بالصواريخ والقذائف والرصاص ومن مسافة صفر.. المقاومةُ تخوضُ اشتباكاتٍ عنيفةً مع قوات الاحتلال

المسيرة | عبد القوي السباعي

مع مرور 295 يوماً على بدء حربه العدوانية الإجرامية على قطاع غزة، تتحدث تقاريرُ ميدانيةٌ عن عجز جيش كيان الاحتلال الصهيوني عن تحقيق أيٍّ مما يسمِّيه أهدافاً معلَنة، ولا سيما استعادة أسراه من القطاع، أَو القضاء على قدرات المقاومة، رغم الدعم الأمريكي الغربي غير المسبوق، والصمت الأممي العجيب.

وأمام ذلك يأتي المشهدُ بوتيرة يومية، حَيثُ تعلنُ فصائلَ الجهاد والمقاومة الفلسطينية عن قتل وإصابة جنود إسرائيليين وتدمير آليات عسكرية في أنحاء متفرقة من قطاع غزة، وتطلق بين الحين والآخر رشقاتٍ صاروخية مركزة ومكثّـفة على أهداف لها في عمق الكيان، بل وتبث مقاطع مصورة وحية توثق تلك العمليات.

 

إدارة المعركة في أكثر من محور اشتباك:

في الإطار؛ يرى كثير من الخبراء العسكريين أن إدارة المعركة من قبل المقاومة الفلسطينية متقدمة جِـدًّا، وقد تكون مستقبلاً منهجية تُدرّس في جميع الكليات العسكرية بالعالم، فما تطبقه المقاومة هو خارج عن المألوف؛ إذ يفكرون دائماً خارج الصندوق التقليدي؛ ما يعكس الروح المعنوية العالية التي يتمتع بها مقاتلوها، ويُظهر كفاءة قيادية فائقة في التخطيط والتنفيذ.

ومع تزامن المعارك في الشمال والجنوب، وتكثيف القصف الإسرائيلي الجوي والبحري والمدفعي على الأحياء السكنية ومستهدفاً الأعيان المدنية؛ إذ يرتبط الأمر بما تحدث عنه رئيس أركان جيش الكيان “هرتسي هاليفي” من أن “الضغط العسكري يهدف لإجبار حماس على تقديم تنازلات، خَاصَّة فيما يتعلق بالإفراج عن الأسرى”، هذا من ناحية، ومن ناحيةٍ أُخرى يهدف العدوّ سلب المقاومة عناصر التركيز في إدارة المعركة وتشتيتها وإفقادها توازنها.

غير أن المعارك الضارية التي تجري منذ الـ24 الساعة الماضية حتى لحظة كتابة هذا التقرير، في “تل الهوى” و”رفح”، و”خان يونس” و”نتساريم” والوسطى، تكشف مستوى عالٍ من الكفاءة القتالية لدى فصائل المقاومة، وتنسيقاتها العالية، ومع استمرار هذا الإيقاع الميداني الذي غالبًا ما سيؤدي إلى نتائجَ ملموسة خلال فترة قصيرة ويدفع جيش الاحتلال للانسحاب مرة أُخرى من بعض المناطق التي يحاول الاستقرار فيها.

وكون المعارك في المناطق المبنية تعتبر جزءاً حيوياً من الحروب غير المتناظرة، والحروب الهجينة، أَو ما يُطْلَقُ عليها البعض “حرب العصابات”، فَــإنَّها تتطلب إلى قدرةٍ عاليةٍ في إدارة المعارك، وهو ما يعتمدهُ المجاهدون من خلال المعرفة الدقيقة بالمكان والتسليح الفعال لمواجهة قواتِ الاحتلال بأعداد أقل، ولكن بكفاءة أكبر؛ ما يعكس خبرة المقاومة في الاستفادة من أرض وجغرافية المعركة ومن الموارد المتاحة بشكلٍ فعال.

 

الموقفُ العملياتي للمقاومة خلال الـ24 الساعة الماضية:

ميدانيًّا؛ تواصلُ فصائلُ الجهاد والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تصديها لقوات الاحتلال الإسرائيلي المتوغلة لليوم 295، بالعمليات النوعية، محقّقةً إصابات مؤكَّـدة في صفوف جنوده وآلياته.

وفي أحدث عملياتها، استهدفت كتائب القسام – الجناح العسكري لحركة حماس، منزلاً تحصن فيه عدد من جنود الاحتلال بقذيفة مضادة للأفراد وأوقعوهم بين قتيل وجريح في حي “تل الهوى” بمدينة غزة.

