فلسطين والقدسُ في الأدب العربي والعالمي (2-2)

حسن المرتضى

المحور الثاني: أبرز الشعراء والكتاب والفنانين العرب في مواجهة الاحتلال الصهيوني وتطبيع حكامهم مع الكيان الغاصب المحتلّ.

 

الشعر العربي المعاصر والقدس:

حظيت القدس باهتمام الشعراء العرب، في أقطار الوطن العربي كله، حتى في المهجر، فنظم الشعراء أبهى القصائد في التغني بها ومنهم: الشاعر القروي رشيد سليم الخوري، الأخطل الصغير، جميل العقاد، صلاح عبدالصبور، ويؤكّـد الشاعر العراقي عبدالوهَّـاب البياتي، يقول الشاعر زكي قنصل، مالك الرفاعي، سومر عبد اللطيف يوسف، عمر أبو ريشة، وهناك شعراء عرب كتبوا، في المنفى، قصائد شاعت كقصائد مظفر النواب، أحمد دحبور خليل مطران، عبد الرحيم محمود الأمير، بدويِّ الجبل، إبراهيم نصرالله، هارون هاشم، سليمان العيسى،

أمين شنار، راشد حسين، أحمد إبراهيم الحلاحلة، لطفي الياسيني، شادي المناصرة، شريفة السيد، أحمد مطر، عبد العزيز جويدة، يوسف العظم، تميم البرغوثي الشاعر الفلسطيني، حَيثُ يقول: “في القدس توراة وكهل جاء من منهاتن العليا/ في القدس شرطي من الأحباش يغلق شارعا في السوق/ رشاش على مستوطن لم يبلغ العشرين/ قبعة تحيي حائط المبكى/ في القدس متراس من الاسمنت/ في القدس دب الجند منتعلين فوق الغيم”.

ومن الأعمال المؤثرة قصيدة الأخوين رحباني، التي غنتها فيروز، وفيها: عيوننا ترحل إليك كُـلّ يوم/ تدور في أروقة المعابد/ تعانق الكنائس القديمة/ وتمسح الحزن عن المساجد، وقصيدة نزار: أما الشاعر نزار قباني فكتب: بكيت حتى جفت الدموع/ صليّت حتى ذابت الشموع / ركعت حتى ملني الركوع / سألت عن محمد فيك، وعن يسوع/ يا قدس يا مدينة تفوح أنبياء/ يا أقصر الدروب بين الأرض والسماء.

وأعمال مرسيل خليفة من كلمات محمود درويش وسميح القاسم وغيرهما..

وفي قصيدة مطولة للشاعر نزار قباني عنوانها: ” منشورات فدائية على جدران إسرائيل” فيقول: ما بيننا وبينكم لا ينتهي بعام/ لا ينتهي بخمسة أَو عشرة ولا بألف عام / طويلة معارك التحرير كالصيام/ ونحن باقون على صدوركم/ كالنقش في الرخام/ باقون في شفاه من نحبهم / باقون في مخارج الكلام / نأتي بكوفياتنا البيضاء والسوداء/ نرسم فوق جلدكم إشارة الفداء/ من رحم الأيّام نأتي كانبثاق الماء/ من خيمة الذل التي يعلكها الهواء/ من وجع الحسين نأتي من أسى فاطمة الزهراء/ من أحد نأتي ومن بدر ومن أحزان كربلاء/نأتي لكي نصحح التاريخ والأشياء/ ونطمس الحروف في الشوارع العبرية الأسماء.

وكان مظفر النواب صاحب قصيدة “القدس عروس عروبتكم” أحد الشعراء المعارضين الذين كلفتهم الكلمة أحكاما سجنية بلغت الإعدام فالمؤبد. كما منع من دخول جميع الدول العربية بعد صدور قصيدته اللاذعة التي هجا فيها الحكام العرب؛ بسَببِ تخاذلهم في نصرة القدس: “القدس عروس عروبتكم/ فلماذا أدخلتم كُـلّ زناة الليل إلى حجرتها؟/ وسحبتم كُـلّ خناجركم/ وتنافختم شرفا وصرختم فيها أن تسكت صونا للعرض/ فما أشرفكم”

فلسطين في الشعر المصري: إبراهيم عيسى وأحمد زكي أبو شادي، وأحمد هيكل، وأمل دنقل، وجليلة رضا، وحامد طاهر، وحسن فتح الباب، وسعد ظلام، وشوقي هيكل، وصابر عبد الدايم، وعامر بحيري، وعبد الرحمن الشرقاوي، وعبد العليم عيسى، وعبد العليم القباني، وعبد المنعم يوسف عواد، وعبده بدوي، وعفيفي محمود، وعلى الجارم، وعلي محمود طه، وفاروق جويدة، وقاسم مظهر، وكامل أمين، ومحمد الأسمر، ومحمد التهامي، ومحمد حوطر، ومحمد عبد الغني حسن، ومحمد علي عبد العال، ومحمد كامل إمام، ومحمد مصطفى الماحي، ومحمود أبو الوفا، ومحمود حسن إسماعيل، ومحمود الخفيف، ومحمود غنيم، ومحمود محمد صادق، ومحمد محمد صادق، ومصطفى بهجت بدوي، وهاشم الرفاعي، والورداني ناصف، ويوسف خليف أحمد محرم.

ينقسم موقف الشعر المصري من قضية السلام إلى قسمين –فالذين أيدوا السلام مثل الشعراء عباس الديب وأحمد فهمي خطاب وإبراهيم عيسى وعامر مجدي وأحمد مخيمر كانوا شعراء انبطاح وبلاط.

