“يافا” استراتيجيةٌ محورية
فتحي الذاري
إن قصف تل أبيب “يافا المحتلّة ” يدل على حدث عسكري مهم له آثار بعيدة المدى تتجاوز الهجوم الأولَ نفسه، إن الجوهر الحقيقي للحدث لا يكمن فقط في أعقابه مباشرة، بل في التداعيات والنتائج التي يحدثها عندما أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية أن (تل أبيب) يافا المحتلّة غير آمنة كان ذلك بمثابة إشارة إلى تصعيد محتمل في كمية ونوعية العمليات العسكرية، ملمحاً إلى هجمات مستقبلية على أهداف مختلفة بأسلحة أكثر تقدماً.
إن الطبيعة السريعة والمؤثرة للهجوم على يافا المحتلّة (تل أبيب) فاجأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي وكشفت عن نقاط الضعف في استعدادها وقدراتها على الاستجابة وقد كشف هذا الإجراء السريع والحاسم عن هشاشة الحكومة الإسرائيلية والأجهزة الأمنية والمؤسّسات العسكرية مما أثار مناقشات بين قادة الاحتلال الإسرائيلي حول كيفية مواجهة مثل هذه الهجمات بشكل فعال في المستقبل
ويؤكّـد رد المسؤولين في صفوف الاحتلال الإسرائيلي شعوراً بالإلحاح وإدراكاً للتحديات التي تفرضها هذه الإجراءات، والحاجة إلى التفكير الاستراتيجي وتقييم الردود تؤكّـد خطورة الوضع وتداعياته المحتملة على أمن الاحتلال الإسرائيلي واستقراره.
استراتيجية اليمن تمثل في قصف تل أبيب “يافا” نقطة تحول في الصراع الدائر، حَيثُ يسلط الضوء على تأثير الحرب غير المتكافئة وقدرة القوى الأصغر على تعطيل وزعزعة استقرار القوى العسكرية الأكبر.
تعد هذه الحادثة بمثابة تذكير صارخ بأهميّة اليقظة والقدرة على التكيف والبصيرة الاستراتيجية في مواجهة التحديات الأمنية المعقدة
إن رد فعل حكومة الاحتلال الإسرائيلي والأجهزة الأمنية على هذا التهديد يؤكّـد خطورة الوضع، لقد سلطت مفاجأة الهجوم وتأثيره الضوء على نقاط الضعف في البنية التحتية الدفاعية للاحتلال الإسرائيلي؛ مما أَدَّى إلى شعور بالفوضى والذعر بين مؤسّساتها وأن تصريحات الاحتلال الإسرائيلي التي تعترف بضرورة إعادة تقييم استراتيجية الرد الخَاصَّة بها تؤكّـد خطورة التهديد الذي يشكله هذا التصعيد.
إن الإشارة إلى العواقب المحتملة للهجمات المُستمرّة هي بمثابة تحذير للاحتلال الإسرائيلي حول العواقب المحتملة للتقليل من شأن التهديد أَو تجاهله، أن وصف الاحتلال الإسرائيلي بشبكة العنكبوت يوحي بوجود هشاشة يمكن كشفها تحت الضغط، وأن استراتيجية السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله ورعاه- في الهجمات المُستمرّة ستجعل حكومة الاحتلال الإسرائيلي تركع على ركبتيها بإذن الله عز وجل لقول الله تعالى: (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْـمُؤْمِنُونَ).
تؤكّـد الفعالية الملموسة لهذه المرحلة الخامسة من تصعيد العمليات العسكرية إلى منح القوات المسلحة اليمنية ميزة استراتيجية جديدة للمقاومة الفلسطينية تمثل فرصة كبيرة في جهود الصمود الثبات لمواجهة التحديات وإملاء شروط التفاوض ومن خلال تزويد المقاومة الفلسطينية بورقة مساومة قوية قامت القوات المسلحة اليمنية بتمكين المقاومة بشكل أَسَاسي من تأكيد موقفها على طاولة المفاوضات وممارسة الضغط لدفع أجندتها إلى الأمام، وتمثل هذه الورقة الاستراتيجية بمثابة أدَاة ضغط للمقاومة الفلسطينية للضغط؛ مِن أجلِ تحقيق النتائج المرجوة، لا سِـيَّـما فيما يتعلق بحقوق وسلامة شعب غزة والسكان الفلسطينيين بشكل عام وأن المغزى الضمني من هذه الخطوة هو أن المقاومة الفلسطينية تستطيع الآن الاستفادة من هذه الميزة الجديدة لتعزيز مطالبها وأولوياتها في المفاوضات ومن خلال استخدام هذه الورقة الاستراتيجية تهدف المقاومة الفلسطينية إلى تعزيز موقفها والتأثير على النقاش بطرق تتماشى بشكل أفضل مع أهدافها، ويؤكّـد هذا التطور أهميّة التحالفات الاستراتيجية لمحور المقاومة والدعم في تشكيل العمليات الدبلوماسية وتحقيق نتائج ملموسة في جهود إيقاف الحرب وَإن منح القوات المسلحة اليمنية هذه البطاقة الاستراتيجية للمقاومة الفلسطينية لا يعزز موقف المقاومة التفاوضي فحسب بل يسلط الضوء أَيْـضاً على الطبيعة المترابطة للقوة العسكرية والنفوذ الاستراتيجي في تشكيل ديناميكيات العمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي.