السيدُ عبدالملك الحوثي في خطاب حول آخر التطوُّرات والمستجدَّات: لا جدوى لخُطة 2030 ولا لخطط تطوير مطار الرياض إذَا تورط السعوديّ في العدوان على اليمن
التأثيرُ الاقتصادي على العدوّ الإسرائيلي وصل إلى درجة أن يعلنَ هو عن إفلاس ميناء أم الرشراش نتيجةَ الحصار اليمني في البحر الأحمر
إغلاقُ 46 ألفَ شركة إسرائيلية حتى الآن نتيجةَ تأثير الموقف في غزة وجبهات الإسناد
العملياتُ في المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط فاعلةٌ وقوية ومؤثرة جِـدًّا ونسعى لتعزيزها ورفع التصعيد هناك
حركةُ السفن المرتبطة بالعدوّ الإسرائيلي أصبحت شبهَ معدومة، وبلغ الإجمالي لعدد السفن المستهدفة المرتبطة بالأمريكي والإسرائيلي والبريطاني إلى 170 سفينة
مآلاتُ بغي وعدوان النظام السعوديّ يكتبها الله، وقد كتب أن العاقبة للمتقين
العدوُّ كان يسعى إلى الانفراد بالشعب الفلسطيني وتصفية قضيته وتهجيره، فإذا به يواجه جبهات متعددة
++++
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أصحابهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرً (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}[الأحزاب: 64-65]، صَدَقَ اللهُ العَلِيُّ العَظِيم.
عندما نتأمل في القرآن الكريم، نجد فيه الآيات الكثيرة، مئات الآيات، التي تضمَّنت الوعيد الشديد من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” للكافرين، بمختلف فئاتهم، يتوعَّدهم بجهنم، ويصف ما فيها من العذاب الرهيب الشديد، ويؤكّـد على أنَّه عذابٌ أبديٌّ لا نهاية له، ولا انقطاع لمدته، كما في هذه الآية المباركة: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}[الأحزاب: 65].
يصف أنواع العذاب في جهنم بأوصاف رهيبة جِـدًّا، تُبيِّن أنَّه لا يساويه أي عذاب، ولا يصل إلى مستواه أي شقاء أَو ألم، عذابٌ رهيبٌ جِـدًّا، {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أحد (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ}[الفجر: 25-26]، وكم هي الآيات المباركة، وأحياناً سور بأكملها تتحدث عن هذا الموضوع: الوعيد الإلهي للكافرين بالعذاب في الآخرة.
وأيضاً يتوعدهم بعقوبات عاجلة في الدنيا متنوعة، وذكر لنا في القرآن الكريم ما كان مصير الكثير من الأمم والأقوام التي عاقبها الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بالعقوبة العاجلة في الدنيا.
الوعيد لهم إضافة إلى ما أمر به الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” عباده المؤمنين من المواجهة للكافرين، والتصدي لهم، والقتال في سبيل الله تعالى ضدهم، وما وعد به المؤمنين أَيْـضاً من النصر، والتأييد، وأن يعذب أُولئك الكافرين على أيديهم، {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ}[التوبة: 14-15]، يقول: {وَاقْتُلُوهُمْ، حَيثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}[البقرة: 191]، يقول: {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُـلّ مَرْصَدٍ}[التوبة: 5]، يقول: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة: 29]، كم في القرآن الكريم كذلك المئات من الآيات المباركة التي تحدثت عن الجهاد في سبيل الله تعالى، وقدَّمته كفريضة من فرائض الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” الإلزامية، التي هي ضمن الالتزامات الإيمانية الدينية لكل إنسان مؤمن، بحسب ما يمكنه، وفي إطار تلك التوجيهات التي رسمت في القرآن الكريم مسيرة الجهاد في سبيل الله بشكلٍ كامل.
وقُدَّم أَيْـضاً من المواصفات، الجهاد في سبيل الله قدِّم من المواصفات الإيمانية الضرورية، التي لا بُـدَّ منها؛ ولهذا يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[النساء: 76]، فاعتبر هذا من مهامهم الإيمانية الأَسَاسية: {يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أولياء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}[النساء: 76]،
قدَّم الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَيْـضاً في القرآن الكريم الحديث عن الجهاد في سبيله، في مواجهة الكافرين، الأشرار، المجرمين، بطريقة عظيمة، وجذَّابة، ومؤثِّرة، تبيِّن لنا أهميته لنا في هذه الحياة، ومنزلته وموقعه في الدين الإلهي الحق في الإسلام، وما يترتب عليه من النتائج المهمة والعظيمة لكل إنسان مؤمن، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأموالكُمْ وَأنفسكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخرى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}[الصف: 10-13]، وهذا ترغيبٌ عظيمٌ جِـدًّا في الجهاد في سبيل الله، ويبيِّن لنا أهميته، ونتائجه، ومكاسبه الكبرى والعظيمة والمهمة، ومن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، من الله، هو الذي وعد، وهو الذي دلَّ هو على ما سمَّاه لنا تجارة، {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ}، وهذا يدل على أنَّ مكاسب الجهاد في سبيل الله عظيمة جِـدًّا، على مستوى ما وعد الله به من الأجر والثواب، والنتائج المهمة التي يحقّقها لعباده المؤمنين في الدنيا، ثم أَيْـضاً في الآخرة، وأتى ضمن هذه الآيات المباركة بالتفصيل بالوعد الإلهي:
- المغفرة للذنوب.
- الجنة.
- النصر.
- الرضوان من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
- الفتح.
- وتتضمن عبارة: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}[الصف: 13]، ما هو أَيْـضاً أكثر من ذلك، ضمن فضل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، الفضل الواسع العظيم.
لماذا نجد في القرآن الكريم ذلك الوعيد الشديد جِـدًّا، الذي يُبيِّن غضب الله الشديد، وما توعَّد به من العذاب والعقوبات الشديدة للكافرين الأشرار المجرمين؟ ولماذا يأمر بالجهاد ضدهم، ويعد على ذلك بالأجر، والنصر، والعون، والتأييد، ويجعل ذلك من ضمن الالتزامات الإيمانية لعباده المؤمنين؟
يُبيِّن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” كذلك في آيات كثيرة تحدثت عن الجهاد في سبيله أهميّة الجهاد بالنسبة لنا نحن؛ لأن الله هو غنيٌّ عن عباده، هو القائل أَيْـضاً في سياق الآيات المباركة التي تحدثت عن الجهاد: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[العنكبوت: 6]، هو غني “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يقول الله “جلَّ شأنه”: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرض}[البقرة: 251]، الكافرون في شرهم، في عدوانيتهم، في إجرامهم، في وحشيتهم، في تجرُّدهم من القيم الإنسانية الفطرية، ونبذهم لها، في تأثير الشيطان عليهم، وقد ارتبطوا به، وصاروا متولِّين له، وصار هو رمزهم وكبيرهم إلى درجة أن يسميهم الله في القرآن الكريم بـ (أولياء الشيطان)، فهم يقاتلون في سبيل الطاغوت، وهم أولياء الشيطان، {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}[النساء: 76]، هم يشكِّلون شراً وخطراً على المجتمع البشري، شرهم، ونتائج كفرهم، وضلالهم، وباطلهم، تتجه على المجتمعات البشرية؛ لأنهم يتَّجهون بعدوانية، متنكرين للمبادئ الإلهية، والتعليمات الإلهية، رافضين لها، والتعليمات الإلهية هي خيرٌ للناس، هي لحماية المجتمع البشري، وصلاح حياته، واستقرار حياته، وفيها الخير له في دنياه ولآخرته، فشرُّ الكافرين، ونتيجة كفرهم، وباطلهم، وضلالهم، هي: تلك العدوانية، والوحشية، والإجرام، والأطماع، التي يتحَرّكون بها كسلوك، وسياسات، وتوجّـهات، ومواقف، وممارسات ضد بقية المجتمعات البشرية؛ ولذلك شرهم وخطرهم على استقرار حياة المجتمع البشري، يصل إلى هذه الدرجة التي عبَّرت عنها الآية المباركة: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرض}[البقرة: 251]، لوصلوا بالحياة للمجتمع البشري على كوكب الأرض إلى الانهيار التام، والفساد التام، بحيث لم يعد هناك إمْكَانية لاستمرارية الحياة، لوصلوا إلى هذا المستوى؛ لأن الشر، والفساد، والطغيان، والإجرام، يمكن أن يزداد سوءاً، وأن يزداد أكثر وأكثر، وأن يتنامى، وأن يتفاقم إلى درجة تهدّد حياة المجتمع البشري على كوكب الأرض، تهدّد الاستقرار بشكلٍ كامل في حياة المجتمع البشري على الأرض.
يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسم اللَّهِ كَثيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج: 40]، حتى العبادة الروحية، المتمثلة بالصلوات والأذكار في بيوت الله، وأماكن العبادة المقدَّسة، التي يتوجّـه الناس فيها للعبادة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وعلى مرِّ التاريخ مع كُـلّ الرسل والأنبياء والرسالات الإلهية، هناك تهديد حتى لها، بمعنى: أنَّ الكافرين لشرهم، لسوئهم، لحقدهم، لطغيانهم، لإجرامهم، ما كانوا ليتركوا للناس حتى العبادة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بالصلوات والأذكار، يستهدفون حتى دور العبادة، بالرغم من قدسيتها، وبالرغم من عدم وجود المبرّر أصلاً لاستهدافها، لكنهم لن يتردّدوا حتى في التهديد لها، والاستهداف لها، ولمن يذكر الله فيها، هذا هو حال أئمة الكفر، جبهة الكفر، التي تتحَرّك دائماً ضد الرسالة الإلهية، لماذا؟ لما في الرسالة الإلهية من المبادئ العظيمة، والقيم، والعدل، والخير، والحق الذي هو لصالح المجتمع البشري، ويحمي المجتمع البشري، وتستقر به، وتصلح حياة المجتمع البشري.
ويضاف إليهم فئة أُخرى، من ضمن من ينتمون للرسالة الإلهية، وهذا شيءٌ غريبٌ جِـدًّا، أن يكون هناك من داخل من ينتمي للرسالة الإلهية، ويعلن الانتماء إليها، والإيمان بها، من هو محسوب على مستوى الموقف، على مستوى الدور السيء، التخريبي، الدور الذي يخدم الشر، يخدم الطغيان، يخدم الكفر، يخدم التوجّـه الذي يشكِّل خطورةً على المجتمعات الإنسانية، أن يكون هناك من هو منتمٍ في إطار المنتمين للرسالة الإلهية، أُولئك هم مَنْ؟ الذين يسميهم القرآن الكريم بالمنافقين، وغاب -وللأسف الشديد- في الساحة الإسلامية التوصيف القرآني، والمفهوم القرآني الحقيقي، الذي يعرِّف المجتمع بكله: (المجتمع الإنساني، والمجتمع الإسلامي)، بمن المقصود بهذا العنوان، من هو المنافق؟ ومن هم المنافقون؟
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قد بيَّن في القرآن الكريم من هم، ولماذا أطلق عليهم هذا الاسم، قال “جلَّ شأنه”: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أولياء مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}[النساء: 138-139]، {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ} كذلك، بأن مصيرهم هو ذلك المصير للكافرين، بالرغم من انتمائهم إلى الرسالة الإلهية، يدَّعون الإيمان بها، وينتسبون إليها، ويقدِّمون أنفسهم من أمتها، ولكن حتى بالرغم من كُـلّ ذلك، مصيرهم هو مصير الكافرين، الله غاضبٌ عليهم، الله لعنهم في القرآن الكريم في آياتٍ كثيرة، توعَّدهم بجهنم، بل بأشد العذاب في جهنم، إلى درجة أنه “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قال في (سورة النساء) في القرآن الكريم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}[النساء: 145]، نعوذ بالله، وعيد شديد جِـدًّا توعَّدهم به هم، {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}[النساء: 145]؛ لأن دورهم التخريب والسيء، الذي يجمع ما بين الخدمة للأعداء، والتعاون مع الأعداء، مع جبهة الكفر، والشر، والطغيان، والإجرام من جهة، والدور الذي يستغلون فيه انتمائهم للأُمَّـة المسلمة من الداخل، الدور التخريبي: التثبيط، التخذيل، الإثارة للفتن، الصرف للناس عن الاهتمامات الحقيقية، والعمل الذي يسعون فيه إلى تدجين الأُمَّــة لصالح أعدائها، ويعملون لتنفيذ مخطّطات ومؤامرات الأعداء، ولكن من داخل الأُمَّــة، فالخلل من جهتهم كبير إلى درجة أنَّ الله قال عنهم في السورة التي سمَّاها باسمهم (المنافقون): {هُمُ العدوّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}[المنافقون: 4]، {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ}، لعنهم أَيْـضاً في آيات كثيرة في سور متعددة في القرآن الكريم، توعَّدهم بالمصير الواحد لهم وللكافرين: {فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}[النساء: 140]، والعياذ بالله.
عندما نتأمل ما يحصل في هذه المرحلة، ونقرأ ما سبقه أَيْـضاً من أحداث تاريخية، ولكن عندما نتحدث عمَّا هو قائم، عمَّا هو واقع، عمَّا هو من الأحداث اليومية المُستمرّة في هذه المرحلة، وهو العدوان الإسرائيلي، الهمجي، الإجرامي، الوحشي، ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ندرك فعلاً الشر الكبير، والخطورة التي يشكِّلها العدوّ الإسرائيلي، وهو على رأس جبهة الكفر، اليهود الصهاينة هم في هذا العصر من يحملون راية الطاغوت، وهم على رأس جبهة الكفر، وهم من يتحَرّكون -ومن يدور معهم في فلكهم، ويتحَرّك معهم في اتّجاههم- بالدور الإجرامي، الطغيان، الإفساد في الأرض، الاستهداف للمجتمعات البشرية، السعي للصد عن دين الله الحق، وعن رسالته السماوية، المتمثلة بالدين الإسلامي، والقرآن الكريم، ويحاولون أن يتَّجهوا بالمجتمعات البشرية نحو الانحراف التام عن رسالة الله، وعن تعاليمه القيِّمة والعظيمة، سعي بالإفساد والإضلال، أن يصلوا بالمجتمع البشري إلى أحط المستويات التي يتنكَّروا فيها حتى لإنسانيته، حتى لقيمه الفطرية، لكل شيء.
أمَّا على مستوى الوحشية والظلم، فهم يفعلون ما هو واضح لكل المجتمعات البشرية، أسوأ، وأفظع، وأشنع الجرائم الرهيبة المهولة، التي لا يمكن أن يرتكبها من بقي في نفسه مثقال ذرة من المشاعر الإنسانية، والإحساس الإنساني، لا يمكن أن يُقدِم عليها إلَّا من قد تجرَّد تماماً من إنسانيته، فأصبح شكله شكل إنسان، لكنه في داخله متوحش، مجرم، تنكر لكل شيء، حتى القيم الإنسانية الفطرية.