وفي نفس الحي، دكّت القسام قوات الاحتلال المتوغلة فيه بقذائف الهاون، فيما استهدفت دبابة من نوع “ميركافا 4” بقذيفة “الياسين 105” في شارع 8 بالحي، واستهدفت ناقلة جند إسرائيلية حولها عدد من جنود الاحتلال بقذيفة “الياسين 105″، وأوقعتهم بين قتيل وجريح في الحي نفسه.

وتمكّن مجاهدو القسام من الاشتباك مع قوة إسرائيلية راجلة بالأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية وأوقعوهم بين قتيل وجريح بالقرب من مسجد “البراء” في حي “تل الهوى”، وفور وصول قوات النجدة للمكان، استهدفهم المجاهدين بقذيفة “TBG” مضادة للأفراد، واشتبكوا معهم بالأسلحة الرشاشة، موقعين قوة النجدة أَيْـضاً بين قتيل وجريح.

كما دكّت كتائب القسام قوات الاحتلال المتوغلة شمالي منطقة “جحر الديك” وسط القطاع بقذائف الهاون، كما استهدفت غرف قيادة للاحتلال في محور “نتساريم” بصواريخ “رجوم” قصيرة المدى من عيار 114 ملم، ومقر قيادة للاحتلال في منطقة “الغوافير” شرقي “بلدة القرارة” في مدينة “خان يونس” بقذائف الهاون.

بدورها، قصفت سرايا القدس – الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، جنود وآليات الاحتلال الإسرائيلي في حي “تل الهوى” بوابل من قذائف الهاون النظامي “عيار 60”.

كما دكّ مجاهدو السرايا، بالاشتراك مع مجاهدي كتائب القسام، مقر قيادة عمليات جيش الاحتلال في منطقة “بني سهيلا” شرقي “خان يونس” بوابلٍ من قذائف الهاون الثقيل.

 

التنسيق بين فصائل المقاومة الفلسطينية في أعلى مستوياته:

في هذا السياق؛ عرضت سرايا القدس مشاهد من قصف مجاهديها بالاشتراك مع فصائل المقاومة للمغتصبات الإسرائيلية والتحشدات العسكرية بقذائف الهاون والرشقات الصاروخية.

وقالت السرايا في مقطع فيديو (عرضته مختلف قنوات التلفزة العربية والعالمية): إن “مقاتليها استهدفوا حشود الاحتلال الإسرائيلي بالاشتراك مع كتائب “شهداء الأقصى” التابعة لحركة حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، ومع قوات “الشهيد عمر القاسم”، الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.

وأضافت أن “مقاتليها قصفوا مستوطنات غلاف غزة، بالاشتراك مع ألوية “الناصر صلاح الدين”، الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبيّة في فلسطين، ومع كتائب “الشهيد أبو علي مصطفى”، الجناح العسكري للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، وأظهرت المشاهد عملية إطلاق الصواريخ باتّجاه مستوطنات الاحتلال في غلاف غزة”.

من جهتها؛ قصفت كتائب “شهداء الأقصى” تجمعات لجنود الاحتلال على طول خط الإمدَاد في محور “نتساريم” بقذائف الهاون، ونشرت الكتائب مشاهد لقصفها موقع “ناحل عوز” برشقة صاروخية من نوع “107”.

أمّا قوات الشهيد “عمر القاسم”، فأعلنت بالاشتراك مع سرايا القدس، تدمير ناقلة جند في قطاع غزة ودك مواقع إسرائيلية بقذائف الهاون، كما استهدفت كتائب الشهيد “أبو علي مصطفى” تحشدات الاحتلال شرقي المحافظة الوسطى برشقة صاروخية؛ وذلك رداً على جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.

 

أمام إخفاقه وخسائره.. جرائم العدوّ ليست انتصاراً:

ومع استمرار المعارك، ارتفع عدد القتلى في صفوف جيش الاحتلال الصهيوني إلى نحو 688 جندياً وضابطاً، منذ بداية ملحمة (طوفان الأقصى) في الـ7 من أُكتوبر الماضي، بينهم 328 قُتلوا منذ بدء المعارك البرية في القطاع، ولا يزال جيش الكيان يتكتم على خسائره ويفرض رقابةً شديدةً بشأنها، غير أن البيانات والمشاهد التوثيقية التي تصدرها المقاومة تؤكّـد أنّ قتلاه ومصابيه أكبر بكثير مما يعلن.

جدير بالذكر أن جيش الاحتلال الصهيوني يواصل حربه المُستمرّة على غزة للشهر العاشر توالياً، مخلفاً نحو 150 ألف شهيد وجريح ومفقود، معظمهم أطفال ونساء، وسط دمار هائل ومجاعة متفاقمة في عموم القطاع المحاصر، وتحت أنظار العالم ومنظماته التي عجزت حَــدّ الآن من إيقاف نزيف الدم في غزة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com