لماذا الثقةُ بالقيادة الثورية وما أهميتُها؟
أنس القاضي
في لحظات كهذه تبرز أهميّة القيادة الثورية كالسيد عبد الملك، وفي لحظات كهذه خلّدت الشعوب أسماءَ قياداتٍ تاريخية، في لحظة يكون فيه مصيرُ الشعب والوطن رهنَ موقف وقرار، واتخاذ القرار ليس أمراً بسيطاً خَاصَّة قرار الحرب، قرار إما يحفظ حرية الشعب والوطن ووحدته، وإما ينسف إرث عقود من النضال الوطني، واليوم في لحظة كهذه، أي قرار نتخذ إزاء الضغط السعوديّ الأمريكي.
إن ما يجعلني أثقُ بالسيد عبد الملك، هو شخصيته الواقعية الوطنية التي عرفتها وتابعتها منذ 14 عاماً والتي لم تتغير، لقد كان الوعي السياسي العالي والإقدام الذي لا يشوبه أي تردّد أحد أهم السمات التي تمتع بها، فحين تتعقد القضايا وينفتح الوضع على احتمالات عديدة، كما هو عليه الحال اليوم إثر الضغوطات السعوديّة الأمريكية على اليمن للتخلي عن غزة وإلا الخنق الاقتصادي وعرقلة خارطة الطريق وعملية السلام، فبهذه اللحظات تظهر عبقرية القائد وتميزه بحس واقعي كبير على التمييز بين ما هو جوهري وأَسَاسي وبين ما هو هامشي وثانوي، وهو على الدوام في القضية الوطنية يتخذ القرار دون أي تردّد متحلياً بالشجاعة مما يولد ثقة لدى من توجّـه إليهم لتنفيذها.
تحضر الشخصيات القيادية التاريخية كالسيد عبد الملك الحوثي، في مخاض ولادة الجديد وتهالك وسقوط القديم، في هذه المرحلة الحساسة من عمر الشعب اليمني تطلب الواقع؛ مِن أجلِ نجاح قضية التغيير الاجتماعي والتحرّر الوطني بذل وإنفاق جهود فائقة للكشف عن إمْكَانيات وطرق النضال للوصول إلى الوضع الجديد وتحديد ملامحه، وتستدعي الحاجة والضرورة وجود القائد الأكثر قدرة من بين الجميع على معرفة الجديد وتفهمه وامتلاك الشجاعة لمواجهته واستنهاض وقيادة الحركة الجماهيرية.
وطوال سنوات العدوان 2015م -2024م أثبت الواقع أن الحوثي شخصية قيادية فذة مؤهلة لقيادة الشعب اليمني في مواجهة التحديات، وَالشخصيات البارزة تتمتع بقابليات تجعلها قادرة على تلبية الحاجات الاجتماعية، وهي تلعب دوراً بارزاً في حركة التاريخ بقدر قدرتها على استنهاض الحركات الاجتماعية والحشود الشعبيّة، وبقدر ما ترى أبعد مما يراه الآخرون وتشعر برغبة أشد منهم لتغيير النظام القائم.
اتسم قائد الثورة بالمصداقية والوفاء والإخلاص في سبيل المثل والقيم التي يؤمن بها، القيم والمثل الإنسانية والدينية الاجتماعية والوطنية التي تنعكس في خطاباته، وبفضل ما تحلى به السيد القائد من قيم سامية فقد أصبح قيمة بذاته ورمزاً لقطاع واسع من جماهير الثورة؛ لأَنَّه وانطلاقاً من هذه القيم عبر عن المصالح والاحتياجات العامة في اليمن، وهذا ما أعطاه حضوراً ويجعله قيمة لهذه الجماهير المحتشدة كُـلّ جمعة في ميدان السبعين وميادين بقية المحافظات؛ فقد وجدت فيه الجماهير تعبيراً عن آمالها، وهو اليوم رمزاً عالميًّا من رموز مقاومة الإمبريالية والصهيونية، متجاوزاً الأطر القومية العربية والإسلامية.
استطاع القائد الشاب أن يؤدي دور طليعة الشعب في الثورة ومواجهة العدوان، والطليعة تمارس مهامها وأدوارها كطليعة عندما تتجنب الانعزال عن الجماهير وتجسد طليعيتها بكل جدية كممارسة عملية، وهذا ما يقوم به أنصار الله، ويتطلب منهم التعمق فيه وتطويره، والانفتاح على كُـلّ من له مصلحة من الثورة والشراكة والسيادة الوطنية؛ فليس هناك حَــدٌّ للتغلغل بين أوساط الجماهير، ومن شأن التغييرات الجذرية المعلنة حال تطبيقها أن تقوي من هذه الرابطة بين القيادة والجماهير، وأن تجعل الشعب أقدر على المساهمة في النضال، والدفاع عن السياسة الخارجية لليمن المناهضة للاستعمار الصهيوني.