الشعاراتُ الكُبرى تسقُطُ كادعاءات وتتحقق كممارسة
أنس القاضي
في حديثِهم عن ميليشيات تكفيرية إجْـرَامية تفرِضُ سُلطة وهابية في تعز يقولون إنهم: “مستهدفون من أشخاصٍ يسيئون لفكرة المقاومة ويطيلون من عمر الانقلاب”. وكأن هذه الميليشيات جناحٌ عسكريٌّ لحزب ثوري تحارب الانقلاب الرجعي لتفرض سُلطة لشَعب! ينتحلون لها صفة المقاومة ويطلبون منها أن تحقِّقَ لهم هدفاً سياسياً متمثلاً في انتزاع “شرعية دستورية” متوهمة، وهذه الميليشيات عاجزة عن تحقيق هذا الهدف السياسي حتى لو كان هناك شرعية حقيقة، ويعود ذلك لبنية تكوينها لكونها أولاً ليست ميليشيات شعبية منظمة ذات قيادة سياسية مركزية موحدة، لا تؤمن بشرعية الشعب وترفع شعارات حُماة العقيدة والخلافة والشريعة بأنساقها الوهابية المختلفة، ولو كونها مجاميعَ مرتزقة لدولة رجعية لا ديمقراطية متعددة الولاءات خارجياً وميدانيا، ولكون ممارستها اليومية ليست ممارساتِ حرب تحرير شعبية ضد عدو خارجي، بل ممارسات لصوص في إطار محافظة تنهب كل شيء من ملك خاص وعام، وإجْـرَامية تسحل وتذبح وتعدم خصومها من عسكريين ومدنيين، وتتقاتل فيما بينها ! وحين تدافع عَن رقعه معينة في المحافظة فبدوافع تكفيرية ومناطقية وطائفية بعيدة عن شِعار محاربه الانقلاب فهي تزعُمُ أنها تعزية وتعز ملكها وأنها سنة ضد الرافضة وأنها الإسلام ضد من يفسدون العقيدة!.
عن تَحقق الوطنية في محتواها الديني، واكتمال الإيْمَـان في مهامه الوطنية
يقاتل المجاهدون في اللجان الشَعبية، من مسئولية إيْمَـانية في “سبيل الله والمستضعفين في الأرض”، ويجري جهادهم في حقل شعبي بواجهة دول الهيمنة والغزو الاستعمار، وبذلك تتحقق وطنية حربهم شكلاً ومضموناً في محتواها الديني، وفي تَحَقُق وطنية محتواهم الديني، يكتمل إيْمَـانهم الروحي والعقائدي باستيعاب ممارستهم الجهادية لتطور مهام نصرة المستضعفين في هذا العصر، والتي تأخذ شكلاً وطنياً وصيغة حرب التحرير الشَعبية والثورة التحررية التي نخوضها، ويبرز هنا الإيْمَـان لدى مجاهدي المسيرة القرآنية لا كإيْمَـان رجعي سلفي مماثل لإيْمَـان القُرُون الأولى للهجرة كما تفعل داعش بممارستها وفرضها لواقع تجاوزته البشرية، بل إيْمَـان ثوري قادر على مواجهة قضايا العصر الإمبريالي الذي نعيشه، فهوَ يَحرض على دول الاستعمار ويصطدم بها مباشرة في تصديه للعدوان الامبريالي ومرتزقته، آخذاً مسألة الاستقلال لوطني والحُرية والاكتفاء الذاتي كتعابير سياسية لحركته الاجتماعية والثقافية والعسكرية والتفاوضية.
عن “جهاد داعش.. سبيل مستقبل أمريكا واستحالة عودة القرن الأول للهجرة!
تقاتل “داعش” لتفرض على المجتمع نموذج القرن الأول للهجرة في الحياة مُضاف إليه شروط حياة لم تكن موجودة اصلاً في عهد الرسالة، وتَزعم بأنَ هذا واجب إيْمَـاني وأنه الجهاد في سبيل الله، وتحقن بهذه الأفكار الوهابية عناصرها من الفقراء والمغفلين، إلا أن حركتها (الجِهادية) تصب في استراتيجيات المصالح الغربية أكان ذلك بوعي من مقاتليها ام دون وعي، من حيث أن ممارسات داعش تعمل تدمير دول المنطقة ومحو حدودها بما يعمل على ضعفها ويهيئها للاستعمار وللتبعية للغرب الذي يأتي بزعم مُحاربة داعش وإنقاذ الشعوب، ويأتي لإعادة الاعمار، وإلى منح قروض المساعدات المشروطة. وفي هذه الحالة لا يُحقق المحتوى الديني لداعش أي معنى انساني ونضالي وجهادي وكفاحي، إضافة على ذلك أن دين داعش الوهابي شيء أخر غير دين القرآن المحمدي، وأن ارتباطها بالاستخبارات كقيادة لا قواعد شيء تثبته الوقائع التأريخية، وَسبقَ أن استخدم هذا الجهاد الوهابي الأمريكي بصيغة تنظيم القاعدة في الحرب مع السوفييت بأفغانستان.