خانوك يا وطني.. خانوا اللهَ في عليائه
احترام عفيف المُشرّف
منذُ أن بثت قناة “المسيرة” تفاصيل واعترافات شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية والتي جندت فيها زمرة من المغضوب عليهم، الذين استحوذ عليهم الشيطان وخانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم تجاه دينهم ووطنهم.
من ذلك التاريخ وإلى اليوم لم أستطع أن أكتب أي شيء عنهم؛ فقط كنت أتابع اعترافاتهم وإلى أي مدى وصل بهم التيه والطغيان في محاولة تخريب وهدم لوطنهم، ونخره من الداخل، من كُـلّ الجوانب الاقتصادية والزراعية والسياسية والتعليمية والثقافية، والأخطر من جميع ما ذكر الأخلاقية، بمعنى تغلغل في كُـلّ نواحي الحياة؛ بهَدفِ إحداث شلل وموت سريري للوطن والمواطن.
كنت أستمع لتلك الاعترافات وأعود بعدها وقد أخذتني الحيرة والدهشة والاشمئزاز والقشعريرة، وأنا أفكر من هؤلاء الذين ولسنوات وسنوات وهم يخونون وطنهم وأهلهم وقد علا الشيب رؤوس أكثرهم فلم يردعهم، أن يسألوا الله حسن الخاتمة.
كنت أسمعهم وأنا أتساءل كيف هي قلوبهم؟! وأين هي ضمائرهم وهم يطعمون أولادهم ويكسونهم ويعلمونهم بمال حرام، وكيف يأملون أن يُنشئوهم في بيئة مجتمعية صحيحة وهم في سير حثيث لخراب هذا المجتمع، ولن يكون الحصاد إلا من جنس ما زرعوا؛ فما تقدمه للآخرين سيعود إليك وفق سنن الحياة.
وتوالت على نفسي الأسئلة عنهم كيف يستقبلون رمضان ويصمون ويقرأون القرآن الكريم، كيف يدخلون إلى المساجد؟ كيف يصلون ويقفون أمام ربهم ويقولون الله أكبر بألسنتهم ولم تعِ قلوبهم وعقولهم ما معنى أن يقولوا “الله أكبر”.
كيف يصلون أرحامهم؟ كيف يطيعون آباءهم، ويقبلون أُمهاتهم، كيف يريدون أن يكونوا قُدوة لأبنائهم، كيف ينامون، كيف يشيعون موتاهم؟! كيف وكيف، أسئلة كثيرة؛ لأَنَّ كُـلّ ما ذكرت ليس له معنى ولا فائدة ولا ثواب وقد هدم أَسَاس فاعله وتلوث بالخيانة والمال الحرام، وما بني على باطل فهو باطل.
خجلت منهم وحزنت عليهم كيف رضوا لأنفسهم بهذا العار الذي سيلاحقهم في الدارين، وعلمت أنهم هم العدوّ الحقيقي ولولاهم لما تمكّن الأمريكي ولا الإسرائيلي من شيء؛ فقد رضي هؤلاء الشرذمة أن يكونوا أحذية في أقدام أسيادهم، مقابل حفنة من الدولارات باعوا جنة عرضها السموات والأرض مقابل الدولار بئس البيع وخابت التجارة وباؤوا بغضب على غضب.
وكيف هو حال أهلهم حين انكشف المستور وبانت الحقيقة، تذكرت تحذيرات البدر الشهيد -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- وهو ينبهنا بأن عدونا يتربص بنا الدوائر وأنه في حالة حرب مُستمرّة معنا وإن لم تكن معلنة، وأن علينا اليقظة والحذر وتحصين أنفسنا وأبنائنا بالوعي والمعرفة والتمسك بدروس القرآن لا بتلاوته فقط.
وها هو كلام القائد الشهيد يتجلى لنا بوضوح من خلال اعترافاتهم، ولولا لطف اللطيف الخبير والذي أنعم علينا بهذه المسيرة القرآنية المباركة وأعلام الهدى لكنا ما زلنا في براثن هذه العصبة الخبيثة، الذين لا أمل يرجى في شفائهم وقد ران على قلوبهم؛ فهم ليسوا أعداء لنظام علي عبدالله صالح، أَو لأنصار الله، لا إنهم أعداء لليمن كُـلّ اليمن، ولكل يمني أياً كان مذهبه ومعتقده وتياره، إنهم أعداء أنفسهم إن كانوا يعلمون أَو يعقلون.
وقد أنعم الله علينا بأجهزة أمنية يقظة كشفت هذه الخلية التي عمرها الإجرامي ممتد بعمر رجال الرجال الذين وفقهم الله بفك شفرتهم والإطاحة بهم وهدم ببنيانهم كما كشفوا من كان قبلهم، والذين هم في كُـلّ يوم يدافعون عن هذا الوطن مما يحاك عليه داخليًا من مؤامراتٍ عدة من خلايا كامنة تسعى لإقلاق السكينة العامة وتخريب وتزوير واقترافات تعد من أبشع الجرائم ومرتكبيها من أقذر المجرمين؛ فمن يخون ما أؤتمن عليه من أمور المسلمين يعد من أحقر المجرمين ولا يقاس بأحد ولا بُـدَّ من اجتثاث من مثل هؤلاء معدومي الضمير.
وبفضل الله ويقظة رجال الأمن والمخابرات فلن يتمكّن أعداء اليمن من النيل منه فهم في عداء واضح لوطنهم وأهلهم وأنفسهم وخيانة لله ورسوله المؤمنين، وكما يوجد من باع نفسه لهواها ولشيطانه هناك من باع نفسه لله، وقد أعدّ الله لهذا البلد من يخافه ويخشاه ويتقيه، والذين قاموا ويقومون بإفشال العديد من المؤامرات وكشف الكثير من الخلايا التي تعد في الخفاء لزعزعة الأمن وإخافة الآمنين، وَأَيْـضاً سعيهم الدؤوب في تعقب العصابات التي تسعي لنخر الوطن من داخله والإضرار بالمواطنين واستهدافهم، الأمثلة كثيرة للجهود التي قامت وتقوم بها أجهزة الأمن، والتي لولا فضل الله في كشفها لأحدثت كارثة، أبشع مما أحدثه العدوان العسكري..
كلّ الشكر والتقدير لرجال الأمن والمخابرات، ونقول لمن باعوا أنفسهم وضمائرهم: “ألا تخافون من يوم يقوم الناس فيه لرب العالمين؟ ألا تعلمونَ أنكم أثقلتم على أنفسكم الحساب أمام الله، لأنتم أشد وبالًا وعدوانًا على اليمن من عدوه الخارجي، أفلا تعقلون؟”، (وَسَيَعْلَـمُ الَّذِينَ ظَلَـمُوا أيّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).