مجزرتان للصهاينة في قطاع غزة.. خان يونس تنزفُ دماً

المسيرة- خاص

حلّق طيران العدوان الصهيوني في وضح النهار، مواصلاً حملته الإجرامية في إبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، موغلاً في توحشه، وهذه المرة كان الهدف مخيمات النازحين في خان يونس.

غادر الكثير من المدنيين منازلهم، منذ بدء غارات العدوان الصهيوني بعد (طوفان الأقصى) في العاشر من أُكتوبر عام 2023م، ليستمر نزوحهم من حي إلى آخر؛ هرباً من التوحش الآثم لطيران العدوان، ووجد الكثيرون أماكنً للنزوح في مخيمات فُرِشت على الأرض ينقصُها الكثيرُ من مقومات الحياة، ومع ذلك لم تسلَمْ من القصف، ولا من خِسة الصهاينة.

في مشهد جديد من التوحش الصهيوني، وفي جريمة جديدة، دُوِّنت في السجل الأسود للكيان الصهيوني الظالم، تعرضت منطقةُ المواصي في خان يونس جنوب قطاع غزة، لعدوانٍ آثم، استهدف مخيمات النازحين، ليرتقي العشرات شهداء، مختلطة أجسادهم الطاهرة، ببقايا الخيام المتناثرة، وبقايا طعام لا يسد حتى الأمعاء الخاوية.

تؤكّـد وزارة الصحة الفلسطينية في إحصائية أولية لها ارتقاءَ 79 شهيدًا و289 مصاباً، وبالتأكيد فَــإنَّ الرقمَ مرشح للزيادة، لكن المأساة المتراكمة لهؤلاء النازحين، هي أنهم لم يجدوا مكاناً لتلقي العلاج، فالمستشفيات مدمّـرة، والمراكز الصحية شبه منعدمة، والكوادر الطبية ما بين شهداء أَو معتقلين، أَو منهكين، وغزة برمتها تئن وتشكو جراحها.

هذا الواقع يؤكّـده المكتب الحكومي بقطاع غزة، والذي أكّـد أن هذه المجزرة جاءت بالتزامن مع قلة المستشفيات المؤهلة لاستقبال هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى، وجاءت في سياق المساعي الصهيونية لتدمير المنظومة الصحية في القطاع.

لم تكن هذه هي المجزرة الاستثنائية للمدنيين في قطاع غزة، بل سبقها مئات المجازر، ويمكن القول إنّ قطاع غزة تحول إلى سجن كبير، وجد فيه الأمريكيون والصهاينة غايتهم لقتل البشرية، وتدمير كُـلّ ما هو جميل، في مشاهِدَ مأساوية تحدث أمام مرأى ومسمع من العالم.

قبل يوم واحد فقط، شهد حي تل الهوى بالقطاع، واحدة من أبشع هذه المجازر، وارتقى أكثر من 100 شهيد في مخيمات الوسطى؛ وهو ما يؤكّـد أن هذا العدوان الإجرامي لم يرتوِ بعد من دماء الأبرياء في فلسطين.

 

أمريكا المسؤولة رقم 1:

بعد كُـلّ جريمة، تنبعث من بين الركام، والمنازل المهدمة، رائحة الأسلحة الأمريكية؛ فالفلسطينيون باتوا على وعي كبير، بأن القاتل الأول لهم هو الأمريكي، الذي حضر من أول يوم بسلاحه، وعتاده، وجنوده، وكتيبته السياسية والدبلوماسية التي تبرّر له كُـلّ هذا التوحش.

ويحمل المكتب الحكومي بغزة بأشد العبارات الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني هذه الجرائم، ويؤكّـد أنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن استمرار هذه المجازر المروعة بحق المدنيين.

وأدان المكتب الحكومي بأشد العبارات ارتكاب العدوّ الصهيوني لهذه المجزرة الكبيرة والمجازر المُستمرّة بحق المدنيين، كما أدان اصطفاف الإدارة الأمريكية مع كيان العدوّ في جريمة الإبادة الجماعية المُستمرّة في قطاع غزة، محمِّلًا العدوَّ “الإسرائيلي” والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن استمرار هذه المجازر المروِّعة ضد المدنيين، مطالباً المجتمع الدولي، وكل دول العالم للتحَرّك لوقف هذه المجازر، وإيقاف شلال الدم المتدفِّق في قطاع غزة.

وللتأكيد على أن أمريكا هي المسؤول المباشر على هذه الجرائم شدّدت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين على أنّ “المجزرة الرهيبة التي ارتكبها الكيان الصهيوني المجرم في منطقة المواصي في خان يوس، صباح السبت، هي إمعان في استمرار حرب الإبادة التي يشنها الكيان النازي بحق الشعب الفلسطيني، بعد عشرة أشهر كاملة من تقاعس العالم أجمع وعجزه أمام آلة القتل والإجرام الصهيونية الوحشية، وفشلِه في إيقاف آلة القتل الصهيونية وفك الحصار عن مئات الآلاف من المحاصرين بالقتل والتجويع”.

وبيَّنت أن ادِّعاءات الاحتلال باستهداف شخصيات قيادية تثبت النية المبيَّتة لديه لارتكاب هذه الجريمة عن سبق إصرار وتصميم من جهة، وتؤكّـدُ -من جهة ثانية- ضربه عُرضَ الحائط كُـلَّ الأعراف والمواثيق الدولية التي لا تقبل هذه التبريرات الوقحة لارتكاب مثل هذه الجرائم تحت أية ذريعة”.