أما الفريق الثاني الذي رفض السلام مثل الشعراء الحساني حسن عبد الله، ومصطفى بهجت بدوي، ومحمد علي عبد العال، وأمل دنقل، وصابر عبد الدايم، وهؤلاء انطلقوا من أن هذا السلام ذل واستسلام ومؤشر لضياع الحقوق العربية، ثم ضرورة الأخذ بالثأر لأبنائهم الشهداء.

 

الشعر العراقي وفلسطين:

من أهمهم الجواهري وأحمد مطر ومظفر النواب والبياتي ونازك الملائكة والسياب

فلسطين الدامية للشاعر العراقي محمد الجواهري

فاضت جروحُ فِلَسْطينٍ مذكرةً جرحًا بأنْدَلُسٍ للآن ما التأما

وما يقصِّر عن حزن به جدة حزن تجدده الذكرى إذَا قَدُما

يا أُمَّـة غرها الإِقبالُ ناسيةً أن الزمانَ طوى من قبلها أمما

ماشت عواطفَها في الحكم فارتطمت مثلَ الزجاجِ بحد الصخرة ارتطما

وأسرعت في خطاها فوق طاقتها فأصبحت وهي تشكو الأيْنَ والسأما

وغرَّها رونقٌ الزهراء مكبرة أن الليالي عليها تخلع الظُّلَما

كانت كحالمةٍ حتى إذَا انتبهتْ عضّتْ نواجذَها من حرقةٍ ندما

سيُلحقون فلسطينًا بأندلسٍ ويَعْطفون عليها البيتَ والحرما

ويسلبونَك بغدادًا وجلقةً ويتركونِك لا لحمًا ولا وضما

جزاء ما اصطنعت كفاك من نعمٍ بيضاء عند أناسٍ تجحد النعما

يا أُمَّـة لخصوم ضدها احتكمت كيف ارتضيتِ خصيمًا ظالمًا حكما

بالمِدفع استشهدي إن كنت ناطقةً أَو رُمْتِ أن تسمعي من يشتكي الصمما

وبالمظالمِ رُدي عنك مظلمةً أَو لا فأحقر ما في الكون مَنْ ظُلِما

سلي الحوادثَ والتأريخَ هل عرفا حقا ورأيًا بغير القوةِ احتُرما

لا تطلُبي من يد الجبار مرحمةً ضعي على هامةٍ جبارةٍ قدما

إلى آخر القصيدة.

 

المحور الثالث: اليمن شعراءَ وكُتَّابًا ومنشدين مَدَدٌ لفلسطين ومعينٌ لا ينضب

كما كان للأدباء الفلسطينيين دورٌ مهمُّ فَــإنَّ الأدباء العرب شعراء وفنانين رسما وإنشادا وتصويرا ساهموا في ذلك وخُصُوصاً الشعراء اليمنيين، حَيثُ لا يخلو شاعر يمني لا تحوي قصائده القدس وفلسطين بل إن البعض أفرد دواوين كاملة لذلك.

وفي سياق الدراسة تفاجأت أن الفلسطينيين والمصريين فقط من العرب الذين اهتموا بجمع أسماء وقصائد كُـلّ من كتبوا عن فلسطين شعرا وقصة ورواية وهو ما لم يحدث في اليمن وسوريا والعراق وغيرها وخُصُوصاً اليمن وهذا تقصير كبير يجب تداركه ويجب أن تفرد له الكتب والأعجب من هذا أن الإيرانيين والأتراك أَيْـضاً قد جمعوا كتبا عن أدب فلسطين عندهم وترجموه أَيْـضاً وسيأتي تناول هذا الموضوع في المحور اللاحق لهذا المحور فنحن إن لم نهتم بجمع قصائد شعرائنا ومنشدينا وكتابنا عن القدس فهذا أَيْـضاً سينعكس على أدب اليمنيين في مواجهة العدوان ونتمنى أن يتم تلافي هذا التقصير من مراكز البحث والباحثين ونورد هنا قصيدة من الشعر اليمني للشاعر الكبير البردوني ثم قصيدة عن يوم القدس في الشعر المعاصر وخشيت أن أورد أسماء من كتبوا فأقصر في ذلك واكتفيت بهذين الاسمين وأتمنى أن تسعفني الأيّام لأجمع كُـلّ ما كتب عن فلسطين منذ أَيَّـام الإمام يحيى وما بعدها من مراحل وُصُـولاً إلى اليوم سواء شعرا فصيحا أَو شعبيًّا أَو كُـلّ ما أنشد من أناشيد وما كتب عنها من قصة ورواية.

وهذه هي عدد من القصائد اليمنية عن القدس والمقاومة:

يوم المعاد للشاعر عبدالله البردوني

يا أخي يا ابن الفدى فيما التمادي وفلسطين تنادي وَتنادي؟

ضجّت المعركة الحمرا … فقم: نلتهب.. فالنور من نار الجهاد

ودعا داعي الفدى فلنحترق في الوغى، أَو يحترق فيها الأعادي

يا أخي يا ابن فلسطين التي لم تزل تدعوك من خلف الحداد

عد إليها، لا تقل لم تقترب يوم عودي قل: أنا ” يوم المعاد ”

