خلاصةُ المشهد في غزة لليوم الـ288 من الطوفان: الكيانُ داخل حلقة النار.. استدراجُ قوة إسرائيلية راجلة إلى “عين نفق” فُخِّخت مسبقاً

المسيرة | خاص

فيما تواصلُ فصائلُ الجهاد والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة التصدِّيَ للقوات الإسرائيلية في محاور القتال، ولليوم الـ288 من ملحمة (طوفان الأقصى) المُستمرّة، مكبّدةً إياها مزيداً من الخسائرِ المادية والبشرية، يأتي قرارُ محكمة العدل الدولية مطالباً الاحتلال بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلّة ووضع حَــدٍّ للاحتلال بأنه قرار غير مسبوق؛ ما يؤكّـد على أن “إسرائيل” أصبحت منبوذة على مستوى العالم.

 

استراتيجية وضع الكيان داخل حلقة نار متكاملة:

بعد قرار محكمة العدل الدولية ورأيها الاستشاري، باتت “إسرائيل” الدولة التي تبحث عن الأمان والتي رفعت شعار “التحديث الأمني” وأن يكون هناك “صفر تهديد” عليها من الجبهات الداخلية والملاصقة فقد أصبحت كُـلّ “إسرائيل” اليوم “غير آمنة” وليست فقط “كريات شمونا” أَو “سديروت” أَو “غلاف غزة”، بعد عمليات الإسناد اليمنية التي حطمت كُـلّ المقاييس.

ما يؤكّـد على أن المقاومة استطاعت ومن خلال استراتيجية وضع “إسرائيل” في حلقة نار كاملة من جبهات متعددة تسند غزة قد وضعتها فعلاً في موقفٍ غير قادر حتى عن الدفاع عن نفسها، وحتى الولايات المتحدة الموجودة أصلاً في البحرين الأبيض والأحمر والداخل الفلسطيني المحتلّ لم تستطع أن تكتشف الطائرة اليمنية المسيرة، أَو أن تعمل للكيان شيئًا سوى تبرير مجازره وانتهاكاته.

وبالتالي فَــإنَّ المعضلة الأمنية الحقيقية لـ “إسرائيل”، هي تك الرسائل التي أرسلتها جبهات الإسناد إلى الداخل الإسرائيلي هي إشارة للجهاز الأمني الإسرائيلي بأن عليه أن يضغط على “نتنياهو” ليذهب إلى صفقة ويوقف حمام الدم في قطاع غزة، وأن هذه فرصة “إسرائيل” الأخيرة؛ لكي تذهب بهذا الاتّجاه وبالتالي يتم وقف كُـلّ الجبهات التي تواجهها.

 

الموقف الميداني في محاور العمليات القتالية:

في السياق؛ ورغم أن العدوّ أعلن على لسان معظم قياداته أنه أنهى المرحلة الثانية من عمليته البرية في قطاع غزة، وأنه انتقل إلى مرحلة العمليات الجراحية التي تتطلب تشغيلاً أقل للقوات، فقد شهد الأسبوع الماضي تصعيداً كَبيراً للصراع في قطاع غزة، مع اعتماد كُـلٍّ من العدوّ والمقاومة على تكتيكات متباينة لتحقيق أهدافهما.

المقاومة اعتمدت على تكتيكات حرب العصابات والكمائن، مستغلة معرفتها بالجغرافيا المحلية، غير أن العدوّ استخدم القوة الجوية بشكلٍ مكثّـف، لا سِـيَّـما الطائرات الحربية والطائرات المسيرة، حَيثُ تركز القصف الصهيوني على المناطق السكنية المكتظة بالسكان؛ ما أَدَّى إلى ارتفاع عدد الضحايا المدنيين؛ بغرض الضغط على المقاومة.

وخلال الـ24 الساعة الماضية؛ تظهر خارطة العمليات في غزة استراتيجيات متباينة للطرفين، فبينما اعتمد العدوّ على القوة النارية مستهدفاً المدنيين والبنية التحتية، اعتمدت المقاومة على تكتيكات الحرب الهجينة، مستهدفةً قوات العدوّ ومواقعه العسكرية، في إطار تصديها للعدوان ومحاولتها لفرض معادلة ردع جديدة.

في هذا الإطار، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسّام، الجناح العسكري لحركة حماس، تمكّن مجاهديها من استدراج قوة إسرائيلية راجلة إلى “عين نفق” فُخِّخت مسبقًا في “تل السلطان”، غربي مدينة رفح، جنوبي القطاع، وأكّـدت الكتائب تفجير “عين النفق” بأفراد القوة، وإيقاعهم بين قتيل وجريح.