ثم عندما نلحظ ما يفعله من يتعاونون معه، بالذات ممن هم محسوبون على هذه الأُمَّــة، ممن يحسب نفسه من العرب ومن المسلمين، بالرغم من الإجرام الفظيع الذي نرى عليه العدوّ الإسرائيلي بشكلٍ واضح، في جرائمه البشعة، في جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، جرائم رهيبة جِـدًّا، متنوعة، فظيعة للغاية، يتفنن فيها، يستهدف كُـلّ أبناء الشعب الفلسطيني بطريقة متوحشة للغاية، يقتلهم بشكلٍ جماعي، وَأَيْـضاً يستهدفهم في جرائم متعددة متنوعة، يستهدف الكل: شيباً وشباناً، أطفالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، يقتل المرضى، يقتل المعاقين، يستهدف من هم طاعنين في السن، عاجزين عن التحَرّك، على أسرَّتهم في منازلهم، ليسحقهم بجنازير الدبابات، يعذِّب أُولئك المساكين المظلومين جِـدًّا، الذين اختطفهم إلى سجونهم، وأسرهم من منازلهم، يعذِّبهم بأشد أنواع التعذيب الوحشي والإجرامي؛ مما لا -أحياناً- يستطيع الإنسان أن يتحدث به، أَو يتكلم عنه؛ لفظاعته، مع ذلك يقومون بإعانته: جسر بري يُمِدُّ العدوّ الإسرائيلي من دولٍ عربية تنتمي للإسلام، وتقدِّم نفسها على أنها الحضن العربي، وأنها من تحمل راية العرب، وتتصدر العرب في الواجهة، وتقدِّم نفسها على أنها كبرى الدول العربية، والأكثر تأثيراً فيها، فإذا بها هي من تتحَرّك لدعم العدوّ الإسرائيلي، وتزويده بمختلف البضائع، وبشكلٍ متصاعدٍ ومضاعف، كان لها من قبل هذا النوع من العلاقة مع العدوّ الإسرائيلي، فتتضاعف هذه العلاقة، وهذا الدعم، وهذا الإسناد، في الوقت الذي تتفرج على الشعب الفلسطيني وهو يتضوَّر جوعاً، والكثير الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني يعانون من الجوع إلى درجة الوفيات للأطفال، المعاناة الكبيرة جِـدًّا جداً من أقسى المعاناة، ليس هناك شعبٌ في هذا العالم، وليس هناك منطقة في هذه الدنيا، يعاني سكانها من الجوع الشديد، إلى درجة الوفيات في أبنائهم وأطفالهم، وأن تذبل أجسامهم، مثل ما هو الحال في قطاع غزة، فيما يعانيه الشعب الفلسطيني هناك، بين أوساط العرب، بين محيطٍ عربيٍّ إسلامي، يا للعار! يا للعار! يا للخزي! مؤسفٌ جِـدًّا هذا!
هذه الأُمَّــة التي يقول نبيها خاتم الأنبياء، وسيِّد المرسلين: محمدٌ “-صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-“: (مَا آمَن، مَنْ بَاتَ شَبْعَان وَجَارُهُ جَائِع وَهُوَ يَعْلَم)، دول بأكملها تمتلك الأموال الهائلة، والإمْكَانات الضخمة، مجاورة لفلسطين، وتتمكّن وتستطيع أن توصل الغذاء للشعب الفلسطيني في غزة، ثم بدلاً من ذلك تتجه في جسرٍ بري بحمولات كبيرة جِـدًّا من المواد الغذائية المتنوعة، والفواكه، ومختلف البضائع إلى من؟ إلى العدوّ الإسرائيلي، أليست هذه خيانة لله، وللإسلام، وللمسلمين، وللأُمَّـة؟ أليس هذا هو من النفاق، الذي يستحق فعلاً أن تكون العقوبة عليه الدرك الأسفل من النار، وليس أي مكان آخر في جهنم؛ وإنما أسوأ وأقسى مكان في جهنم؟
ليتصور كُـلّ منا الألم النفسي الشديد لأحبائنا وأعزائنا أبناء المجتمع الفلسطيني، والشعب الفلسطيني في غزة، عندما يعرف الواحد منهم وهو جائع، وأسرته جائعة، ويرى الناس من حوله كلهم يعانون من الجوع، ويصل الحال بطفله أَو طفلته إلى الوفاة من الجوع، ثم يعرف -في نفس الوقت- أنَّ دول من كبار الدول العربية تُحمِّل الشاحنات الكثيرة -مئات الشاحنات- بحمولتها من الفواكه، والمواد الغذائية المتنوعة، لتذهب بها للعدو الإسرائيلي، الذي هو عدوٌ لهذه الأُمَّــة، والذي يفعل ما يفعل، ويرتكب أبشع الجرائم وأفظعها ضد الشعب الفلسطيني المسلم.
الإجرام في صورته المتكاملة التي نراها والعدوّ الإسرائيلي قد تصور بها، وتجسَّدت في سلوكه، وأفعاله، وجرائمه ضد الشعب الفلسطيني في غزة، نرى من خلال ذلك كله، بتلك الصورة الواضحة السوداوية، البشعة، الشنيعة، الفظيعة، ما نؤمن من خلاله بعدالة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، عندما توعَّد جبهة الكفر، التي هي مصدرٌ للشر، والإجرام، والظلم، والطغيان، ومن يتعاون معها حتى من المنتمين للإسلام، وللرسالة الإلهية، بجهنم، بأشد العذاب، حينما لعنهم الله، وعليهم اللعنة، عليهم اللعنة! حينما توعَّدهم بأشد العذاب، ووعده ووعيده حقٌّ، {لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ}[الروم: 6]، ولا يبدل القول لديه، {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[ق: 29]، صدق “جلَّ شأنه”، قد قدَّم بالوعيد، وهو وعيدٌ آتٍ حتماً؛ لأننا نرى الصورة واضحة، نرى المشاهد المأساوية المؤلمة جِـدًّا، التي تُقدِّم لنا حجم معاناة ومظلومية الشعب الفلسطيني.
فمجموع دور الكافرين والمنافقين، ونتيجة ذلك الدور الإجرامية والوحشية، التي هي: الظلم، والطغيان، ووحشية العدوّ الإسرائيلي في قطاع غزة، هي الصورة الواضحة لسبيل المجرمين، وأمر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بالجهاد ضدهم كفريضة عظيمة مقدَّسة، وعمل إنساني نبيل وشريف، يُشَرِّف الإنسان، يَشْرُفُ به الإنسان، وقربة عظيمة إلى الله، نرى فعلاً ما يدل على أهميّة ذلك كله، ونرى ما يقنع الإنسان تماماً بأن هذا هو الحق، هذا هو الموقف الصحيح، هذا هو الاتّجاه الصحيح، الذي ينسجم مع الفطرة الإنساني، ومع ما شرعه الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وما أخبر به، وما بيَّنه في كتابه الكريم.
للشهر العاشر، وللأسبوع الحادي والأربعين، ولمائتين وستة وثمانين يوماً، والعدوّ الإسرائيلي يواصل إبادته الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، حَيثُ بلغ عدد المجازر الجماعية: أكثر من (ثلاثة آلاف وأربعمِئة وسبعة وأربعين مجزرة)، وبلغ عدد الشهداء، والمفقودين، والجرحى، والأسرى: قرابة الـ (مِئة وأربعة وخمسين ألف فلسطيني)، وقد يكون العدد أكثر من ذلك، قد يكون العدد الذي يصل إلى نسبة (العشرة بالمئة) من سكان غزة.