عد ونصر العرب يحدوك وقل: هذه قافلتي والنصر حادي

عد إليها رافع الرأس وقل: هذه داري، هنا مائي وزادي

وهنا كرمي، هنا مزرعتي وهنا آثار زرعي وحصادي

وهنا ناغيت أمّي وأبي وهنا أشعلت بالنور اعتقادي

هذه مدفأتي أعرفها لم تزل فيها بقايا من رماد

وهنا مهدي، هنا قبر أبي وهنا حقلي وَميدان جيادي

هذه أرضي لها تضحيتي وغرامي وَلها وهج اتّقادي

ها هنا كنت أماشي إخوتي وأحيّي ها هنا أهل ودادي

هذه الأرض درجنا فوقها وتحدّينا بها أعدى العوادي

وغرسناها سلاحا وفدى ونصبنا عزمنا في كُـلّ وادي

كتبنا بالدّما تاريخنا ودما قوم الهدى أسنى مداد

هكذا قل: يا ابن ” عكّا ” ثمّ قل: ها هنا ميدان ثاري وجلادي

يا أخي يا ابن فلسطين انطلق عاصفا وارم العدى خلف البعاد

سر بنا نسحق بأرضي عصبة فرّقت بين بلادي وَبلادي

قل: ” لحيفا ” استقبلي عودتنا وابشري ها نحن في درب المعاد

واخبري كيف تشهّتنا الربى أفصحي كم سألت عنّا النوادي!

قل: لـ “إسرائيل” يا حلم الكرى زعزعت عودتنا حلم الرقاد

خاب ” بلفور ” وَخابت يده خيبة التجّار في سوق الكساد

لم يسع، لا لم يسع شعب أنا قلبه وهو فؤاد في فؤادي

قل: ” بلفور ” تلاقت في الفدى أُمَّـة العرب وهبّت للتفادي

وحّد الدرب خطانا وَالتقت أمّتي في وحدة أَو في اتّحاد

عندما قلنا: اتّحدنا في الهوى قالت الدنيا لنا: هاكم قيادي

و مضينا أُمَّـة تزجي الهدى أينما سارت وَتهدي كُـلّ عادي

 

 (يـــوم القدس) للشاعر/ معاذ الجنيد

لأنّ ظُهور الحق غايتنا الأسمى… وحرية الإنسان قيمتنا العُظمى

إذَا دارت الأفلاكُ جاء انتخابنا…. فنحنُ خلاصُ الأرض إن مُلئت ظُلما

إلى القُدس حتى الحرب أمست تقودنا ولكن من البيت الحرام وما ضمّا

فلن يُنصَر الأقصى، ولن يُفلِح الورى وأُمُّ القُرى محتلّةٌ لم تعُد أُمَّا

يضجُّ بـ (إنّا قادمون) نِواحهُم وما قدموا شبرًا، ولم يُطلقوا سهما

ونحنُ إذَا قُلنا قطعنا مدائنًا إليها، وزلزلنا بأنظمة جمّا

تصَهيَن أعرابُ النفاق وأصبحت قبائحهم في وجه أُمّتنا وصما

إلى الحرب قاموا بعد عمرٍ مُطوَّلٍ ولكن علينا أعلنوا العصفَ والحزما

أتونا بأمريكا، أتينا بربّنا عليهم، فأعيينا البرايا لنا فهما

فنحنُ انتصار القُدس حتمًا، وإننا زوالٌ لـ “إسرائيل” مهما طغت مهما

ونعلمُ أنّ الحرب جاءت لحجبنا عن القُدس لكنَّا أطحنا بها عزما

حملنا سلاح الوعي أرقى ثقافةً أضأنا بها في هذه الحِقبةِ الظَلما

خُلقنا من القرآن وعيًا، وحكمةً كأن أبَانا جُزءُ (يس) أَو (عمّا)

بنا شاء صوتُ الله أن يبلُغَ الورى فنحنُ الفضاء المستجيبُ لهُ دوما

ونحنُ وِعاءُ الحق في كُـلّ فترةٍ إذَا جاء مِنَّا، دون معجزةٍ عمّا

فيا كُـلّ حُرٍّ في الوجود اتصل بنا تبارك إنسان إلى صفنا انضمّا

ويا كُـلّ من يشتاق ليلة قدرهِ سيُظهر (يومُ القُدس) مقداركم وسما

هُــوِيَّةُ أحرار الوجود جميعهم تسمّت بـ (يوم القُدس) بُورِكَ من سمّى

كم استهزأ الأعرابُ منا جهالةً ولكنّ أمريكا رأتنا لها همّا

وكم قيل “إسرائيل” عنكم بعيدةً وظلَّ شعارُ الموت في رأسها حُمّى

فلستَ بهادي العُميَ مهما دعوتهم وَ(لا تُسمِعُ الْمَوْتَى ولا تُسْمِعُ الصُمَّ)

سَعوا ليُشِيعوا اليأسَ بين شعوبنا فجئنا خلاصًا أيقضّ الأُمَّــة البكما

أرادوا خِداع الله، بالله آمنوا سنينًا، وبالطاغوت لم يكفروا يوما

سيبقى إذن إيمانهم باطلًا إذَا عن الكفر بالطاغوت لم يعلنوا حسما

إذَا صوتكُم ما كان رفضًا وصرخةً سيبقى أنينًا يرتضي الظُلمَ مُغتمّا

لـ (مكة) كم حجوا، وطافوا تصنُّعًا وما أحسنوا حجًّا، ولا أتقنوا رجما

ونحنُ نؤدي الحجّ في جبهاتنا ولمّا يحينُ الفتحُ طُفنا بها لمّا

حجارةُ بيت الله من فلذاتنا فإن غُيِّبَ الأنصار عنها اشتكت يُتما

ولسنا الحياديين عند احتلالها لكي نقبل استهداف كعبتنا العصما

نعم يا طغاة الأرض نحنُ زوالكم تخوفكم من شعبنا لم يكُن وهما

كما دخلوا للبيت أول مرّةٍ سيدخلهُ الأنصار عن أنفكم رغما

سنسحقُ أمريكا بسحق عبيدها ودلّالُ أمريكا سنجتثها حتما

فقُل للعِدا عصرُ المقاومة انتهى وقد جاءكُم عصرُ المواجهة الأدمى

نصبتُم أمام البيت ساعة حتفكم وها قد أتينا حسب ميقاتها ختما

أتينا على الوعد الذي تعلمونهُ وتَسعون في تأجيله كلما أومى

سلأَنَّ زمان الحق إن دار دورةً أتى مُهلِكًا قومًا، ومُستنهِضًا قوما

عدالةُ رب الكون تنفذُ عبرنا وهل يستوي الأنصار، والعالمُ الأعمى

ونحنُ لهُ في الأرض جُندٌ، فهل تُرى جنود السما أَيْـضاً يمانيةً شمّا

ومن ظنّ أنَ القُدسَ أرضًا، ومسجدًا فهذا هوَ البعضُ الذي يحملُ الإثما

هيَ القِبلةُ الأولى اختبار لديننا بهِ تقبلُ الأُخرى صلاةَ من ائتما

هيَ القُدسُ دينٌ، واعتقاد، وثورةٌ بها يُخرِجُ الله المعاني من الأسما

أحاطت بها (لبنان) مجدًا، وعِزّةً وفي (سوريا) سُورٌ أذاقَ العِدا سُمّا

كتائبُ (حزب الله) ترقبُ زحفنا وللنصر كم أحيا (الجنوبُ) وكم نمَّى

إليكِ (عراقُ) المجد مُدّت عروقنا دمًا عربيًا، ثائرًا يرفضُ السِلما

ويا ثورة (البحرين) قُدِّستِ ثورةً نحتِ طريقَ العزّ في صخرةٍ صَمَّا

ستُسقطُ (عوّاميةُ) الله من بغى سيقطفهم صدرُ (القطيف) الذي يُرمَى

ومن (مغرب) الأحرار يبزغُ فجرُنا ومن (تونس) الخضراء نستقبل الحُلما

(جزائرنا) العُظمى تنادت، وإننا نرى الزحفَ آتٍ من (جزائرنا) العُظمى

ترأسَ فيكِ الذُلُّ يا (مصر) حاكمًا وأرضكِ بالأحرار لم تشتكِ العُقما

سيلعنُكِ التأريخ يا (مصر) مُرغمًا إذَا لم تثوري الآن كي تُسقطي الحُكما

(فلسطين) يا قلب العروبة إننا نعود شرايينًا إليكِ لننضمّا

فحُرية الأقصى مُهمتُنا التي بها الله أوصانا وقلنا لهُ.. تَمَّا

وفي هذا الصدد صدر للشاعر حسن المرتضى ديوان كامل عن القدس تم طباعة في أحد دول محور المقاومة في عام 2022 وصدر له من إعداده ديوان صرخات وبنادق.. شعراء القدس والمقاومة في اليمن في عام 2019 وكذلك في عام 2019 من جمع ومراجعة الشاعر حسن المرتضى ديوان محمديون لشاعر المحور معاذ الجنيد في طبعتين إحداهما في اليمن والأُخرى في لبنان.

وهذه نبذة من قصائد ديوان شعراء القدس والمقاومة في اليمن واخترنا من قصائد جامع الديوان

حلمُ العودةِ يقدّ قميصَ الغياب.. حسن المرتضى

على لسان فلسطيني يتأهب للعودة

أللنّاسِ أوطان وما نلتُ موطنا؟

وبي جثةُ الأحلام لم تَلْقَ مدفنا!

فلسطينُ كانتْ مهدَ أَيَّـام صبوتي

فليتَ مشيبَ اللّحدِ فيها تكفّنا

حليبُ ترابِ الأرض يا ليتَ طفلتي

سترضعُ منه مثلما الشّعبُ أدْمَنا

فمَنَ يفطمُ القلبَ الذي كان راضعًا

حليبَ الأماني في رجوعي؛ لأُحضنا

أشقّقُ بالآهاتِ سقفًا لغربتي

وأبني بأطياف المُنى بيتَ أهلنا

أبيتُ وحلمي يهدمُ السّورَ في الدّنى

وكيفَ أداوي الحلمَ؛ إذ كانَ مُزمنا؟!

مصابٌ بداءِ الحلمِ في كُـلّ صحوةٍ

ودائي عُضالٌ، ما دوائي لأسكُنا؟

فلسطينُ مرآتي، أرى صورتي بها

وظلّي يصلّي، حَيثُ أقصايَ ما دنا

فلسطينُ تسري في خيالي، وما سرى

بها الجسمُ إلا حينما كانَ ممكنا

هي “الطينُ” لا” فلسٌ” سيبتاعُ تربتي

فسَلْ عنكبوتًا شيّدَ البيتَ أوهَنا

أمنْ طينِ تاريخي ابْتَنَى فيكِ موطنًا

مُصَهينُ مِنْ أوحالِهِ قد تكوّنا؟!

