يزيدُ العصر وطواغيتُ هذا الزمان.. امتدادٌ مُستمرٌّ
محمد سعيد المقبلي
إذا تأمل الإنسان في الواقع سيجد الكثير من أمثال يزيد، ومِن من يحملون نفسية يزيد، وشمر بن ذي الجوشن، وابن ملجم وأمثالهم ومن معهم من الطغاة الظالمين، والجبابرة المستكبرين، الرافضين للحق للمبين، مع علمهم علمَ اليقين، أنهُ صراطُ الله المستقيم، والامتداد لهديِ ربِ العالمين، وما جاء به الرسول الكريم -صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين-.
لكن هؤلاء الذين هم في كُـلّ زمان ومكان يحملون هذه النفسيات، وهذه الأمراض المتجذرة فيهم، والعُقَد، والاستكبار والاستعلاء والجبروت والطغيان، والرفض للحق، ولأهل الحق، ولمن يمثل الحق، ولمن يتجسّد فيهم الحق، وللامتداد الأصيل للرسالة الإلهية، وللمنهجية المحمدية الأصيلة.
وتأملوا إلى أصحاب هذه النفسيات وأصحاب هذه العُقد، وأمراض القلوب من المستكبرين، والمتغطرسين، والطغاة الظالمين المجرمين، الذين تتجذر فيهم غريزة الظلم والطغيان، والفسوق والإجرام، والحسد والبغض والحقد الدفين، تجدهم دائماً يتعارضون مع الحق ويرفضونه، ويتعارضون مع الأنبياء والمرسلين، والهداة إلى ربِّ العالمين، ويدخلون معهم في صراعات ويحاربونهم ويتآمرون عليهم أَو يقتلونهم أَو يكيدون لهم، وحديثهم وقولهم دائماً: إن الأنبياء والهداة لا يستحقون النبوّة والمكانة؛ لأَنَّهم إما فقراء وليسوا من المترفين وأصحاب المال والجاه و… إلخ {{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}}.
وإما استنكاراً على الله واعتراضاً على أمرهِ: (لماذا هم ونحن لا؟ لماذا أنزل عليه الذكر ونحن لا، لماذا.. لماذا… استنكاراً على الله وحكمته)، {أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَـمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ}.
ويبقى أصحاب هذه النفسيات دائماً في حالة رفض وعدم رضا أَو قبول بما اختاره الله تعالى دائماً ولو أنزل الله لكل واحدٍ منهم كتاباً ورسولاً..
ومثلُ هؤلاء هم من سيندفعون ويدفعهم كبرهم وطغيانهم وحقدهم إلى أن يقتلوا قائداً عظيماً ومهماً مثل الإمَـام الحُسَين “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ”!!
ومن أعظم نكبات الأُمَّــة أن تفقد عظماءَها.
ويجب علينا كأمة إسلامية إن نستلهم الدروس والعبر من هذه الفاجعة التي لا زالت الأُمَّــة تعاني من ويلاتها إلى الآن، وأن نتجه جميعاً لنفحص نفسياتنا ونقيّمها بالقياس على ذَلك الزمان وهذا الزمان، وننظر من أي نوعٍ هي نفسياتنا: هل هي نفسية أُولئك الذين عارضوا الأنبياء والمرسلين وحاربوهم وقاتلوهم ورفضوا الحق الذي جاءوا به؟
أم هي نفسية المؤمنين الذين قال الله عنهم: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أنفسهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}؟
ولننظر أين ستضعنا نفسياتنا: هل في صف يزيد وأمثاله من الطغاة والمستكبرين ونرضى أَو نشارك في قتل سيد شباب أهل الجنة وسبط رسول الله صلوات الله عليه وآله؟!
أم ستضعنا في المكان الصحيح وفي صف من أمرنا الله تعالى ورسوله بالتمسك بهم وحبهم والمودة فيهم بقولهِ: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْـمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}.