في هذا الأسبوع: أكثر من (اثنين وعشرين مجزرة)، ركَّزت بالدرجة الأولى على النازحين، في مناطق سبق أن أعلن العدوّ الإسرائيلي أنها مناطق آمنة للنزوح إليها، ثم استهدفها بعد أن اكتظت بالنازحين، استهدفهم فيها، وبلغ عدد الشهداء والجرحى في هذا الأسبوع: ما يقارب الـ (ألف وسبعمِئة شهيد وجريح)، وأغلبهم من النساء والأطفال، ومجزرةٌ من تلك المجازر استهدف العدوّ بها المصلين في مخيم الشاطئ، مُصَلَّى في مخيم الشاطئ، واستهدف أُولئك المصلين ليقتلهم، وسعى لإبادتهم.
وفي يوم السبت، الماضي كانت الجريمة الفظيعة، التي ارتكبها العدوّ الإسرائيلي ضد النازحين في مخيم المواصي (مواصي خان يونس)، أسفرت عن استشهاد وجرح (أربعمِئة نازح فلسطيني)، واستخدم العدوّ الإسرائيلي في تلك الجريمة البشعة (ثمان قنابل) أمريكية فتَّاكة ومدمّـرة، وزن الواحدة منها قرابة الطن؛ لاستهداف النازحين في خيامهم القماشية، لاحظوا، العدوانية والإجرامية والوحشية الفظيعة التي يتَّصف بها العدوّ الإسرائيلي، أصبحت بالنسبة له حالة نفسية، وسلوكاً مُستمرّاً يمارسه.
يستهدفهم بثماني قنابل أمريكية تزن الواحدة منها قرابة الطن، في خيام قماشية، في مكان من أكثر الأماكن اكتظاظاً بالنازحين، بعد أن أعلن العدوّ الإسرائيلي أنه مكان آمن، وأنه لن يستهدف النازحين فيه، واكتظ بالنازحين قرابة (ثمانين ألف نازح)، ثم يستهدفهم ليس ذلك فحسب، بعد تلك القنابل، عقَّب بعدها مباشرةً بالتمشيط بالطيران المروحي والمسيَّر، والمشاهد كانت مشاهد مؤسفة جِـدًّا، لجريمة بشعة للغاية ارتكبها العدوّ، ولمأساة مظلومية كبيرة جِـدًّا، لأُولئك النازحين المظلومين، وهكذا غيرها من الجرائم، جرائم الإبادة الجماعية، التي هي منطبقة تماماً مع هذا التوصيف.
يستمر العدوّ في حصاره الشديد جِـدًّا، والمجاعة تتفاقم، وهناك تقصير كبير، الشيء الغريب جِـدًّا جداً في الحالة الرسمية في العالم الإسلامي، عند العرب وغير العرب، الحكومات والأنظمة جامدة، باردة، متفرجة على ما يحدث، يُصَعِّد العدوّ الإسرائيلي في جرائم القتل والإبادة الجماعية، بمثل تلك الجرائم، ولا يوجد أي تحَرّك جاد، على مستوى المعاناة في الحالة الإنسانية، في الجوع، وعدم توفر الغذاء والدواء، والمتطلبات الأَسَاسية الضرورية للحياة، ليس هناك تحَرّك رسمي عربي وإسلامي واضح، يراه الإنسان، ليس هناك أي اهتمام جاد، هناك تفرُّج، وهناك تفريط كبير، وتقصير كبير متعمد عند أكثر الحكومات والأنظمة، وهذا شيءٌ مؤسف! حتى الجانب الإعلامي يُقصر في الاهتمام بهذه المسألة.
أمَّا معاناة الجرحى والمرضى فهي معاناة رهيبة جِـدًّا، لا توجد هناك بنية تحتية طبية وصحية، دمّـر كُـلّ شيء، هناك منع لدخول الأدوية، المستلزمات الطبية نفدت، العمليات الجراحية للبتر، بتر الأطراف المصابة، التي تحتاج إلى معالجة بهذه الطريقة لا تتوفر لها المستلزمات الطبية للتخدير وغيره، المعاناة كبيرة جِـدًّا؛ وبالتالي الكثير من المرضى يصلون إلى حالة الوفيات، بالذات الأمراض الخطيرة، وَأَيْـضاً الكثير من الجرحى يعانون، وتصل الحال ببعضهم إلى الاستشهاد.
التعذيب للجرحى، والتعذيب للأسرى، والتعذيب للمختطفين بشكل رهيب جِـدًّا، كما قلنا في أثناء هذه الكلمة: بعض أنواع التعذيب لا يستطيع الإنسان أن يتحدث عنها؛ لفظاعتها.
ومع ذلك أين هي المنظمات؟ أين هو التحَرّك الإنساني، الإعلامي؟ أين هي المساندة للشعب الفلسطيني بوقفة جادة صادقة؟ كثيرٌ من الحكومات والأنظمة ليس لها صوت ولا موقف، أغلب المنظمات جامدة كذلك ليس لها تحَرّك، ولا يوجد من جانبها أي ضغط فيما يتعلق بهذا الجانب، بالرغم من التبجح الذي يتبجح به قادة العدوّ فيما يمارسونه من جرائم.
هناك أَيْـضاً استمرارية من جانب العدوّ الإسرائيلي في تدنيس حرمة المسجد الأقصى الشريف، وكذلك في الحرم الإبراهيمي، والاستهداف للحرم الإبراهيمي في الخليل، هناك اعتداءات، هناك حرب حقيقية يشنها العدوّ الإسرائيلي في الضفة الغربية: تهجير، تدمير للبيوت، قتل للأهالي، اختطاف وأسر… وهكذا.
فالعدوّ الإسرائيلي يستمر بكل وحشية وإجرام وبأقصى ما يتمكّن في وحشيته وإجرامه، وبمشاركة أمريكية، بمشاركة أمريكية في كُـلّ ذلك، الأمريكي شريكٌ فعليٌّ حقيقيٌّ أَسَاسيٌّ مع العدوّ الإسرائيلي في كُـلّ الجرائم، في كُـلّ الممارسات الإجرامية الظالمة، والأمريكي دائماً مُستمرّ في جسره الجوي الذي يُمد به العدوّ الإسرائيلي بالإمْكَانات الضخمة، بالقنابل، بالصواريخ، بالقذائف؛ لإبادة الشعب الفلسطيني، وبخبرائه، وبنشاطه الاستطلاعي والاستخباراتي، وفي الإدارة للعمليات الإجرامية، مُستمرّ في ذلك كله: مُستمرّ بتقديم الغطاء السياسي والإعلامي، بالدفع لكثيرٍ من الدول إلى أن تتجه لموقفٍ باردٍ جامد تجاه ما يحدث في فلسطين، وَأَيْـضاً لتثبيط دول العالم الإسلامي من عربٍ وغيرهم، والدفع ببعضهم إلى التعاون مع العدوّ الإسرائيلي، والدفع ببعضهم أَيْـضاً إلى تقديم دعم للعدو الإسرائيلي بالمال، وهذا شيء مؤسف جداً! وَأَيْـضاً بالإعلام، وكما قلنا الجسر البري الذي تصل من خلاله كميات ضخمة من البضائع والمواد الغذائية، كذلك يشترك معه في الحرب على غزة وضد جبهات الإسناد، كما هو الحال في العدوان الأمريكية البريطانية على بلدنا.
