الموقفُ الأممي ورسائلُ صنعاء
سند الصيادي
منذُ بداية العدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن والأممُ المتحدة تتماهَى مع الضغوط والإملاءات الأمريكية وتتبنَّى روايتَها السياسيةَ والعسكرية في توصيفِ الصراع وَأطرافه وَأهدافه، سواء من خلال القرارات الأممية وَالإحاطات الصادرة عن مبعوثيها إلى اليمن، أَو من خلال التحَرُّكات على الميدان.
ظل الموقف الأممي يُنكِرُ العدوانَ السعوديّ الإماراتي على اليمن، ويستفزُّ مشاعرَ الضحايا والمتضررين منه، من خلال وضع هاتَينِ الدولتَينِ في مصافِّ الدول الداعمة للسلام، في ظل حرص على مصطلحات تُسمِّي العدوان بكونه صراعًا أهليًّا في اليمن، وَاعتماد مسمَّيات أمريكا وتحالف العدوان في توصيفِ مراكز الأطراف المحلية، ومصادَرة شرعية الشعب من خلال التعاطي مع ثُلَّةٍ من الأدوات وتكويناتها المليشاوية المختلفة؛ بكونها الممثلَ الشرعي لليمن، إلى جانب ذلك لا يزال مبعوثُها في إحاطاته المتتالية يكرّرُ ذاتَ اللُّغة المملة وَالمشروخة، والتي في طياتها تبرئةُ مرتكبي الجرائم والانتهاكات، وتسييسُ المِلفات الإنسانية والاقتصادية، وَتأجيلُ وتقسيم الحلول وترحيل وتفريخ الأزمات، في تنصُّلٍ مُستمرّ عن حقوق الشعب اليمني وتعميق معاناته.
لطالما عبَّرت صنعاء عن رفضها لهذه المنهجية الأممية العدائية أصلًا في التعامُلِ مع الصراع، وَالتناغم المفضوح مع المعتدين، وبأن استمرارَ تمييعِ الحقائق يعني غيابًا للعدالة ومخالفةً للحياد والنزاهة والاستقلالية التي يُفترَضُ أن تكونَ عليها المنظومةُ الأممية، خاطبت اليمنُ المنظومةَ الأممية أن تُعيدَ تصويبَ الواقع الذي هي عليه والذي يخلُّ ويتجاوزُ مواثيقَها المعلَنة وَأدوارها المفترَضة، وَحتى لا تكون أدَاةً من أدوات المؤامرة وَتفقدَ احترامَها الدولي، وتلجأ صنعاء إلى وقف التعامل مع بياناتها ومبعوثيها.
حدث ذلك مرارًا، غير أن هذا التوجّـه الأممي ظلَّ تحتَ تأثير الهيمنة الغربية، مُستمرًّا على ذات المنهجية فيما يخص العدوانَ الأمريكي البريطاني على اليمن.
تعيد صنعاءُ مخاطبةَ الأمم المتحدة ومبعوثها عن رفضهِا القاطع لتبرئة الولايات المتحدة وتبييض صفحتها السوداء في اليمن، وباتِّخاذِها مسارًا مختلفًا فيما يتعلق بإجراءات “السويفت” يتجاوز التعليقَ لهذا القرار الطارئ إلى إلغائه تماماً، وإلى المضي قُدُمًا في استئنافِ مصفوفة السلام -الواضحة والمعلَنة والمشروعة- التي رسمتها صنعاءُ لتطبيع الوضع الاقتصادي والإنساني والسياسي، بدايةً من صرف المرتبات من عائدات البلد المنهوبة ونهايةً بخروج القوات الأجنبية وجَبْرِ الضرر وإعادة الإعمار، مطالبُ لا يمكنُ لأحد المساوَمةُ فيها أَو تجييرُها بكونها مطالبَ طَرْفية، بل شعبيّة عريضة ومُلحَّة.