استهدافُ الميناء.. إنجازٌ وهميٌّ للصهاينة ومادةٌ إعلاميةٌ لأذنابهم
القاضي/ علي يحيى عبدالمغني*
مَثَّلَ الشعبُ اليمني وجيشُه وقيادتُه في صنعاء خلالَ معركة (طوفان الأقصى) مفاجأةً حقيقيةً لكافةِ الشعوب العربية والإسلامية وشعوب العالم الحرة، وصدمة قوية للأمريكي والبريطاني والإسرائيلي والأنظمة العربية المتصهينة.
كانت إيران وحزب الله هما المعضلة الوحيدة أمام النظام الأمريكي والكيان الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية، وبدخول اليمن معركة “الجهاد المقدس والفتح الموعود” إلى جانب محور المقاومة انقلبت المعادلة وأصبحت المعضلة الوحيدة للقضاء على الكيان الصهيوني وإزالة هذه الغدة السرطانية من جسد الأُمَّــة هي الأنظمة العربية والإسلامية العميلة والمطبِّعة مع هذا الكيان الغاصب.
اليمن بقيادتها وشعبها وجيشها فاجأت الجميع، في حين تعودت الشعوب العربية والإسلامية من حكامها وزعمائها بيانات الشجب والإدانة في أي عدوان إسرائيلي على الشعب الفلسطيني، ولم تتصور أنه لا يزال في الأُمَّــة زعيم أَو قائد عربي أَو إسلامي قادر على اتِّخاذ القرار الذي اتخذته القيادة اليمنية في صنعاء؛ دفاعًا عن فلسطين المحتلّة، أَو أن الجيش اليمني الذي تآمرت عليه جيوش العالم وشنت عليه حربًا لتسع سنوات هو الجيش العربي الوحيد الذي سيفرض حصارًا بحريًّا على الكيان الصهيوني المحاصِر لقطاع غزة، وسيمنعُ السفن والبوارج والأساطيل الأمريكية والبريطانية والفرنسية التي تجوب العالم من المرور في البحر الأحمر والعربي والمتوسط ويقتادها خاضعةً ذليلةً إلى السواحل اليمنية ويستهدفُها في وضح النهار ويقوم بإغراقها في قيعان البحار؛ نصرة لفلسطين.
لم تتصور الشعوبُ العربية والإسلامية أن الشعب اليمني الذي تعرض لعدوانٍ غاشم وحصار جائر لتسعة أعوام هو الشعب الوحيد في العالم الذي سيخرج بالملايين في كُـلّ جمعة؛ تضامنًا مع الشعب الفلسطيني وتأييدًا لمقاومته الباسلة في قطاع غزة.
لم تتصور الجيوش العربية والإسلامية أن الجيش اليمني هو الجيش العربي الوحيد الذي سينفذ ضربات قوية ومؤلمة في قلب كيان الصهيوني وشرايينه الحيوية بعد أن كان يسرح ويمرح في كافة الدول العربية والإسلامية.
لم يَعْتَدْ ولم يكن يتصوَّرُ الأمريكيُّ والبريطاني والصهيوني وجودَ قائدٍ عربيٍّ بهذه الصلابة التي يتمتع بها قائدُ الثورة اليمنية السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، ولا شعبٍ عربيٍّ يناصر القضية الفلسطينية كما يناصرها الشعب اليمني، ولا جيشٍ في العالم يمتلك الجرأة والشجاعة التي يمتلكها الجيش اليمني؛ ولذلك فضَّل الأمريكي والبريطاني والصهيوني تحمُّلَ ضربات الجيش اليمني من الرد عليه؛ حتى لا يتوسع الصراع وَيغرقوا في المنطقة، وظلت الضربات اليمنية في تصاعد مُستمرٍّ كَمًّا ونوعًا حتى وصلت قلب الكيان وطالت مفخرة البحرية الأمريكية والبريطانية التي ولَّت هاربةً من ميدان المعركة مثخنة بجراحها وآلامها.
لقد انذهلت الدولُ الكبرى في العالَم مما فعلته اليمن بأمريكا وبريطانيا وفرنسا و”إسرائيل”، ودخلت الأنظمة العميلة في المنطقة في غيبوبة من الإمْكَانيات والقدرات التي باتت تمتلكها القوات اليمنية، والتي لا تعلم عنها أمريكا شيئاً، ولم ترسم للكيان الصهيوني في اليمن هدفًا سوى خزانات الوقود ومحطة الكهرباء في ميناء الحديدة، وهو هدفٌ مدني واضحٌ ومكشوفٌ أراد به المجرم نتنياهو وحكومته المتطرفة أخذَ صورة “سلفي”؛ حتى يقنعَ جمهوره الصهيوني أن “إسرائيل” التي انهارت في السابع من أُكتوبر لا زالت قويةً وأن جيشها الغارقَ في رمال غزة لا تزال يده طويلة، وهذا ما لم يقتنع به الجمهور الصهيوني؛ فالهدف الذي تفاخر نتنياهو بقصفه مدنيٌّ واضحٌ ومكشوفٌ وليس هدفًا عسكريًّا حتى يعتبرَه قادةُ الاحتلال إنجازًا نوعيًّا يمكن له أن يجلب لهم الأمان المزعوم أَو يحقّق لهم الردع المفقود، أَو يجنِّبَهم الرد اليمني القادم، وأن قرار نتنياهو وحكومته الإجرامية باستهداف منشأة مدنية بميناء الحديدة أدخلهم في نفق مظلم وجعلهم يقفون “على رِجل ونص” وفي حالة تأهب واستنفار؛ تحسُّبًا للرد الذي أعلنه العميد يحيى سريع وأكّـده قائد جماعة أنصار الله وطالبت به كافة الشعوب العربية والإسلامية، باستثناء العرب الصهاينة الذين أنعشتهم هذه الضربةُ بميناء الحديدة، ووفَّرت لهم مادةً إعلاميةً تقرِّبُهم من الحكام العملاء والخونة، وتمكّنهم من إفراز حقدهم وخبثهم وسمومهم بين أبناء الأُمَّــة؛ حتى يتمكّن الأمريكي والصهيوني من إنجاز المهمة، وإنهاء القضية الفلسطينية وتوقيع اتّفاقيات التطبيع والخيانة.
* أمين عام مجلس الشورى