مع ذلك كله، في المقابل يستمر صمود المجاهدين في غزة، وفوق كُـلّ التوقعات، ويستمر أَيْـضاً ثبات الشعب الفلسطيني، بالرغم من حجم المعاناة الكبيرة جِـدًّا، وهذا يمثل خيبة أمل كبيرة للعدو الإسرائيلي، وصدمة حقيقية بما تعنيه الكلمة.
كانت تقديرات العدوّ الصهيوني، ومعه الأمريكي أَيْـضاً في تلك التقديرات: أنه بحلول شهر ديسمبر الماضي من العام 2023، سيكون قد تمكّن من القضاء على كتائب حماس بشكلٍ نهائي، كانت هذه تقديرات العدوّ الإسرائيلي، والأمريكي كان قد اقتنع بذلك، أقنعه الإسرائيلي بذلك، والآن نحن في الشهر السابع من العام 2024، وفي الشهر العاشر منذ بدء العدوان على غزة، فالفارق كبير جِـدًّا؛ ولذلك هناك صدمة كبيرة لدى العدوّ الإسرائيلي، ولدى الأمريكي معه، وهناك حديث إسرائيلي عن الصدمة من عقيدة القتال لدى كتائب القسام، وحجم الاستبسال في القتال، ورفض الهزيمة، والقدرة على ترميم القدرات، ومواصلة القتال، وَأَيْـضاً القدرة على تكليف وتوفير من يحل محل القادة الشهداء في حمل الراية ومواصلة المشوار.
وتزداد ضراوة المعارك يوماً بعد يوم، في الوقت الذي كان العدوّ الإسرائيلي يتوقع أن يتمكّن من إنهاء القتال، وحسم المعركة نهائيًّا لصالحه، إذَا بالمسار هو مسار تصاعدي، تزداد ضراوة المعارك يوماً بعد يوم، وتمكّنت كتائب القسام، ومعها سرايا القدس، وبقية الفصائل المجاهدة في قطاع غزة، من التكيُّف مع ميدان المعركة، والتجنيد للمزيد من المجاهدين، وإنتاج الذخائر؛ لأن هناك حصار شديد جِـدًّا من إيصال السلاح والذخائر إلى الإخوة المجاهدين في قطاع غزة، لكن تمكّنوا حتى من إنتاج الذخائر، وَأَيْـضاً وصل مستوى تأثير العمليات إلى منع العدوّ من الاستقرار في محور محدّد، أينما أراد أن يستقر، تستمر الضربات، والاستهداف، والعمليات، والإغارات، حتى لا يتمكّن من البقاء، حتى الرشقات الصاروخية لا زالت مُستمرّة، كما في الرشقات الصاروخية في هذا الأسبوع، التي نشرت مشاهدها سرايا القدس.
فإذاً نحن أمام فشل واضح للعدو الإسرائيلي من إنهاء المقاومة، وحتى عنوان الاستهداف للقادة، وهو جعله مساراً أَسَاسياً في عدوانه على غزة هو فاشلٌ في ذلك؛ وإنما يرفعه كغطاء لجرائمه في الاستهداف الجماعي للنازحين، ولأبناء الشعب الفلسطيني، والنتيجة الحقيقية هي: خيبة أمل كبيرة لدى العدوّ الإسرائيلي.
في هذا السياق نفسه، يحاول العدوّ الإسرائيلي أن يُحرِّض ضد الإخوة المجاهدين في قطاع غزة حتى في الوسط الفلسطيني، يحاول أن يُحرّض البعض ليكون لديهم موقف سلبي على المستوى الإعلامي، وسمعنا في هذا الأسبوع بعض البيانات والتصريحات، ولاحظنا أن هناك نشاطاً في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، وقد يكون مخترقاً من العدوّ الإسرائيلي، لتأليب البعض من الفلسطينيين ضد المقاومة في قطاع غزة، ضد كتائب القسام وحركة حماس.
ولذلك ينبغي لكل الفلسطينيين، لكل أبناء الشعب الفلسطيني العزيز، أن يكونوا حذرين من الوقوع في فخ العدوّ، من استغلالهم، أَو تحريضهم، أَو دفعهم لتبني أي موقف سلبي، هذا لا يجوز أبداً، الصورة واضحة تماماً، الذي يتحمل المسؤولية الكاملة عن كُـلّ ما يحصل هو العدوّ الإسرائيلي، هو المعتدي، هو المجرم، هو الظالم، هو المحتلّ، هو المغتصب، هو الذي يمارس كُـلّ الجرائم؛ أمَّا عندما يرفع عناوين معينة، مثل: [عنوان الاستهداف للقادة]، هو مُجَـرّد غطاء، غطاء لا يبرّر له أبداً ما يفعله من جرائم، ولا يتحمل مسؤولية ما فعله من جرائم الآخرون الأبرياء، الذين هم يتصدون للعدو الإسرائيلي، من قادة ومجاهدين في قطاع غزة، يجب أن يحظى الأخوة المجاهدون في قطاع غزة بالمساندة، بالتأييد من كُـلّ أبناء الشعب الفلسطيني، وعلى كُـلّ مستويات: إعلامياً، وسياسيًّا… وألَّا يُفتح المجال أبداً للعدو الإسرائيلي بأي طريقة يستغلها في الجانب الإعلامي، أَو السياسي… أَو غيره، يجب أن يكون مستوى الوعي والشعور بالمسؤولية أرقى من كُـلّ ذلك.
في الإعلام التابع لبعض الأنظمة العربية المناصرة للعدو الإسرائيلي، هناك أَيْـضاً عمل في هذا الاتّجاه، وهناك أَيْـضاً نشاط مكشوف، وهو ترديد لنفس المنطق الإسرائيلي؛ لأن الإسرائيلي هو يسعى إلى أن تكون النظرة، ويكون التعبير عمَّا يفعله من جرائم بشعة ووحشية بتلك الطريقة: يُحَمِّل وزرها البريء المظلوم، المعتدى عليه، ومن يقف أَيْـضاً ضده ويتصدى له، ولعدوانه وإجرامه، هذا ليس من العدل، وليس من الحق، وليس من الإنصاف أبداً.
في هذا المقام، نشيد بمستوى الوعي والبصيرة للمجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، وهو الأكثر معاناةً، وهو الأكثر معاناةً مما يحصل من جانب العدوّ الإسرائيلي من استهداف، الحرب تدور والعدوان وجرائم الإبادة الجماعية تدور رحاها على سكان قطاع غزة، ومع ذلك كانوا هم الأكثر وعياً، الأكثر صبراً، أكثر بصيرةً، الأكثر انتباهاً من محاولات العدوّ للتحريض ضد المجاهدين، الذين يتصدون لعدوانه وإجرامه.
فيما يتعلق بجبهات الإسناد، وأولها الجبهة الكبرى، الفاعلة، الساخنة، المؤثِّرة على العدوّ الإسرائيلي: جبهة حزب الله، الذين ينطبق على واقعهم، على فاعلية جبهتهم قول الله تعالى: {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة: 56]، العدوّ الإسرائيلي يعترف بأنه في ورطة تاريخية، الحالة التي يعاني منها، والبعض أَيْـضاً من الصهاينة يتحدثون عن هزيمتهم هناك، وعن الهروب الجماعي للمغتصبين -الذين يسمونهم بالمستوطنين- من تلك المغتصبات في شمال فلسطين بأنها أسوأ هزيمة لهم هناك منذ عام 48، ويصف إعلام العدوّ الوضع في المغتصبات في شمال فلسطين بأنها: تحولت إلى مدن أشباح، فهناك فاعلية كبيرة لعمليات حزب الله المُستمرّة يوميًّا، المُنكِّلة بالعدوّ، القصف المكثّـف والهادف والمؤثِّر على العدوّ.