فلسطينُ عنواني وشعبي قصيدتي،

أفي قلبِ ديوان العروباتِ أُثخِنا؟

تُهجّرُ أبياتي ليستوطنَ العدا

بأرضي وإسرائيل في الأرض عُنوِنَا

و”كنعانُ” نصٌّ شاعريٌّ معلّقٌ

بأستارِ نبضٍ مُذْ عليها تأنسنا

فتبّتْ يَدَا “بلفورَ”؛ إذ يسرقُ الثرى

وعلّقَ أُخرى فوقَ أستارِ نبضنا

وتبّتْ يدَا هذي المعابرِ حولنا

وتبتْ قراراتٌ لها الغربُ قنّنا

فحمّالةُ الصّهيونِ في جيدِها لظى

وفي جِيْدِ من والى ومن باتَ مُذعنا

فلسطينُ ما أقسى مقامي بغيرها؟

فيا ليتَ أبقى فيكِ.. حتى مُزنزنا

وما أسمجَ الماضينَ في نفي شعبنا

لإحلالِ مَنْ أحرى بهِ أنْ يُسجّنا

وما أغربَ البانينَ أسوار سجننا

وأغربَنا؛ إذ لمْ نحطّمْهُ حولنا

متى أبصرُ الأحلام سبعًا عجافُها

ستأكلُها سبعٌ من الغيرِ أسمنا؟

وبينَ صُواعِ الحلمِ زيتونةُ النّدى

متى سوفَ تغدو في متاعٍ لحّرنا؟

متى لا أرى طيرًا لصهيونَ آكلًا

ورأسُ فلسطينٍ به الخبزُ، بي أنا؟

ويا ليتَ حلمي لا أرى فيه أنني

غلامٌ لدى بئرِ المنافي مُثمّنا

لكي يشتري بالبَخسِ صهيونُ موطني

وقد باعني مَنْ كانَ ألقى وخوّنا

وإنْ قدّ بلفورٌ قميصي بوعدِهِ

فخاطَ قميصًا فوق عُريٍ تصهينا

ولا مجلسٌ للأمنِ؛ إذ ما بدتْ لهمْ

ملامحُ لي، قالوا: الملاكَ المشيطنا!

زليخا ولوبيها ومَنْ أشغفوا بها

سكاكينُ لم يُخلقْ سواها لأُطعنا!

أعصبةُ إخواني ستدلي بدلوها

لأسجنَ، هلْ من مجلسٍ كان أمّنا؟!

فلا عشتُ سجنًا لا أرى صبحَ موطني

لديهِ، ورؤيايَ التي لم تكنْ لنا

عزيزٌ بمصرٍ صاغَ أمرًا لساجنٍ..

على عنقي طوقٌ من القيد.. فافْتِنا؟

أكنتُ أنا ساقي بلادي وربِّها

وأعصرُ كرْمَ العيشِ في موطن المنى؟

لتسجدَ (شمسٌ) مثلَ عشرينَ كوكبًا..

أرؤيايَ عكسٌ؟ فسّرَ الحزنُ أحزنا

وإنّي أرى يوماً رُجُوعي لموطني

برؤيا رجوعي لا تقُلْ: لستُ مؤمنا

 

المحور الرابع: فلسطين في الأدب العالمي الناطق بغير العربية:

وسيتم تناوله في الأدبين الإيراني والتركي أصالة ثم بقية الآداب العالمية

موقف شعراء الثورة الإسلامية الإيرانية من القضية الفلسطينية

شغلت قضية فلسطين، والقدس خَاصَّة الشعراء العرب منذ زمن، وازداد انشغالهم بهما بعد نكبة عام 1948 م، ولم تكن تلك القضية بمنأى عن اهتمام الشعراء الإيرانيين بعد انتصار ثورتهم في عام 1979 م، وعلى رأسهم قائد الثورة الإسلامية الإمام الراحل آية الله الخميني، حَيثُ جعل آخر يوم جمعة من شهر رمضان يوماً للقدس لتذكير العالم أجمع بما يتعرض له أبناء فلسطين من ظلم، وقهر، وقسوة، وحرمان.

موقف رجال الثورة من القضية الفلسطينية: من البديهي أن ينسحب هذا الأمر على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولاسيما أنها الدولة التي قامت بعد ثورة اتخذت من الإسلام شعاراً، وعنواناً لها، فهي الثورة الإسلامية، وهي الجمهورية الإسلامية التي وضعت ضمن مبادئها الأصولية مساندة المسلمين المستضعفين في جميع أنحاء العالم؛ باعتبَارها واجباً دينياً

وبعد رحيل الإمام ظلَّ السيد علي الخامِنئي قائد الثورة، ومرشدها يسير على خُطَا معلمه مؤكّـداً دعمه للقضية الفلسطينية، وللمقاومة الفلسطينية، فيقول: “إننا لا نقبل المساومة في القضية الفلسطينية/ وقد أكّـدنا دوماً أن فلسطين ملكٌ للفلسطينيين”.

فيقول السيد الخامئني.. إن على المثقفين، والكتاب، والفنانين، والمتصدين للإعلام في العالم الإسلامي الشعور بالتكليف إزاء القضية الفلسطينية/ وتوعية الرأي العام العالمي بالظلم منقطع النظير الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني اليوم، والاهتمام بجميع الأبعاد، والأساليب الفنية لهذا الغرض.

