فشل الدول المطبِّعة في مهمتها
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
كان الهدف الرئيسي من التطبيع الذي فرضته أمريكا على الدول العربية هو ضمانُ أمن الكيان الصهيوني وحمايته من أي هجوم قد يتعرض له من أية دولة أَو حركة تؤمن بالحق الفلسطيني ولا تعترف بوجود هذا الكيان في المنطقة العربية، ولكن السؤال القائم حَـاليًّا هو: هل تمكّنت الدول العربية المطبِّعة مع الكيان الصهيوني من القيام بوجبها في حمايته؟
ومن خلال ما جرى في 7 أُكتوبر وما بعده أثناء معركة غزة نجد أن الكيان الصهيوني تعرض لأسوأ هجوم منذ أن تم زراعته في وسط الوطن العربي عام 1948م نفذته المقاومة الفلسطينية، ثم تم إرغام الكيان على دخول معركة صعبة وطويلة الأمد وعديمة الأُفق، ولم يشكل ذلك فشلًا للتطبيع فقط ولكن كان للتطبيع دورٌ في نجاح معركة (طوفان الأقصى) وصمود المقاومة الفلسطينية، والسبب أن الدولَ المطبِّعة ابتعدت عن القضية الفلسطينية بعد أن وثَّقت علاقتَها مع الكيان الصهيوني؛ ما أَدَّى إلى انحسار اختراقاتها للمقاومة الفلسطينية التي تمكّنت من العمل والاستعداد والتخطيط للمعركة بعيدًا عن عيون الدول المطبِّعة، كما فقدت تلك الدولُ مكانتَها واحترامَها لدى مختلف الفصائل الفلسطينية ولم يعد لها أي تأثير على قيادات المقاومة، وهذا أفقدها القدرةَ على حماية الكيان الصهيوني قبل وقوع الحدث وبعده؛ مما تسبَّبَ في إرباك المشهد، وخلخلة الترتيبات الأمريكية في المنطقة.
ورغم أن الدول المطبِّعة قد حقّقت نجاحاتٍ محدودةً في حماية الكيان الصهيوني أثناء قيام الجيش اليمني بإطلاق المسيرات والصواريخ على الكيان الصهيوني من خلال إسقاط بعضها، وكذلك نجحت في حماية الكيان بشكل جزئي أثناء الهجوم الإيراني عليه، إلَّا أن الفشلَ الكبيرَ الذي واجه الدول المطبعة أثناء قيامها بالمهمة الموكلة إليها من قبل أمريكا كان صباح يوم الجمعة الماضية عندما أطلقت القواتُ المسلحة اليمنية طائرةً مسيَّرةً من نوع (يافا) وكان مسارُها فوق البحر الأحمر بما يحتوي من أساطيل أمريكية وأُورُوبية وعربية مطبّعة ثم اتجهت نحو قناة السويس حتى وصلت إلى البحر المتوسط، وهذا يعني أنها اخترقت أجواءَ عددٍ من الدول المطبعة، ثم بعد ذلك انعطفت شرقاً نحو مدينة يافا (إيلات عاصمة الكيان) ووصلت إلى هدفها بسلام، وهذا شكّلَ إحراجاً للدول المطبّعة.
وأمَّا الفضيحةُ الكُبرى التي سَتُسجَّلُ على الدول المطبِّعة إذَا تهوَّر الكيان الصهيوني وهاجم اليمنَ وسمحت له تلك الدولُ بالمرور في أجوائها ولم تعترضْه، وهذا سوف يسبِّبُ لها مشكلةً مع الشعب اليمني.