـد المرشح الرئاسي المنافس “سعيد جليلي”، أنه ومن واجبه مساعدة الحكومة على تجاوز المشاكل والوصول إلى المرحلة المنشودة من تقدم البلاد، وَأَضَـافَ، “الآن بات على الجميع احترام المنتخبين ومساعدتهم في تنمية البلاد وعلو النظام المقدس للجمهورية الإسلامية”.

وقال عقب إعلان النتائج: “أود أن أهنئ السيد بزشكيان الذي نجح في كسب أصوات أغلبية الشعب، وكما في السابق فَــإنَّني أعتبر من واجبي مساعدة الحكومة على تجاوز المشاكل والوصول إلى المرحلة المنشودة من تقدم البلاد”.

وتابع، “أشكر ملايين الأصوات الذين أرادوا الاستفادة من “عالم الفرص”؛ مِن أجلِ “طفرة إيران” وأؤكّـد لهم أنه بدعم ما يقرب من 14 مليونًا من أصواتكم، سنبذل قصارى جهدنا لدعم نقاط القوة والمساعدة على تصحيح الأخطاء وإصلاح الخلل في المسارات الحالية باستخدام القدرات الشعبيّة والعلمية والمهنية والنخبوية”.

وختم بالقول: “لقد حان الوقت للعب الدور كبير لكل إيراني بالتعاطف والوحدة الوطنية؛ مِن أجلِ تحقيق المثل العليا للثورة الإسلامية”.

 

دلالات وأسباب فوز “بزشكيان”:

حمل انتصار “بزشكيان” في السباق الرئاسي الإيراني دلالات ورسائل مهمة؛ إذ يقول وزير الاتصالات الإيراني السابق، “محمد جواد آذريجهرمي”، أحد أبرز أعضاء حملة المرشح الإصلاحي: إن “أهم رسائل هذا الفوز هي رسالة تغيير السياسات داخلياً لأجل ازدهار وتقدم إيران، حَيثُ قرّر الشارع أن يغيِّر هذا الخط”، مُشيراً إلى أن الشعب الإيراني أراد من خلال اختيار “بزشكيان” رئيساً لتحسين ظروفه الاجتماعية والاقتصادية، وسلك مسار التقدم حسب الأطر التي استعرضها الرئيس المنتخب في برامجه الانتخابية.

وأكّـد أن فوز “بزشكيان”، “يعني وجود فضاء منفتح في إيران، حَيثُ يمكن للشعب تغيير الفضاء بإرادتهم التي تفوق كُـلّ شيء”، مُضيفاً، أن “رسالة فوز بزشكيان للخارج هي رسالة التعامل البنّاء المبني على المصالح الوطنية الإيرانية”، ومشدّدًا على أن “الرئيس المنتخب سيتابع هذه السياسة بكل جدية”.

أما عن دلالات فوز بزشكيان، فيقول الخبير الإيراني “منصور براتي”: إنه “يبشّر من جهة بسياسة داخلية أكثر مرونة ومن جهة ثانية يعزز العودة إلى الجهود الدبلوماسية لحل ملفات السياسة الخارجية التي ظلت عالقة منذ عهد الرئيس السابق حسن روحاني”، معرباً عن أمله في إجراء إصلاحات في مجالات الحريات المدنية والسياسية والمشكلات الاقتصادية”.

 

حكومة وحدة وطنية تلوح بالأفق:

من جهته، يقول الناشط السياسي الإيراني “حسين قاسمي”، حاكم مدينة شيراز السابق: إن “فوز بزشكيان يحمل في طياته فرصاً للنظام والثورة في إيران وليس تهديداً”، كما يصوره بعض خصومه السياسيين”، مُضيفاً، في تصريحاتٍ صحفية أن “فوز بزشكيان يسهل إجراء تغييرات وإصلاحات لردم الفجوات بين السلطات والشارع والنخبة وتحقيق المصالحة الوطنية”، ومعتبرًا، أن “تولي المرشح المحافظ الرئاسة في هذه الظروف كان من شأنه أن يعرّض البلاد والنظام للخطر”.

وأوضح قاسمي، أن “فوز بزشكيان يشكل ضربة قوية للمعارضة الإيرانية الداعية إلى إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية”، مُشيراً إلى أن “ذلك سيؤدي إلى مزيد من تقرب الإصلاحيين إلى النظام”، وقال: إن “حكومة بزشكيان المقبلة لن تكون حكومة الرئيسين السابقين محمد خاتمي وحسن روحاني”، مؤكّـداً أن “الظروف اليوم باتت مختلفة عن السابق؛ فلها متطلباتها الجديدة بالنظر إلى التطورات في المجتمع الإيراني والتحديات والمشكلات التي يواجهها في مختلف المجالات”.

ويؤكّـد أن الظروف التي تمر بها إيران داخلياً وخارجياً تستدعي تشكيل “حكومة وحدة وطنية أَو حكومة العقلاء من مختلف التيارات السياسية وتحظى بإجماع داخلي”، مبينًا أن “حكومة فئوية صغيرة ستزيد مشكلات البلاد والاستقطابات فيها ولن يتم التغلب عليها”.