موقف الشعراء من قضية فلسطين، وردود أفعال المجتمع الدولي

#ملاحظة النصوص مترجمة للعربية وتجنبا للإطالة لم أورد النصوص باللعة الفارسية

تناول الشاعر كاظم كامران شرفشاهي القضية الفلسطينية/، حَيثُ يقول ما معناه:

يا قبلتي الأولى لا يستطيع أحد أن يفصلك عنّي/ لا أحد /وأنا ما زلتُ حتى الآن آملُ في الوعودِ الإلهية / ولن أقبلَ أيّة قصاصة ورق باسم ” الوثيقة ” /مُحطّمٌ منَ العذاب / وما أكثر الآلام التي بقيت مكبوتة وكأنما الرياح المثيرة للغبار لا تسمح بالتفتح/فمنذ أمد بعيد لا يصل الحق إلى صاحبه

ويقول أيضا: ما زال العالم حتى الآن لم يتعلّم لغتَكِ / وما زلتِ حتى الآن لم تتعلّمي

ألا تُلدغي من جحرٍ واحدٍ مرتين / ولا تثقي في كلبٍ يُعلِّقُ في أنيابه غصنَ زيتون

ولا في عَبَدَةِ العجلِ الذين ضايقوا حتى موسى نفسه /ويصلبون مسيحاً كُـلّ يوم في أرض الميعاد على نجمة داود

وما حدث لم يكن ليحدث لو لم تتعلقي بمؤتمرات تقتل الحق/ والوقت معاً.

فلم يغض النظر الشاعر بهزاد بيگلي عن الإحساس بآلام الجوع/ فيقول معبراً عن ذلك بما معناه:

التراب مقابل الطعام / الجرّافة مقابل الحجارة / ” جنين ” مقابل الصمت

على فكرة لم تقل: في أية صحراء تنبت منظمة حقوق الإنسان؟

ويتفق الشاعر كاظم كامران شرفشاهي مع الشاعر بهزاد بيگلي في الهجوم على العالم الذي يتغافل عن المظالم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني/ وغيره من الشعوب المستضعفة /، حَيثُ يقول ما معناه:

إنني أنشد؛ مِن أجلِ السماء التي لم تعد زرقاء /؛ مِن أجلِ أرض أصبحت حمراء

مع أنه لا توجد هناك أذن للإصغاء /فهذا القرن هو قرن العجائب!

قرن القرارات الجوفاء / قرن وثائق الوعود الهشّة / قرن الميداليات الفخرية الملوثة /قرن منح جوائز السلام للمزورين

قرن تحالف النسر والضبع / قرن منظمات الأمم القوية / قرن القرود المقلدة / قرن الحشرات الصغيرة المتعاظمة

قرن النظارات المعتمة / قرن الصرب والرصاص والبارود / قرن كُـلّ شيء إلا الخير

ويقول الشاعر محمد رضا سهرابي نژاد ما معناه: حجرة درسه ميدان حرب / نشيده الكره من الاستسلام/ والعار

وقلم طفل القدس المشرد / البندقية/ البندقية/ البندقية.

يقول الشاعر بهزاد بيگلي في قصيدته لا أقسم بهذا البلد: حين تَرفعُ الحجر / تغلب العالمَ كلَّه/ عندما رفعت ملايين الطيور على غصون قلبك نشيد الحرية

ويقول الشاعر في قصيدته “الانتفاضة” ما معناه: أنت ذاك الأسدُ المكبلُ بالسلاسل / وأنتِ سهم في عيون الأعداء

أنتِ بثورة حجارتكِ هذه لن تموتي/ لن تموتي/ يا فلسطين

يقول الشاعر إسرافيلي في قصيدته ” فلسطين الجريحة:

يا فلسطين الجريحة أخبري كم خطوة قد بقيت حتى نهاية الليل/ وحتى السحر؟

في ميدان الدماء/ والبارود/ والجراح قولي كم روحاً قد بقيت دون درع؟

يقول الشاعر سهرابي في قصيدته ” الانتفاضة: تهتز الأرض من ألحان قدمك/ تعطي رسالتك حياة جديدة

فلسطين أنت حية بالانتفاضة / العالم مضطرب خشية انتفاضتك

يقول الشاعر بهزاد بيگلي في قصيدته من رماد الحرية:

اليوم كان قد جاء العدوّ مع فيلق من المدفعية والدبابة والبندقية

ليعتقل طائراً/ عقاباً على رمي الحجر/ كان قد جاء العدوّ ليرى هل بقيت راية في زاوية البيت أم لا؟

هل يوجد غصن زيتون يثمر؟ ويحيي عدّة عوائل لبضعة أيام؟

اليوم/ حينما جاء العدوّ حرقت أختي نفسها حتى تبقى الغيرة الميتة لأولي الأمر في المنام دائماً

وغداً ستقوم طيور أبابيل الحرية من رمادنا الأطفال الرضع الذين يحمل تراب الوطن طراوة انتظارهم دائماً

ويقول في قصيدته الحزن المكتوم:

هنا تنجب النساء أولادهن من الحجارة/ لا يشم من هذا الباب غير الصمود/ ليس على الجدران غير الألم/ والدم/ والشقاوة إلا عار تاريخ من الغضب/ والخداع/ والوقاحة / ليس الزيتون/ والنخيل/ والشقائق سوى كذب/ وخداع

عليك ألا تجد في هذه الصحراء المدمّـرة غير التأوه

يقول الشاعر إسرافيلي: أيتها الجبال العالية / اخفضي رأسَك كي أشاهد القدس وأرى دم الشقاقي يهتز ويجري باتّجاه ” الطف ”

وكذلك نعوش الشهداء الذين يصلي عليهم القمر وهو يبكي/ ويتألم…

ويقول الشاعر محمد رضا سهرابي نژاد/ فيقول ما معناه:

في السجن تحت تعذيب الجلاد / يُطلِق الأسرى من صدورهم صيحةً:

