معادلةُ الرهان الرابح والرهان الخاسر
د. شعفل علي عمير
يسمعُ الكثيرُ من الناس مصطلحَ الرهان، والذي يعني الأمانَ أَو الثقةَ، التي تعبّر عنها قوةُ من رهنت لديه ثقتك أَو أمانتك أَو أمنك، وهذا تعريفٌ مبسَّطٌ لمعنى الرهان، وهنا يمكنُ أن يعبِّرُ الرهانُ عن مدى إيمَـانك بقدرة من راهنت عليه، يجب أن نعيَ معنى أن تراهن على شيء أنت مؤمنٌ بقدرتك على تحقيق ما راهنت عليه، وفي هذا الجانب يجب على الإنسان أن يعرف بأن القادر على كُـلّ شيء هو الله؛ فمن الغباء أن يراهن الإنسان على ما دون الله فكل ما دونه سبحانه وتعالى محدود القدرة.
إن رهانَ أي إنسان أَو مجتمع أَو حتى دولة إنما يعبِّرُ عن الحالة الإيمانية لديهم، ودرجة ثقته بالله ثم بنفسه، كما يعبر عن حجمه ككيان مادي وروحي معاً؛ فعندما يراهنُ إنسانٌ على بشر يقع تحت سلطة وجبروت الله، فهذا يعني بأن رهانَه خاسر، وأن هناك خللاً في إيمانه، ولن يراهن أحدٌ على بشر إلَّا عندما يكون رهانُه للوصول إلى ما يغضبُ الله “سبحانَه وتعالى”.
وفي واقعنا تجاربنا تترجم وبشكل جلي هذه المعادلة في الصراع بين محورَينِ: أحدهما مراهن على الله والآخر مراهن على من خلقهم الله، بل إن رهانَه كان على أعداء الله فكانت النتيجةُ معروفةً مسبقًا هي الخُسران المبين؛ فعلى سبيل المثال راهن النظام السعوديّ والإماراتي على أمريكا والغرب عُمُـومًا، وعلى دعمِه في عدوانهم على اليمن وفي الوقوف إلى جانبهم بكل ما يستطيعون من قوة لدعم كُـلّ أعمالهم التي تستهدفُ الأُمَّــة العربية والإسلامية، في دينها، وفي ثرواتها وفي ثقافتها؛ ولأَنَّهم يسعَون في معصية لله فَــإنَّ رهانَهم خاسرٌ لا مَحالة.
المتأمِّلُ في واقع محور الشر الذي تمثّلُه دولُ الاستكبار العالمي وأذرعتُهم في المنطقة يجد حقيقةَ خُسرانهم قد بدت ملامحُها تلوحُ في الأُفُقِ، بينما محورُ الخير والسلام محور المقاومة يمثله شرفاء الأُمَّــة راهن على الله “تعالى”، نجده يتجه إلى تحقيق النصر على الطواغيت وبشكل متسارع، يزداد قوة وتماسكاً ومشاركة في الأعمال الجهادية، لم تشهد الأُمَّــة في عصورها السابقة أن توحدت قواها لمواجهة أعدائها كما هو حاصلٌ الآن، وهذا كلُّه ببركة صمود وصلابة إخواننا في غزة شعباً ومقاوَمةً، في هذه الحالة لا نجدُ بُدًّا من أن نشكُرَ غزةَ التي قدمت لنا أكثرَ مما قدمناه لها، أعادت لنا دينَنا وضميرنا وإنسانيتنا فأصبحنا نحمل جميعاً هماً واحداً وهدفاً واحداً وقضية واحدة.