وأعلنت كتائب القسام أنها قصفت من جنوب لبنان مقر قيادة “اللواء 300 – شوميرا” في القاطع الغربي من الجليل الأعلى شمال فلسطين المحتلّة برشقة صاروخية؛ ردًّا على المجازر الصهيونية بحق المدنيين في قطاع غزة.

بدورها، استهدفت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، موقع “ناحل عوز” العسكري التابع للاحتلال الإسرائيلي بعدد من قذائف “الهاون” من العيار الثقيل، وتحدّثت وسائل إعلام إسرائيلية عن دوي صفارات الإنذار في “غلاف غزة”، جنوبي شرقي قطاع غزة.

أما كتائب شهداء الأقصى فاستهدفت مقرّ قيادة “جيش” الاحتلال في محور “نتساريم”، جنوبي غربي مدينة غزة، بعدد من قذائف “الهاون”، ونشرت الكتائب مشاهد توثّق استهدافها مقراً إسرائيلياً للقيادة والسيطرة في “نتساريم”، بصاروخين من نوع “107” وقذائف “الهاون” من العيار الثقيل.

من جهته؛ أصدر أبو خالد، المتحدث باسم قوات الشهيد عمر القاسم، الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، بياناً أعلن فيه تفجير ناقلة جند إسرائيلية، واشتعالها وإيقاع من فيها بين قتيل ومصاب، وذلك في محيط كفّ المشروع، شرقي رفح، وأكّـد مواصلة دكّ مواقع الاحتلال وتجمّعاته بقذائف “الهاون” من العيار الثقيل، مُشيراً إلى استهداف وحدة المدفعية في قوات الشهيد عمر القاسم قوات الاحتلال جنوبي شرقي رفح.

وبينما تواصل المقاومة الفلسطينية التصدي لـ “جيش” الاحتلال الإسرائيلي، أكّـدت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أنّ “حماس ما زالت تمتلك صواريخَ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى تل أبيب والقدس”، وهو الأمر الذي يتأكّـد من خلال استهدافها مواقع العدوّ بشكلٍ يومي، وتتنوع أهدافها بين المواقع العسكرية والمستوطنات.

 

مسار اليوم التالي في غزة.. فلسطينياً بامتيَاز:

تُظهر تكتيكات فصائل الجهاد والمقاومة قدرتَها على التكيُّف مع ظروف المعركة واستغلال نقاط ضعف العدوّ، كما تؤكّـد تضحيات الشعب الفلسطيني وصموده أن طريقَ المقاومة هو الطريق الوحيد لتحقيق الحرية والاستقلال، ويثبت فعالية جبهات الدعم والإسناد، ويعكس أن معادلة الردع قد تغيرت، وأن العدوّ لم يعد قادراً على فرض إرادته على الشعب الفلسطيني.

وفي مسار التعليق على اليوم التالي في غزة، يتوقع مراقبون أن استمرار الوضع على ما هو عليه، مع استمرار العمليات العسكرية المتقطعة من الطرفين، مع فشلٍ في تحقيق وقف إطلاق النار، لكن دون تصعيدٍ كبير، غير أن استمرار الحصار على غزة، وتفاقم الأزمة الإنسانية هو العنوان الأبرز.

وعلى الرغم من عدم توصل الطرفين إلى اتّفاق، رغم استمرار جهود الوساطة، غير أن العدوّ يتردّد في شن عملية برية واسعة في غزة؛ وهو ما سيسمح للمقاومة من مواصلة استنزاف قوات العدوّ دون التصعيد بشكلٍ كبير، من خلال استهدف المواقع الاستراتيجية بالصواريخ لردع العدوّ عن التوغل البري والتشويش على إمدَاداته.

وعليه؛ فَــإنَّ التقدير العام يشيرُ إلى أن سيناريو التصعيد لا يزال هو الأكثر احتمالاً؛ نظراً لتعنت العدوّ وإصراره على مواصلة العدوان، والذي سيحاول حتى نهاية هذا الأسبوع، والذي يليه تحقيق “إنجاز” عسكري يغطي على فشله في إنهاء المقاومة، التي ستواصل صمودها وتصديها للعدوان، مستندةً إلى عناصرِ قوتها الذاتية وَإسناد جبهات الدعم، وستشهد المرحلة القادمة تطورات سياسية ودبلوماسية مكثّـفة، مع استمرار جهود الوساطة لوقف إطلاق النار، خُصُوصاً بعد وصول “نتنياهو” إلى واشنطن.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com