فيما يتعلق بالجبهة العراقية، تستمر بتنفيذ العمليات، ومنها: عمليات في هذا الأسبوع بالطائرات المسيَّرة باتّجاه ميناء حيفاء المحتلّة، وأم الرشراش المحتلّة، ضد أهداف صهيونية، هناك أَيْـضاً في هذا الأسبوع عملية مشتركة ما بين الجيش اليمني والمقاومة الإسلامية في العراق.
فيما يتعلق بجبهة الإسناد في يمن الإيمان والحكمة والجهاد، في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، فالعمليات التي تم تنفيذها في هذا الأسبوع: نُفِّذت بعدد (خمسة وعشرين) صاروخاً بالِسْتِيّاً، ومجنحاً، ومسيّرة، وزورقاً بحرياً، وبلغ إجمالي عدد السفن المستهدفة، المرتبطة بالأمريكي والإسرائيلي والبريطاني إلى: (مِئة وسبعين سفينة)، هذا عدد كبير ومؤثِّر على العدوّ، مع أن هناك -كما قلنا في كُـلّ الكلمات الماضية- هناك بحمد الله فاعلية عالية جِـدًّا في عمليات الجيش اليمني في البحر الأحمر، والبحر العربي، وخليج عدن، وباب المندب، تأثير كبير جِـدًّا، حركة السفن المرتبطة بالعدوّ الإسرائيلي أصبحت شبه معدومة، حالة نادرة جِـدًّا جداً وتستهدف على الفور، وَأَيْـضاً هناك انخفاض كبير جِـدًّا في حركة السفن المرتبطة بالأمريكي والمرتبطة بالبريطاني، انخفاض كبير جِـدًّا في حركتها، ومع ذلك أَيْـضاً تستهدف، ما إن تمر حتى تستهدف بالصواريخ والطائرات المسيّرة، والبعض منها أَيْـضاً بزورق الطوفان المدمّـر.
العمليات في تأثيرها الكبير هناك على الحركة التجارية للأمريكي، وبالتالي على النتائج الأُخرى، نتائج تتعلق بالوضع الاقتصادي في أمريكا، وفي بريطانيا، وعلى العدوّ الإسرائيلي، تأثيرها مهمٌ جِـدًّا جداً، وبقدر ما قد وصل إليه تأثير العمليات في البحر الأحمر، والبحر العربي، وكذلك في باب المندب، وخليج عدن، نسعى -إن شاء الله- إلى تعزيز العمليات في المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط؛ لأن هذا الميدان أصبح ميداناً تحت السيطرة بما تعنيه الكلمة، السيطرة في منع العدوّ الإسرائيلي، وفي التصدي أَيْـضاً والاستهداف للأمريكي والبريطاني، أصبحت العمليات فاعلة، قوية، متمكّنة، ومؤثِّرة جِـدًّا، ننقل -إن شاء الله- هذا المستوى من التصعيد والتأثير للعمليات بشكل متصاعد إلى المحيط الهندي، وَأَيْـضاً إلى البحر الأبيض المتوسط بإذن الله تعالى.
وعلى كُـلّ يهمنا ونؤكّـد على الجبهة الإعلامية أن تظهر للناس الحقائق المهمة، التي يعترف بها الأعداء، والتي هي واضحة بالإحصاءات والأرقام، في تأثير هذه العمليات التأثير الكبير على الاقتصاد لدى العدوّ الإسرائيلي، ولدى الأمريكي، ولدى البريطاني، هذه مسألة مهمة جِـدًّا.
والأمريكي نتيجةً لهذا المستوى من التأثير والضغط، هذا هو الذي دفعه إلى محاولة توريط عملائه، وعلى رأسهم قارون العصر، قارون هذا الزمن، الذي يدعم العدوّ الأمريكي والعدوّ الإسرائيلي بمثل ما كان يدعم به قارون فرعون في عصره، قارون يسعى الأمريكي إلى توريطه عسكريًّا، بدلاً من حلبه اقتصاديًّا فقط، بل مع الحلب الاقتصادي إضافة إلى ذلك التوريط العسكري، هم يحاولون أن يورطوا عملائهم، وأن يدفعوا بهم لأن يضحوا بمصالحهم، وأن يدفعوا بهم إلى الهاوية؛ نتيجةً لهذا المستوى من التأثير للعمليات.
التأثير الاقتصادي على العدوّ الإسرائيلي وصل بوضوح إلى درجة أن يعلن العدوّ الإسرائيلي إفلاس ميناء أم الرشراش التي يسميها إيلات، الميناء هناك الذي كان العدوّ الإسرائيلي يستغله، وكان مصدر دخل ضخم له في وضعه الاقتصادي، على مستوى الإيراد المالي، والحركة الاقتصادية، والحركة التجارية، أعلن إفلاسه؛ نتيجةً للحصار اليمني في البحر الأحمر.
أيضاً مستوى التأثير على الوضع الاقتصادي للعدو الإسرائيلي، وصل إلى درجة إغلاق (ستة وأربعين ألف شركة إسرائيلية) حتى الآن، وهذا التأثير يعود لمجمل الموقف المساند لغزة، لجبهات الإسناد، وللموقف أَيْـضاً الجهادي البطولي للإخوة المجاهدين في غزة، هناك تأثير كبير على الوضع الاقتصادي للعدو الإسرائيلي إلى هذه الدرجة: إغلاق ستة وأربعين ألف شركة إسرائيلية حتى الآن، وهناك توقعات بإغلاق (ستين ألف شركة إسرائيلية) بحلول نهاية هذا العام الميلادي.
فالصدى الكبير، والتداعيات الكبرى للموقف اليمني، ومنها: الصدى المهم والتأثير الكبير غير المسبوق -كما يعترف الأمريكيون- فيما يتعلق باستهداف حاملة الطائرات الأمريكية [آيزنهاور]، هذا الصدى لا يزال مُستمرّاً، لا تزال وسائل الإعلام، مراكز الدراسات والأبحاث، تصريحات ضباط ومسؤولين في البحرية الأمريكية، لا تزال تعلق على هذه المسألة التي لها أهميتها الكبيرة، إلى درجة أن صحيفة أمريكية كتبت في مقال مثير للجدل، قالت فيه: [لقد انتهى عصر حاملة الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية]، لقد انتهى، خلاص بوَّرت، لم تعد تلك التي كان لها هيبتها، نفوذها، تأثيرها، لم تعد ذلك الشبح المخيف الذي كانت أمريكا تخيف به دول العالم، حتى دولاً كبرى، لديها إمْكَانيات ضخمة، قدرات عسكرية هائلة، لكنها كانت تخاف من حاملات الطائرات، وترى فيها سلاح تفوّق، وإمْكَانيات تفوّق عسكري أمريكي، الآن كان لصدى عمليات الجيش اليمني، وتأثير عمليات الاستهداف من قبل جيشنا اليمني ضد حاملات الطائرات، هذا الأثر، هذا التأثير المهم.