لو بقي منا واحد فقط فسوف يحرّر فلسطين

قال الشاعر بهمن صالحي عن الانتفاضة الفلسطينية: اقذف على صدر العدو/ فاليوم يوم رجم الشيطان

حتى وإن كان ما بيدك هو آخر أحجار الصحراء/ اقذف غاضباً بكل ما بقي في ذراعك من قوة

وإن يكن الحجر في حرب غير متكافئة كهذه مثل اللكمة في السندان اقذفه من هذا الجانب لحدود الرياح/ يا من كلكَ كراهية وصراخ /وإن يكن الرد على صرختك رصاصة من الجهة الأُخرى للميدان /فهذه الأحجار الصّمّاءـ ولكنها مليئة بالكراهية/ والحقد/ والغل ـ هي زهرات ألفاظ شعر التمرّد في دفتر تاريخ الحرية.

 

“صورة القدس في الآداب العالمية” في ندوة بالثقافة:

يقول محمد خضير عن ندوات عن فلسطين في الآداب العالمية

تحدثت الدكتورة رانيا فتحي عن “فلسطين في الأدب الفرنسي المعاصر”/ وأكّـدت أن فلسطين في الأدب الفرنسي تشكل اتّجاها قويا للأدب الفلسطيني والعربي بصفة عامة/ وفرضت القضية الفلسطينية وجودها على الساحة الأدبية في فرنسا.

وأضافت أن عدداً من نصوص أدب الرحلة نقلت قضية الأراضي الفلسطينية/ مثل سلام فلسطين/ رحلة إلى أرض الإنسانية/ وعناوين أُخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها/ ثم تحدثت عن رواية/ أسير عاشق التي كتبها جان جينيه/ وهي تنتمى إلى أدب الشهادة/ هي ما يمكن أن يضيفه الأدب للقضية الفلسطينية/ وقد قام كاظم جهاد بترجمتها إلى العربية.

وعن “القدس في أدب الرحلات الإنجليزي والأمريكي قبل النكبة “قالت الدكتورة فاتن مرسى/ يرتبط عام 1917 في الذاكرة الجمعية العربية بحدثين جللين/ هما إعلان بلفوز في الثاني من نوفمبر والمعروف بوعد اليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين.

وتحدثت دكتورة نادية جمال الدين في الأدب الإسباني/ وقالت نعلم جميعاً أهميّة القدس التاريخية التي تعتبر أكبر مدن فلسطين المحتلّة من حَيثُ المساحة وعدد السكان/ ورمزًا مقدسًا للديانات الثلاث الإسلامية والمسيحية واليهودية.

وذكرت الدكتورة سهيمة سليم عن القدس “الأرض والرمز في الأدب الإيطالي”/ رواية ماتيلندا سراو/ التي تصف رحلتها للقدس خريف ١٩٩٣/ وتصطحب الكاتبة القارئ ليكتشف معها روح تلك الأرض المقدسة/، حَيثُ تصف أسوار المدينة وروحها وتاريخها.

وشارك أَيْـضاً في الندوة عدد من المختصين في اللغات الأجنبية المختلفة من بينهم دكتورة إيمان إسماعيل وتحدثت عن صورة القدس في النثر التشيكي/ والدكتور محمد نصر الجبالي وتحدث عن تطور صورة مدينة القدس في الأدب الروسي من القرن العاشر وحتى مطلع القرن العشرين/ والدكتورة منى حامد تحدثت عن صورة القدس في الشعر الفارسي المعاصر

####

كتاب في الشعر التركي

يحتوي على ترجمة حية ومشاعر كتبها شعراء أتراك معاصرون كتبت بوحى من الانتفاضة الفلسطينية الثانية أَو انتفاضة “الأقصى” ويهدف الكتاب إلى إطلاع القارئ العربي على ألوان الأدب التركي المعاصر/ والموقف التركي الشعبي من القضية الفلسطينية بشكل عام..

أما الفن فكان الأدب الذي تلقوه عن الفرس/ أما فيما يتعلق بالأدب فمن المعلوم أن الترك تأثروا بالتراث الإسلامي في شتى مظاهره/ وعارضوا الأدب الفارسي المتأثر بالأدب العربي/ فكان هذا تراثاً لهم حملوه معهم من وسط آسيا إلى الأناضول. وكانت الفارسية هي اللغة الرسمية للسلاجقة.

وحقيق بالذكر أن تأثر الترك في الاناضول بشعر الفرس أَدَّى ضمناً إلى تأثرهم بالتصوف؛ لأَنَّ الشعر الفارسي في عصور ازدهاره تأثر بالتصوف / أما في العصر الحديث فالترك أخذوا عن الأدب الأُورُوبي وانصرفوا عن التأثر بالأدب التركي الذي كان متأثراً بالتصوف الإسلامي بل إن بعضهم انصرف تماماً عن الأدب العثماني الفارسي في أصوله وفروعه واتجهوا إلى الأدب الفرنسي.

ولكن هنا ملحظ لا بُـدَّ منه وهو أن بعض شعراء العصر الحديث كانت لهم نزعة إسلامية

 

القدس في الشعر التركي المعاصر:

معلوم أن تيار التغريب عصف عصفاً بتركيا المعاصرة منذ عهد اتاتورك على الأخص وكانت الدولة علمانية رسميًّا. غير أن ذلك لم يمنع من وجود تيار إسلامي سيطر على كثير من الشعراء والشواعر فتأثر بها سزائي قراقوج خَاصَّة مؤلفات النورسي كانت غايتها معارضة العلمانية بل استئصال شأفتها والدعوة إلى الإسلام وأحكامه وتعاليمه.

