وقفةٌ أمام خطاب متجدِّد
سند الصيادي
لا تجدُ قائداً في المعمورة يخاطبُ شعبَه بكل ذلك الكَمِّ من العاطفة وَالاستعراض للأحداث والتأكيد على المواقف والتعبئة المتجددة، مثلما يفعلُ السيدُ القائدُ عبدالملك بدر الدين الحوثي، دون كلل ولا ملل ولا تكرار ولا إسهاب، لدرجة أن الكثيرَ من العامة أكّـدوا أنهم يكتفون بالسماع لخطابه كُـلّ خميس ليعرفوا ما جرى من أحداث بشأن فلسطين بكل صدق وَمباشرة.
في كُـلّ فقرة من خطابه تجد مضامين ظاهرة وأُخرى تدعوك للتأمل لقراءة عمقها بالشكل الصحيح، هو لا ينقل الإحصائيات والوقائع بصورة خبرية مُجَـرّدة، رغم أهميّة تصاعد الأرقام والمجازر والمواقف بالمقارنة بين كُـلّ أسبوع وآخر، هو يستهل بها حديثه ليضعك على المشهد بكل تفاصيله الأليمة والمعبرة ونكساته الحادثة وبشائره الحاضرة والقادمة، ليرسم بها ومن خلالها ملامح بقية الفقرات التالية.
في علوم النفس والتربية والتعليم والتثقيف والتأهيل، ثمة وقفات إجلال واحترام لهذا النسق من الإلقاء وهذه التراتبية في السرد؛ كونه يمثل مدرسة للتنشئة والتوعية وَالوعي، ناهيك عن كون هذه المفاهيم بإسقاطها على خطاب القائد خالصة وكاملة في فضائلها وعظمتها وسموها وَأثرها على النفس، عملية في إسقاطاتها، تجاوزت التنظير القولي.
وفي سوق الإعلام والكتابة والتحليل، فَــإنَّ في خطابات القائد صيداً ثميناً للمهتمين والكُتَّاب والمتحدثين، على الأقل لأُولئك الذين يمضون في مسار ومسير القائد بصدق وَاندفاع؛ إذ كلما استنزفوا مدخراتهم من الأفكار والمصطلحات، ورأوا أنهم فقدوا القدرة على التجديد أَو فقدوا الرغبة في الكتابة، جاء خطاب القائد ليفتح آفاقهم أمام أفكار وَأُطروحات متعددة ومتزاحمة، لدرجة أن يصعب عليهم احتواؤها في مقال أَو مقابلة.
من واقع التجربة الشخصية بات يمثل خطاب القائد للعبد لله مادة غنية لتناولاته في الصحف أَو في مواقع التواصل أَو على شاشات القنوات وَأثير الإذاعات، ليس التزاماً مهنياً أَو وظيفياً، إنما رغبة ذاتية متدافعة للوقوف على ما يقوله السيد القائد، وَمحاولة حثيثة للتأكيد على أهميته وَأهميّة أن يفهمه الجميع، بداية من العامة ونهاية بأعلى مستويات النخب الدينية والثقافية والسياسية والإعلامية في اليمن والأمّة، وهي نعمة عظيمة لا يستشعرها ولا يحمد الله عليها إلَّا نفسٌ عاشت سنوات الجدب وكانت تواقةً للنجاة، تحلُمُ بقيادة تنتشل ذاتها وَمجتمعَها وأمتها من بين رُكام الضياع.