قائد سرب طائرات على حاملة الطائرات قال: [إن المواجهات مع الحوثيين كانت متقاربة للغاية، واشتباكات لم نشهدها من قبل]، كُـلّ التعبيرات التي يُعبِّر بها البحَّارة الأمريكيون كلها تُعبِّر عن ذهول، عن شيء غير مسبوق، عن شيء لم يشاهدوه من قبل، عن شيء لا مثيل له منذ الحرب العالمية الثانية، عن شيء -في بعض التعبيرات والجمل- لا سابقة له أصلاً في حالة البحرية… وهكذا.
وصف الإعلام الإسرائيلي المواجهة أَيْـضاً بين الأمريكي واليمن بقوله: [الحرب مع الحوثيين بعيدة جغرافياً، وتخوضها بشكلٍ رئيسي قوى دولية قوية]، يعني: أمريكا، وبريطانيا، ومن يعينهم، ثم يقول: [لكنها من أقوى الساحات التي تدور فيها المعركة الحالية، وهي قويةٌ وخطيرةٌ وتزعج العالم أجمع]، هذا هو حال هذه الجبهة: جبهة إسناد جبهة اليمن، معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، لهذه الفاعلية، هذا الحضور، هذا التأثير، هذا الأداء القوي، المؤثِّر على العداء. يقول الصهاينة أيضاً: [إن الأمريكيين يخوضون الحرب نيابة عنهم، وأنهم أنقذوهم من العديد من المشاكل الاستراتيجية].
الأمريكي في عدوانه على بلدنا، وفي قصفه المُستمرّ، ومنه: هذا الأسبوع، الذي شن فيه (ثلاثَ عشرةَ غارةً) في الحديدة وحجه، يدرك أنه لا تأثير لعملياته، لا في منع عمليات جيشنا اليمنى، ولا في الحد منها؛ ولذلك يعوِّل في هذه المرحلة بالتحديد على توريط عملائه، والزجِّ بهم في المعركة بدلاً عنه، أَو إلى جانبه.
شعبنا العزيز قد وجَّه في خروجه المليوني العظيم يوم الجمعة، الماضي التحذير للنظام السعوديّ (قارون العصر، وقرن الشيطان)، وعليه أن يفهم وأن يدرك أن أصوات الملايين التي خرجت في الساحات في يوم الجمعة، الماضي، في هتافاتهم التي قد وصل صداها إلى القارات السبع، أنها تحمل تحذيراً جاداً، ليس كلاماً سيذهب في الهواء، على السعوديّ أن يدرك هذه الحقيقة، وهو إذَا ورّط نفسه، وأصر على خطواته العدوانية، التي لا مبرّر لها إطلاقاً، في تصعيده ضد شعبنا العزيز، فهو خاسر؛ أمَّا نحن كشعب يمني نحن ننطلق ونحن نمتلك قضية عادلة، وموقفاً محقاً، وندرك السبب الحقيقي الذي تورّط السعوديّ لأجله، في خطواته التصعيدية العدوانية ضد شعبنا، وأنه يفعل ما يفعل خدمةً لإسرائيل، ليس هناك أي سبب آخر، خدمةً لإسرائيل، وطاعةً لأمريكا، فإذا كان؛ مِن أجلِ ذلك: مِن أجلِ خدمة إسرائيل، والطاعة لأمريكا، مستعد أن يضحي بكل شيء، أن يضحي بمستقبله، أن يخسر الخسائر الرهيبة الكبيرة، وأن يُفشل نفسه في خططه الاقتصادية، فلا تبقى جدوى لخطة 2030، ولا يبقى جدوى للخطط التي أعدها؛ مِن أجلِ تطوير مطار الرياض، ليكون من أكبر المطارات في العالم، ولا أي خطوات أُخرى للنهضة الاقتصادية التي يطمح لها، ويرى أن خدمته لإسرائيل وطاعته لأمريكا تستحق منه كُـلّ تلك التضحية والخسائر، فنحن في الموقف الأفضل، والأقوى، والأعظم، والأهم، نمتلك القناعة التامة بعدالة قضيتنا؛ لأننا شعبٌ مظلوم، استُهدف بغير حق، بدون أي مبرّر، وهو في موقف الحق، يناصر الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة وموقفه المحق؛ فإذاً نحن الأولى بأن نضحي، وأن نصبر، ومهما كانت النتائج، مهما كانت النتائج؛ لأننا نتحَرّك في قضية عادلة، فرق كبير بين الموقفين:
- بين موقف السعود، الذي يُصَعِّد، ويعتدي، ويظلم ابتداء، بدون أي مبرّر، إلَّا خدمةً للإسرائيلي، وطاعةً لأمريكا.
- وبين موقفنا، ونحن ندفع الظلم عن شعبنا وعن أنفسنا، ونواجه العدوان الذي لا مبرّر له ضد بلدنا، في إطار موقفنا، الذي هو موقف حق، وموقف عدل، وموقف ننطلق فيه بناء على انتمائنا الإيماني، طاعةً لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
فرق بين الموقف الذي انطلقنا فيه طاعةً لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، نُصرةً للشعب الفلسطيني المظلوم المسلم، وبين الموقف الذي انطلق فيه السعوديّ طاعةً لأمريكا وللشيطان، وخدمةً للعدو الإسرائيلي المجرم، المحتلّ، المغتصب، المتوحش، الكافر، الظالم، فرق كبير جِـدًّا، ومآلات مثل هذه الحالة مآلات يكتبها الله، وعواقب يكتبها الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وقد كتب العاقبة للمتقين في وعده في القرآن الكريم.
فنحن ننصح ونُحذِّر السعوديّ: عليه أن يدرك أنه في الاتّجاه الذي هو اتّجاه خسارة بكل ما تعنيه الكلمة، واتّجاه ضلال، وباطل واضح، باطل واضح، عواقبه خطيرةٌ عليه في الدنيا والآخرة، بغي وعدوان لا مبرّرة له.
فيما يتعلق بالأنشطة الشعبيّة، هي مُستمرّة، وهي بأعلى مستوى، وتفوق أي نشاط مساند للشعب الفلسطيني في أي بلد في العالم، إجمالي المظاهرات، والمسيرات، والوقفات، والأمسيات، والندوات: قد بلغ خلال هذه العشر الأشهر إلى (نصف مليون وأربعة وثمانين ألفاً ومائتين وخمسة عشر) ما بين: مظاهرات، مسيرات، وقفات، أمسيات، ندوات، يعني: عدداً ضخماً جِـدًّا، ونشاطاً كَبيراً ويوميًّا، كُـلّ يوم هناك أنشطة.
وفيما يتعلق بالتعبئة، بلغ عدد المتدربين عسكريًّا في التعبئة: (ثلاثمِئة وأربعة وسبعين ألفاً ومِئتين واثنين وثلاثين متدرباً)، وهذا مسار مهم، أنا أحث عليه وأؤكّـد عليه.
وبلغت الأنشطة العسكرية للتعبئة، من المناورات، وعروض عسكرية، ومسير عسكري: (ألفًا وتسعمِئة وسبعين).
أيضاً فيما يتعلق ببقية الأنشطة، هي مُستمرّة وبتوفيق الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
ثم على المستوى العام، فاعلية وتأثير دور جبهات الإسناد واضحة، وهي فرضت في هذه المرحلة معادلةً جديدة في غاية الأهميّة، العدوّ كان يسعى إلى أن ينفرد دائماً بالشعب الفلسطيني، ويسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية نهائيًّا، وإلى تهجير الشعب الفلسطيني، إذَا به في هذه الجولة من تصعيده ضد الشعب الفلسطيني، إذَا به يواجه جبهات متعددة تقف بهذا المستوى، وبهذا الحضور، وبهذا التأثير.