واعتبرت الحركةُ “إدارة بايدن المجرمةَ المسؤولَ الأولَ عن هذه الجريمة النكراء؛ لما تشيعه من اعتبار الشهداء والمصابين من المدنيين والأطفال والنساء وكبار السن كأضرار جانبية، بتواطؤ وصمت كامل من كُـلّ الذين يوفرون للكيان كُـلّ أنواع الدعم المختلفة”.

 

تصعيدٌ خطير:

في ميدان المواجهة يواجهُ جيشُ الاحتلال الصهيوني مأزِقاً كَبيراً؛ جراء العدد المهول من قتلاه وجرحاه، في المعارك المحتدمة التي تدور مع فصائل المقاومة الفلسطينية على أكثر من محور في جبهات القتال؛ ولهذا لا يجد الصهاينة وسيلة للانتقام سوى بالتصعيد من المدنيين، والفتك بهم عبر الغارات الجوية التي لم تتوقف يوماً واحداً للشهر العاشر على التوالي.

وترى حركة المقاومة الإسلامية حماس أن مجزرة المواصي بخان يونس المروعة “تشكّل تصعيدًا خطيرًا في مسلسل الجرائم والمجازر غير المسبوقة في تاريخ الحروب، والتي تُرتَكَب في قطاع غزة على يد النازيين الجدد”.

وقالت في بيان لها: “هذه المجزرة البشعة التي يرتكبها العدوّ الصهيوني، استهدفت منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس، وهي منطقة صنّفها جيش الاحتلال على أنها “مناطقُ آمنة”، ودعا المواطنين للانتقال إليها، حَيثُ استهدفت طائرات ومدفعية ومسيرات الاحتلال بشكل مكثّـف ومتتالٍ خيام النازحين بمختلف أنواع الأسلحة، ليرتقي مئات الشهداء والجرحى من المدنيين الأبرياء العزل”.

وأكّـدت حماس أنّ “ادِّعاءات الاحتلال حول استهداف قيادات إنما هي ادِّعاءات كاذبة، وهذه ليست المرة الأولى التي يدَّعي فيها الاحتلال استهدافَ قيادات فلسطينية، ويتبين كذبها لاحقًا، وأن هذه الادِّعاءات الكاذبة إنما هي للتغطية على حجم المجزرة المروعة”.

وذكرت أن “مجزرة مواصي خان يونس؛ والتي استهدفت منطقة تكتظ بأكثر من ثمانين ألفًا من النازحين؛ هي تأكيد واضح من حكومة الاحتلال الصهيوني، على مضيها في حرب الإبادة ضد شعبنا الفلسطيني، عبر الاستهداف المتكرّر والممنهج للمدنيين العُزَّل، في الخيام ومراكز النزوح والأحياء السكنية، وارتكاب أبشع الجرائم بحقّهم، غير مكترثة بدعوات وقف استهداف المدنيين الأبرياء، أَو ملتفتة لأيٍّ من قوانين الحروب التي تفرِض حمايتهم”.

ولفتت حماس إلى أن هذا الاستهتار بالقانون والمعاهدات الدولية، والانتهاكات الواسعة ضد المدنيين العزل، لم يكن ليتواصل، لولا الدعم الذي توفره الإدارة الأمريكية لحكومة المتطرفين الصهاينة وجيشها الإرهابي، عبر تغطية جرائمها، ومدها بكل سبل الإسناد السياسي والعسكري، وشلّ يد العدالة الدولية عن القيام بدورها تجاه هذه الجرائم، وهو ما يجعلها شريكةً بشكلٍ كامل فيها”.

 

استهداف متواصل للنازحين:

وعلى امتداد 10 أشهر مضت، يعاني النازحون الفلسطينيون من الملاحقة المُستمرّة لهم من قبل آلة القتل الصهيونية والتي تدل على المنهجية الصهيونية في إبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

في فبراير الماضي، هاجم جيش العدوّ الصهيوني “المواصي”، بما في ذلك منزل موظفي منظمة أطباء بلا حدود، وأفراد أسرهم الآمن؛ ما أسفر عن استشهاد مواطنين، وإصابة ستة، بينهم نساء وأطفال.

وفي 21 يونيو، هاجم العدوّ الإسرائيلي مرة أُخرى “المواصي”؛ ما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 25 فلسطينياً، وإصابة 50 آخرين.

وكالعادة في كُـلّ مرة يهاجم العدوّ الصهيوني منطقة المواصي، ومخيمات النزوح، مقدماً تبريرات لجريمته؛ بهَدفِ حرف الأنظار عنها، بادِّعاء وجود عناصرَ قيادية من المقاومة الفلسطينية في المكان، وفي جُلِّ تلك المجازر تثبت المقاومة كذب وافتراءات العدوّ الصهيوني.

ومنذ السابع من أُكتوبر 2013م وحتى اللحظة بلغ عدد ضحايا العدوان الصهيوني على قطاع غزة 38443 شهيدًا و88481 مصابًا.

وقالت مصادرُ طبية فلسطينية اليوم السبت: إن قوات الاحتلال ارتكبت أربع مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 61 شهيداً، و129 إصابة خلال الساعات الـ 24 الماضية.

وأشَارَت إلى أن آلافَ الضحايا ما يزالون تحت الأنقاض وفي الطرقات، حَيثُ لا تستطيعُ طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com