سزائي قراقوج يقول عن القدس وعن سيطرة الأتراك عليها وعلى مكة:

أقمنا بها قدسنا من زمن بمصر وفي مكة من سكن

ومن هذه المنظومة قوله:

ومن صخرة القدس قام البطل… على ساحة الحرب ها قد أطل

وكان السلاح سلاح الحجر لهذا الشهيد وها فانتصر

فيقول أيضا: إنها القدس وأرض الأنبياء وإليها كم نبي كان جاء

جاء عيسى وهو يمشي في ضياء… جاء موسى في سمو وسناء

ولإبراهيم من نار وقاء وسليمان عظيم الكبرياء

إنما الأقصى به ظل أفاء ولداود به كان احتماء

ان للقدس فراشا أخضرا كبساط وهو فتان الرواء

والشاعر رمضان آلتين طاسي قوله في القدس:

هيا القدس بقلبي في السويداء… دماء إنها تجري لإحيائي

وثمة شاعر تركي آخر (عمر لطفي) من المعاصرين يقول:

جوانح أحرقت عشقا دموع أرسلت دفقا / وعصر الظلم يحويها تزلزل مسجد فرقا

وهذا شاعر آخر هو (طوران قوج):

والله لي وطن.. ومن حيفا لي القمر / أنا أمضي وبي ظمأ.. ومن ظمئي سأندثر

ويهطل فيك يا قدس.. على ويرقأ المطر

ونعود إلى سزائي قراقوج الذي يقول:

لأحمل لقدسي بعيراً أريد.. وأمضي بها للبعيد

الشاعر (محسن إلياس صوباشي) يقول على لسان طفل فلسطيني يتيم في قصيدة تحت عنوان: (أغنية طفل يتيم في حرب التحرير):

روضة القدس بها ورداً قطفت.. وبأرض إنني ها قد غرست / وإلى قابيل لكني أعود.. ناب مصاص الدما إني خلعت

بحسامي رأسه حطمته… ودماء الشهداء كم جمعت / قطرة من بعد أُخرى جمعت.. وعلى هام اعادي نثرت

بالدماء رايتي إني خضبتها… رايتي الحمراء ها إني رفعت

سزائي قراقوج:

غوثاء يا مدد الرسول / انظر إلى بلد الرسول، القدس لتنظر لها… بغداد يشملها القبول

باب السعادة مثلها… أفليس تحي بالشمول/ إن الشهيد مجاهداً/ وكأنه في السلسبيل

ابعث ولياً للهدى… لنراه من يهدي السبيل

الملاحظ في الأدب التركي أنه لا يدعو لقتال اليهود ولا المقاومة والصمود مُجَـرّد تغني بها دون شحذ الهمم ودعم الصامدين فيها بعكس شعراء الثورة الإسلامية في إيران

ونقلت النصوص حسب ما تم ترجمتها من صاحب الكتاب

 

قصيدة يتيمة في الشعر الإنجليزي تدين الاستعمار:

كتب إدوارد سعيد مرة أنه لم يجد أي اعتراض على الاستعمار والإمبريالية في الأدب الإنجليزي.

وهو تشخيص دقيق، لا يصح فقط على هذا الأدب، وإنما على الأدب الغربي عُمُـومًا في البلدان التي عرفت ظاهرة الكولونيالية/ إذَا استثنينا فرنسا إلى حَــدٍّ ما. وبالطبع تحتاج هذه الظاهرة الغريبة/ التي تكاد تكون شاذة في التاريخ الأدبي/ إلى أبحاث مستقلة لتفسير أسبابها وفهمها في السياق التاريخي الاجتماعي والثقافي لهذه البلدان، وهي أبحاث لا تزال تفتقر إليها مدرسة ما بعد الكولونيالية، وأكثر ما عالجها هم كتاب غير غربيين كفرانس فانون المارتينيكي، والفلسطيني إدوارد سعيد.

يذكرنا بهذه الحقيقة/ اكتشاف قصيدة للشاعر بيرسي شيلي كتبها منذ 200 سنة، حين كان في الثامنة عشرة من عمره، وهي على النقيض من كُـلّ الشعر الإنجليزي فيما يتعلق بالموقف من ظاهرة الاستعمار، إلى الحد الذي دعا شاعرًا مثل مايكل روسن إلى القول مخاطبا إدوارد سعيد بما معناه: أخيرًا، نستطيع أن نقول عندنا الشعر الذي تبحث عنه. ولكن ما لم يقله روسن إنها للأسف قصيدة يتيمة في الشعر الإنجليزي.

في هذه القصيدة/ يدين شيلي بكل وضوح استعمار بلاده للهند، والألم الذي يسببه للشعب الهندي:

الهندي الضعيف على سهول بلاده، يتلوى من آلام لا تعد، على يد قوة عظمى

وهذا ليس غريبا على صاحب قصيدة «ثورة الإسلام»، وأول المناصرين للثورة الفرنسية، التلميذ الذي طردته جامعة أكسفورد لآرائه الجريئة في الكنيسة ورجال الدين/ والنظام السياسي في بلده.

هل كان شعر شيلي استثناء يثبت القاعدة؟

يبدو الأمر كذلك. استثناء عمره 200 سنة

فمن يدين استعمار بلاده للهند فهو سيدين لو عاش وعد بلفور لليهود بفلسطين وهي أرض لا تملكها بريطانيا ولا اليهود.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com