ولذلك مندوب العدوّ في مجلس الأمن، مندوب العدوّ الإسرائيلي ألقى كلمة، يشتكي فيها من دول المحور التي تساند الشعب الفلسطيني، ومن اليمن بالذات، ويشتكي فيها من الحضر البحري، الذي فرضه اليمن ضد العدوّ الإسرائيلي، وقال مخاطباً لمجلس الأمن: [لماذا عندما نتحدث عن الخطر، أَو عن الحضر في البحر الأحمر والحوثيين تدسُّون رؤوسكم في التراب]، يشتكي، وليس من عادة الإسرائيلي أن يشتكي، كان معتاد في كُـلّ المراحل الماضية معتاداً أن يشتكي الآخرون منه ولا يبالي، متكبر ومتغطرس، قال أيضاً: [لقد حوَّلوا تلك المنطقة إلى منطقة حضرٍ للملاحة، لنتحدث -حسب كلامه هو- عن هؤلاء الإرهابيين الحوثيين]، ثم يقول لأُولئك في مجلس الأمن، [ولكنكم تفضلون دس رؤوسكم في الرمال، لماذا لماذا؟].
نقول له: لأن الكثير من دول العالم لا زالت تمتلك قدراً من الذكاء، لتصون نفسها عن أن تتورط في القتال لخدمتكم أيها المجرمون الصهاينة. هناك غباء في بعض الحكومات العربية، وبعض الزعماء العرب، غباء فاحش، غباء رهيب، الله أعلم ما هو سببه؟! وربما لديكم أمل في أن تحَرّكوهم في هذه المرحلة، في الوقت الذي وصل وضعكم إلى وضع صعب، وفشل كبير جِـدًّا، نتمنى لو كان الذكاء يُشترى، لاشترينا منه لأُولئك الأغبياء من بعض العرب ولو بأغلى الأثمان؛ شفقةً عليهم مما هم فيه من الغباء الرهيب جِـدًّا.
وعلى كُـلّ، بالرغم من طول الوقت إلَّا أن الموقف مهم، موقف جبهات الإسناد مهم، ومؤثِّر، ويتطلب الاستمرار، والتصعيد، وهذا هو توجّـهنا، وقناعتنا، وعزمنا، وتصميمنا: الاستمرار والتصعيد، ما سنسعى له مع كُـلّ جبهات الإسناد هو الاستمرار والتصعيد في مساندة الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء، وهذا كما هو في مستوى العمليات العسكرية، مطلوبٌ أن يستمرَّ أَيْـضاً على مستوى الأنشطة الشعبيّة، والحضور الشعبي، الاستكمال حتى نصل إلى النتيجة الكبرى، وهي: النصر الحاسم الذي وعد الله به “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والنصر كما يقال في المثل الشهير [صبر ساعة]، يعني: يتطلب المزيد من الجهد، حتى تتحقّق النتيجة المهمة، فلابدَّ من الاستمرار، مع الاستعانة بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، واحتساب الأجر والثواب، الاستمرار أجر، وفضل كبير، وشرف عظيم، شرف عظيم جِـدًّا، ولا داعي أصلاً لأن يملّ الإنسان، أَو أن يتردّد، أَو أن يتراجع أبداً، بالنسبة لنا مهما كان حجم التهديدات، مهما كان حجم التطورات، حتى لو تدخلت أنظمة عربية مع العدوّ الإسرائيلي، فهذا لن يؤثِّر أبداً في موقفنا على الإطلاق، سنسعى مع ذلك أن يكون مستوى العمليات والتصعيد بالشكل المؤثِّر على الأعداء، ومن يتورط مع العدوّ الإسرائيلي سيخسر، كما خسر الأمريكي والبريطاني من قبله، ينبغي الاستمرار، والتصعيد، والصبر؛ حتى تتحقّق النتائج العظيمة التي وعد الله بها: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[الأعراف: 128]، والوعد من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو للصابرين، الذين يثقون بالله، يستمرون، وهذا شيء مهم جِـدًّا.
المظاهرات على المستويات الشعبيّة مُستمرّة في عدة بلدان ودول، في هذا الأسبوع نفسه كان هناك مظاهرات في: ألمانيا، فرنسا، وايرلندا، والنمسا، وإيطاليا، وبريطانيا، بالرغم من القمع والاضطهاد في كثير من تلك الدول، وفي كندا، واليابان، والبرازيل، واسبانيا، والدنمارك، فهل سيتقاعس شعبنا العزيز، يمن الإيمان، يمن الحكمة، أحفاد الأنصار؟ هل سيتوقفون عن خروجهم الأسبوع؛ بينما لا زال هناك خروج في دول بعيدة غير مسلمة مثل تلك البلدان؟ حاشا شعبنا العزيز أن يتقاعس، أَو يتخاذل، وهو يمن الإيمان، يمن الحكمة، يمن الوفاء، والرجولة، والثبات، والشجاعة، كما خرج في الأسبوع الماضي، وأسمع صوته أنه سيستمر في موقفه المتكامل عسكريًّا، وشعبيًّا، وفي كُـلّ المجالات، في نصرة الشعب الفلسطيني، رغم أنف كُـلّ عميل، لن يقف شعبنا، ولن يتخاذل، لن يقف عن هذا الموقف، لن يتردّد عن هذا الموقف، لن يتراجع عن هذا الموقف أبداً، لن يكون موقفه في حالة التخاذل، أَو التراجع، كما يتحَرّك من بقي لديهم ذرة من الضمير الإنساني في بلدان بعيدة، بعيدة عن فلسطين، في بلدان ليس لديها أواصر وروابط الدين، والروابط التي توجد ما بين شعبنا العزيز والشعب الفلسطيني، شعبنا أولى بالاستمرار، أولى بالمواصلة، أولى بالتحَرّك النشط دون كلل ولا ملل.
في البلدان العربية، هناك مظاهرات مُستمرّة في المغرب، ونحن نشيد بالشعب المغربي، ونأمل منه أَيْـضاً الاستمرار، في مقابل خيانة النظام في المغرب، وعمالته للعدو الإسرائيلي، هناك أَيْـضاً مواصلة للمظاهرات في الأردن، وَأَيْـضاً في تونس حرجت في بعض من مدنها مظاهرات، ولذلك نأمل -إن شاء الله- أن يستمر شعبنا العزيز بكل نشاط، بكل حيوية، بكل شجاعة، بكل ثبات، بكل وفاء، تَقَرُّباً إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفاءاً مع الله، مع رسوله، مع دينه، مع كتابه، مع الشعب الفلسطيني المظلوم، مع مجاهديه الأعزاء، ونسأل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أن يكتب أجر الجميع.
أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج المليون يوم غد الجمعة، في العاصمة صنعاء، وفي بقية المحافظات والمديريات، وحسب الترتيبات والإجراءات المعتمدة، وأسأل الله أن يكتب أجر الذين يستجيبون لله، يستجيبون لدعوة الحق، يتحَرّكون في هذا الموقف الإيماني والإنساني العظيم، المشرف، إن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو الذي يتقبَّل من عباده المؤمنين المتقين، ويكتب لذلك النتائج العظيمة، وهذا من أعظم القربات إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: الوقوف في هذا الموقف الحق، ضد أعداء الله، وأعداء الإنسانية، وأعداء المجتمع البشري.
نَسْألُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصرِ لِلشَّعبِ الفِلَسْطِينِي المَظْلُوم، وَمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَاء، وأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصرِهِ، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.