ويضيف أن “إيران بحاجة إلى الانسجام والوحدة في الداخل، في ظل الظروف الإقليمية والدولية الحساسة التي تمر بها، حَيثُ من دون حكومة تعبر عن هذا الانسجام لا يمكن التصدي للتهديدات الخارجية ورفع العقوبات”، مؤكّـداً أن “إيران دولة كبيرة لا يمكن أن تحكمها مجموعة بمفردها”.

ويلفت قاسمي إلى الضرورة الملحة في ردم الفجوة بين القوميات والطوائف الإيرانية، وخَاصَّة الأكراد والسُّنة مع السلطة، مُضيفاً، أن أية حكومة تتشكل ينبغي أن يوضع ذلك ضمن أولوياتها، وقال: إن بزشكيان “قادر على ردم الفجوات القومية والمذهبية في إيران من سيستان وبلوشستان جنوب شرقي البلاد إلى كردستان غربها”.

وبهذه المشاركة أخرست الألسن وألجمت الأفواه التي كانت وما زالت تضمر الشر للجمهورية الإسلامية ولشعبها المقاوم، وضرب الناخبون الإيرانيون بالمشروع الأمريكي الغربي الصهيوني الرجعي، عُرضَ الحائط.

 

الشعب والنظام الإيراني هو من فاز بالانتخابات:

بن جهته؛ قال الباحث بالشؤون الدولية “مهدي عزيزي”: إن “الشعب الإيراني قد قدم نموذجاً جديدًا من الديمقراطية الإسلامية من خلال مشاركته بجولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية”، مشدّدًا على أن “الرئيس مسعود بزشكيان إنما سوف يتابع نفس سياسات إيران الخارجية والداخلية، ولكن على أَسَاس يختلف بالأساليب والتكتيكات”.

وأضاف: “شاهدنا منذ الأمس حتى الآن ديمقراطية حقيقية وليست مزيفة كما هي في بعض الدول العربية والأُورُوبية، حَيثُ قدمت إيران تجربة جديدة منذ انتصار الثورة الإسلامية”، لافتاً إلى أنَّ “الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية شهدت مشاركة أكبرَ مقارنةً بالجولة الأولى، وهذه نقطة مهمة جداً”.

وقال عزيزي: “لا يهم من فاز بالانتخابات، أكان من التيار المحافظ أَو الإصلاحي، فأنا أعتقد أن الشعب والنظام الإيراني هو من فاز بالانتخابات؛ بسَببِ مشاركته رغم كُـلّ المشاكل والأزمات، والضغوط القصوى”.

وشدّد على أن كُـلّ عملية سياسية في داخل إيران تؤثر على المتغيرات والتطورات والأحداث في منطقتنا العربية والإسلامية، وفي كُـلّ العالم، وقال: “نحن اليوم أمام تجربة جديدة وناجحة جِـدًّا على أَسَاس نموذج ديمقراطي جديد، وهي الديمقراطية الإسلامية من قبل الشعب الإيراني”.

 

تبريكات عربية ودولية لبزشكيان بفوزه في الرئاسة: شعب إيران أظهر ديمقراطية بلاده

وتلقّى الرئيس الإيراني المُنتخب “مسعود بزشكيان”، السبت، برقيات تهنئة من نظرائه من رؤساء الدول ومسؤولين حول العالم، وذلك بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الإيرانية.

عربياً، بارك الرئيس السوري بشار الأسد لبزشكيان فوزه في الانتخابات الرئاسية، وتوجّـه إليه قائلاً: إنّه “سيعمل معه لتعزيز العلاقة الاستراتيجية السورية – الإيرانية، وفتح آفاق واعدة جديدة للتعاون الثنائي”.

وختم الرئيس الأسد برقيته بالقول: “ستبقى المقاومة هي النهج المشترك الذي نسير عليه صوناً لعزة بلادنا ودفاعاً عن مصالح شعوبها”.

بدوره، بارك الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، للجمهورية الإسلامية الإيرانية نجاح الانتخابات، مهنئاً بزشكيان بفوزه في الانتخابات، متمنياً له التوفيق والنجاح بمهام عمله، بما يحقّق طموحات وتطلّعات الشعب الإيراني، وأكّـد رشيد حرصه على تعزيز العلاقات بين العراق وإيران، بما يخدم مصلحة البلدَين والشعبين الجارين.

كذلك، بعث رؤساءُ الدول العربية وملوكُ وأمراء دول مجلس التعاون الخليجي، برقيات تهانٍ، لبزشكيان بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية، مؤكّـدين على تطلُّعِ بلدانهم إلى الاستمرار في تنمية العلاقات التي تربطها بإيران، ومواصلة التنسيق والتشاور في سبيل تعزيز الأمن والسلام الإقليمي والدولي.

أمّا دوليًّا، فهنّأ الرئيسُ الروسي والرئيس الصيني والرئيس الفينزويلي، والباكستاني ورئيس الوزراء الهندي، الرئيس الإيراني الجديد على فوزه في الانتخابات الرئاسية في إيران.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com