لتكن كاليمن مناصِرًا رغم الحصار
كوثر العزي
نمحو دموعَ الأوجاع والأسى من شعب أنهكته الحروبَ الصهيونية، بأيادٍ مجروحة من آثار عدوان سعوديّ أمريكي طال واستباح، نقاوم من تحت ركام بلادنا وآثار الجراح ما زالت تعانقُ ملامحنا اليمنية، نمدُ المدد رغم خنقة الحصار ونقطع أيادي السلام اليهودية إن امتدت وطلبت الإخاء، لا نرضى بالقرب ولا نقبل بالسلام..
عشنا ليالٍ تُضيء بنيران الغارات، نبكي على فلسطين نعم؛ لأَنَّا عشنا صراعًا وعرفنا ماذا يعني هدم منازل وإحراق مدارس، وأجساد تحت ذلك الدمار المركوم، عرف شعبنا ماذا تعني افتقار المستلزمات الطبية وما هي شبيهة آلة القتل إنها الأمراض التي تنهش الأجساد لتساند الإجرام، رأينا الصواريخ تنهمر علينا تتسابق أيها تفزع الصغار أولًا، شاهدنا مجازر مهولة جُل ضحاياها نساءٌ وأطفال، مواطنين يبحثون عن الأمان، عشنا وشاهدنا ما غلبنا السكوت ولا تمكّن منا الجمود، ولا طال منا الرضوخ، تحَرّكنا بعد أن خُذلنا، كم هو موجع الأنين المكتوم والصراخ بأعلى الأصوات دون جواب واستنكار، بكاء الأُمهات الخافت، عجز الآباء وتيه الأبناء، نعلم أن السكوت أشد من القنبلة والتغاضي أشد من الحرب، وغض البصر عن ما يحدث أكبر غدر قد يحدث بحق الإنسان، لم نضع أياديَنا في آذاننا؛ لأَنَّ أصواتنا التي بلغت عنانَ السماء خُذلت من البشر، ولكن فلسطين لن تعاني كما عانت اليمن من الجمود العربي والتخاذل، جاهدنا، بذلنا، أنفقنا بالأرواح والأموال والعتاد فتلك فلسطين يا جاهل القضية.
لِما لم تكن العروبة كاليمن شعباً ودولة وجيشاً؟ سؤال يطرح نفسه، لِما لم تكن مِصر ذات سيادة مصرية وَالأردن تساند غزة وتقف بوجه الكيان، وترسل الإمارات والسعوديّة الإغاثات لفلسطين، لما الشعوب باتت طريحة السكوت؟ هل اعتادت المشهد يا تُرى؟! لما الأصوات انخفضت والمنشورات قلت، والاستنكار يعلن الغياب، لما العدوان طال وبلغ النِصاب بحق الشعب الفلسطيني؟! جمودٌ استحل الأرض وهيمنة طالت النفوس، تصفيق للظالم، وتعزية للمظلوم!
أليس سكوت العرب هو من أوصلهم لما هم عليه من انتهاك الحرمات واستباحة الأرواح!؟
آن الأوان أن ننفض غبار السيادة الأمريكية التي تعتلي كُـلّ دولة عربية، حان الوقت الآن لنخرج من كُـلّ حدب وصوب نعلي هتاف الموت لأمريكا الموت لـ “إسرائيل”، لا ننظر لقوتها وترسانتها العسكرية، أمريكا قشة و”إسرائيل” أوهن من بيت العنكبوت، بريطانيا لا أَسَاس لقوتها فهي مُجَـرّد كراتين تحرق، والغرب بشكل عام يزين نفسه ويعظمها من خلال الإعلام الكاذب، وإلا هم ليسوا بشيء أمام الحق، أمام قوة الله الغالبة وجبروته وعظمته، هم لا شيء أمام جند الله وأنصاره.
علينا نحن كأمة محمد أن نتمسك بالقرآن ونتسلح بالإيمان، نحارب بكل شراسة على مقدساتنا، أن نقف صفًا واحدًا كالبنيان المرصوص، وأن نُهَيِّئَ كُـلَّ ما من شأنه أن يرعبَ عدوَّ الله وعدو البشرية بكلها، من واجبنا الديني والإنساني مساندة الشعب الفلسطيني ولو بكلمة، أن نُظهر العداء والبغض الشديد لأعداء الله، علينا أن نذيقهم بأس قوتنا، أن نريهم أن الدين الحق قوي بقوة الله عز وجل.
من المؤسف جِـدًّا والمخزي والمعيب بحق عروبتنا وإسلامنا أن نرى الشعوب والدول العربية والإسلامية في صمت عميق مطأطئين لرؤوسهم، غاضين لبصرهم عما يحصل، من العجب أن تقتل أرواح مُسلِمة وهم على المسارح يرقصون، وفي احتفالاتهم السخيفة يعمهون، وعن أوجاع المسلمين مبتعدون بحجّـة أن لا دخل لهم وأنهم لأمنهم يحفظون، نسوا قول الله عز وجل: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَو أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أنفسهِمْ نَادِمِينَ}.
هم مسؤولون أمام الله على كُـلّ قطرة دم سُفكت، بل كُـلّ دمعة خوف تعتلي وجناتِ الأطفال والنساء وكلّ الأبرياء.
العدوّ الصهيوني يرتكب أبشع الجرائم بحق أطفال ونساء غزة، أساليب قذرة وانتهاكات أمام مرأى ومسمع العالم، يستخدم العدوّ الصهيوني الكلاب لنهش الأجساد، حصار الموت، لا ملامة على القوات المسلحة اليمنية عند قصفها إيلات، ومنع السفن من العبور، لا ملامة إن جعلت الاقتصاد الإسرائيلي على المحك، لم تكتف اليمن بالمياه الإقليمية اليمنية لا بل طالت أياديها الجهادية البحر الأبيض ورأس الرجاء الصالح ولم تكتف بإيلات وقصفها لا بل صنعت، أنتجت، طورت، توسعت دائرة المعركة واقتحمت خطوط التماس، طائرات وصواريخ لم يتم الكشف عنها بعد، تطورات وصناعات يمنية بامتيَاز، حتى أنها باتت تقصف عمق اللوبي الصهيوني وأذاقت تل أبيب العلقم، فتيقنت أن صراخ إيلات بعد القصف لم يكن مزاحاً بل وجع واستهداف أهداف حساسة، لن نكتفي بتلك الأهداف فهناك المزيد لنذيق العدوّ الإسرائيلي المر.
بكاء “إسرائيل” وعويل أحذيتها من العرب لن يوقفنا بل يزيد من عزمنا وإصرارنا؛ مِن أجلِ إكمال المسار حتى الانتصار للشعب الفلسطيني المظلوم، فاليمن رغم الحصار شامخة وستكسر حصارها وحصار الشعب الفلسطيني، والعاقبة للمتقين.